حذر الإعلامي عمرو خليل،  من إطالة أمد الحرب في غزة، أو توسعها لتطال دولا أخرى.

وقال: إنّ الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة قد تطول، وقد تنتقل إلى لبنان في أي لحظة.

وأضاف «خليل»، مقدم برنامج «من مصر»، المذاع على قناة «االقاهرة الإخبارية»: «حرائق وانفجارات واسعة النطاق أصبحت تحيط بالمنطقة، تداعياتها بدأت تطال كل الدول، فنزيف الحرب الاقتصادية لم يعد قاصرا على غزة أو إسرائيل فقط».

وواصل: «الحرب في غزة، ورغم أنها لم تتسع جغرافيا حتى الآن لكن نزيفها الاقتصادي على دول المنطقة مستمر ويطال الجميع، وإطالة أمد الحرب واحتمالات توسعها سيعني أيضا المزيد والمزيد من الأعباء والتداعيات الكارثية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عمرو خليل الاحتلال العدوان

إقرأ أيضاً:

تطور الحالتين اللبنانية والسورية وانعكاساتها على حرب الإبادة بغزة

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة أميركية فرنسية، حيز التنفيذ، ليطوي بذلك شهورا من المواجهة العسكرية وجبهة الإسناد لغزة التي ذهب إليها حزب الله في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي تحولت في سبتمبر/أيلول 2024 إلى جبهة مواجهة رئيسة، نفذت من خلالها إسرائيل سلسلة من الضربات القوية للحزب وقياداته.

كما أضاف المتغير السوري، عبر التطورات الأخيرة وسقوط نظام بشار الأسد، بعدا آخر مهما في الحسابات الإستراتيجية للفاعلين الإقليميين، وحاول الاحتلال الإسرائيلي أن يسوق له على أنه إضعاف إضافي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، التي باتت وحيدة ومنعزلة وفقا للتوصيف الإسرائيلي.

أثار هذان المتغيران مجموعة من الأسئلة حول مدى تأثيرهما على الحالة الفلسطينية ضمن بعديها السياسي والميداني، وخصوصا حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة. في ضوء ذلك، استطلع موقع الجزيرة نت ومركز رؤية للتنمية السياسية، آراء مجموعة من الخبراء والأكاديميين، في محاولة لاستقراء طبيعة تأثيرات هذا الاتفاق، وإن كان سيفضي إلى تغيير في مسارات الحرب، أم إلى مزيد من التعقيد على المشهد الفلسطيني.

إعلان

وقد تم استعراض هذه الآراء من خلال المحاور والأسئلة التالية:

كيف سينعكس اتفاق لبنان وسقوط نظام الأسد على المسار السياسي والمفاوضات المرتبطة بوقف الحرب على غزة؟ كيف ستتعامل المقاومة الفلسطينية مع هذه المتغيرات؟ وهل باتت تستشعر انعزالها، وتفرّدا إسرائيليا بها؟ وما خياراتها في هذه المرحلة؟ هل باستطاعة المقاومة في غزة مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية والإسرائيلية؟ هل ستكون التوقعات مغايرة، بحيث يزداد الضغط الداخلي، وربما الأميركي، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل الذهاب إلى اتفاق في غزة على غرار لبنان، وبالتالي تتمسك المقاومة بمواقفها لتحقيق أفضل النتائج؟ ما التأثير المحتمل لما يُقال عن دخول تركيا إلى جانب قطر ومصر في ملف الوساطة؟

 يمكن تلخيص آراء الخبراء بما يلي:

الرؤية الأميركية لمستقبل الشرق الأوسط هي من يحدد سلوك الاحتلال الإسرائيلي بالمنطقة، وهذا ينسحب على مستقبل الحرب على غزة. استفراد الاحتلال الإسرائيلي في الاستفادة مما جرى في لبنان وسوريا يضع المقاومة الفلسطينية في نقطة ضعف وفقا للمنظور الإسرائيلي، وبالتالي يمكن ممارسة مزيد من الضغوط عليها للقبول بأطروحات مرحلية لم تكن مقبولة بالسابق. خيارات حماس الآن باتت أكثر ضيقا ما بين إعطاء المبرر للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار بحرب الإبادة، أو البحث عن أي خيار لكسر هذه المعادلة ومحاولة حماية ما تبقى من واقع إنساني صعب في غزة. إسرائيل ترى أن إستراتيجية فض الساحات أتت أكلها، ووفقا لهذا المنطق يقول نتنياهو إنه إذا نجح في فض الساحة الأولى (لبنان) والساحة الثانية (سوريا) يجب أن تفض الساحة الثالثة (غزة) لأن هناك علاقة ما بينها، وهذا ما قد يجعل إسرائيل غير راضية عن السياق التفاوضي إلا من منظور هزيمة واستسلام عبر الضغوط الممارسة على حماس. صحيح أن خيارات المقاومة محصورة وتأثرت بالمتغيرات الأخيرة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يعاني أيضا بسبب إنهاك الجيش واستنزافه والخسائر الاقتصادية الكبيرة، والعجز في إعادة الأسرى لدى المقاومة بالقوة العسكرية وعدم القدرة على إعادة المستوطنين حتى الآن في الشمال والجنوب، إضافة للعزلة الدولية الآخذة في الاتساع. ما يميز المقاومة الفلسطينية قدرتها على البقاء والمناورة بخلاف الجيوش النظامية وبشكل مغاير لمنهجية باقي قوى محور المقاومة التي ترتبط بمعادلات سياسية قد تؤثر عليها، وبالتالي ستبقى إسرائيل أمام معضلة في مواجهة المقاومة الفلسطينية. اتفاق لبنان والتطورات السورية تأثيرهما بالبعد السياسي أكثر منه الميداني العسكري، وهذا ما يجعل نسب إضعاف المقاومة الفلسطينية أقل بعكس ما يروج له نتنياهو. واحدة من أوراق القوة المهمة التي على الفلسطينيين العمل عليها هي توحيد الخطاب والموقف الفلسطيني السياسي لإرغام الاحتلال على وقف هذه الحرب على غزة. اعتمد الاحتلال الإسرائيلي في هذه الحرب على الدعم الدولي لها وفي مقدمته الولايات المتحدة، وهذا أيضا لا يضر فقط إسرائيل في البعد الإستراتيجي للحرب ونتائجها وإنما سيضر دولا وأنظمة كانت تقدم نفسها أنها قامت على الديمقراطيات والحريات، وبالتالي ليست المقاومة فقط متضررة من تفكك محور الساحات، بل إن إسرائيل لديها من الأضرار ما يوازيها. دخول تركيا ضمن حالة الوساطة له تأثير وهي لاعب مغاير، ويذكرنا بدخول فرنسا في الوساطة مع لبنان، فهنالك ضغوطات اقتصادية قد تمارسها تركيا على إسرائيل، وإسرائيل تنظر إلى تركيا بعين من الندية بمفهوم الحيطة والحذر، وغير مستبعد أن تكون تركيا ورقة ضغط أخرى تستخدمها واشنطن للضغط على نتنياهو وحماس بالوقت ذاته.

يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل لا تملك حرية التصرف ما بعد البحر والنهر مطلقا دون إذن من الولايات المتحدة، بل يمكن القول إنها ذراع أميركية داخل الشرق الأوسط ينفذ سياساتها، ونتنياهو لا يستطيع أن يتحرك بأي اتجاه إلا ضمن سياقات الحدود التي ترسمها له الولايات المتحدة، هذا يعني أننا لا نستطيع أن نبني بشكل مطلق على كل مجريات الأمور وحيثياتها وأحداثها داخل الجبهة الشمالية مع لبنان، أو تطورات الحالة السورية، ما لم نفهم المعادلة الأميركية.

إعلان

وبالتالي إسرائيل لم تستطع أن تخرج بمفهوم النصر المطلق، ولكنها تريد أن تعزز مفهوم حرية التصرف المطلقة، وبالتالي لا يمكن أن نربط بشكل مباشر بين الاتفاق في لبنان وتطورات الوضع السوري، وبين ما قد يتم التوصل إليه من اتفاق في غزة.

كذلك تداعيات الأمن القومي الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، تختلف كليا عما هو عليه في داخل القطاع. كما أن هناك ضغوطا دولية مورست على إسرائيل ونتنياهو بشكل فعلي، مثل قضية المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمذكرات الاعتقال، حيث عجلت باتفاق لبنان، إضافة إلى تطور الوضع في سوريا، فأراد نتنياهو أن يقطف الثمار بشكل متتابع.

كما أن نتنياهو قال إن المعايير اختلفت، وكذلك رؤيته لأي اتفاق بخصوص غزة، ولكنه يقول إن الطرف الآخر، أي المقاومة، غير معنية، وهو بذلك يريد أن يلقي اللوم والمسؤولية على المقاومة، وكأنه يريد أن يبدأ من حيث انتهت المفاوضات مع حزب الله، أي أنه يريد وثيقة استسلام وليس مجرد اتفاقية، بمعنى أنه إذا وصل إلى اتفاقية تبادل أسرى، فإنه لا يريد أن تتوقف الحرب، بل استكمالها بعد إنجاز الصفقة.

هذا الطرح الإسرائيلي يضع المقاومة في نقطة ضعف، وليس في نقطة قوة للمساومة والتفاوض. ولكن إذا تمت اتفاقية مباشرة في غزة ما بعد اتفاقية لبنان، فإنها يمكن أن تكون نقطة قوة للمقاومة، لأن إستراتيجية فض الساحات أتت أكلها من المنظور الإسرائيلي، ووفقا لهذا المنطق يرى نتنياهو أنه إذا نجح في فض الساحة الأولى، فإنه يجب أن تنتهي الحرب في الساحة الثانية، لأن هناك علاقة ما بينهما، وهذا ما قد يجعل إسرائيل غير راضية عن السياق التفاوضي، إلا من منظور هزيمة حماس واستسلامها.

حماس، أو المقاومة بشكل عام، أمام خيارين، إما الاستمرار في هذه الحرب حيث تكون فرص نجاتها 50%، وبالتالي تكون هناك حاجة لتغيير الإستراتيجية التي تسير عليها لتغير من فرص نجاتها، وإما أن ترضى بالاستسلام الذي تحاول إسرائيل أن تفرضه، أي إما تغيير في الإستراتيجية والنهج الدبلوماسي، وإما القبول بما تفرضه إسرائيل على طاولة المفاوضات.

إعلان

نتنياهو يريد أن ينهي حياته السياسية في تثبيت إرث له، فهو يعتقد أنه إذا كان بن غوريون قد أقام هذه الدولة، فإن نتنياهو يريد أن يثبت سيادة هذه الدولة على الأرض، وهذا ما يطمح إليه، وسوف يجازف حتى آخر رمق من أجل تحقيقه، ولن يرضخ للضغوط التي تمارس عليه، حتى لو باتت إسرائيل دولة مارقة.

دخول تركيا ضمن حالة الوساطة، من دون أدنى شك، له تأثير على غرار دخول فرنسا إلى الملف اللبناني، فهناك ضغوط اقتصادية تركية على إسرائيل، التي تنظر إلى تركيا بندية، لكن باعتقادي أن تركيا قد يكون لها تأثير قوي كوزن قطر داخل هذه المفاوضات، ولا نستبعد أن تكون تركيا ورقة ضغط أخرى تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية للضغط على إسرائيل وحماس.

قلب المشكلة هي غزة، وأعتقد أن العاصفة الدبلوماسية التي عصفت بالمنطقة، وأسفرت عن اتفاق لبنان والترتيبات الجديدة في سوريا، يمكن أن تترك خلفها حراكا دبلوماسيا أكبر، خاصة أن هناك ضغطا، على ما يبدو، من الأميركيين بهذا الاتجاه مع قدوم ترامب.

بتقديري الشخصي سيكون هناك حراك دبلوماسي كبير من قبل المصريين والقطريين، وبعض الرسائل من قبل ترامب للإسرائيليين، ولكن نتنياهو في خطابه الأخير قال: إن الاتفاق مع لبنان سيعزل حماس، مما يعطي مؤشرا على أنه ذاهب إلى ضغط عسكري أكبر على حركة حماس في هذه الفترة، في ظل غياب الجبهات، وتصدع مفهوم وحده الساحات، وبقاء غزة وحدها، وقد يكون التحرك التركي بضوء أخضر من حماس في ظل تراكم الحالة الإنسانية الصعبة بغزة.

وبتقديري أيضا قد تكون هناك صفقة محددة بفترة زمنية لوقف إطلاق النار، والحديث يدور عن 45-60 يوما، ولكن لا يمكن أن توافق إسرائيل على انسحاب كامل من القطاع، لأن الاحتلال لديه مشروع داخل غزة، يتمثل في تجزئة القطاع إلى 4 كنتونات، هي "نتساريم" و"كوسوفيم" و"مفلسيم" ومحور صلاح الدين، والهدف من ذلك هو الاستيطان، وإخضاع الناس للاحتلال العسكري المباشر.

إعلان

ما يهم نتنياهو هو إطلاق بعض الأسرى لدى المقاومة، حتى يقدم للجمهور الإسرائيلي إنجازا يشغلهم، وبعد ذلك يُعطون شرعية لاستمرار الحرب، ولكن الفصائل الفلسطينية حتى الآن غير مقتنعة بجدوى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دون الانسحاب، أو ضمانات لنهاية الحرب في نهاية مراحل التنفيذ، وبالتالي الإفراج عن عدد من الأسرى للضغط باتجاه استكمال المفاوضات وصولا لوقف الحرب، أو إن بقيت الحرب تبقى لدى المقاومة أوراق قوة يمكن أن تستثمرها وفقا للمتغيرات السياسية والميدانية.

فالمقاومة لديها مشروع أو رؤية وموقف بشأن اتفاق لبنان ومجرى الأحداث في سوريا، فالقطاع أصبح وحيدا ومدمرا، وحركات المقاومة تأثرت قوتها، وهناك ضغوط إقليمية وخارجية تمارس عليها، وبالتالي أصبحت الخيارات الحالية لدى المقاومة قليلة، لهذا قبولها باتفاق مجتزأ لن يكون نابعا عن قناعة تامة، وإنما محاولة لاحتواء كل هذه الضغوط والمتغيرات، فالمقاومة تريد اتفاقا ينهي أزمة غزة إلى الأبد، ولا تريد أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، وقد يترجم ذلك على شكل البحث عن أطروحات سياسية لنهاية الحرب.

المقاومة الفلسطينية لديها قدرة على البقاء، فهي ليست جيشا نظاميا يمكن أن ينتهي، ومشروعيتها ستبقى حاضرة في ظل بقاء الاحتلال داخل غزة، وأعتقد أنها قادرة على مواجهة الضغوط، ولكن تبقى قضية معاناة السكان كبيرة جدا، والعالم اليوم أمام حالة حرجة من بقاء الاحتلال واستمرار المعاناة. ويمكن أن تستثمر المقاومة أي مرحلة تهدئة لإعادة ترتيب أوراقها وقوتها، وإعادة رسم مشهد جديد قد يغير بعضا من المعادلات المستقبلية.

يبدو أن الولايات المتحدة راغبة في الذهاب إلى توقيع صفقة، لكنها لا تمارس الضغوط الحقيقية على نتنياهو. صحيح أن ترامب قد يمارس هذا الضغط، لكن إسرائيل حتى الآن تتوقع أن الضغط الذي سيمارس على المقاومة الفلسطينية أكبر بكثير مما قد يمارس على الاحتلال، وبالتالي هناك اعتقاد إسرائيلي بأن تكون المرحلة المقبلة لصالحها، وأن يتم إعطاء الإسرائيليين الأريحية الكبرى في رسم المشهد المستقبلي.

إعلان

دخول تركيا في ملف الوساطة، باعتقادي، لا يضغط على إسرائيل، وإنما قد يكون هناك ضغط على حركة حماس، وبكل الأحوال الموقف التركي في الغالب لن يغير في الموازين كثيرا.

 

اتفاق لبنان وتطورات الوضع السوري لهما تأثير على إمكانيات وقف حرب الإبادة في غزة، ليس بالضرورة باتجاه واحد وهو الضغط على المقاومة فقط، بل هو تطور مهم يضع الأمور على مفترق طرق، والنتيجة تعتمد على سلوك مختلف الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وعلى محصلة عوامل الضغط في اتجاهات متعاكسة.

صحيح أن من أهداف وقف الحرب على لبنان تمكين إسرائيل من الاستفراد بغزة، وفك ارتباط جبهة لبنان بجبهة غزة، إلا أن كثيرا من العوامل التي ساقها نتنياهو لتبرير اتفاق لبنان، تنطبق على غزة، منها التفرغ لمواجهة العدو الأكبر، أي إيران، ودخول جبهة سوريا على الخط، والسعي لتجنب قرار في مجلس الأمن، فضلا عما ألحقته آلة الحرب الإسرائيلية من خسائر فادحة للشعب في غزة، وبقيادة المقاومة وعناصرها.

لكل ذلك نرى أن حركة المطالبة بوقف الحرب في غزة واستعادة الأسرى ضمن صفقة كثفت جهودها، وباتت تتمتع بمزيد من الشرعية والدعم من فئات عسكرية ومدنية واسعة، للمطالبة بإبرام صفقة دون تأخير، لا سيما بعد فشل كل محاولات نتنياهو وحكومته في استعادة الأسرى من خلال الضغط العسكري، أو من خلال اقتراحات الصفقات المجزوءة (أسرى مقابل مساعدات أو هدن قصيرة جدا).

التغير الجوهري في المنطقة يجعل خيارات المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة محدودة، وتتمثل في حالة الصمود. هذه التطورات تعيد التذكير والتركيز على أن مسؤولية كسر الاستفراد الإسرائيلي بغزة، ليست مسؤولية طرف معين، بل هي مسؤولية القيادة الفلسطينية أولا، ومسؤولية النظام الرسمي العربي والدول الإسلامية، وكذلك المجتمع الدولي الذي ما زال يتفرج صامتا أو متواطئا على مجزرة العصر.

إعلان

هناك الكثير مما يجب عمله على مستوى القوى الشعبية العربية، والمؤسسات والهيئات المعنية بإيجاد عالم يسوده القانون، وليس عالم تحكمه شريعة الغاب. وأعتقد أن حجر الزاوية الذي سيسهم في إعادة بناء الموقف الفلسطيني والعربي والدولي، هو العمل على بناء موقف فلسطيني موحد يستند إلى قرارات اجتماع بكين، ويتبنى برنامج طوارئ يركز على حماية شعبنا وأرضنا في غزة، وإغاثته، ووقف حرب الإبادة والتهجير والتدمير.

هناك عوامل عديدة تؤثر في القرار النهائي، من بينها أن إسرائيل أيضا تعاني بسبب إنهاك الجيش واستنزافه، والخسائر الاقتصادية الكبيرة، والعجز عن إعادة السكان في الشمال والجنوب، والعزلة الدولية الآخذة في الاتساع، والمؤشرات القوية على نهاية عهد الإفلات الدائم من العقاب، والفرص الجدية على اتساع حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وتراجع فرص التطبيع في ظل هذه العدوانية والتوحش. كما أن إسرائيل فشلت حتى الآن في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، أما الأهداف غير المعلنة للحرب (وخاصة التهجير والاستيطان) فلا تحظى بأي دعم أو شرعية دولية.

إلى كل ذلك، يمكن أن نضيف استنفاد الأهداف العسكرية التي حددتها إسرائيل في بداية الحرب، ورغبة الإدارتين الراحلة والقادمة في أميركا بإنهاء الحروب، وغياب أي أفق أمام آلة الحرب الإسرائيلية لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه خلال 14 شهرا. كل ذلك يؤكد أن ثمة فرصا واقعية لإنهاء الحرب قريبا، لكن لا ينبغي انتظار القرار الإسرائيلي كأنه العامل الوحيد المقرر، بل ينبغي تكثيف الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لتحقيق هذه الغاية.

لا ننسى أن مشاركة تركيا في جهود الوساطة ورعاية أي اتفاق مستقبلي، كانت مطلبا للمقاومة (إلى جانب طلب مشاركة روسيا)، وهو طلب رفضته إسرائيل بشدة حينها، لكن الآن، وإزاء الضغوط الأميركية، صار لزاما البحث عن طرف إقليمي أو دولي مؤثر وقادر على التواصل مع المقاومة وباقي الأطراف.

إعلان

وأعتقد أن تركيا عندها من المواصفات ما يؤهلها لهذا الدور، فهي دولة مركزية في الإقليم كما في أوروبا وآسيا، وفي منظومة الدول الإسلامية، وهي تحتفظ بعلاقات مع جميع الأطراف، بما فيها إسرائيل، وهي عضو في حلف الناتو، كما أنها أكثر قدرة على احتمال الضغوط الخارجية، ولها مواقف ثابتة في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وعلى الأرجح أن أي دور لها حاليا أو مستقبلا، سيكون في صالح الشعب الفلسطيني.

 

وافق نتنياهو على الاتفاق مع لبنان حينما وصل إلى قناعة بأن الجيش الإسرائيلي وصل الذروة في قدراته القتالية على تحقيق إنجازات لم تقترب من الحد الأدنى من الأهداف التي أعلنها عند بدء الحرب البرية، ومثل ذلك بات يترسخ من استمرار الحرب على غزة في حالة الصمود والتمسك والمواجهة، رغم المجازر والجرائم، واستمرار عمليات المقاومة، وإبقاء الجيش الإسرائيلي في حالة قلق ودفاع عن النفس، وهو ما عبر عنه موشيه يعالون وزير الحرب السابق، الذي اعترف بما يقوم به جيش الاحتلال من تطهير عرقي وجرائم حرب.

يضاف إلى ذلك ما وصل إليه الجيش الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية قبل نتنياهو إلى القناعة ذاتها، مما يشكل عنصر ضغط عليه للقبول بوقف إطلاق النار في غزة، وإن حصل ذلك ونجح، فسيكون أحد العناصر المساهمة في تمهيد الطريق لمسار سياسي أشمل، وهذا يعتمد على بنود الاتفاق من جهة، وعلى القدرة الفلسطينية على توحيد الصفوف واستثمار الفرص من جهة أخرى.

اتفاق لبنان والتطورات السورية لهما تأثير أكيد، لكن تأثيرهما سيكون بالبعد السياسي أكثر منه الميداني العسكري. فالمقاومة منذ عملية طوفان الأقصى اعتمدت على نفسها وقدراتها الذاتية، كما هي مقاومة الشعب الفلسطيني منذ 76 عاما، ويتضح من المجريات الميدانية أنها أعدت نفسها لحرب طويلة الأمد، وجاءت جبهات محور المقاومة، خاصة لبنان، مساندة وداعمة لغزة، وخففت الضغط عليها عسكريا، واستنزفت قدرات العدو، وساهمت في إضعافه.

إعلان

وهذا بحد ذاته قد يسهم في تعزيز خيار استمرار المقاومة، والتمسك بمطالبها، وإبداء المرونة باتجاهين، الأول مع كل فرصة لمفاوضات وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة، والثاني إنهاء الانقسام وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني.

أما إن كانت المقاومة في غزة قادرة على مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية والإسرائيلية، فإن إسرائيل بشكل عام ونتنياهو بشكل خاص، سيتعرضان لضغوط قد تكون أقل حجما وأكثر تأثيرا، مثل تهديد التماسك الداخلي، وعدم ثقة الجبهة الداخلية بقيادتها، وبقدرات الجيش على الردع وتوفير الأمن الداخلي. في المقابل، عززت المقاومة من قدراتها على مواجهة الضغوط، وما يعزز قدرات المقاومة أكثر هو وحدة الموقف الفلسطيني، والمحافظة على وحدة شطري الوطن.

الضغط الأكبر على نتنياهو هو أنه مطلوب للعدالة الدولية باعتباره مجرم حرب، وبسببه وضعت إسرائيل على اللائحة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، ووضع الجيش الإسرائيلي على قائمة العار وجيش الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وهذا طغى على مصطلح اللاسامية، إضافة إلى ضغط الجبهة الداخلية وأهالي الأسرى وداعميهم، وخلافاته مع القيادات العسكرية والأمنية، وتحميله مسؤولية الإخفاقات في تحقيق الأهداف والتسريبات الأمنية.

انعكس كل ذلك على الرأي العام العالمي، والأميركي تحديدا، حيث أثر في العلاقات مع قادة الولايات المتحدة، التي أكدت غير مرة دعمها لإسرائيل وليس لشخص نتنياهو، مما يدفعه لتليين مواقفه، وقبوله بالاتفاق على وقف إطلاق النار، وتوقيع صفقة تبادل الأسرى. وهذا يعزز موقف المقاومة، ويسهم في تحقيق الجزء الأكبر من مطالبها.

دخول تركيا إلى جانب قطر ومصر في ملف الوساطة مهم، لمواقفها المؤثرة في المقاومة وفي إسرائيل، وفي ظل التقارب المصري التركي، لا سيما أن هذا التدخل القديم الجديد يأتي في وقت تقترب فيه حاجة الشعب الفلسطيني الملحة في غزة لوقف الإبادة الجماعية، مع حاجة أغلب الإسرائيليين الملحة إلى من يقدم لهم فرصة الخلاص من تعنت نتنياهو في مواقفه الرافضة للاتفاق لأسبابه الخاصة وأزماته المتعددة التي تهدد مستقبله السياسي.

إعلان

يضاف إلى ذلك تبدل القيادة الأميركية، والمتغيرات الدولية والإقليمية. كل ذلك يعزز من فرص الوصول إلى إنهاء الحرب، والاتفاق على صفقة تبادل.

 

سعت إسرائيل إلى تحقيق هدف شامل من حربها على حزب الله والمقاومة الفلسطينية، يتمثل في إنهاء قدراتها بحيث تبقى إسرائيل ذات قوة عسكرية متفوقة في المنطقة، وقادرة على فرض رؤيتها.

هذا الهدف من المنظور الإسرائيلي تحقق، ومن الناحية الواقعية قد يكون تحقق جزئيا، لكنها أيضا لن تقوى على القضاء التام على حركات المقاومة. وعندما استهدفت "إسرائيل" حزب الله، كان هناك إدراك إسرائيلي بأن بقاء الحزب نابع من تجذره في المنطقة، وامتلاكه حاضنة شعبية يمكن أن تمثل مصدرا للإمداد العسكري والاقتصادي له، وبالتالي كان الهدف هو تحييده عسكريا أولا ثم سياسيا عبر الاتفاق الذي وقع. كذلك المتغير السوري لم يكن ضمن الرؤية القريبة، وما جرى فاجأ الجميع، وسرعة التحرك الإسرائيلي في التعامل معه، حوله إلى حالة استثمار لنتنياهو في هذا التوقيت.

بالتالي حاولت إسرائيل من خلال الاتفاق السياسي، العمل على إبعاد الحزب عن الحدود من خلال وقف إطلاق النار المؤقت، وصولا إلى وقف شامل، لكن ضمن رؤية تضمن الإضعاف الشامل، التي بدأت تتجلى أيضا من خلال الاستهداف الذي يجري لسوريا، لقطع الامتداد الجغرافي لمحور المقاومة.

نتنياهو سوّق ما جرى في لبنان وسوريا على أنه حقق الهدف الأبرز، وهو ضرب ما يسمى بوحدة الساحات، ويحاول أن يعطي انطباعا بأن ذلك سيضعف المقاومة الفلسطينية. لكن باعتقادي، المقاومة هي الأخرى ربما ستغير من مفاهيم عملها وحساباتها في المواجهة التي تقودها ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث ستعتمد على حرب الاستنزاف، وهي حرب نقاط تراكمية، سواء استنزاف من الناحية العسكرية، أو الاقتصادية والنفسية والاجتماعية داخل العمق الإسرائيلي، وبالتالي قد يظهر ضعف لدى المقاومة، لكن تأثيرها في مواجهة الاحتلال سيبقى حاضرا.

إعلان

فإسرائيل لم تعتمد في هذه الحرب على نفسها، وإنما على الدعم الدولي لها، وفي مقدمته الولايات المتحدة، وهذا أيضا لا يضر فقط إسرائيل في البعد الإستراتيجي للحرب ونتائجها، وإنما سيضر دولا وأنظمة كانت تقدم نفسها على أنها قامت على الديمقراطية والمبادئ والحريات، وبالتالي ستهتز الثقة بها من قبل المجتمعات الدولية.

ولو قارنا ما قام به الاحتلال ضد حركات المقاومة، بما يمكن أن تُستهدَف به دولٌ وجيوشٌ كبرى، لوجدنا أن صمود المقاومة حتى الآن حقق معجزات، وهذا ربما ما دفع وزير الجيش السابق يعالون، إلى وصف ما يجري في غزة، نقلا عما رواه له الضباط والجنود، بأنه حرب إبادة وتطهير عرقي، فهذا اعتراف واضح وضمني بمدى العجز الإسرائيلي أمام حالة الصمود الفلسطيني.

هذا الشعور داخل صفوف الجيش يزيد الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي، حتى وإن ظهرت إسرائيل أنها تنجح فعلا في حرب الإبادة من خلال تدمير المباني والمناطق التي تستهدفها بغزة، وتحويلها إلى مناطق غير صالحة للحياة، إلا أن ذلك لا يمكن أن يغير من حقيقة أن أهدافها العسكرية في القضاء على حركات المقاومة، لن تتحقق لأن هناك احتضانا كاملا لها.

أعتقد أن واحدة من أوراق القوة المهمة التي على الفلسطينيين العمل عليها، هي توحيد الخطاب والموقف الفلسطيني السياسي، ويمكن أن نستفيد منه من تجربة لبنان، فقد كان هناك خطاب واحد يخرج من لبنان، لكن في الحالة الفلسطينية هناك خطاب القيادة السياسية في رام الله، الذي لا يحتضن المقاومة، بل العكس ربما تحاول أن تبحث عن مستقبل لها بمعزل عن المقاومة، حتى على حساب دماء الأطفال والنساء داخل قطاع غزة. كان يفترض منذ اليوم الأول للعدوان، أن يكون هناك موقف سياسي للعالم يطالب بوقف هذه الإبادة، وعدم التعاطي مع أي خطابات هدفها فقط البحث عن اليوم التالي للحرب، وإنما كيف يمكن إيقاف هذه الحرب، وبعد ذلك يمكن للفلسطينيين الدخول في نقاشات وحوارات حول آلية إدارة الحياة المستقبلية والسياسية لغزة.

إعلان

شئنا أم أبينا، غزة وما يجري فيها اليوم يضبط عقارب الساعة في العالم بأسره، وما حدث في سوريا وغيرها الكثير من المتغيرات الإقليمية والدولية، فإن غزة هي من حرّكته. وإسرائيل التي تستعرض قوتها، وتقول إنها استطاعت أن تقضي على حزب الله، وأن تدمر القدرات العسكرية السورية، ما زالت متخوفة من وجود أرضية مستقبلية تشكل انطلاقة باتجاه العمق الإسرائيلي.

تركيا، منذ اليوم الأول، تحاول أن تكون وسيطا في المسارات السياسية للحرب على غزة، فهي تبحث عن مركز لها في الإقليم، مما دفعها إلى فتح أبوابها لقيادة حماس، لأن من يمتلك أوراقا ضاغطة تجاه بعض الأطراف، يتحول إلى لاعب في المنطقة. إضافة إلى ذلك، تعمل تركيا على تحقيق أكبر قدر من مصالحها في السياسة الخارجية، ودائما تبحث عن المكتسبات، واليوم تريد أن تدخل وسيطا ليس من أجل أن تكون لاعبا فقط، بل هناك مصالح اقتصادية لشركاتها الكبرى في مستقبل إعادة إعمار غزة، الذي سيكون بمثابة مجال استثماري بالمليارات، وغيرها من المصالح الاقتصادية.

تنطلق تركيا من هذا التوجه لأنها تعلم أن التغييرات اليوم جعلت أميركا تتراجع في مكانتها وقوتها أمام لاعبين دوليين آخرين، أمثال روسيا والصين وإيران، فهي تلعب في وسط إقليمي متدحرج، وبالتالي نحن أمام حالة تسارع على المستوى الدولي بشأن من سيكون المهيمن. فعلى سبيل المثال، تريد الصين توريط أميركا في استنزاف جراء الحرب على غزة واستمراريتها، وبالتالي هذه الحرب هي حرب بالوكالات، وهي الحرب الأساسية بشأن من سيسيطر على العالم، وما يحدث هي حرب استنزاف من أجل الصعود على سدة الحكم الدولي، وتغيير مفاهيم الهيمنة.

 

هناك مؤشرات ومعطيات أصبحت واضحة نحو ترسيخ هدنة إنسانية مؤقتة في غزة، مشابهة تماما للاتفاق بين لبنان وإسرائيل، رغم أن قطاع غزة مختلف، كون لبنان دولة ذات سيادة ومستقلة ولها جيش، وقد يكون الاتفاق في لبنان أسهل، لأن هناك بديلا لحزب الله، وهو الجيش اللبناني لوجوده في جنوب لبنان تحت إطار الرقابة الدولية.

إعلان

وما يعزز هذه التوجهات، أن هناك توافقا ما بين إدارة بايدن وترامب لإخراج الأسرى الإسرائيليين، وإبرام هدنة إنسانية، ولكن يبقى الأمر مرتبطا بمدى ما هو مقبول لدى حماس والمقاومة. فالهدنة التي تريدها إسرائيل هي هدنة بشرطين، الأول إخراج الرهائن، والثاني انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، ولا بد من الانتباه إلى أن المرتقب هو إعلان وقف إطلاق النار، وليس وقف الحرب، وهناك فرق كبير بينهما.

وقد يكون الهدف من ذلك هو إيجاد ترتيبات لليوم التالي للحرب، فإسرائيل إذا ما أرادت تطبيق النموذج اللبناني على غزة، فإن هذا يعني البحث عن آلية لنزع سلاح المقاومة بشكل كلي، وإيجاد بديل لحركة حماس، سواء كان بترتيبات معينة مع أشخاص يؤسسون لإدارة محلية في القطاع، أو بشكل غير مباشر مع السلطة الفلسطينية.

ما يطرح على المقاومة من هدنة إنسانية الهدف منه تخليصها من ورقة الأسرى الإسرائيليين، وبالتالي فإن أي انسحاب من غزة لن يكون بالشكل القاطع، بل انسحاب من أماكن مكتظة سكانيا، والبقاء ضمن محاور يمكن من خلالها التحكم بشكل وطبيعة عودة النازحين للأماكن التي يتم إخراجهم منها بشكل تدريجي، بمعنى أن إسرائيل ستحاول إعادة هيكلة وجودها وممارساتها، بما يسمح لها بالتحرك مستقبلا تحت غطاء الحاجة الأمنية، وتنفيذ الاستهدافات المركزة بعد جمع المعلومات الأمنية.

لكن هل ستقبل المقاومة؟ باعتقادي أن حركه حماس الآن ليست بالوضع السهل، فهي تعلم تماما أن وحدة الساحات لم تعد موجودة، والمشهد في المنطقة تغير ليس لصالح محور المقاومة، وذلك بناء على ما حدث في لبنان وسوريا وعمليات إضعاف للنفوذ الروسي الإيراني، وبالتالي فإن حماس مطالبة بقراءة المشهد بشكل أوسع، حتى لا تبقي ذريعة استمرار الحرب على غزة، وتحاول إنقاذ ما تبقى من بعد إنساني، والانطلاق نحو إيجاد ترتيب فلسطيني لإدارة القطاع، من أجل قطع الطريق أمام فرض واقع إسرائيلي أميركي في القطاع.

إعلان

دخول تركيا على خط الوساطة يعزز نوعا ما نجاح هذه الهدنة، فلدى تركيا أوراق قوة تستطيع أن تضغط على حركة حماس، بحيث تعيد قراءة الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، وأن تتحول إلى حزب سياسي.

 

إحدى الإستراتيجيات الإسرائيلية الدائمة تاريخيا هي فصل الساحات والمسارات، وهذا كان واضحا منذ المفاوضات الأولى ما بعد نكبة عام 1948، وما تلا ذلك من كامب ديفيد مع مصر عام 1978، وأوسلو واتفاقيات السلام، وهذا ما نتج بشكل متتابع في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، وبالتالي لا أعتقد أن اتفاق لبنان الأخير سيكون خطوة أولى لمسار سياسي أشمل في هذا الإطار، لا سيما على ساحة غزة، لأن مصالح إسرائيل في غزة تختلف تماما عن مصالحها ورؤيتها للبنان، ومن الواضح أن مصلحة إسرائيل وإستراتيجيتها في لبنان، تتمثل بوقف تهديد حزب الله، وإعادة المستوطنين إلى مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.

أما في غزة، فإن الأمور لا تزال غير مختمرة في هذا الإطار، وما صرح به نتنياهو للإعلام الاسرائيلي مؤخرا، هو للاستهلاك المحلي، ولتخفيف الضغوط التي لها علاقة بعائلات المحتجزين لدى المقاومة، ولا يمكن قراءته بشكل جدي.

أعتقد أن نجاح إسرائيل بإنهاء ما يسمى بوحدة الساحات، سيقدم من المنظور الإسرائيلي على أنه نقطة ضعف للمقاومة الفلسطينية ولحركة حماس في قطاع غزة، وبالتالي أعتقد أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ربما تبحث عن خيارات أكثر واقعية، وهذا شيء لا يشكل نقطة ضعف لها، لأن السياسة هي فن الممكن، وهي قراءة الممكن، واليوم مطلوب فهم كل هذه المتغيرات، والبناء عليها.

لا أعتقد أن دخول تركيا الى جانب قطر ومصر سيأتي بجديد، فتركيا اليوم تمتلك النهج ذاته الذي تمتلكه قطر، وتحاول أن تستثمر دبلوماسيا، من أجل تحقيق مكاسب سياسية بالدرجة الأولى، فهي تحاول أن توجد لها دورا ومكانا في هذا الصراع، على أمل أن يستثمر في الخطاب التركي الشعبوي لأردوغان، وأن يحسن من وضعه الداخلي في المجتمع التركي المعروف بأنه مجتمع محافظ، فالموقف التركي لم يظهر بوضوح منذ بداية الحرب، بل كان غائبا تجاه كل ما يجري في غزة، مقارنة بوزن تركيا السياسي في المنطقة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تمديد ساعات عمل مترو دبي لضمان سهولة تنقل المسافرين
  • هذه سياسة حزب الله الآن.. هل ستعود الحرب؟
  • صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا
  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • تطور الحالتين اللبنانية والسورية وانعكاساتها على حرب الإبادة بغزة
  • غلوبس: عودة الارتفاع الحاد بالإيجارات في إسرائيل
  • «موقع استراتيجي».. عمرو خليل يشرح خطورة احتلال إسرائيل لجبل الشيخ
  • عمرو خليل: إسرائيل تخطط لتوسيع أمد الحرب وشن هجوم أكبر على اليمن
  • مصدر سعودي: الرياض لا تريد ان تتدخل في الحرب بين “إسرائيل” و”اليمن” 
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تواصل اعتداءاتها وتوتر متزايد على لبنان وسوريا