محللون: إدارة بايدن لا تثق بنتنياهو لكنها مجبرة على مواصلة دعمه
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
تعكس التحذيرات الأميركية لإسرائيل من احتمال تعرضها لهزيمة إستراتيجية انعدام الثقة في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها لا تعني توقف الرئيس جو بايدن عن دعم تل أبيب، كما يقول خبراء.
فقد جددت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) احتمالية تحقيق إسرائيل نصرا تكتيكيا، وتعرضها لهزيمة إستراتيجية في قطاع غزة، فيما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن أطرافا في الحكومة الإسرائيلية تعمل على تقويض المصالح الأمنية لإسرائيل.
وتعليقا على هذه التصريحات، قال الباحث في الشؤون السياسية ستيفن هايز إن الولايات المتحدة تخشى أن تفشل إسرائيل في إلحاق هزيمة بحزب الله اللبناني، مما قد يؤدي لاتساع نطاق الحرب في المنطقة.
انعدام ثقة في نتنياهووخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال هايز إن اتساع نطاق الحرب سيفرض على إسرائيل تأمين مساحة كبيرة من المنطقة، مع مواصلة العمليات في غزة والضفة الغربية، وهو أمر غير ممكن.
وتعكس التصريحات انعدام الثقة في نتنياهو من جانب واشنطن التي تخشى أن تؤدي هذه التطورات إلى زعزعة استقرار إسرائيل داخليا، وفق هايز الذي أكد أن دعم الولايات المتحدة لتل أبيب "أمر غير قابل للنقاش".
لذلك، فإن الهزيمة الإستراتيجية التي تقصدها واشنطن، برأي المتحدث نفسه، تتمثل في الاضطرابات الداخلية، فضلا عن فشلها في تحقيق أهداف الحرب الذي سيجعلها أقل استقرارا.
بدوره، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن الولايات المتحدة، ومنذ بداية الحرب، قدمت كل ما يمكن تقديمه لحماية إسرائيل من جموح نتنياهو وليس من خصومها الخارجيين، مؤكدا أن المعادلة حاليا "هي إما إن يربح نتنياهو وتخسر إسرائيل أو العكس".
لذلك، يعتقد جبار أن إسرائيل دخلت نقطة اللاعودة، وأن خسارتها الإستراتيجية بدأت في التزايد، لأنها تحولت من صدمة 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى صدمة انهيار الردع بشكل كامل.
واعتبر جبارين انسحاب زعيم معسكر الدولة بيني غانتس من حكومة الحرب بأنه "يمثل أحد أهم المؤشرات إلى أن الجبهة الداخلية الداعمة للحرب انتهت"، مضيفا "المعارضة تقول بوضوح إنها أصبحت حرب نتنياهو وليست حرب إسرائيل، وإن رئيس الوزراء سيتحمل أي خسارة تنجم عنها".
وفي السياق، قال المحلل السياسي ساري عرابي إن تكرار الحديث الأميركي عن احتمال تعرض إسرائيل لهزيمة إستراتيجية يؤكد فشل الاحتلال في تحقيق أي من الأهداف التي وفرت واشنطن الغطاء السياسي والدعم العسكري الكامل من أجل تحقيقها، "وخصوصا القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ثم مواصلة عملية دمج إسرائيل في المنطقة وطمس القضية الفلسطينية".
وأضاف أن عملية طوفان الأقصى "خلقت خلخلة إقليمية هائلة فشلت إسرائيل في تصحيحها، ودخلت حربا بلا أفق ولا أهداف معقولة"، مؤكدا أن تل أبيب "تواجه اليوم تحديات أمنية بسبب غياب الردع الإستراتيجي، لأنها غير قادرة على تصفية حماس، ثم التفرغ لبقية الخصوم، وهي غير قادرة أيضا على التعامل مع حزب الله".
وأكد عرابي أن هذه المراوحة "منهكة لجيش الاحتلال ومقلقة لأميركا، في حين يراهن نتنياهو على البقاء في هذا الوضع حتى انتهاء عطلة الكنيست، التي ستأتي مع بدء الانتخابات الأميركية، على أمل عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض".
واتفق هايز مع هذا الرأي، قائلا إن نتنياهو يعتمد على عودة ترامب، وإنه ينتظر المناظرة بين جو بايدن وترامب، وأيضا إلقاء خطابه المقرر أمام الكونغرس الأميركي لجذب مزيد من تأييد الجمهوريين.
وختم هايز بأن نتنياهو "إذا شعر بالقوة فإنه سيمضي قدما في خططه، ولن يتمكن بايدن من وقفه أو التوقف عن تقديم الدعم له، لأن الوضع السياسي يضعه في موقف صعب للغاية".
وخلص الباحث الأميركي إلى أن بايدن وإدارته مجبرون على دعم نتنياهو حتى ولو لم يكونوا معجبين بما يقوم به، لأنهم بحاجة شديدة للمانحين من أجل الانتخابات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
نتنياهو ووقف إطلاق النار
أجمع، ويجمع، أغلب المتابعين لمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بأن الطبخة التي على النار، قد اقتربت من الاستواء.
وذلك بمعنى اقتراب التوصل إلى اتفاق، أصبح قابلاً للتحقق، بعد أن مرّت أشهر على إفشاله، ومواصلة العدوان الصهيوني على غزة، بحربيه: الحرب البريّة التي استهدفت القضاء على المقاومة. ومن ثم احتلال القطاع عسكرياً. أما الحرب الثانية فكانت حرب الإبادة (القتل الجماعي لفلسطينيي غزة، وتدمير القسم الأكبر من عمرانها وبنيتها التحتية.
لقد توفرت في أغلب تلك المراحل التي مرت بالحربين، وسلسلة من المفاوضات، عوامل داخلية وإقليمية وعالمية، تفرض على نتنياهو، قبول التوصل إلى اتفاق، خصوصاً، بعد أن تأكد لأشهر، عبث مواصلة العدوان في مجاليه، الحرب البريّة وحرب الإبادة التدميرية.
وذلك بدليل الفشل، في القضاء العسكري، على قوات المقاومة التي تقودها كتائب عز الدين القسام، كما الفشل في أن ينتج عن حرب الإبادة، ما يعود على نتنياهو، بانتصار يحقق هدفه من العدوان.
أكثر من أربعة عشر شهراً، وحرب العدوان مستعرة في غزة، ويد المقاومة هي العليا، في كل الاشتباكات الصفرية، وأكثر من أربعة عشر شهراً، والرأي العام العالمي ينقلب، يوماً بعد يوم ضد الكيان الصهيوني، الذي أصبح يحمل لقب، قاتل الأطفال ومدمّر المستشفيات، ومرتكب جرائم الحرب على أنواعها كافة.
ولكَم تجمعت ضغوط داخلية وخارجية على نتنياهو، ليوقف ذلك العدوان. ولكنه عاند عناد الخاسر الطفلي، أو المقامر العبثي، ليواصل الحرب بأي ثمن، وبالرغم من كل الضغوط.
أكثر من أربعة عشر شهراً، وحرب العدوان مستعرة في غزة، ويد المقاومة هي العليا، في كل الاشتباكات الصفرية، وأكثر من أربعة عشر شهراً، والرأي العام العالمي ينقلب، يوماً بعد يوم ضد الكيان الصهيوني، الذي أصبح يحمل لقب، قاتل الأطفال ومدمّر المستشفيات، ومرتكب جرائم الحرب على أنواعها كافة.مما يسمح بالقول، أنه غير قادر على عقد اتفاق، خشية الإقرار بانتصار المقاومة، وبسبب خوفه من انفراط تحالفه، كما خوفه من تحميله، مسؤولية الهزيمة أمام طوفان الأقصى، إلى جانب محاكمته بقضايا فساد.
وقد ساعد نتنياهو على هذا العناد العبثي، في حربه ضد المقاومة والشعب في قطاع غزة، انجرار بايدن وراءه، وما أدّاه له من دعم عسكري وتغطية سياسية، كان هو وجيشه، لولاهما، ذاهبين إلى هزيمة عسكرية ميدانية. فمواصلة نتنياهو لحربه ضد غزة، لم تقم على أساس موازين قوى في مصلحته.
وهنا يطرح السؤال، ما الذي استجدّ في هذه الجولة من المفاوضات، إلى الاقتراب الجدّي، من وقف إطلاق النار، فيما نتنياهو هو نتنياهو، والموانع التي تفرض عليه أن يستمر بالحرب، ولو بالخسارة، وبالاستراتيجية الفاشلة عسكرياً، ما زالت كما هي؟
الجواب يكمن، في ما مارسه ترامب، من ضغط لوقف الحرب، كما يكمن في محاولة بايدن، إنهاء عهده بالوصول إلى اتفاق، بعد أن ألحق بحزبه الخسائر الفادحة، أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي.
ومع ذلك فإن استدعاء نتنياهو لوفده المفاوض، ليس له من تفسير، إلاّ محاولة أخيرة لعرقلة، التوصل إلى اتفاق. فنتنياهو، والحالة هذه، يواجه مأزقاً خانقاً، بالرغم مما يحاول ترويجه من "انتصارات" على المستوى العام. الأمر الذي سوف يكشف وهمية ما يدّعيه، من "انتصارات" على المستوى العام كذلك.