هنية يعلق على استشهاد شقيقته وعدد من أفراد عائلته
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
سرايا - علق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية اسماعيل هنية على استشهاد شقيقته وأبنائها في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مدينة غزة الثلاثاء.
وقال هنية: "لا يسعني في هذا المقام إلا أن أزف هذه الكوكبة الجديدة من شهداء العائلة بينهم شقيقتي الكبرى وعائلتها".
وأضاف هنية: "هم وفدنا الجديد إلى الرحمن الرحيم في هذه الملحمة البطولية تنضم إلى مواكب ووفود شعبنا العظيم الذي لم يتوقف عطاؤه طوال تسعة أشهر" .
وأشار هنية إلى أنه إذا كان الاحتلال يظن أن استهداف أهله وعائلته سيغير من مواقف الحركة والمقاومة فهو واهم لأن كل شهيد في غزة وفلسطين هو من "أهلي ومن عائلتي".
وتابع هنية: "وأكرر مرة ومرة ومرة أن شهداء عائلتي هم شهداء شعبنا، وشهداء شعبنا هم أيضا أهلي، فلا فرق بين الشهداء وكلهم اصطفاهم الرحمن ليعبدوا طريقنا نحو النصر والحرية".
وأكد أن دماء الشهداء تطالب الحركة بعدم المساومة قائلا: "لا نهادن وألا نغير ولا نبدل ولا نضعف ولا نيأس بل نواصل طريقنا بكل إصرار".
وأكد أن حركة حماس قدمت كل ما يمكن من مرونة ووافقت بدون تردد على كل المشاريع التي طرحت شريطة أن يكون نتيجة ذلك وقف الجرائم وانتهاء العدوان والانسحاب الكامل من القطاع.
ولفت إل أن العدو اختار التصعيد واجتاح رفح وأغلق المعابر وتسبب بكوارث إنسانية ومجاعة رهيبة في كل أنحاء القطاع.
-وشدد على أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك لوقف العدوان وإدخال المساعدات وتوفير متطلبات الحياة للشعب الفلسطيني.
وتابع: "كل الأفكار حول اليوم التالي وترتيبات البيت الداخلي يجب أن تكون فلسطينية خالصة، ولا حق لأحد أن يتدخل فيها، لا الاحتلال ولا غيره".
وأكمل: "ما زلنا نتمسك بأن أي اتفاق لا يضمن وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان هو اتفاق مرفوض، ولن يتغير موقفنا هذا في أي مرحلة من المراحل".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
هل ستحبني إن تحولتُ لحشرة؟
قد يكون العنوان أعلاه سؤالاً طريفاً من أحد أفلام الروم-كوم الأمريكية، ولكن فرانز كافكا في روايته "التحول" التي ما زالت تلامس الكثيرين بعد ما يقارب الـ 100 عام من وفاته يناقش هذه الفكرة وغيرها من الأفكار المقلقة والملحّة التي تراودنا جميعاً في حياتنا اليومية. في أول مرة قرأت هذه الرواية أنهيتها وسط استغراب وصدمة أحداثها التي انتهت بسرعة وبقوة، وأدهشني طرح كافكا الفريد والجريء في مواجهة المشاعر الإنسانية العارية.
ظلت أحداث الرواية تتردد في ذهني لعدة سنوات ولطالما استحضرتها في مواقف حياتية مختلفة، حيث أصبحت تلامسني رغم اختلاف الموقف، وزاويتي من الحدث.
تبدأ الرواية باستيقاظ جريجور سامسا مندوب المبيعات المتجول يوماً ما ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة عملاقة، ولكنه لا ينصدم بل يقلق بشأن وصوله إلى العمل في الوقت المناسب خوفاً من طرده من العمل وخذلانه لعائلته التي تعتمد عليه لإعالتها، ووسط استغراب عائلته وخوفهم، يحاول جريجور التأقلم مع كونه حشرة وفقدانه للقدرة على الكلام وبالتالي طمئنة عائلته ورب عمله.
تناقش الرواية بعداً مجتمعياً حيث يفشل جريجور في تأدية دوره المجتمعي تجاه عائلته مما يشعره بالكثير من الخزي والعار، فجريجور الذي كان يكسب احترام عائلته بإعالته لهم وسداد دين والده الكبير في السن بعد مشروعه الفاشل، أصبح مسخاً مخيفاً لا يغادر غرفته، شيئاً فشيئاً يلاحظ بعقله الذي ما زال بشرياً إقصاءهم له ونكرانهم لكل السنين التي بذلها في خدمتهم، حتى إنه يتذكر تقديرهم له وشكرهم حينما بدأ وظيفته، ولكن سرعان ما اعتادوا على استقبال دعمه المادي بغير اكتراث.
جريجور كان حبيساً لدور اتخذه بغير اختيار وحياة لم يعشها ودين لم يصرفه.
فكثيرٌ منا نتخذ أدواراً فرضها علينا المجتمع أو فرضناها على أنفسنا، ولكنها قد تكون مصدراً لجميع آلامنا.
ولكن أول فكرة طرحتها الرواية هي تجريد الإنسان من إنسانيته، فحينما تحول جريجور إلى حشرة تنفرت عائلته ورب عمله منه حتى أنه أغُلق عليه في غرفته وأصبحت تجلب له أخته التي يعدها المقربة والأحن إليه الطعام وتنظف له غرفته، توقف الجميع عن مخاطبته مباشرة وصار ذِكره يملؤهم بالقرف والاشمئزاز، لم ينظر أحدٌ في عينيه. كرهته عائلته بغير ذنبٍ منه، مما يجعلني أفكر كيف هو من السهل كره أحدهم عند نزع إنسانيته منه، تُذكرني الفكرة بحلقة من المسلسل المشهور "مرآه سوداء" والتي ناقشت حدوث حرب كان فيها محاربو أحد الأطراف يتعرضون لبرمجة دماغية تجعلهم يرون جنود العدو على شكل حشرات متوحشة بالتالي إبادتهم بسهولة بدون إعادة تفكير.
وكم في حياتنا جردنا آخرين من إنسانيتهم عند اختلافهم عنا، وأصبح انتقادهم اللاذع وإقصائهم سهلاً لاختلاف فكرهم أو لبسهم أو طريقتهم في العيش.
وكم تعرضنا للإقصاء في حياتنا للأسباب نفسها، يقول سيغموند فرويد، مؤسس التحليل النفسي، "يتحول في بعض الأحيان الخوف المكبوت إلى غضب، حيث يعبر الشخص عن خوفه بطريقة عدوانية بدلًا من مواجهته بوعي" فعائلة جريجور كانت تكبت خوفها منه وخوفها من المجتمع ومن أن يحدث لهم ما حدث له، حتى أخته توقفت عن الاهتمام به وتحول حنانها إلى قسوة وغضب، وكان غضب الأب أكبر وغير مبرر حتى أنه أصبح يقذف جريجور بالأشياء لإبعاده حتى استقرت تفاحة قذفها الأب بغضب في ظهر جريجور والتي أدت في النهاية لموته.
وهنا أعرج إلى فرانز كافكا، متسائلة هل "التحول" تعكس شخصيته، لأجد في عدة مصادر أنه قد عاش تحت تسلط واستبداد وتقزيم والده الذي سبب له صدماتٍ كثيرة منذ طفولته، حيث لم يرض والده عن أي شيء فعله كافكا أو قاله، لم يرض حتى عن شكله وجسمه، حيث قال كافكا في رسالته إلى الوالد التي كتبها في عمر 36 قبل 4 سنوات من وفاته: "لقد كنتُ في حيرة من أمري على الدوام، فإما أن أطيع أوامرك، وهذا كان عاراً إذا لم تكن هذه الأوامر تنطبق علي، وإما أن أكون معانداً"، بالتالي نشأ بسبب هذه التربية قَلِقاً خائفاً عديم الثقة في نفسه والآخرين وبالأخص السلطة ما يبرز في روايته "المحاكمة".
بقي نوع الحشرة التي تحولها جريجور غامضاً وذلك بسبب صراع الهوية الذي لطالما عانى منه كافكا فيعكس الوالدان صورتنا عن أنفسنا في طفولتنا، أما كافكا صورته الذاتية ضائعة ومشوهة وانمساخه إلى حشرة لم يكن خيالاً بعيداً عن الواقع بل واقعاً استقاه من فم والده. "أنت خلف كل كتاباتي، لقد قلت فيها ما لا أستطيع قوله، وأنا على صدرك". ويصنف البعض رسالته إلى الوالد أعظم رسالة في التاريخ لأنها تسلط الضوء على تأثير الوصاية المبنية على الترهيب في العائلة والعمل والمجتمع والدولة على الفرد.
وأعود إلى بداية المقال، حينما أشرتُ إلى أن أعمال كافكا لا زالت تلامس الكثيرين، وهذه المعلومة إنما وردت في نقاش حول أعماله، ومن خلال بحثي عن كافكا لاحظتُ انتشار شعبيته في الآونة الأخيرة لدى الجيل زد (1996-2010) بشكلٍ مفاجئ، حيث رصد التيك توك 139 مليون مشاهدة لمحتوى تحت هاشتاج كافكا في عام 2023، وبعد التفكير لم أستغرب انتشاره لديهم، فقد ناقش كافكا في كل أعماله قسرة القلق الوجودي، والوحدة، وانعزالية الحياة العصرية وقلة الحيلة تجاه متطلبات العالم الرأسمالي وهو ما يقلق كاهل كل الأجيال الجديدة، هناك صراع بين تحقيق أهداف المجتمع (التطور الوظيفي، الزواج وتملك العقار) التي أصبحت أحلام صعبة التحقيق في عصرنا الحالي، وتحقيق الذات.
وعلى الرغم من سوداوية أعماله، إلا أنها تتصف بكوميديا سوداء صريحة وعبثية مشابهة جداً للحس الفكاهي لدى الجيل زد.
وبعد 100 عام على موته ما زال يعد من الأدباء الأكثر قراءة في العالم "إن مصير عمل كافكا وربما عظمته، هو أنه يقدم كل شيء ولا يؤكد شيئاً" هذا ما قاله ألبير كامو، أما أنت هل ستستمر في حب المقربين لديك إن تحولوا فجأة لحشرة؟