ما يجب أن تفعله قيادة الاتحاد الأوروبي القادمة
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الآن بعد أن قام الناخبون في مختلف أنحاء الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي بانتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي المُقبل البالغ عددهم 720 عضوًا، يتحول التركيز نحو إدارة المؤسسات التي ستوجه عمل الكتلة وتحدد أولوياتها الاستراتيجية على مدى السنوات الخمس المُقبلة. سوف تستغرق هذه العملية بعض الوقت، ومع ذلك، بحلول نهاية العام ــ في أعقاب المساومات والاضطرابات البرلمانية المُتوقعة ــ من المفترض أن تكون قد اكتملت.
مع كل ما قيل، لم يكن التحول في التوازن السياسي داخل البرلمان الأوروبي كبيرًا كما توقع العديد من المُعلقين. فقد انخفضت حصة المقاعد التي تشغلها الأحزاب التقليدية من يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين من 59% إلى 56% فقط. انحصرت المشكلة في عدد قليل من البلدان، وخاصة فرنسا، حيث انتصر حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، وعلى الرغم من أن هذه النتيجة لن تؤثر مباشرة على عملية التوظيف في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فمن الواضح أن التغيير السياسي الجذري في دولة من الدول الأعضاء الرئيسيين في الكتلة يمكن أن يخلف تأثيرًا أكبر مع مرور الوقت.
بالنظر إلى السنوات الخمس الماضية، من الإنصاف القول إن أداء الاتحاد الأوروبي قد فاق التوقعات. ربما لم يتحول إلى القوة الجيوسياسية التي تصورتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في العديد من الخطابات التي ألقتها، لكنه أثبت فعاليته في إدارة الأزمات من خلال أزمة «البجعة السوداء» تلو الأخرى (من جائحة كوفيد 19 إلى الغزو الروسي لأوكرانيا).
قد يكون الطريق أمامنا أكثر صعوبة. هناك علامة استفهام كبيرة تحوم حول فرنسا بينما تعقد انتخابات برلمانية مُبكرة هذا الشهر وانتخابات رئاسية في عام 2027. من المرجح أن تتعثر الحكومة الائتلافية الألمانية المكونة من ثلاثة أحزاب، على الرغم من الأداء الضعيف لأعضائها في الانتخابات الأوروبية. ويتبقى لنا أن نرى نوع المقاومة الداخلية التي سيواجهها الاتحاد الأوروبي من قِبَل حكومات المجر، وسلوفاكيا، وهولندا، وربما النمسا (بعد الانتخابات العامة في خريف هذا العام). حتى في غياب المفسدين المحتملين، فإن الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي ستكون شاقة. لقد بدأ الاتحاد الأوروبي بداية جيدة في التحول الأخضر على مدى العقد الماضي، حيث أثبت نفسه باعتباره رائدًا عالميًا في قضايا المناخ؛ لكن الضغوط السياسية الداخلية في العديد من الدول الأعضاء تُجبر صُناع السياسات الآن على التقدم بوتيرة أبطأ. ومن ناحية أخرى، كان تحولها الرقمي أقل تأثيرًا ــ وهو نقص يبرز أكثر مع تأثير عصر الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي. بدأ الزعماء الأوروبيون ينتبهون تدريجيًا إلى حقيقة مفادها أن الاتحاد الأوروبي يعاني من مشكلة القدرة التنافسية. في عالم حيث الولايات المتحدة هي القوة العظمى في مجال الابتكار والصين هي القوة العظمى في مجال الإنتاج، فإن كون الاتحاد الأوروبي قوة تنظيمية عظمى لا يكفي.
إن كيفية تعامل أوروبا مع هذه القضية ستشكل مستقبلها بشكل أساسي. يدعو كثيرون إلى فرض تعريفات جمركية جديدة وتقديم إعانات وتنفيذ سياسات صناعية مُكلفة، غالبًا ما يكون ذلك بحجة الأمن الاقتصادي والوطني، لكن مثل هذه المقترحات تتجنب القضايا الحقيقية، وإلى أن تكمل أوروبا سوقها الموحدة وتؤسس اتحادًا رأسماليًا حقيقيًا، فسوف يعمل رجال الأعمال الأوروبيون على تسويق الإبداعات الجديدة، وسيستمر المستثمرون العالميون في تفضيل الولايات المتحدة والأسواق الأخرى.
لقد أصبحت هذه القضايا أكثر إلحاحًا مع عودة الحرب إلى القارة. إن الحفاظ على السلام والاستقرار هو سبب إنشاء الاتحاد الأوروبي في المقام الأول. لقد ولدت هذه المنظمة من رماد الحرب العالمية الثانية، وحققت نجاحًا غير عادي حتى الآن، ومع ذلك، تُشكل الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا تحديًا مباشرًا للمشروع الأوروبي، وإذا لم يتم التصدي لها بشكل مباشر، فقد ينهار النظام الأوروبي بأكمله في السنوات المقبلة، سيتطلب منع هذه النتيجة من الاتحاد الأوروبي تحويل نفسه إلى اتحاد أمني، بالشراكة مع منظمة حلف شمال الأطلسي، وإحراز تقدم في عملية التوسيع ليشمل أوكرانيا. الخيار هنا بسيط للغاية: فإما أن نُعزز استقرارنا شرقًا، أو تستمر روسيا في دفع مشروعها لزعزعة الاستقرار نحو الغرب. ستدور المناقشات المتعلقة بقيادة الاتحاد الأوروبي وموظفيه وأولوياته خلال الأسابيع والأشهر المقبلة حول إعداد الكتلة لمواجهة هذه التحديات، لقد أثبت الاتحاد الأوروبي قدرته على إدارة الأزمات بشكل فعّال، ولكن يتعين عليه الآن أن يتحول إلى لاعب استراتيجي رئيسي في بيئة عالمية متزايدة الصعوبة، وكأن التهديد الروسي لم يكن سيئًا بالدرجة الكافية بالفعل، فسيصبح أكثر حدة إذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر. إن الإدارة الأمريكية التي تتخلى علنًا عن حلفائها وتفكك أو تشوه الركائز الأساسية للنظام الدولي ــ بما في ذلك منظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، واتفاقيات المناخ العالمية، ومنظمة حلف شمال الأطلسي ــ ستشكل تحديًا مختلفًا وأكبر تمامًا. وفي مواجهة المناورة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج وإدارة ترامب الثانية والشعبويين، لن يُصبح وضع الاتحاد الأوروبي أسهل. ولكن أوروبا ليست عاجزة. كلما توحدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مؤسسات وأهداف مشتركة، أصبحت أكثر أمنًا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الدول الأعضاء
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي: غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية
أكد متحدث مفوضية الاتحاد الأوروبي أنور العنوني، أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية.
جاء ذلك في تصريح صحفي الخميس، تعليقا على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه.
وأوضح العنوني أن الاتحاد الأوروبي مستمر في التزامه الكامل بحل الدولتين الذي يراه السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية".
وشدد على أن موقف الاتحاد الأوروبي هو عدم السماح لمزيد من التهجير القسري للفلسطينيين.
ومساء الثلاثاء، كشف ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عزمه الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه، ما أثار رفضا إقليميا ودوليا واسعا.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترامب لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.