الإنتخابات الفرنسية تبدأ بمناظرة مشحونة بالتوتر بينالكتل الرئيسية
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
باريس"أ ف ب":تواجهت الكتل السياسية الرئيسية الثلاث المنخرطة في معركة الانتخابات التشريعية في فرنسا في مناظرة تلفزيونية فيما يتصدر اليمين المتطرف استطلاعات الرأي ويحذر الرئيس الفرنسي من خطر "حرب أهلية" في حال فوز خصومه.
والتقى رئيس الحكومة غابريال أتال ممثِّلاً الغالبية الرئاسية، وجوردان بارديلا رئيس التجمّع الوطني (يمين متطرّف) ومنسّق حزب فرنسا الأبية مانويل بومبار ممثلاً الكتلة اليسارية في حدث تلفزيوني هو الأول خلال الموسم الانتخابي الحالي، وذلك في سياق حملة انتخابية مشحونة ومتوترة.
والسؤال هو ما سيكون تأثير المناظرة التي نقلت في "وقت الذروة" على جوردان بارديلا. فبعد نجاحه في الانتخابات الأوروبية، يهيمن حزب التجمّع الوطني على استطلاعات الرأي التي تسبق الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، بحصوله على نسبة 36 في المئة من نوايا التصويت وفقاً لمعهد Ifop، وبالتالي، يمكنه أن يطمح في الوصول إلى السلطة، الأمر الذي سيشكّل حدثاً تاريخياً.
ويتقدّم هذا الحزب اليميني المتطرّف على ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري (29,5 في المئة) والمعسكر الرئاسي (20,5 في المئة).
وحتّى الآن، لا يبدو أنّ شيئاً يعرقل الديناميكية التي قد توصله إلى مقر رئاسة الوزراء في ماتينيون، رغم غموض موقفه بشأن الإلغاء المحتمل لقانون التقاعد ورفضه المعلن لتولي منصب رئاسة الحكومة في حال لم يحصل على الأغلبية المطلقة في نهاية الجولة الثانية التي ستجري في السابع من يوليو.
على جهة المعسكر الرئاسي، يقوم إيمانويل ماكرون الذي يتعرّض لانتقادات من مختلف الأطراف بسبب حلّ الجمعية الوطنية بعد فشل فريقه في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، بمضاعفة تصريحاته رغم تحذيرات حلفائه وانخفاض شعبيته.
ويبدو معسكره الأضعف بين الكتل الثلاث المتنافسة، حتى في حال تحالفه مع الجمهوريين (يمين) المعارضين لحزب التجمّع الوطني (7 إلى 10 في المئة).
وقال الرئيس الفرنسي في بودكاست بُثّ اليوم إنّ برامج "المتطرّفين" تقود "إلى حرب أهلية". وأضاف أنّ اليمين المتطرّف "يشير إلى الناس بناء على ديانتهم أو أصلهم (المكان الذي يتحدّرون منه)"، مضيفاً أنّه "يقسّم" و"يدفع نحو حرب أهلية"، بينما يقترح حزب فرنسا الأبية "شكلاً من أشكال الطائفية.. وهذه أيضاً الحرب الأهلية". وبذلك، يتّبع ماكرون استراتيجية التهويل.
ورداً على هذه التصريحات، قالت مارين لوبن "لقد فعل ذلك بنا خلال كلّ الحملات الانتخابية". من جهته، وصف حليفها إيريك سيوتي (يمين) ذلك بأنه "استراتيجية الخوف"، بينما اتهمه جان لوك ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية بأنّه "موجود دائماً لإشعال النار".
ولكن هل ستؤدي المناظرة عبر قناة "تي اف 1" إلى تغيير التوازن بين الكتل الثلاث؟ يؤكّد أحد المسؤولين في فريق ماكرون رداً على هذا السؤال، أنّ "الناس اختاروا بالفعل، تبلور الأمر"، مضيفاً أنّ "المناظرة لن تغيّر الأمور. ربما تدفع الممتنعين عن التصويت إلى الإدلاء بأصواتهم.. وهذا لصالحنا".
وفي مواجهة حزب التجمّع الوطني، دعت حوالى 200 شخصية من حزب الخضر ومن حزب ماكرون ومن الاشتراكيين، عبر صحيفة لوموند، اليمين والوسط واليسار، إلى إعلان انسحاب "واضح ومن الآن" استباقاً للجولة الثانية من الانتخابات.
وقبل اللقاء التلفزيوني طالب جوردان بارديلا وغابريال أتال بحضور جان لوك ميلانشون المناظرة بدل مانويل بومبار. ويعتبر هذان الاثنان أنّ المرشّح السابق للانتخابات الرئاسية هو المنافس الحقيقي على منصب رئاسة الوزراء داخل تحالف الجبهة الشعبية الجديدة.
ويأتي ذلك فيما تطالب القوى السياسية الأخرى في تحالف اليسار بمرشّح "توافقي" وعدم اعتماد مرشّح من حزب فرنسا الأبية، الذي تعتبره "مثيراً للانقسام".
وقالت رئيسة حزب الخضر مارين توندوليه لوكالة فرانس برس الإثنين، إنّ جان لوك ميلانشون "ليس قائد الجبهة الشعبية الجديدة ولن يكون رئيساً للحكومة".
وفي ردّ على ذلك، أكد ميلانشون في حديث لقناة "فرانس 2" أنّ "رئيس الحكومة المقبل سيكون من حزب فرنسا الأبية"، مشيراً إلى شخصيات في حزبه مثل مانويل بومبار وماتيلد بانو، كمرشّحين للمنصب، من دون أن يستبعد نفسه من قائمة المتنافسين.
من جهته، تقدّم حزب "الجمهوريين" (يمين) بطلب عاجل من مجلس الدولة الذي يعدّ أعلى محكمة إدارية في فرنسا، كي تتمّ دعوته إلى المناظرة على "تي اف 1"، معتبراً أنّ استبعاده "ضار للغاية".
وبدأ الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية اليوم باقتراع الفرنسيين الموجودين في الخارج عبر الإنترنت.
وقبل شهر من إقامة الألعاب الأولمبية في باريس، تثير نتيجة الانتخابات المنتظرة مخاوف الفرنسيين في الداخل، كما في الخارج، من شبح أول حكومة يمينية متطرّفة في تاريخ البلاد وجمعيةٍ وطنية تهيمن عليها ثلاثة أقطاب متنافرة لمدّة عام على الأقل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب فرنسا الأبیة فی المئة من حزب
إقرأ أيضاً:
وزيرة المالية: المنازعات القانونية تعرقل الإستثمار وتتطلب حلولاً عاجلة
زنقة 20 ا الرباط
أكدت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعلت من تعزيز المشروعية وتجويد الخدمة العمومية ركيزتين أساسيتين لبناء اقتصاد تنافسي قادر على مواجهة التحديات، مشيرة إلى أن إصلاح المنظومة القانونية لتشجيع التجارة والاستثمار يمثل أولوية كبرى في هذا المسار.
وأوضحت الوزيرة، في كلمتها خلال افتتاح المناظرة الوطنية الأولى حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها”، المنظمة اليوم بالرباط من طرف وزارة الاقتصاد والمالية والوكالة القضائية للمملكة، أن الإصلاحات العميقة التي أطلقتها المملكة منذ دستور 2011 مكنت من تحسين مناخ الأعمال وتطوير نسيج المقاولات، وهو ما انعكس إيجاباً على صورة المغرب ومكانته في محيطه الدولي، حيث ارتفعت التوقعات بشأن قدرته على جذب الاستثمار وتنمية الاقتصاد.
غير أن هذه الدينامية، حسب نادية فتاح، اصطدمت بتحديات واقعية أبرزها تصاعد عدد المنازعات القانونية بين الإدارات العمومية والمتعاملين معها، ما أفرز انعكاسات سلبية على الاستثمار العمومي والخاص، وأثر بشكل مباشر على المشاريع الكبرى والمالية العمومية. وأضافت أن الإحصائيات الرسمية سجلت ارتفاعاً لافتاً في عدد هذه القضايا، حيث انتقلت من 14 ألفاً سنة 2021 إلى أزيد من 200 ألف قضية سنة 2024، وهو ما يمثل ثلث القضايا المتداولة سنوياً، بحوالي 60 ألف قضية، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى اعتماد تصور جديد وفعال لتدبير هذا الملف الشائك.
الوزيرة شددت على أن تحسين حكامة منازعات الدولة ليس مجرد تدبير إداري أو قانوني، بل هو رهان مرتبط مباشرة بتحقيق النجاعة العمومية وترشيد الإنفاق وحماية المال العام، وكذا دعم تنافسية الاقتصاد الوطني. وأضافت أن منازعات الدولة هي في حد ذاتها تعبير عن دولة الحق والقانون، كما ينص على ذلك الدستور، الذي يكرّس مبدأ المساواة بين المواطنين، غير أن هذا لا يمنع من الحرص على النظام العام وتفادي النزاعات قبل حدوثها، مع تقليص كلفتها عبر آليات ناجعة.
في هذا الإطار، دعت نادية فتاح إلى وضع مخطط وطني متكامل لتدبير منازعات الدولة، يهدف إلى الحفاظ على المصلحة العامة، وحماية ثقة المواطن في الإدارة، وتفادي تعطيل المشاريع الحيوية بسبب نزاعات يمكن تفاديها عبر الوقاية القانونية والمقاربة الاستباقية. كما شددت على ضرورة توحيد الرؤية بشأن هذه المنازعات، من خلال مركزتها، وخلق قنوات مؤسساتية للتواصل وطلب الرأي، مع إرساء منظومة يقظة لتتبع القضايا وضمان الحضور الفعلي للدفاع، والرفع من الكفاءة القانونية للإدارات والمؤسسات العمومية.
وأكدت أن هذه المناظرة، بتوصياتها ومخرجاتها المنتظرة، تمثل لحظة مفصلية لصياغة استراتيجية وطنية واضحة لتدبير المنازعات، تأخذ بعين الاعتبار عدداً من الأولويات التشريعية، على رأسها الإسراع بإخراج مدونة الملك الخاص للدولة ومعالجة الإشكالات ذات الطابع القانوني، بما يضمن الفعالية والنجاعة.
وختمت الوزيرة بالتأكيد على أن تكامل الجهود بين القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية سيُعزز مخرجات هذه المناظرة، ويسهم في تنزيل الإصلاحات الضرورية، وترشيد الإنفاق العمومي، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تتطلع إليها المملكة.
و في تصريح لموقع Rue20، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن المناظرة تشكل محطة مهمة لتقاسم التشخيص وتوحيد الرؤى بشأن كيفية التعاطي مع هذه الإشكالية ذات الطابع القانوني والمالي والإداري.
وأوضحت العلوي في تصريح للجريدة، أن تنظيم هذه المناظرة يأتي في إطار استراتيجية انطلقت ما بين سنتي 2020 و2028، بتنسيق مع عدد من الشركاء، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية كشفت عن الحاجة الملحة لإحداث فضاء للنقاش والتداول بشأن سبل الوقاية من المنازعات وتخفيض كلفتها على المالية العمومية.
وشددت الوزيرة على أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حقق إنجازات مهمة على المستوى القانوني والقضائي في مجال تدبير المنازعات، إلا أن هناك تحديات مستمرة في ما يتعلق بتفاعل الإدارة العمومية مع هذا الموضوع، وهو ما يتطلب جهداً جماعياً لإيجاد الحلول الكفيلة بضمان نجاعة التدبير وفعالية الوقاية.
وأضافت العلوي أن الهدف من هذه المناظرة يتمثل في فتح المجال أمام مختلف المتدخلين من أجل الخروج بتوصيات عملية وواقعية من شأنها تعزيز الوقاية القانونية وتوفير بيئة أكثر استقراراً للاستثمار، بما يخدم المصلحة العامة ويحافظ على التوازنات المالية للدولة.