تحت عنوان العودة إلى الحرب الباردة سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على زيارة فلاديمير بوتين الرئيس الروسى الذى كرر زيارته إلى بيونغ يانغ بعد ربع قرن من نفس المشهد لتوقيع معاهدة صداقة مع كيم جونغ إيل رئيس كوريا الشمالية التى ساعدت على إحياء علاقات موسكو مع كوريا الشمالية دون إلزام الجانبين بالقدوم لمساعدة بعضهما البعض فى حالة وقوع هجوم عسكرى.


ومع زيارته الأسبوع الماضى، ذهب بوتين فى الواقع إلى أبعد مما حدث فى الماضى حيث توقيع صفقة مع جونغ أون يذكرنا بالاتفاق الأمنى لعام 1961 الذى كان قائماً فى ظل الاتحاد السوفيتى خلال الحرب الباردة. لكن روسيا اليوم منخرطة فى حرب ساخنة فى أوكرانيا جعلها بوتين أولويته فى السياسة الخارجية، وأصبحت كوريا الشمالية النووية شريان حياة حاسم للذخائر لجيشه بحسب الصحيفة البريطانية.
وبحسب محللين يرى الدكتور أدوارد هاول زميل مؤسسة كوريا فى برنامج آسيا والمحيط الهادئ فى تشاتام هاوس، والمحاضر فى جامعة أكسفورد، إنه لم يكن لديه أسلحة نووية، ورغم أن قمة الأسبوع الماضى كانت فى طور الإعداد لسنوات، إلا أنها شكلت نقطة تحول فى علاقة روسيا مع كوريا الشمالية، وهى القمة التى حذر المسئولون الأمريكيون من أنها قد تؤدى إلى زعزعة استقرار عملية التوازن غير المستقرة فى المنطقة.
وأضاف جيمى كوونغ، زميل برنامج السياسة النووية فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى، إن روسيا كتبت مدى استعدادها والتزامها بتعميق وتوسيع تعاونها مع كوريا الشمالية.
وتابع المحللون أن هدف بوتين المباشر هو تطوير شراكة قامت بتسليم ملايين قذائف المدفعية، بالإضافة إلى الصواريخ البالستية، التى كان فى أمس الحاجة إليها لحربه أوكرانيا لكن جذور العلاقة تتعمق أكثر، فقد انضم الزعيمان إلى تحالف متزايد مناهض للغرب ويبدو أنهما غير مقيدين بشكل متزايد بالتهديدات الغربية.
ولفتت الجارديان إلى صورة بوتين – الذى التقى بانتظام بقادة الولايات المتحدة وأوروبا– وهم يسافرون إلى بيونغ يانغ ليحتفل بهم كيم لافتة للنظر. وخلال القمة أعطى بوتين كيم سيارة ليموزين ثانية روسية الصنع من طراز Aurus, وفى رفض رمزى للعقوبات التى يسر الجانبان باستهزائها.
فيما أعرب مسئولو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى عن قلقهم بشأن الدعم المحتمل لبرامج كوريا الشمالية الصاروخية والنووية، فى حين قال مسئولون أمريكيون لشبكة إن بى سى نيوز إن روسيا ستوفر أيضاً التكنولوجيا لمساعدة برنامج الغواصات الذرية لكوريا الشمالية.
لكن محللين قالوا إن نطاق الدعم للبرنامج النووى العسكرى لكوريا الشمالية سيظل محدوداً على الأرجح، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن روسيا متوترة بشأن تقاسم التكنولوجيا الحساسة، وأيضاً لأن موسكو كانت تاريخياً غير مرتاحة بشأن الأسلحة الذرية لبيونغ يانغ.
بعض الجوانب الأكثر إثارة للقلق فى الاتفاقية هى أكثر تقليدية وعلى رأسها تجارة الأسلحة المتنامية بين البلدين والتى يمكن أن تشجع كوريا الشمالية وتعقد التخطيط للحرب الغربية فى حالة نشوب صراع مفتوح فى شبه الجزيرة الكورية.
وأوضح أنكيت باندا زميل ستانتون الكبير فى برنامج السياسة النووية فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولي: هناك الكثير الذى لا يزال بإمكان روسيا تقديمه لكوريا الشمالية فى هذه المرحلة، والذى من شأنه أن يحسن بشكل كبير قدرة كوريا الشمالية على إعادة تشكيل رادعها العسكرى التقليدى.
ويعتقد أن الروس لن يكونوا حريصين للغاية على نقل بعض تقنياتهم النووية الأكثر حساسية، لكنهم سيكونون أكثر استعداداً لمساعدة كوريا الشمالية على تحسين قدراتها فى مجال الدفاع الجوى، وتوفير قطع الغيار والصيانة لقواتها الجوية القديمة، والمساعدة فى تحديث قواتها البحرية، بما فى ذلك تكنولوجيا الغواصات النووية. وقال بانديت إن ذلك من شأنه أن يعقد بشكل كبير التخطيط للتحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، والذى سيدعم الأهداف الاستراتيجية الروسية والكورية الشمالية.
وقد أدت الصفقة بالفعل إلى صراع ساخن بين روسيا وكوريا الجنوبية. وأشارت سيول الأسبوع الماضى إلى أنها تستطيع تزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة لأول مرة رداً على المعاهدة. وحذر بوتين بدوره من أن هذا سيكون خطأ كبيراً، وأن موسكو رداً على ذلك يمكن أن تتخذ قرارات من غير المرجح أن ترضى القيادة الحالية لكوريا الجنوبية.
وينظر إلى الصفقة أيضاً على أنها صداع للصين, وهو الأمر الذى يقع بين المخاوف بشأن المنافسة على النفوذ فى كوريا الشمالية واحتمال قيام الولايات المتحدة بتقديم دعمها لكوريا الجنوبية نتيجة ذلك. ويعتقد هاول أن شى جين بينغ قد يسعى لعقد قمة مع كيم بحلول نهاية العام.
وكان الاجتماع أيضاً بمثابة نقطة منخفضة جديدة للجهود الدولية الرامية إلى تعزيز منع الانتشار النووى، الذى كان ذات يوم مجالاً نادراً للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة.
وحتى فى عام 2017، بعد ضم شبه جزيرة القرم واتهامات التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية، ظلت الولايات المتحدة تقنع روسيا بقبول التصويت على عقوبات جديدة تقرها الأمم المتحدة ضد كوريا الشمالية.
يرسل الاتفاق إشارة أخرى مفادها أن بوتين على استعداد لوضع حربه العدوانية ضد أوكرانيا فوق كل المصالح الأخرى، بما فى ذلك تعزيز وحماية نظام منع الانتشار النووى، وهو النظام الذى ساعد الاتحاد السوفيتى حقاً فى تأسيسه فى المقام الأول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عودة إلى الحرب الباردة رئيس كوريا الشمالية موسكو الولایات المتحدة کوریا الشمالیة

إقرأ أيضاً:

كيف تستخدم كوريا الشمالية الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال والقرصنة الإلكترونية؟

في سباقها المحموم للحصول على العملات الأجنبية، لجأت كوريا الشمالية إلى الذكاء الاصطناعي كسلاح جديد في ترسانتها السيبرانية، ما يزيد من صعوبة التصدي لهجماتها الإلكترونية.

ورغم الجهود التي تبذلها كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية، مثل OpenAI وGoogle، لتعطيل الحسابات المرتبطة بالقراصنة المدعومين من بيونج يانج، إلا أن خبراء الأمن السيبراني يؤكدون أن هذه الإجراءات غير كافية لكبح جماح الأنشطة الاحتيالية المتزايدة.

كيف يتجاوز القراصنة الحظر؟

منذ أواخر يناير، أعلنت OpenAI وGoogle عن خطوات لحظر الحسابات المرتبطة بالقراصنة الكوريين الشماليين وكشف أساليب استغلال منصاتها.

لكن النظام الكوري الشمالي يملك أدوات متطورة لتجاوز الحظر، منها استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNs)، وإنشاء شركات وهمية، والاعتماد على وسطاء خارجيين للحصول على وصول غير مقيد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق قال راف بيلينج، مدير استخبارات التهديدات في شركة Secureworks الأمريكية: "المهاجمون الإلكترونيون يبحثون عن الأدوات الأرخص والأكثر كفاءة لإنجاز مهامهم، وهذا ينطبق على كوريا الشمالية، التي تفضل الخدمات المجانية أو تلك التي يمكن الدفع مقابلها بالعملات الرقمية".

منصات ذكاء اصطناعي خارج السيطرة.. خطر متزايد

لا يعتمد قراصنة كوريا الشمالية على أدوات الذكاء الاصطناعي الأمريكية فقط مثل ChatGPT أو Google Gemini، بل بدأوا في استغلال منصات أخرى أقل خضوعًا للرقابة.

ففي يناير، أطلقت شركة DeepSeek الصينية نموذجًا لغويًا متطورًا، سرعان ما تصدر متجر Apple في الولايات المتحدة، بفضل قدراته الفائقة في التحليل المنطقي.

فيما يحذر توم هيجل، الباحث الرئيسي في شركة SentinelLabs للأمن السيبراني، من أن بعض الشركات الصينية قد تكون أقل صرامة في حجب المستخدمين الكوريين الشماليين، مما يقلل من قدرة الدول الغربية على مراقبة أنشطتهم.

إقبال متفرد .. سباق المستثمرين نحو أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعيهل تقضي روبوتات الذكاء الاصطناعي على الصدق في تطبيقات المواعدة؟آبل تواجه تحديات تقنية .. تأجيل تحديثات الذكاء الاصطناعي لـ Siri حتى 2026آبل تؤجل تحديثات الذكاء الاصطناعي لـ Siri إلى عام 2026OpenAI تستعد لإطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي باشتراك 20 ألف دولار شهرياهل الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث ثورة علمية؟الذكاء الاصطناعي كأداة للاحتيال والتزييف

واوضح التقرير المنشو ر بموقع “businessday”، القراصنة الكوريون الشماليون أثبتوا بالفعل قدرتهم على استخدام الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عمليات احتيال متطورة.

ففي تقرير حديث لـOpenAI، تم الكشف عن استخدام ChatGPT لإنشاء سير ذاتية مزيفة، هويات وهمية، ومراجع كاذبة للحصول على وظائف في شركات غربية، وتحويل أرباحها إلى النظام الكوري الشمالي.

كما كشفت Google عن استغلال قراصنة بيونج يانج لنظام Gemini في تحليل الأسواق المالية، والبحث في المخابرات العسكرية الكورية الجنوبية، وحتى إنشاء إعلانات توظيف مزيفة لاستدراج الشركات الغربية.

تدريب جيل جديد من القراصنة

لا تقتصر استفادة كوريا الشمالية من الذكاء الاصطناعي على الهجمات الإلكترونية، بل امتدت إلى إعداد كوادر جديدة من المبرمجين والمخترقين.

فقد نشرت وسيلة الإعلام الحكومية "صوت كوريا" مقطع فيديو يظهر فيه برنامج بعنوان "GPT-4 Real Case: Writing"، مما يشير إلى أن النظام يستخدم هذه الأدوات كجزء من برامج تعليمية لتدريب جيل جديد من المتخصصين في الأمن السيبراني.

ووفقًا للحكومة الأمريكية، فإن كوريا الشمالية تدير شبكة عالمية من العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، يعمل معظمهم في الصين وروسيا، إضافة إلى دول في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، ويعتقد أنهم يدرّون مئات الملايين من الدولارات سنويًا لصالح النظام.

كيف يمكن مواجهة هذه التهديدات؟

تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي للقراصنة تنفيذ هجمات أكثر تعقيدًا، مثل التصيد الاحتيالي المتطور، وإنشاء محتوى Deepfake لخداع الضحايا.

ولمواجهة هذه التهديدات، دعا الخبراء إلى تعزيز التحقق الجغرافي (Geofencing) لمنع الوصول غير المصرح به، علاوة على تحسين آليات الكشف عن السلوك المشبوه في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

 كما نصح الخبراء  بمراقبة أنماط الاستخدام غير العادية لاكتشاف الأنشطة الاحتيالية مبكرًا،  بالاضافة إلى  توعية فرق التوظيف بأساليب الاحتيال، مثل السير الذاتية المزيفة، والرفض المتكرر لاستخدام الفيديو في المقابلات.

 عصر جديد من الجرائم السيبرانية

مع استمرار كوريا الشمالية في استغلال الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات متقدمة، تتزايد التحديات أمام الحكومات والشركات لمكافحة هذه التهديدات.

وفيما تسعى الدول الغربية إلى تحصين أنظمتها الإلكترونية، يبدو أن بيونج يانج تراهن على الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها الاقتصادية والاستخباراتية في ميدان الحرب السيبرانية.

مقالات مشابهة

  • كيف تستخدم كوريا الشمالية الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال والقرصنة الإلكترونية؟
  • اختفاء غامض لجنود من النخبة مع عائلاتهم في كوريا الشمالية
  • مخاوف عراقية من تعطيل عودة محتجزي مخيم الهول بعد تعليق الدعم الأمريكي
  • مخاوف صهيونية من عودة الهجمات اليمنية
  • زعيم كوريا الشمالية يتفقد مشروع بناء غواصة نووية (صور)
  • زعيم كوريا الشمالية: غواصاتنا النووية تصل إلى أيّ مكان بلا قيود
  • زعيم كوريا الشمالية يهدد بتحريك غواصاته نحو الأعداء
  • زعيم كوريا الشمالية يلوح بتحريك غواصاته النووية ضد الأعداء
  • كوريا الشمالية تحذّر: التدريبات الأمريكية ستكلّف «ثمناً باهظاً»!
  • بوتين يستحضر التاريخ ويذكّر ماكرون بحملة نابليون على روسيا