فى بلدنا سوق نخاسة للألقاب، فما أيسر المسميات والألقاب أو حتى الأوصاف التى نطلقها على بعضنا البعض، مسميات هائلة عالية راقية اذا ما كان الرضا وتبادل المصالح أساس التسمية، ومسميات بشعة ما انزل بها من سلطان إذا كان الغضب والاختلاف منطلق التسمية، وللتوضيح أكثر، سهل أن نلقب احدهم بالدكتور، مفكر، خبير استراتيجي، مستشار، مؤرخ، متخصص، ناشط، وغيرها فى حال وجود استفادة ما من تعلية ألقاب هذا الشخص، للأسف يلعب الصحفيون والإعلاميون دورًا كبيرًا فى هذا باستضافة شخص ما نكرة أو غير ذى صفة أو أهمية حقيقية، ويتم إضفاء الألقاب عليه فى سخاء، لتعلية قيمة الموضوع أو البرنامج أو للاستفادة من هذا الشخص بشكل أو بأخر.
وكثيرًا ما يكون المقابل المادى هو الثمن من اجل إطلاق هذه الألقاب واستضافة هؤلاء وتعلية قيمتهم ونفخهم كالبالونات، حتى تصدق البالونات نفسها وتصبح طافية على سطح المجتمع ومنتشرة فى كل الصحف والبرامج، إلى يحدث تأثير كرة الثلج، ويصدق الناس بالفعل تلك الألقاب الوهمية التى تم خلعها على هذ المذكور، ولا ننكر انه بعد ثورة 25 يناير طفرت علينا جمعيات ومؤسسات واتحادات ما أنزل الله بها من سلطان، تمنح الشهادات والأوسمة مدعمة بمسميات ثقافية وعلمية وفكرية هائلة، وكلما ارتفع المبلغ الذى يدفعه الشخص كلما حصل على لقب ووسام وشهادة تقدير أعلى.
ولا تستحى شلة المنتفعين من القائمين على هذه الجمعيات والمؤسسات أن يقيموا احتفالية سنوية أو نصف سنوية لتوزيع الأوسمة والشهادات والميدليات الذهبية، على أن يدفع كل من سيتم تكريمه مبلغًا محددًا وفقًا لمستوى التكريم أو مسمى اللقب، وتبدأ المسميات والألقاب من ثلاثة آلاف جنيه وتصل إلى عشرة آلاف أو أكثر، وهو المبلغ الذى يمكن أن يجعل من شخص لا يجيد كتابة الإملاء شاعرًا مهولًا وكاتبًا عربيًا أول، وقد يكون الشخص راسب ابتدائية قديمة وثقافته صفر، لكنه سيحصل بموجب ما يدفعه على لقب رائد الأدب العربي، والفائز الأول بالميدالية الذهبية فى مجال القصة، الشعر، والمؤثر الأول فى الفكر والثقافة العربية، والتقدير لدوره فى إحياء موات الأمة وإنقاذها من التخلف.
وهناك مؤسسات تحدد اشتراكات سنوية لمن سيتم تكريمهم بالتناوب كل مرة، وعندما تبحث وراء هذا الشخص أو ذاك، ستتوالى الصدمات والخيبات لأنهم ليسوا سوى بالونات فارغه، وستشعر بالإحباط لأن الفكر والأدب أصبح يباع علنا وجهارًا نهارًا فى سوق للنخاسة، ستصدم لأنك لن تجد لهؤلاء بصمة ولا أى وجود على ساحة الأدبية والثقافية، وتتأكد أن ما يحدث هو «قلة أدب».
وعلى النقيض نجد أن الألقاب والأوصاف السلبية تلصق فى شخص ما، حتى لو كان هذا الشخص ذا أهمية حقيقية وله قيمته ومكانته الفكرية، العلمية، الثقافية السياسية، ويستحق الشهرة والتعلية لقيمته، ولكن لأنه غير مهضوم، دمه ثقيل، جاد أكثر من اللازم، لا يدفع مالًا ولا يقدم هدايا، فيتم الإلقاء به فى الظل، وملاحقته إذا استوجب الأمر بالألقاب والأوصاف البشعة، كالعميل، الخائن، المأجور، منفذ أجندات، إمبريالي، إخواني، شيوعي، وغيرها الكثير.
وأكاد أجزم انه لا يوجد شعب فى العالم تفتق ذهنه عن كم الألقاب إيجابًا وسلبًا بقدر الشعب المصري، وهو ما جعلنا نتوقف عن العمل الحقيقى المستحق لهذه الألقاب، فيما العالم فى الدول المتقدمة يهرول للأمام بلا ألقاب، حتى شملت فوضى الألقاب الفئات «القذرة» فى مجتمعنا وأعنى بهم تجار المخدرات، تجار السلاح، تجار الأجساد وكل الممنوعات، فأصبح يطلق على أى منهم « رجل أعمال»، بما يسيء بشكل فاضح إلى رجال الأعمال الحقيقين من المحترمين فى المجتمع.
الألقاب خاصية مصرية، تم توارثها منذ المصريين القدماء، فقد كانوا يطلقون لقب «حور» على الملك بمجرد اعتلائه عرش الملك وتعنى أن هذا الملك صورة حية من الإله تعيش على الأرض، وفى عهد الحكم الرومانى، كان يطلق على الملك لقب «ابن الشمس»، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد الصحفيون هذا الشخص
إقرأ أيضاً:
جائزة سنوية باسميهما.. الصحة تكرم شهيدي الواجب الدكتور علي صلاح وصلاح صفوت
كرم الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اسم الراحلين الدكتور علي صلاح، استشاري أمراض القلب المتفرغ، وأخصائي التمريض صلاح صفوت، اللذين انتقلا إلى رحمة الله أثناء أداء رسالتهما الإنسانية في رعاية المرضى.
جاء التكريم خلال احتفالية نظمها معهد القلب القومي التابع للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية تحت شعار "يوم الوفاء"، حيث سلم الوزير دروعًا تذكارية لعائلتي الفقيدين، معلنًا استمرار تخصيص جائزتين سنويتين تحملان اسميهما تخليدًا لذكراهما وتقديرًا لعطائهما.
وأكد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن أبناء الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية جسدوا عبر تاريخهم أروع صور التضحية والعطاء.
وأشار إلى أن ما قدمته الهيئة من شهداء خلال جائحة كورونا هو خير شاهد على هذا العطاء المتواصل، لافتًا إلى أن شهيدي اليوم قد خطّا اسميهما بحروف من نور في سجل أبطال المهنة.
دروس حية في الإخلاص والتفانيمن جهته، أوضح الدكتور محمد مصطفى عبدالغفار، رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، أن هذا التكريم يأتي تقديرًا لما قدمه الراحلان من دروس حية في الإخلاص والتفاني.
ولفت إلى أن الدكتور علي صلاح، الذي واصل العطاء رغم تجاوزه سن التقاعد بعشر سنوات، أصر على المشاركة في بعثة رسمية إلى مستشفى العريش لعلاج مرضى القلب، حيث وافته المنية داخل غرفة التحكم بعد إتمامه عملية قسطرة قلبية ناجحة أنقذ بها حياة مريض.
وأضاف أن أخصائي التمريض صلاح صفوت توفي عقب إنهائه قائمة عمليات القسطرة اليومية بمعهد القلب، واصفًا وفاتهما أثناء أداء الواجب بأنها "دليل على حسن الخاتمة"، ومؤكدًا احتسابهما مع شهداء الواجب الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية.
بدوره، قال الدكتور محمد عبد الهادي، مدير معهد القلب القومي، إن فرق المعهد الطبية تبذل جهودًا مضنية في خدمة المرضى دون كلل، معتبرًا أن تكريم شهيدي اليوم هو لمسة وفاء لبطلي المعهد اللذين كرسا حياتهما لخدمة المرضى.
وأشار عبد الهادي إلى أن الدكتور علي صلاح كان من الرعيل الأول لمعهد القلب، وتتلمذ على يديه أجيال من الأطباء، حيث ظل حريصًا على نقل علمه وخبراته إلى الشباب، بما يُعد "علمًا يُنتفع به" في ميزان حسناته، فيما عُرف صلاح صفوت بين زملائه بالكفاءة والنشاط والتفاني في العمل.
شهد مراسم التكريم الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، والدكتور أحمد فرغلي، مدير المستشفيات التعليمية بالهيئة، والدكتور شريف عبد الهادي، عميد معهد القلب القومي الأسبق، إضافة إلى عدد من رؤساء أقسام المعهد.