لجريدة عمان:
2024-12-24@02:28:11 GMT

إلى هلال البادي: نعم أسمِّيها مسرحية !

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

إلى هلال البادي: نعم أسمِّيها مسرحية !

يضع الكاتب العماني هلال البادي عنواناً لكتابه الجديد في صيغة سؤال هو: هل تسمِّي هذه مسرحية؟!" وهو يوجِّه هذا السؤال غالباً للقراء، أو للنقاد، أو لنفسه؟

لم يكرر هلال ذلك العنوان في الداخل، فالمسرحيتان اللتان يضمهما الكتاب هما "حكاية؟! هل هناك حكاية؟" و"نهاية ناقصة لكنها مكررة"، وسأركز كلامي على الأولى لأن التركيز على الاثنتين يظلمهما معاً.

وسبب تساؤل هلال هو أنه – ربما - ليس لديه يقينٌ كاملٌ بأن عالمه، وطريقة بنائه، وشخصياته، وعبثه، وجنونه، بإمكانه أن يقدم ما يسمَّى بـ"المسرحية". إنه يسأل كل قارئ للكتاب: هل ما قرأته للتو مسرحية؟ أم أنه فنٌ آخر؟ نص عابر للأنواع مثلاً؟

تبدأ المسرحية القصيرة الجميلة بمشهد يضعنا في قلب الحدث، مشهد يجمع الخيَّاطة بالدُمى، أو "المانيكانات" التي تعرض عليها الخيَّاطة أزياءها. بمجرد أن تغفو الخيَّاطة تدبُّ الحركة في أجساد الدمى، ويدور حوار بينها، فدميتان تريان أنهما لا بد أن تثورا على أوضاعهما، وتتقاسمان الكلام عن الأمل والحب والحرية، بينما تنحاز الدمية الثالثة إلى السكون، وتفضِّل الاستمرار في الحياة على نفس المنوال. تذكِّر زميلتيها بأنهم جميعاً كانوا مركونين في المخزن، وإن كان هناك شخصٌ يستحق التضحية لأجله، لا الثورة عليه، فهو الخيَّاطة. تلك السيدة الجميلة التي خلَّصتهم من غبار الركنة وسوء التخزين وعدم الحركة إلى فضاء الحياة والأحلام.

يستمر الشجار، ومعه تستمر معرفتنا بما يدور في "عقل" كل دمية، ومدى تمسكها بموقفها، لكن الدمى تعود إلى الصمت والسكون حين تستيقظ الخيَّاطة، أي أن على أحد الطرفين ممارسة الحركة والحياة والكلام ليتوقف الآخر عنها، كأن الواقع والفانتازيا لا يختلطان. الواقع في بُعدٍ والفانتازيا في بُعدٍ آخر. خلق هلال البادي الصراع من اللاشيء، فمن كان يتصور أن تهدر المانيكانات بالحياة، وتمنحنا رغبة حقيقية في مرفة ماذا سيحدث وهل يتغير الواقع؟ هل تعرف تلك الخيَّاطة بما يدور في "عقول" مانيكاناتها؟ أم تستمر في تخيل أنها مجرد فتارين لعرض الأزياء الرائعة؟

يتطور الصراع في فضاء النص، فالشخص الغريب الذي يرِدُ في أحاديث الجميع (الخيَّاطة والدمى) يظهر فجأة. إنه المُورِّد الذي تحكمه علاقة غريبة مع الخيَّاطة. أولاً هو موردها، وتاجر ملابسها، ومحاسبها، لكنه ليس هذا فحسب. إنه رجل مثير للإعجاب على ما يبدو بالنسبة لها. تظل الخيَّاطة مترددة في الاقتراب منه والابتعاد عنه، خاصة مع معرفتها بأنه يسرقها. وها هو يعرض عليها مشروعاً جديداً اعتبرته الدمى "مصيبة"، إنه يخبرها ببساطة: "لن تعودي في حاجة لهذه الدمى، ومحلك هذا ينبغي أن يتغيَّر بالكامل، أن ينتقل مباشرة إلى المحطة التالية من التقدم والرقي والأرباح". تتململ الدمى في وقفتها وحين يغادر المورِّد والخياطة، تتحرك وتعبِّر عن خوفها وقلقها من العودة إلى المخزن مجدداً.

ينتقل الصراع إلى منطقة أخرى وأشخاص آخرين، إذ ينحصر (في الفصل الجديد) بين المؤلف والمخرج. المخرج لا يرى أن ما كتبه المؤلف عن الخيَّاطة والدمى مسرحية. يقول: "إنها منولوجات بلا حياة، لا حدث، لا فعل، لا دراما"، ثم يسأل: "هل سنعرض هذه المسرحية للناس؟". يحاول المؤلف أن يستميله بالتأكيد على أن هناك مفاجآت، لكن الشرخ يكبر بينهما، إنه شرخ في النظرة إلى المسرح، فالمخرج لا يعرف شيئاً سوى الحكاية، والفنون كلها قامت على الحكاية، لكنه لا يعطي بالاً - على ما يبدو - لتطورها، وقبولها بالتجريب. لقد صار بإمكاننا مشاركة الجمهور في كتابة النص، أو في آدائه، لكن المخرج القديم يرفض كل محاولات المؤلف لتحييده أو إلهائه، ويتفقان أخيراً على أن يخلق المؤلفُ راوياً جديداً.. فهل تستقيم الأحداث بهذا الشكل؟ لا. الراوي بدوره لا يلتزم بالنص والخلاف يعود بين المؤلف والمخرج، وكذلك بين الخيَّاطة والدمي (تتحول الدمى في نهاية المسرحية إلى عمَّال بإمكانهم الحركة والكلام ومخاطبة الناس)، ومن خلال الصراع يبدأ العمال في المطالبة بحقوقهم، إنهم يبدون صوت الشباب في مواجهة صوت الماضي الذي تمثله الخيَّاطة، لكن الشباب أنفسهم ينقسمون، ويبدو أن قضيتهم في طريقها إلى الضياع.

لا يكتب هلال البادي نصاً عادياً. ليست هناك دراما مستقرة فيما يكتبه. كذلك ليست هناك ذروة واحدة وإنما ذروات. ما نلبث أن نمسك بخيط الحكاية حتى يفلته منا. إنه على ما يبدو يجسِّد شخصية المؤلف في نصه، فهو يرفض الاعتراف بأن الفن مجرد حكاية، إنما هو محاولات للخلق، وثورة على الثبات. لا مكان بالنسبة إليه للنصوص التقليدية والبناء التقليدي. إنما هناك أرض شاسعة لأي نص يخلقه الشطح والخيال اللامتناهي، كهذا النص المجنون.

وبإمكاني الآن أن أجيب على تساؤل هلال البادي: "نعم هذه تسمَّى مسرحية، لكنها ليست أي مسرحية".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

موعد استطلاع هلال شهر رجب 2025

تستعد دار الإفتاء المصرية، لاستطلاع هلال شهر رجب لعام 1446 هجريا، وذلك من أجل التمهيد لإعلان أول أيام شهر رجب 2025.

موعد استطلاع هلال شهر رجب 2025

فمن المقرر أن تستطلع الإفتاء هلال رجب 1446 يوم الثلاثاء 29 جمادى الآخرة الموافق 31 ديسمبر الجاري.

هلال شهر رجب 2025

وفي السياق ذاته، كانت قد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم الأربعة وهي «المحرم، رجب، ذو القعدة، ذو الحجة»، ويحظى بأهمية كبيرة، نظرا لأنه المحطة الروحية للتهيئة النفسية لاستقبال شهر رمضان المبارك.

موعد أول أيام شهر رجب 2025

وكانت قد كشفت الحسابات الفلكية عن أن أول شهر رجب 2025 سيكون يوم الأربعاء 1 يناير المقبل، ولكن الرؤية الشرعية لهلال الشهر من خلال دار الإفتاء هي المعتمدة لتحديد بداية الشهر العربي الهجري، فإما تتوافق رؤية الدار مع الحسابات الفلكية، وبالتالي تكون بداية شهر رجب في 1 يناير 2025، أو يتعذر رؤية الهلال فتصبح بداية الشهر 2 يناير.

هلال شهر رجب 2025 التقويم الهجري

يعتمد التقويم الهجري أو القمري أو الإسلامي على دورة القمر لتحديد الأشهر وتتخذه بعض البلدان العربية مثل السعودية كتقويم رسمي للدولة.

أنشأ هذا التقويم الخليفة عمر بن الخطاب وجعل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول «24 سبتمبر عام 622م» مرجعاً لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجرى.

اقرأ أيضاًاستعد لصيام الاثنين والخميس.. موعد استطلاع هلال شهر رجب 1446هـــ

أسعار وبرامج عمرة شهر رجب 2025

مقالات مشابهة

  • شريف منير: «المليونيرات» مسرحية جديدة مع مدحت صالح.. «هتبقى حاجة لطيفة»
  • موعد عرض مسرحية مكسرة الدنيا في موسم الرياض لدنيا سمير غانم
  • تعرف على أطرف العادات والتقاليد في كينيا
  • تفاصيل ختام الأسبوع الثقافي الـ35 لأطفال المناطق الحدودية.. عروض مسرحية وفنية
  • تجربة مسرحية فريدة
  • رسميا.. الإفتاء تستطلع هلال شهر رجب في هذا الموعد
  • اليوم السادس لمهرجان الرياض للمسرح: حوارات فكرية وعروض مسرحية متنوعة
  • موعد استطلاع هلال شهر رجب 2025
  • روميو وجوليت مسرحية سياسية والاعتذار ليس ضعفاً.. تصريحات جمال سليمان
  • ليلى علوي برفقه بيومي فؤاد في كواليس مسرحية مشيرة الخطيرة