إلى هلال البادي: نعم أسمِّيها مسرحية !
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
يضع الكاتب العماني هلال البادي عنواناً لكتابه الجديد في صيغة سؤال هو: هل تسمِّي هذه مسرحية؟!" وهو يوجِّه هذا السؤال غالباً للقراء، أو للنقاد، أو لنفسه؟
لم يكرر هلال ذلك العنوان في الداخل، فالمسرحيتان اللتان يضمهما الكتاب هما "حكاية؟! هل هناك حكاية؟" و"نهاية ناقصة لكنها مكررة"، وسأركز كلامي على الأولى لأن التركيز على الاثنتين يظلمهما معاً.
وسبب تساؤل هلال هو أنه – ربما - ليس لديه يقينٌ كاملٌ بأن عالمه، وطريقة بنائه، وشخصياته، وعبثه، وجنونه، بإمكانه أن يقدم ما يسمَّى بـ"المسرحية". إنه يسأل كل قارئ للكتاب: هل ما قرأته للتو مسرحية؟ أم أنه فنٌ آخر؟ نص عابر للأنواع مثلاً؟
تبدأ المسرحية القصيرة الجميلة بمشهد يضعنا في قلب الحدث، مشهد يجمع الخيَّاطة بالدُمى، أو "المانيكانات" التي تعرض عليها الخيَّاطة أزياءها. بمجرد أن تغفو الخيَّاطة تدبُّ الحركة في أجساد الدمى، ويدور حوار بينها، فدميتان تريان أنهما لا بد أن تثورا على أوضاعهما، وتتقاسمان الكلام عن الأمل والحب والحرية، بينما تنحاز الدمية الثالثة إلى السكون، وتفضِّل الاستمرار في الحياة على نفس المنوال. تذكِّر زميلتيها بأنهم جميعاً كانوا مركونين في المخزن، وإن كان هناك شخصٌ يستحق التضحية لأجله، لا الثورة عليه، فهو الخيَّاطة. تلك السيدة الجميلة التي خلَّصتهم من غبار الركنة وسوء التخزين وعدم الحركة إلى فضاء الحياة والأحلام.
يستمر الشجار، ومعه تستمر معرفتنا بما يدور في "عقل" كل دمية، ومدى تمسكها بموقفها، لكن الدمى تعود إلى الصمت والسكون حين تستيقظ الخيَّاطة، أي أن على أحد الطرفين ممارسة الحركة والحياة والكلام ليتوقف الآخر عنها، كأن الواقع والفانتازيا لا يختلطان. الواقع في بُعدٍ والفانتازيا في بُعدٍ آخر. خلق هلال البادي الصراع من اللاشيء، فمن كان يتصور أن تهدر المانيكانات بالحياة، وتمنحنا رغبة حقيقية في مرفة ماذا سيحدث وهل يتغير الواقع؟ هل تعرف تلك الخيَّاطة بما يدور في "عقول" مانيكاناتها؟ أم تستمر في تخيل أنها مجرد فتارين لعرض الأزياء الرائعة؟
يتطور الصراع في فضاء النص، فالشخص الغريب الذي يرِدُ في أحاديث الجميع (الخيَّاطة والدمى) يظهر فجأة. إنه المُورِّد الذي تحكمه علاقة غريبة مع الخيَّاطة. أولاً هو موردها، وتاجر ملابسها، ومحاسبها، لكنه ليس هذا فحسب. إنه رجل مثير للإعجاب على ما يبدو بالنسبة لها. تظل الخيَّاطة مترددة في الاقتراب منه والابتعاد عنه، خاصة مع معرفتها بأنه يسرقها. وها هو يعرض عليها مشروعاً جديداً اعتبرته الدمى "مصيبة"، إنه يخبرها ببساطة: "لن تعودي في حاجة لهذه الدمى، ومحلك هذا ينبغي أن يتغيَّر بالكامل، أن ينتقل مباشرة إلى المحطة التالية من التقدم والرقي والأرباح". تتململ الدمى في وقفتها وحين يغادر المورِّد والخياطة، تتحرك وتعبِّر عن خوفها وقلقها من العودة إلى المخزن مجدداً.
ينتقل الصراع إلى منطقة أخرى وأشخاص آخرين، إذ ينحصر (في الفصل الجديد) بين المؤلف والمخرج. المخرج لا يرى أن ما كتبه المؤلف عن الخيَّاطة والدمى مسرحية. يقول: "إنها منولوجات بلا حياة، لا حدث، لا فعل، لا دراما"، ثم يسأل: "هل سنعرض هذه المسرحية للناس؟". يحاول المؤلف أن يستميله بالتأكيد على أن هناك مفاجآت، لكن الشرخ يكبر بينهما، إنه شرخ في النظرة إلى المسرح، فالمخرج لا يعرف شيئاً سوى الحكاية، والفنون كلها قامت على الحكاية، لكنه لا يعطي بالاً - على ما يبدو - لتطورها، وقبولها بالتجريب. لقد صار بإمكاننا مشاركة الجمهور في كتابة النص، أو في آدائه، لكن المخرج القديم يرفض كل محاولات المؤلف لتحييده أو إلهائه، ويتفقان أخيراً على أن يخلق المؤلفُ راوياً جديداً.. فهل تستقيم الأحداث بهذا الشكل؟ لا. الراوي بدوره لا يلتزم بالنص والخلاف يعود بين المؤلف والمخرج، وكذلك بين الخيَّاطة والدمي (تتحول الدمى في نهاية المسرحية إلى عمَّال بإمكانهم الحركة والكلام ومخاطبة الناس)، ومن خلال الصراع يبدأ العمال في المطالبة بحقوقهم، إنهم يبدون صوت الشباب في مواجهة صوت الماضي الذي تمثله الخيَّاطة، لكن الشباب أنفسهم ينقسمون، ويبدو أن قضيتهم في طريقها إلى الضياع.
لا يكتب هلال البادي نصاً عادياً. ليست هناك دراما مستقرة فيما يكتبه. كذلك ليست هناك ذروة واحدة وإنما ذروات. ما نلبث أن نمسك بخيط الحكاية حتى يفلته منا. إنه على ما يبدو يجسِّد شخصية المؤلف في نصه، فهو يرفض الاعتراف بأن الفن مجرد حكاية، إنما هو محاولات للخلق، وثورة على الثبات. لا مكان بالنسبة إليه للنصوص التقليدية والبناء التقليدي. إنما هناك أرض شاسعة لأي نص يخلقه الشطح والخيال اللامتناهي، كهذا النص المجنون.
وبإمكاني الآن أن أجيب على تساؤل هلال البادي: "نعم هذه تسمَّى مسرحية، لكنها ليست أي مسرحية".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
فاضل كام يوم؟.. موعد استطلاع هلال شهر رمضان
شهر رمضان 2025.. يتزامن اليوم الجمعة 31 يناير 2025، أول أيام شهر شعبان الهجري، ويتسأل الجميع عن موعد قدوم شهر رمضان 2025.
شهر رمضان 2025وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص شهر رمضان 2025 وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.
موعد بدء شهر رمضان 2025 موعد استطلاع هلال شهر رمضان 2025ومن المقرر أن يتم استطلاع هلال شهر رمضان الكريم رسميًا، من قبل دار الإفتاء المصرية، يوم 29 شعبان 1446 هـ استعدادًا لإعلان موعد بدء شهر رمضان، كما تعتمد الكثير من الدول العربية والإسلامية على الرؤية الشرعية للهلال باستخدام المراصد الفلكية.
وتستطلع دار الإفتاء المصرية، رؤية هلال شهر رمضان 2025، بعد غروب شمس يوم الجمعة الموافق 29 شعبان 1446 هـ، 28 فبراير 2025 م، وهو «يوم الرؤية»، وذلك لتأكيد موعد شهر رمضان 2025.
موعد شهر رمضان 2025 موعد شهر رمضان 2025وبحسب الحسابات الفلكية بالمعهد القومي للبحوث، فمن المقرر أن يأتي شهر رمضان 2025، في أول أيام شهر مارس المقبل، ويستمر لمدة 29 أو 30 يومًا.
موعد عيد الفطر 2025وبذلك من المقرر أن يكون موعد عيد الفطر 2025 يوم 29 مارس 2025 أو يوم 30 مارس 2025، على أن تستطلع دار الإفتاء موعد عيد الفطر المبارك وتحدد موعده الرسمي، وبذلك يتبقى 60 يوما على موعد عيد الفطر.
استطلاع هلال شهر رمضان 2025 أفضل الأدعية المستجابة في رمضانويعد شهر رمضان فرصة عظيمة لاستجابة الدعاء، وخاصة أثناء الصيام وعند الإفطار، ومن الأدعية المأثورة المستحبة في هذا الشهر الفضيل:
- اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه واجعلنا من عتقائك من النار.
- اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
- ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
- اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا.
- اللهم وارحم من فارقونا واجمعنا بهم في الفردوس الأعلى آمين يا رب.
- اللهم اجعلنا ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً، اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا وتسلمه منا.
اقرأ أيضاًهنصوم كام ساعة؟.. موعد أذان المغرب في شهر رمضان 2025
المحكمة العليا بالسعودية تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان بعد غد الأحد
هل يجوز إخراج زكاة الفطر من أول شهر رمضان أم لا؟.. الإفتاء توضح.. «فيديو»