بوابة الفجر:
2025-04-24@00:52:20 GMT

د. رشا سمير تكتب: مصر الإبداع.. كانت وستبقى

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

في الوقت الذي تراجعت فيه القيم، واختلت الموازين، وتأرجحت المفاهيم بين ما تعلمناه وما فرضته علينا الأيام..

في الوقت الذي بات القبح فيه هو لغة الشعوب، وتغلبت أخلاق الغابة على كل المعاني الإنسانية..

في هذا الوقت العصيب، بقيت الكلمة وازدهرت النغمة..فتمنى العالم وسط الحروب والأوبئة أن تظل الريشة والوتر والقرطاس هم أسلحة كل المعارك الصعبة.

هكذا جاء فوز الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلي بمهرجان كان السينمائي الدولي بدورته 77، ليكون الفيلم الأول في تاريخ الفن المصري الذي يفوز بتلك الجائزة..جاء هذا الفوز بمثابة شعاع نور في نفق مظلم بدا وكأنه بلا نهاية..

إنه فوز صاحبه سعادة كبيرة وفخر بلا حدود بمصرنا..بفننا..بحضارتنا..بإبداعنا..

فوز إشتقنا إليه وتمنيناه في هذا التوقيت الذي تشكك فيه الكثيرون من إنسحاب مصر من المشهد الثقافي، ففي الوقت الذي إمتلكت فيه بعض الدول المال لتصنع نجاحا زائفا، إمتلكت مصر المواهب والمبدعين الذين لم يتوقفوا يوما عن العطاء.

يدور الفيلم حول فرقة مسرحية اسمها "بانوراما برشا"، أسستها سيدة تدعى "يوستينا سمير" في إحدى القرى النائية بمركز ملوي بمحافظة المنيا، حيث تعرض تلك الفرق بعض المسرحيات الغنائية والعروض الراقصة، إلا أن تلك العروض قد لاقت سخرية كبيرة من أهالي القرية، حتى سمع عنها المخرجان ندى رياض وأيمن الأمير فقررا توثيق مسيرة الفرقة من خلال فيلم تسجيلي، وتصبح شهرة تلك الفرقة عالمية بعد الفوز بجائزة مهرجان كان، وهذه هي عظمة الفيلم، لم يتم صرف الملايين ولا الإستعانة بممثلين عالميين، بل هي فكرة محلية بسيطة تدعم البسطاء، تحولت بين لحظة وأخرى إلى جائزة عالمية.

هذه في الحقيقة هي عظمة مصر، عظمة تاريخها، عظمة هذه الدولة الخالدة التي مهما بلغت من العمر لازال رحمها قادر على إنجاب المبدعين، ولازالت هي الأم التي تحنو وتربي وتصنع المعجزات رغم قسوة الظروف.

أعادني هذا الفوز إلى لحظات كدنا فيها أن نفقد الأمل، عندما إعتلى الساحة أنصاف المواهب، وأصحاب الشعارات الكاذبة، والفن الكسيح الذي أصبح المايسترو فيه هو السوشيال ميديا، هنا إختلت دفة الإبداع في يد أصحاب المواهب الحقيقية وفقد الكثيرون الأمل..ولكن عظمة مصر تكمن في المحاولات الفردية الذي لا ينتمي إلى مؤسسات ولا وزارات، هؤلاء هم المؤمنون بالقضية.

ولأن الشئ بالشئ يذكر، هنا أذكر الشاب المجتهد أحمد عبيد المؤسس والمدير التنفيذي لشركة RMC وما يقوم به من مجهود نابع من إيمانه العميق بأن القوة الناعمة لمصر هي مفتاح نهوضها وعودتها للريادة، تعرفت عليه في أحد الحفلات واستمتعت بحماسه الشديد حين يتحدث عن الحفلات التي يقوم بتنظيمها ويتكبد أحيانا خسارة مادية فقط لأنه يمتلك الأمل والذوق الراقي..

أطلق قمة "صوت مصر" في عام ٢٠١٦ بهدف تحسين الصورة الذهنية لمصر أمام العالم محاربا بشكل أنيق الفن الردئ.. فأقام حفلات في ذكرى أم كلثوم، صوت السينما برعاية صوتي مصر ريهام عبد الحكيم والمبدع مدحت صالح، السوبرانو فاطمة سعيد بقيادة الرائع نادر عباسي، عبد الحليم بتقنية الهولوجرام..ثم أخيرا وليس آخرا، الحفل الرائع الذي أقيم تحت شعار (٤٠ عاما من الإبداع والتميز) لتكريم الفنان عمر خيرت بقصر عابدين..

إستطاع أحمد عبيد العاشق للفن المصري أن ينسج من الغناء قطعة دانتيلا ناعمة ترتديها مصر وهي تتربع دوما على عرش الإبداع.

هناك المئات من الشباب المصري الذين يمتلكون الموهبة، من ذكرتهم ليسوا إلا نموذجين يقتدى بهما إلا أن هناك الآلاف ممن يقدمون الفن بألف شكل بغض النظر عن التمويل المادي اللهم إلا جهودهم الذاتية وإيمانهم بما يقدمون، مثلهم مثل الفنان محمد صبحي الذي صنع من خشبة المسرح في يوم ما مصنعا لتصدير الفن للعالم، بل وكانت مسرحياته ولازالت هي تاريخ مصر المسرحي..

لن ينضب البحر أبدا..لن تغيب شمس الإبداع يوما عن مصر..قوة مصر الناعمة هي الشئ الوحيد الغير قابل للبيع، وغير قابل للإنكسار....أبدا.

[email protected] 

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

المعركة اليمنية تكتب شهادة وفاة الهيمنة الأمريكية: الصين ترصد التراجع الأمريكي وموسكو تراقب صعود صنعاء

يمانيون../
في تحول لافت على الساحة الدولية، سلطت وسائل إعلام صينية الضوء على ما وصفته بـ”الانحدار الحتمي للهيمنة الأمريكية”، مشيرة إلى أن المعركة الدائرة في البحر الأحمر وبوابة اليمن الجنوبية لم تعد مجرد اشتباك محدود أو مواجهة جيوسياسية عابرة، بل باتت مؤشرًا عالميًا على التحول في موازين القوة الدولية.

سوهو الصيني: مليارات أنفقتها واشنطن بلا طائل… وصنعاء تصوغ المعادلة من جديد
في تقرير نشره موقع سوهو الصيني – أحد أكبر منصات الرصد والتحليل العسكري في بكين – خلص إلى أن العدوان الأمريكي المباشر على اليمن لم يحقق شيئاً يُذكر على المستوى العسكري، رغم استخدام واشنطن ترسانة ضخمة من الصواريخ الموجهة، والاعتماد على حاملات طائرات وكاسحات ألغام ومدمرات بحرية متطورة.

وأكد التقرير أن “الخسائر اليمنية ظلت محدودة، ولم تتجاوز بعض الأهداف الثانوية”، في مقابل فشل العدوان الأمريكي في التأثير الفعلي على الجبهة القتالية اليمنية أو زعزعة بنيتها الدفاعية. ورأى الموقع أن هذه الحقيقة الميدانية تحولت إلى إحراج استراتيجي لواشنطن، التي باتت تُركّز على العمليات الإعلامية أكثر من الميدانية لتغطية فشلها العسكري.

التقرير الصيني لم يكتف بوصف الإخفاقات العسكرية، بل ذهب أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة عادت لتفعيل أدواتها التقليدية القديمة: الاعتماد على المرتزقة المحليين والعملاء الإقليميين. فقد كشفت تقارير عن مساعٍ أمريكية لتحريك ميليشيات يمنية تعمل كقوات برية بالوكالة، في ظل العجز عن خوض مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة اليمنية.

هذه الاستراتيجية – بحسب سوهو – تكشف عن أزمة ثقة عميقة داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، التي لم تعد قادرة على مواجهة جيوش العقيدة في تضاريس معقدة كالتضاريس اليمنية، حيث تكبد تحالف العدوان على مدى سنوات طويلة خسائر جسيمة، وخصوصًا السعودية، التي وصفها التقرير بـ”الطرف المفضوح أمام شعوب العالم، والمهزوم عسكريًا ونفسيًا”.

الهجوم على “كارل فينسون”: لحظة مفصلية في سجل الإذلال الأمريكي
وفي تطور صادم نقلته وسائل إعلام صينية أخرى، وعلى رأسها منصة باي جيا هاو، جاء الخبر الذي هزّ غرف العمليات الأمريكية في البحر الأحمر: القوات المسلحة اليمنية نفذت هجومًا صاروخيًا دقيقًا على حاملة الطائرات الأمريكية “كارل فينسون”، وذلك في يومها الأول من انتشارها في مياه المنطقة.

بحسب التقرير، فإن الهجوم اليمني “أحدث دماراً واضحاً على سطح الحاملة”، مشيرًا إلى أن “الصواريخ والمسيّرات اليمنية اخترقت منظومات الدفاع الأمريكية المتقدمة، وخلفت عشرات الحفر والانفجارات على متن الحاملة”. التقرير وصف هذا الحدث بـ”الضربة المفصلية” في مسار الهيمنة الأمريكية، إذ أنها تثبت أن القوة الأمريكية لم تعد بمنأى عن الهجمات المفاجئة، حتى من قوة محدودة الموارد لكنها غنية بالعقيدة والإرادة.

من اللافت أن التقرير الصيني شدد على تفوق صنعاء من خلال “استخدامها تكتيكات منخفضة الكلفة”، ما يعني أن المعادلة الكلاسيكية للتفوق العسكري القائمة على الحجم والنفقات والنفوذ لم تعد مجدية أمام ذكاء الخصوم. فبينما تنفق أمريكا ملايين الدولارات لحماية قطعها البحرية، تنجح اليمن بأسلحة محلية التصنيع وتكاليف محدودة في ضرب رموز تلك القوة، وخلق معادلة جديدة عنوانها: “من يتحكم بالمضيق، يسيطر على الميدان”.

صنعاء تعيد رسم خريطة النفوذ العسكري… من باب المندب إلى واشنطن
ما يجري في البحر الأحمر ليس مجرد مواجهات متفرقة، بل هو – كما وصفه التقرير – “حرب استخباراتية فريدة”، تشي بأن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك بنك أهداف دقيقاً، وتحركات يومية موثقة لسفن التحالف والأسطول الأمريكي. وهو ما يجعل من عمليات اليمنيين فعلًا مباغتًا متكررًا يرهق القيادة المركزية الأمريكية، ويظهرها بمظهر المتلقي وليس المبادر.

ويشير التقرير إلى أن ما يحدث اليوم في اليمن “يكتب رثاءً حقيقياً لعصر القطب الواحد”، إذ باتت واشنطن تشهد خسائر استراتيجية لم تشهد مثلها منذ حرب فيتنام، لكن هذه المرة ليس من قارة آسيوية بعيدة، بل من بلد فقير ومحاصر ومثقل بجراح العدوان، لكنه مشبع بالإيمان والصمود والكرامة.

خاتمة: شهادة دولية على نهاية عصر… وبداية لآخر يُكتب بصنعاء
إن مجمل ما أوردته وسائل الإعلام الصينية، خصوصاً في هذا التوقيت، لا يُقرأ كتحليل منفرد، بل كرسالة عالمية تنضم إلى أصوات دولية متزايدة باتت ترى في اليمن أكثر من مجرد ساحة مقاومة، بل منصة تُعلن من خلالها نهاية الأسطورة الأمريكية.

لقد أصبحت صنعاء اليوم أحد العناوين الكبرى في معركة تحرير الإرادة العالمية من سطوة القطب الواحد، وها هي الصين – كقوة صاعدة – ترى في المعركة اليمنية تجسيداً حيًّا لهذا التحول التاريخي.

ومن البحر الأحمر، حيث تتكسر الهيبة الأمريكية كل يوم، يُرسم مشهد عالمي جديد… بدايته من اليمن، ونهايته أبعد مما كانت تتخيله واشنطن.

مقالات مشابهة

  • هند عصام تكتب: الملك بيبي الأول
  • سمير عمر: الإعلام المصري يجب أن يكون المنصة المرجعية الأولى للشأن المحلي
  • منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 51
  • سمير عمر: "الإعلام المصري بحاجة إلى بيئة عمل داعمة"
  • سمير عمر: "الإعلام المصري بحاجة إلى السرعة والدقة"
  • المعركة اليمنية تكتب شهادة وفاة الهيمنة الأمريكية: الصين ترصد التراجع الأمريكي وموسكو تراقب صعود صنعاء
  • ذكرى تحرير سيناء| يوم النصر والصمود الذي يجسد إرادة الشعب المصري.. ويحفز الأجيال القادمة على البناء والتنمية
  • بدل الزغاريد.. طلقات نارية تكتب نهاية دامية في حفل زفاف بسوهاج
  • د. رهام سلامة تكتب: الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائد حكيم ومسيرة عطاء لا تتوقف