د. ياسمين فراج تكتب: الصدام مع الإخوان
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
لم تكن فاشية وأخطاء نظام رجل الإخوان المتأسلمين محمد مرسى الذى كان رئيساً لجمهورية مصر العربية، أو ظهور حملة تمرُّد هما العاملان الوحيدان فى اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو 2013، التى أسقطت نظام الإخوان المتأسلمين سياسياً وشعبياً، بل كان هناك عنصر أول قبلهما وهو عنصر الثقافة. فثقافة نظام الإخوان تعارضت مع ثقافة أغلبية الشعب المصرى، وهو ما جعل ثورة المبدعين والمثقفين، التى انتهت باعتصاماتهم اعتراضاً على تولى أحد الموالين لجماعات الإسلام المتطرف لحقيبة وزارة الثقافة، شرارة حقيقية لتحريض الشعب ضد حكم الإخوان.
كنت شاهد عيان على وقائع الإخوان وقبلها وبعدها، وعلى الأحداث التى عاشتها مصر فى هذه الفترة العصيبة، كما كنت واحدة من أوائل الراصدين للهجمة الشرسة على الفن والثقافة من خلال عملى داخل أكاديمية الفنون، ومشاهداتى اليومية، وقد سردت ذلك فى العديد من المقالات بالعديد من الصحف، كما رصدت الأحداث فى كتابى «الغناء والسياسة فى تاريخ مصر» الصادر فى 2014.
وبعد صعود الإخوان رأيت قائمة سوداء تضم فنانين وإعلاميين باعوا مصر، وهجوماً ضارياً على أكاديمية الفنون، ممثلة فى شخص رئيسها، من الإخوان والموالين لهم، ورفع دعوى قضائية بازدراء الأديان ضد الفنان عادل إمام عن أعمال سابقة، تنتهى بإصدار حُكم بحبسه، يتبعها حكم قضائى يؤيد حبسه، ورفع دعوى ثانية بنفس الاتهام السابق ضد نفس الفنان ومجموعة غيره من مشاهير المؤلفين والمخرجين فى المسرح والتليفزيون والسينما، منهم المؤلف والسيناريست وحيد حامد. وأحد الملقبين بالداعية الإسلامى يعلن فى مناظرة بينه وبين مخرج سينمائى على إحدى القنوات الفضائية أن «الإسلاميين قادمون وسنلغى الفن»، كل هذه الأحداث المتلاحقة المتتابعة التى ظهرت بعد ثورة 2011 تُفصح عن مخطط لاغتيال الحركة الثقافية والفنية فى مصر.
والصدام الأول مع أكاديمية الفنون، ممثلة فى شخص رئيسها، كان فى بدايات شهر مارس عام 2011، حيث بدأت الخلايا النائمة من العاملين بأكاديمية الفنون فى ترويج الشائعات حول فساد رئيس الأكاديمية وانتمائه لنظام الفلول وضرورة المطالبة بإقالته، وهو نفسه ما حدث بكل تفاصيله مع الشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر وشيخ الجامع الأزهر، والدكتور على جمعة، الذى كان يشغل آنذاك منصب مفتى الديار المصرية، وهذه المقاربة توضح أهمية هذه المؤسسات فى الدولة وبالتبعية من يشغلون مناصبها الثلاثة، ذلك لأن آراء من يشغلون هذه المؤسسات تؤثر فى تشكيل الوعى الجمعى للمجتمع وثقافته.
ثم تصاعدت التحركات مع اختيار وزير حكومة الإخوان علاء عبدالعزيز، وهو الوزير الذى بدا للوسط الثقافى غير معروف، إذ لم تكن له هوية واضحة، فقد كان شيوعياً لبعض الوقت، ثم كان يسارياً فى وقت آخر، ولم تكن له أيديولوجية دينية بالتحديد، لكن لا بد أن نرصد أنه من الساعين لركوب الموجة، وقد وجد فى صعود الإخوان فرصته للتقرب من هذا التيار المتأسلم، كما كان أحد الأعضاء المؤسسين لحزب البناء والتنمية مع طارق الزمر (أحد المشاركين فى قتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات)، وهو الذراع السياسية للجماعة الإسلامية.
خلال اعتصام المثقفين فى مبنى وزارة الثقافة، التحمت إرادة المثقفين مع الهتافات التى ظهرت فيها أسماء زعماء مصريين، كان هتاف: «عبدالناصر قالها زمان/ الإخوان ملهومش أمان» باستدعاء شخصية الرئيس الراحل عبدالناصر، يدل على رغبة الشعب فى استحضار زعيم قوى، يستخدم نفس الآليات التى سبق واستخدمها الزعيم عبدالناصر مع نفس الجماعة المذكورة فى مواقف مشابهة. وهتاف: «انزل يا سيسى» يحمل دلالتين معاً؛ الأولى رجاء وتوسل، والثانية أمر للجيش المصرى ووزير الدفاع بحماية الشعب المصرى والبلاد. إلى أن اكتملت الصورة بثورة 30 يونيو 2013.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإخوان 30 يونيو الإرهاب
إقرأ أيضاً:
7 مجلدات ترصد وتحلل “الإسلام السياسي”.. الأعمال الكاملة لـ عبد الرحيم علي بمعرض القاهرة للكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بين أروقة الدورة 56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، يضم جناح دار "كنوز" للنشر والتوزيع الأعمال الكاملة للكاتب الصحفي والخبير في ملف الإسلام السياسي الدكتور عبد الرحيم علي، والتي صدرت عن سلسلة مطبوعات المركز العربي للصحافة والنشر بالقاهرة في سبعة مجلدات، تحتوي على أبرز ما كتب من كتب ودراسات وأوراق بحثية ومقالات خلال ما يزيد على ثلث قرن من الكتابة، تناول فيها بالبحث والرصد والتحليل ظاهرة "الإسلام السياسي" على اختلاف تنوعها، الدعوية والإصلاحية والراديكالية.
استعرض علي أفكار ظاهرة الإسلام السياسي وتشكيلاتها التنظيمية ومرجعياتها الفكرية / العقيدية ومواقفها السياسية، وجماعات العنف والإرهاب التى أنتجتها، كاشفاً بمنهج بحثى رصين الوجه الحقيقي لتلك الجماعات، ومحذراً من مخططاتها فى التمدد والانتشار عبر التستر خلف شعارات دينية خادعة.
وأكد أن مخاطرها ليست فقط على حاضر ومستقبل المنطقة العربية والدول الإسلامية، وإنما تتمدد تلك الأخطار لتهدد حاضر ومستقبل دول العالم بأسره وبخاصة أوروبا.
يضم المجلد الأول "الإخوان المسلمون.. قراءة في الملفات السرية"، فى كتابين، أولهما "الإخوان المسلمون.. قراءة فى الملفات السرية"، والثاني "فتاوى الإخوان"، والذي يتناول مجموعة من أبرز الفتاوى المعتمدة من جماعة الإخوان المسلمين، صدرت عن مسئولي الإفتاء في التنظيم، وهي فتاوى رسمية باسم الجماعة وليست من باب الرأي الشخصي.
ويضم المجلد الثاني ثلاثة كتب، الأول "أوراق من دفتر الإخوان.. الجماعة من البنا إلى بديع"، ويسرد تاريخ الإخوان من مرحلة التأسيس 1928- 1945 إلى مرحلة التحول 1945، ويتوقف أمام محطات مهمة فى مسيرة الجماعة كالعلاقة مع ثورة يوليو 1952 وكيف بدأت بالوفاق وانتهت بالصدام، ويرصد محطات مرحلة مهمة فى تاريخ الإخوان مع بداية سبعينيات القرن الماضى والثمانينيات وكذا التسعينيات؛ الثاني هو "أزمة تيار التجديد" يتناول قصة التقاء مجموعة من شباب التيار الإسلامي بالإخوان، وكيف تم تجنيدهم ليصبحوا العصا السحرية التى حولت الجماعة من جسد هزيل شائخ إلى بنية فتية متمددة فى ربوع مصر وجامعاتها وأغلب نقاباتها المهنية.
كما تكشف أيضاً موقف الحرس القديم في الجماعة من أى محاولة لزحزحة أو تطوير المفاهيم والرؤى التى "شاخت" وتيبست ولم تعد ملائمة، وفق رؤية عدد من شباب الإخوان، مثل مبدأ السمع والطاعة، والسرية، ومفهوم الابتلاء، وعدم الشفافية فى الملفات المالية، وإعمال مبدأ النقد والنقد الذاتى داخل صفوف التنظيم وغيرها.
أما الكتاب الثالث فيشتمل على ورقة بحثية بعنوان "الإخوان.. الموقف من العنف ورؤيتهم للآخر" وتتناول موقف الجماعة من قضية العنف والإرهاب.
صدر المجلد الثالث بعنوان "الجماعات الإسلامية الراديكالية (1)" ويتناول ملف الجماعات الإسلامية الراديكالية، التى خرجت من عباءة الإخوان المسلمين؛ ويضم ثلاثة كتب هي "المخاطرة فى صفقة الحكومة والجماعات الإرهابية، الكتاب الثاني "المقامرة الكبرى.. مبادرة وقف العنف بين رهان الحكومة والجماعات الإسلامية"، و"الإسلام وحرية الرأي والتعبير".
جاء المجلد الرابع تحت عنوان "الجماعات الإسلامية الراديكالية (2)" ويشمل كتب "حزب الله – لبنان"، و"الحركات الشيعية فى الجزيرة والخليج العربي"، و"القوى الشيعية فى العراق"، و"الاستراتيجية العسكرية والأمنية للتنظيمات الإسلامية المسلحة (القاعدة نموذجاً)"، و"أمراء الإرهاب".
ويستكمل المجلد الخامس تناول "الجماعات الإسلامية الراديكالية (3)" ويشمل كتب "تنظيم القاعدة.. عشرون عاماً والغزو مستمر"، ودراسة صدرت للمؤلف عن سلسلة "كراسات استراتيجية" عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عام 2005؛ ودراسة أخرى بعنوان "ظاهرة أجيال القاعدة وتوجهاتها" وكتاب "أسامة بن لادن.. الشبح الذي صنعته أمريكا"، وكتاب "الجماعة السلفية للدعوة والقتال فى الجزائر.. كيف أصبحت "القاعدة" في بلاد المغرب؟"
وجاء المجلد السادس تحت عنوان "الإعلام العربى والجماعات الإرهابية"، ويتضمن كتابين هما "الإعلام العربى وقضايا الإرهاب"، و"سيناريوهات ما قبل السقوط" و"الإخوان المسلمون.. هل يدخلون النفق المظلم؟"؛ فيما يحتوي المجلد السابع على مختارات من مقالات للكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، والتي نُشِرتْ فى أشهر الصحف والمواقع المصرية والعربية، مثل "الأهرام" و"الشرق الأوسط" و"المصرى اليوم" و"روز اليوسف" و"المصور" و"الأهالى".