عربي21:
2024-06-29@14:15:32 GMT

يا غائبا لا يغيب!

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

لم أجد أبلغ من هذه الجملة- النداء عنوانا لهذا المقال.. وهي مطلع أغنية كتبها الشاعر فاروق شوشة، صاحب الفصحى المحببة للأذن، ومُعد ومقدم البرنامج الإذاعي الشهير "لغتنا الجميلة".. وهو (أي شوشة) نموذج فريد للتعايش مع الكذابين والأفّاقين والمنافقين.. ولا أعرف كيف ظل كل هذه السنوات يتردد على مفاعل الكذب النووي الشهير بـ"ماسبيرو"، ويقدم برنامجه بصوت هادئ رخيم، يوحي لك بأن كل شيء في مصر على ما يرام! لقد شارك فاروق شوشة بصوته "المطمئن" في خداع المصريين، عن غير قصد بالطبع، شأنه شأن آخرين.

.

قال شوشة في لقاء مرئي: لولا بُعدي عن مجال الكذب والفبركة (الأخبار) لما استطعت البقاء في ماسبيرو!

أما صاحب اللحن، فهو الملحن المبدع محمد الموجي.. وأما المطربة التي تغنت بكلمات شوشة، فهي ميادة الحناوي الموالية لنظام بشار الكيماوي، والتي "لم تنزل لي من زور" بالتعبير المصري الدارج، منذ ظهورها على الساحة الفنية؛ لسبب أجهله!

كان يمكن أن يكون عنوان المقال: "الغائب الحاضر".. أو "حضور رغم الغياب".. أو "غيَّبوه فلم يغب".. وحزمة أخرى من العناوين التي تحمل المعنى نفسه، غير أني اخترت "مطلع أغنية" ليكون عنوانا للمقال، تغنيها مطربة (لا أطيق رؤيتها) موالية لنظام دموي فاشي، وفي ذلك دلالات لا تخفى على قارئي اللبيب..

الرئيس المنتخب الذي سيظل مكانه شاغرا، حتى يختار المصريون من يشغله بملء إرادتهم وكامل حريتهم، كما اختاروه من قبل.. فمن جلسوا في سدة الرئاسة، قبل مرسي وبعده، ليسوا برؤساء، وإنما هم وكلاء للمحتل الذي لم يرفع يده عن مصر منذ حملة نابليون العسكرية على مصر، وإن تغير اسمه وعَلمه!
اخترت مطلع أغنية عنوانا لمقالي، وأنا الذي لم يعد لديه أدنى قابلية أو رغبة في الاستماع إلى الأغاني، حتى لو كانت من ذلك النوع "المباح"، ولا أقول "الحلال"! فالمآسي التي مرت بنا، أو مررنا بها، خلال العقد المنصرم، دمرت لدي لاقطات، أو لواقط، أو أجهزة استقبال الأغاني، حتى تلك التي كنت أطرب لها.. أما الذين حرَّموا علينا الاستماع إلى الأغاني في شبابنا، فألسنتهم تلهج (اليوم) بالدعاء لـ"ولي الأمر" الملهم المحدث الذي يقيم المهرجان الغنائي تلو المهرجان، على وقع أصوات القنابل الأمريكية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية التي لم تُبق (في غزة) حجرا على حجر.. تلك المهرجانات التي خُصصت لها ميزانية مفتوحة، بينما يموت أطفال غزة من الجوع حرفيا!

يا غائبا لا يغيبُ.. أنت البعيدُ القريبُ
مهما تغب عن عيوني.. فأنتَ أنتَ الحبيبُ..

إنه الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي حلت ذكرى اغتياله الخامسة في السابع عشر من شهر حزيران/ يونيو الجاري..

الرئيس المنتخب الذي سيظل مكانه شاغرا، حتى يختار المصريون من يشغله بملء إرادتهم وكامل حريتهم، كما اختاروه من قبل.. فمن جلسوا في سدة الرئاسة، قبل مرسي وبعده، ليسوا برؤساء، وإنما هم وكلاء للمحتل الذي لم يرفع يده عن مصر منذ حملة نابليون العسكرية على مصر، وإن تغير اسمه وعَلمه!

الرئيس المواطن الذي بقي مقيما في شقته المستأجرة، يذهب يوميا إلى عمله ويعود، كأي مواطن مصري كادح، ولو تُرك الأمر له لاختار أن يذهب إلى الرئاسة في سيارته المتواضعة، بلا موكب ودون حراسة. ويقيني أنه كان سيفعل ذلك يوما ما، لو استتب له الأمر، فقد كان عازما على محو صورة الرئيس "الفرعون"، ورسم صورة الرئيس "الأجير"، وفي ذلك خطر، وأي خطر، على حاملي جينات "الفرعنة" في مصر وفي الإقليم!

الرئيس العفيف الذي لم يمد يده إلى المال العام، حتى راتبه الرئاسي لم يكن يتقاضاه، ناهيك عن "عمولات الرئيس الرسمية" عن الصفقات والعقود التي تبرمها الدولة، وهي مسألة متعارف عليها، ومسلّم بها!

الرئيس الخلوق المتواضع الذي لم ينس أصله الريفي الكريم.. فإن كنت أنسى فلا أنسى مشهد الطفلة التي كانت تناديه في الزحام بصوت باكٍ: عمو مرسي.. عمو مرسي.. وتحاول الوصول إليه، وهو يخطب في لقاء جماهيري؛ لتسلمه طلبا من أمها.. وعندما نجحت في الوصول إليه، أخذ طلبها، وقبَّل رأسها، وربت على كتفها، ونادى على والدتها.. وصلت السيدة إليه وصافحته.. وعلى عادة أهل الريف (وأنا منهم) قبَّل "الرئيس" يده بعد مصافحتها.. ويُعد هذا السلوك عند أهل الريف تعبيرا عن الاحترام والتقدير للطرف المقابل، وإقرارا بعلو شأنه.. ابحثوا عن الفيديو وشاهدوه!

الرئيس المؤمن الذي يعرف معنى الولاء والبراء حق المعرفة.. فلم يوالِ عدوا لشعبه ولا لأمته، ولم يعادِ صديقا لشعبه وأمته..

الرئيس الذي لم يحلف قط ليصدقه الناس، ولم يزكِّ نفسه قط ليعلو في نظرهم.. فلم نسمعه يقول: والله والله.. ولم نسمعه يقول: أنا صادق أوي، وشريف أوي، وأمين أوي، ومخلص أوي.. ولم نسمعه يقول بعد كل عبارة: صحيح.. بتكلم جد!

الرئيس الحليم الذي لم يقصف قلما، ولم يكمم فما، ولم يغلق صحيفة ولا فضائية، وأتاح الفرصة لكل ذي رأي ليدلي برأيه، في الإعلام أو في حضوره، واستخدم صلاحياته وسلطاته في العفو عن صحفي تطاول عليه، وحُكم عليه بالحبس، فلم يمكث فيه ساعة من نهار!

أثر الإنسان أقوى منه، وأثر مرسى باقٍ، حتى لو خلت من ذكره كتب التاريخ المدرسية.. حتى لو رفعوا صورته من بين "رؤساء" مصر.. فمرسي كان "رئيسا منتخبا" من الشعب، ولم يكن "رئيسا معينا" من وزير المستعمرات، لذا كان من الصواب ألا يكون بينهم، وقد فعل أهل الخطأ والخطيئة الصوابَ.. عن غير قصد طبعا
الرئيس الغيور صاحب النخوة والشرف الذي قال: "أنا عايز أحافظ على البنات".. البنات اللائي يعانين (منذ سنوات) في السجون؛ لأنهن قلن للمنقلب: لا..

الرئيس المسلم العربي المصري المحب لفلسطين وأهلها الذي أوقف العدوان الصهيوني على غزة في 2012 بكلمة منه، وصارت شعارا للتضامن مع الشعب الفلسطيني يرفعها كل ذي ضمير حي على هذا الكوكب المبتلى بساكنيه: "لن نترك غزة وحدها"..

الرئيس الذي تصله الدعوات بالرحمة والمغفرة في كل وقت وحين، رغم أن شانئيه والمتآمرين عليه لم يمهلوه حتى ينجز ما يشار إليه بالبنان، تلك الدعوات المصحوبة (دائما) باللعنات على قاتليه.. فالكل كان يعلم إخلاص مرسي، وعزم مرسي، وحرص مرسي على النهوض بمصر وشعبها، ووضعها في المكان اللائق بها بين الأمم، لذا كان الخلاص منه مسألة حياة أو موت بالنسبة لدول وكيانات وأشخاص..

سيظل الرئيس مرسي مثار فخر لنا، وسيظل كابوسا للخونة، يحرمهم نعمة النوم، حتى وهو في قبره.. فأثر الإنسان أقوى منه، وأثر مرسى باقٍ، حتى لو خلت من ذكره كتب التاريخ المدرسية.. حتى لو رفعوا صورته من بين "رؤساء" مصر.. فمرسي كان "رئيسا منتخبا" من الشعب، ولم يكن "رئيسا معينا" من وزير المستعمرات، لذا كان من الصواب ألا يكون بينهم، وقد فعل أهل الخطأ والخطيئة الصوابَ.. عن غير قصد طبعا..

رحمك الله يا حبيبْ.. يا غائيا لا يغيبْ..

x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر مرسي ذكرى الرئاسة مصر مرسي ذكرى الرئاسة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذی لم حتى لو

إقرأ أيضاً:

 مرشحان من المحافظين ينسحبان من انتخابات الرئاسة الإيرانية

انسحب مرشحان من المحافظين المتشددين، الخميس، من الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها الجمعة، ليبقى بذلك أربعة مرشحين.

وأعلن رئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني على منصة إكس صباحا، أنه لن يشارك في الانتخابات، بعد إعلان وزارة الداخلية انسحاب المرشح أمير حسين قاضي زاده هاشمي. 

علي رضا زاكاني

وكان المرشّحان متأخرين جدا في استطلاعات الرأي التي تسبق هذه الانتخابات التي سيتم خلالها اختيار بديل عن الرئيس إبراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطّم مروحية، في 19 مايو.

وحث زاكاني الذي يرأس بلدية طهران منذ العام 2021، المرشحَين المحافظين الأوفر حظاً، وهما المحافظ المتشدد سعيد جليلي والرئيس المحافظ للبرلمان محمد باقر قاليباف، على "التوحد" لتمثيل "القوى الثورية" لإيران.

أمير حسين قاضي زاده هاشمي

وبرر هاشمي الذي كان نائبا للرئيس السابق إبراهيم رئيسي، انسحابه على منصة إكس بالرغبة في "الحفاظ على وحدة قوى الثورة". كما دعا المرشحين المحافظين والمحافظين المتشددين إلى "الاتفاق" على مرشح واحد لتقديم جبهة موحدة.

وإضافة إلى جليلي وقاليباف، يعتبر المرشح الإصلاحي النائب مسعود بازشكيان من المرشحين الأوفر حظا أيضا، خصوصا بعدما نال دعم القوى المعتدلة والإصلاحية الرئيسية.

وأشاد به الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997 إلى 2005)، مشيرا إلى أنه "صادق، عادل ومهتم"، داعيا إلى التصويت له، الأمر الذي دعا إليه أيضا الرئيس المعتدل حسن روحاني (2013 إلى 2021).

ودُعي حوالى 61 مليون ناخب للتوجه إلى مراكز الاقتراع التي تفتح أبوابها الجمعة عند الساعة الثامنة صباحاً (3,30 بتوقيت غرينتش).

وإذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من نصف الأصوات، ستجري جولة ثانية في الخامس من يوليو، الأمر الذي لم يحصل إلا مرة واحدة منذ قيام الجمهورية الإسلامية قبل 45 عاماً، وذلك خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2005.

وتترقب العواصم الغربية هذه الانتخابات، بينما تلعب إيران دورا في العديد من القضايا الجيوسياسية، من الحرب في غزة إلى الملف النووي.

ومهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن تداعياتها ستكون محدودة لا سيما أن الرئيس يملك صلاحيات محددة، فهو مسؤول على رأس الحكومة عن تطبيق الخطوط السياسية الرئيسية التي يحددها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما والذي يتولى السلطة منذ 35 عاماً.

مقالات مشابهة

  • درس آخر من الشقيقة كينيا.. يالروعة دولة المؤسسات والديموقراطية
  • الانتخابات الإيرانية.. إنهاء عمليات التصويت عقب تمديدها ثلاث مرات
  • درس آخر من الشقيقة كينيا: يا لروعة دولة المؤسسات والديموقراطية !!
  • ترامب يضرب بايدن بالقاضية في المناظرة التاريخية
  •  مرشحان من المحافظين ينسحبان من انتخابات الرئاسة الإيرانية
  • هل يزعج الفراغ الرئاسي حارة حريك؟
  • ثنائي الأهلي يغيب عن مواجهة فاركو غدًا
  • 30 يونيو في الميزان.. كيف أكلت أولادها ووأدت مطالبها وتفردت بحكم مصر؟
  • الموت يغيب الزميلة عصمت مكداشي.. وشلالا والجميل يستذكرانها: وداعاً
  • الموت يغيب عبدالله بن صالح الحصان