رحيل قسري تحت النيران: هكذا هشّم اليمن هيبة «آيزنهاور»
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الجديد برس| متابعات|
جاء قرار سحب حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور» من البحر الأحمر، في سياق شديد التعقيد بالنسبة إلى البحرية الأميركية، بعد فشل الأخيرة في رفع الحصار الجزئي عن إسرائيل، وفي وقت يبحث فيه المسؤولون في واشنطن عن طرق تُخفّف الأضرار اللاحقة ببحريتهم، في ظل عدم وجود خيارات سوى البقاء على الوضع الراهن، رغم تكلفته المادية والمعنوية.
وقبيل قرار سحب الحاملة، أُثيرت أسئلة صعبة حول جدوى البقاء، وخصوصاً في ظلّ الفشل في تنفيذ المهمة وتآكل الردع في مواجهة حركة «أنصار الله».
كما تناولت تلك الأسئلة كيفية استعادة القوة القتالية لحاملة الطائرات، إذا عادت إلى موطنها في نورفولك في ولاية فيرجينيا.
ووفقاً لتقارير إعلامية أميركية متطابقة، فإن حالة من الإرهاق بدأت تظهر على البحارة في مجموعة «آيزنهاور»، التي مُدّدت مهمتها مرتين، حيث اقتربت الحاملة ومجموعتها ونحو 7000 بحار، من الشهر الثامن من خوض أعنف معركة بحرية مستمرّة منذ الحرب العالمية الثانية. وبحسب تقرير لوكالة «أسوشيتد برس»، ينقسم القادة في «البنتاغون»، بين من ينادي بالرضوخ لضغوط البحرية لإعادة «آيزنهاور» وثلاث سفن حربية أُخرى في مجموعتها إلى الوطن، وبين تلبية طلب «القيادة المركزية الأميركية» بإبقائها هناك لمدة أطول.
ويتّضح، من تصريحات الضباط والجنود، أنهم يخدمون في أجواء متوترة، وأن أعصابهم مشدودة بشكل دائم؛ إذ إنهم غير معتادين على هذا النوع من المواجهات، التي لم يكن بينهم وبين الموت فيها، في بعض الأحيان، إلا ثوان قليلة، وهي إفادة تتكرّر دائماً على ألسنتهم. أما المسؤولون في «البنتاغون» فيتحدثون عن كيفية رعاية البحّارة عند عودتهم إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الاستشارة والعلاج لاضطراب ما بعد الصدمة المحتمل، فيما يشير قائد مجموعة «آيزنهاور»، مارك ميغيز، إلى الضغط الذي تتعرّض له السفن نفسها. وعلى خلفية ما تقدّم، ضغطت قيادة البحرية الأميركية لإجراء تبديل للمجموعة الكاملة والسماح للبحّارة بالعودة إلى البلاد للاستراحة، لكن «البنتاغون» حاول احتواء الموقف بإصدار تدبير يسمح لهؤلاء بالاستراحة أثناء تنفيذ المهمة.
ووفقاً لبيانات موقع البحرية وموقع تتبّع السفن، فإن الحاملة رست في خليج سودا اليوناني بعد 200 يوم من نشرها في البحر الأحمر، لإتاحة الفرصة للطاقم للنزول من السفينة والاطلاع على الثقافة والتقاليد اليونانية، إضافة إلى الاستفادة من التبادل البحري والعيادة الطبية ومختبر خدمات الروح المعنوية والرعاية الاجتماعية أثناء إقامتهم. والمقصود من ذلك، تقديم خدمات الطعام والمشروبات والترفيه إلى البحّارة على الرصيف، حيث أمكن لهم زيارة المواقع التاريخية والسياحية وتناول الطعام المحلي في الهواء الطلق. كما تضمّنت بعض الأنشطة زيارة مضيق إمبروس، وقصر الحضارة القديمة كنوسوس، ونادي كريت للغولف، وهضبة لاسيثي، وأشياء أخرى، بحسب البيانات الأميركية.
وجاء قرار سحب «آيزنهاور» بعد تعرضها لثلاث عمليات استهداف بصواريخ ومسيّرات من قبل القوات المسلحة اليمنية في وقت قصير. وأكدت صنعاء، وكذلك تقارير صينية وروسية، أن الحاملة أصيبت واضطرت على إثر إصابتها إلى الابتعاد عن مسرح العمليات. وتعتقد قيادة البحرية الأميركية أن حركة «أنصار الله» استطاعت اكتشاف نقطة ضعف قاتلة في الحاملة أثناء إقلاع الطائرات الحربية منها وهبوطها عليها، إذ إن أجهزة الإنذار ومنظومة الدفاع الجوي تتعطّل في هذه الحالة، ما يتيح فرصة لقوات صنعاء لاستهدافها. وتفيد معلومات حصلت عليها «الأخبار» بأن حالة «آيزنهاور» اختلفت كلياً بعد الاستهداف، حيث بدت أكثر إرباكاً وتردداً وخشية من الاقتراب من المنطقة الصلبة لـ«أنصار الله»، وأن الأميركيين استعانوا بأحد مطارات دول الخليج في العدوان الأحدث على اليمن، وأن أنواع الطائرات المغيرة هي غير الأنواع التي تقلع من الحاملة.
وفي أعقاب تلك التطورات، جرى نقاش في دوائر القرار العسكري الأميركي – قبل أن يستقر الرأي على إرسال «روزفلت» – حول عدد من الخيارات:
الأول: الاستفادة من القواعد الأميركية المتمركزة في دول الخليج، أي قطر والسعودية والإمارات، غير أن هذه الدول أبدت معارضتها للسماح للطائرات الأميركية بالإقلاع من أراضيها خشية تعرّضها للاستهداف من قبل اليمن، وإن كان رُصِد في الأسابيع الماضية غضّ إحدى هذه الدول النظر عن استخدام الطائرات الأميركية أراضيها للعدوان على اليمن.
الثاني: الاستفادة من قواعد عسكرية أميركية بعيدة عن منطقة العمليات، لكن ذلك قد يتطلّب رحلات أطول للطائرات المقاتلة، ما يستدعي قدرات التزوّد بالوقود وتذليل عقبات أُخرى.
الثالث: لجوء الولايات المتحدة إلى فرنسا أو المملكة المتحدة، اللتين تمتلك كل منهما حاملة طائرات واحدة، لمدة مؤقتة على الأقل في البحر الأحمر، وفقاً لتقرير «أسوشيتد برس»، علماً أن المسؤولين الأميركيين يتذرّعون، للطلب من فرنسا أو المملكة المتحدة أن تنشر إحداهما حاملة طائرات، بأن حماية الممرّات الملاحية هي جهد متعدّد الجنسيات.
المصدر: لقمان عبد الله| الأخبار اللبنانية|
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
حرب اليمن: كيف يؤثر خفض المساعدات على البلاد؟
لا تدري أمل كيف يمكن لأسرتها أن تعيش في حال انقطاع أو انخفاض حجم المساعدات الغذائية التي تحصل عليها من المنظمات الدولية. في مخيم للنازحين شمالي اليمن، تسكن أمل مع أبنائها التسعة.
مثل أغلبية اليمنيين الآن، يعتمد سكان المخيم الذي يؤوي آلاف الأسر على الإمدادات الإنسانية التي توفرها الجمعيات الأهلية المحلية والدولية.
بصوت يئن من أعباء أجبرتها الحياة على تحملها، أخبرتني أمل عبر الهاتف أن "أي تقليص للمساعدات سيكون حكماً بالإعدام علينا".
وتتلقى أمل سلة غذاء شهرية من برنامج الأغذية العالمي تقول إنها لا تكفيها إلا لأسبوعين فقط. وحتى الحصول على هذه السلة لم يعد مضموناً بعد أن لجأت العديد من المنظمات الإنسانية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، للحد من أنشطة الإغاثة التي تمد أغلب اليمنيين بأسباب الحياة.
قرار تخفيض أنشطة توزيع المساعدات اتخذ بعد أن ألقى الحوثيون، المدعومون من إيران، القبض على 24 شخصاً من موظفي الأمم المتحدة بالإضافة لعدد آخر من العاملين بالمنظمات الإنسانية المحلية والدولية خلال الأشهر الماضية.
وفي يناير/ كانون الثاني، من هذا العام، قبض على مجموعة جديدة من موظفي هيئات الإغاثة الأممية، لم يعرف عددهم على وجه الدقة. وخلقت الاعتقالات حالة من الخوف قيدت حرية حركة المسؤولين عن توزيع المساعدات.
وتصنف الأمم المتحدة اليمن من بين أقل عشر دول في العالم نمواً، وفقاً لمؤشر التنمية البشرية، الذي يكشف عن مستوى رفاهية الشعوب. كما يحتاج أكثر من نصف سكان البلاد للإعانات، بحسب اليونيسيف.
اشترط كل من التقيناهم إخفاء هويتهم كي يتحدثوا إلينا، إذ يعيشون تحت سيطرة الحوثيين الذين يبسطون نفوذهم على المحافظات الشمالية وكذلك العاصمة صنعاء. ويخشى سكان تلك المناطق أن يتعرضوا للتنكيل أو الملاحقة الأمنية.
ولذلك، فقد استخدمنا أسماء مستعارة لكل الأشخاص في تلك القصة، كما نمتنع عن تحديد أماكن وقوع الأحداث على وجه الدقة.
تعول أمل أسرتها الكبيرة بمفردها، لأن زوجها مريض ولا يقوى على العمل. وتشعر أن الحياة قد كشرت عن أنيابها منذ أن بدأت رحلة نزوح شاقة وطويلة، قبل أكثر من 10 سنوات، حتى وصلت إلى هذا المخيم الواقع في صحراء قاحلة.
وتخبرني "لو انقطعت عنا إمدادات الغذاء والدواء، سيموت أبنائي. فإننا لا نملك شيئا من حطام هذه الحياة".
واضطرت أسرة أمل لمغادرة منزلها في عام 2015 بعد أن اندلعت المواجهات بين الحوثيين، أو حركة أنصار الله كما تطلق على نفسها، والتحالف الذي قادته السعودية للحيلولة دون تمدد نفوذ الحوثيين في اليمن.
وتنظر السعودية للحوثيين كذراع لإيران في الشرق الأوسط. وطالما تنافس البلدان على النفوذ الإقليمي. وترفض السعودية وغيرها من القوى السنية في المنطقة تنامي النفوذ الإيراني الشيعي في عدة دول عربية. وشن تحالف، قادته الرياض، غارات جوية مكثفة على مناطق وجود الحوثيين في جارتها الجنوبية، اليمن. ووفرت الولايات المتحدة وبريطانيا دعما لوجيستياً واستخباراتياً لهذا القصف الجوي.
التسول أم الموت جوعاً؟
يبلغ أصغر أبناء أمل التسعة نحو خمس سنوات، وتسكن الأسرة خيمة بلاستيكية بالية لا تقيها شر حرارة ولا تحميها من برودة. ولا يوجد في الخيمة أثاث يذكر، فلا أسرة ولا مقاعد ولا حتى أغطية ثقيلة يتدثرون بها من شتاء الصحراء القارس.
بعد أن تنفد سلة الغذاء الشهرية، تضطر أمل للخروج من المخيم لتمر على المطاعم والأسواق وتتسول بضعة أرغفة من الخبز أو قليلا من الأرز والعدس لتسد به رمق أبنائها التسعة.
وتقول "أشعر بالخزي وأنا أمد يدي بالسؤال. لكن ما من حيلة لدي. هل أترك أولادي يتضورون جوعاً؟" وكثيراً ما تجهش بالبكاء بسبب ضيق ذات اليد وشعورها بالعجز.
ويوضح برنامج الأغذية العالمي أن حوالي 70% من العائلات النازحة تكافح من أجل سد أبسط احتياجاتها من الغذاء.
مصير مجهول
في 10 من فبراير/ شباط الجاري، نعى برنامج الأغذية العالمي وفاة أحد موظفيه "أثناء احتجازه. وكان قد تم اعتقاله تعسفياً من قبل سلطات الأمر الواقع (الحوثيين) في 23 كانون ثان/يناير 2025. ودعا إلى إجراء إجراء تحقيق فوري وشفاف لمحاسبة المسؤولين عن تلك "المأساة المروعة غير واضحة".
يشعر عبد العزيز بقلق بالغ إزاء مصير موكليه إذ لا يعرف مكان احتجازهم حتى الآن. ويتولى الدفاع عن 14 شخصاً من موظفي المنظمات الإنسانية القابعين خلف القضبان منذ العام الماضي، من بينهم ثلاثة من العاملين بالأمم المتحدة.
ويخبرني أن "الاتصال انقطع معهم تماماً خلال الثلاثة أشهر الأولى من اعتقالهم".
وفي الشهور التالية، تمكن المحتجزون من إجراء مكالمات هاتفية معدودة وقصيرة لأفراد أسرهم "وتراوحت مدة المكالمة بين خمس وعشر دقائق". ولا يعرف عبدالعزيز إلام سيؤول مصير موكليه.
وحاولت بي بي سي التواصل مع الحوثيين لمعرفة المزيد من التفاصيل بخصوص كل عمال الإغاثة المحتجزين لكننا لم نتلق رداً.
عمال إغاثة ملاحقون
وتتصاعد المخاوف بشأن تدهور أحوال النازحين، في ظل استمرار ملاحقة الحوثيين للعاملين في منظمات المجتمع المدني. تتذكر هناء اللحظة التي دخلت فيها إلى مكتبها بالعاصمة صنعاء لتجد "الأبواب محطمة ومديري محاطاً برجال الأمن وكل محتويات المكتب من أجهزة وكاميرات وهواتف مصادرة". وتقول إن هذه المداهمة، التي تمت قبل بضعة أشهر، حُفرت في ذاكرتها للأبد.
تعمل هناء بمنظمة أهلية تمولها الولايات المتحدة وتنخرط في تمكين المرأة وتدريب الكوادر المحلية على حل المشكلات المجتمعية والسياسية عبر التفاوض. كما تتولى، بالتعاون مع جمعيات أخرى، استخراج أوراق ثبوتية للنازحين الذين فقدوا متعلقاتهم خلال النزوح، كي يبدأوا حياة جديدة.
لكنها رحلت عن صنعاء وتوجهت نحو جنوب البلاد البعيد عن نفوذ الحوثيين، بعد احتجاز مديرها واتهامه بالتخابر. فبعد يوم واحد من القبض عليه، جلست هناء أمام شاشة التلفزيون لتشاهد قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين وهي تبث ما وصفته باعترافات "شبكة التجسس الأمريكية"، في إشارة لمجموعة من الموظفين المحليين بالسفارة الأمريكية في صنعاء الذين ألقي القبض عليهم في عام 2021. وأغلقت السفارة أبوابها في عام 2015 بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة.
تخبرني هناء أنها شعرت حينها أن الرحيل قرار لا بد منه، لأن الحوثيين باتوا يستهدفون كل من يرتبط بأي جهة أجنبية.
"حملات تشهير"
وتعتقد هناء أن ملاحقة الحوثيين لمؤسسات المجتمع المدني تهدف لترهيب المواطنين. لكن أكثر ما يؤلمها هو كيفية استقبال الرأي العام لما تصفه بحملات التشهير التي نظمها الحوثيون ضد أفراد المجتمع المدني. وتقول "صدمت عندما طالعت مواقع التواصل الاجتماعي لأجد الناس مؤمنة بأننا عملاء وجواسيس".
بعد رحلة صعبة، نجحت هناء في الوصول لجنوب البلاد لتجلس "في بكاء متواصل لثلاثة أيام بعد أن فقدت الرغبة في تناول أي طعام". فقد كان وقع الصدمة أكبر من قدرتها على التحمل.
يتزايد خوف هناء حالياً بعد أن صنف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحوثيين كجماعة إرهابية مؤخراً. وقد يصب الحوثيون جام غضبهم على كل العاملين بالمنظمات ذات التمويل الأمريكي عقب هذا التصنيف.
ويحصل اليمن على مساعدات ضخمة من الولايات المتحدة بلغت قيمتها الإجمالية نحو ستة مليارات دولار منذ أواخر عام 2014، وفق بيانات البعثة الأمريكية إلى اليمن.
ويأتي جزء كبير من تلك المساعدات عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي قرر ترامب مؤخراً تعليق عملها لمدة 90 يوماً حتى تتم مراجعة بنود الصرف. وصارت الكثير من المشروعات التي تمولها الوكالة في أكثر من مئة دولة حول العالم في مهب الريح بعد قراره بتخفيض العمالة وتجميد الحسابات المصرفية.
وحذرت منظمة هيومان رايتس ووتش من "التأثير المدمر" لسياسات الرئيس الأمريكي وكذلك "الاعتقالات التعسفية التي يمارسها الحوثيون".
وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين بالمنظمة الحقوقية، لبي بي سي، إن وضع الحوثيين على قائمة الإرهاب بجانب تجميد عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) سيؤدي إلى "تبعات ضخمة على تقديم المساعدات". وتوضح جعفرنيا أن الوكالة الأمريكية تضطلع بنحو ثلث المساعدات المقدمة لليمن.
عيادات بلا دواء
يعاني الكثير من أطفال المخيم من الإسهال والالتهاب الرئوي بسبب تردي مستوى المعيشة وقلة الغذاء وسوء الأوضاع الصحية. ولا يتوفر من سبل العلاج إلا أقل القليل.
وتظل رفوف بعض العيادات بالمنطقة خالية لأسابيع. وعلمت بي بي سي من العاملين هناك إن المخزون المتاح من الأدوية لا يقارن بحجم الاحتياج ولا بأعداد المرضى.
تواصلت بي بي سي مع عدة هيئات تابعة للأمم المتحدة للاستفسار بشأن سير توزيع المساعدات في مناطق الحوثيين من دون أن نتلقى رداً.
لكن هانز غروندبرغ، المبعوث الإنساني الخاص لليمن، قال في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، إن ملاحقة الحوثيين لعمال الإغاثة ليست فقط "انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، بل تمثل أيضا تهديداً مباشراً لقدرة الأمم المتحدة على مساعدة ملايين المحتاجين".
"رضيت بقدري"
لا تتفاءل سميرة بشأن المستقبل. وتخبرنا أنها لم تعش يوماً واحداً طيباً منذ وفاة زوجها قبل سنوات. تسكن مع أمل في نفس المخيم، برفقة أبنائها الأربعة. وتتساءل سميرة بصوت مليء بالبؤس "ماذا سيحل بأبنائي إن مت؟! هذا هو السؤال الذي يقض مضجعي كل ليلة فيحرمني النوم".
وتلجأ سميرة لبيع نصف سلة الغذاء الشهرية التي تحصل عليها من برنامج الأغذية العالمي لأنها تحتاج للنقود كي تشتري عبوات مياه لأبنائها إذ لا توجد مياه في المخيم. ويلحظ من يتجول في المنطقة صفوفا طويلة من رجال ونساء وأطفال، يحمل كل منهم عبوات ضخمة لتوفير حاجتهم من المياه.
يعمل ياسر، ابن سميرة الأكبر، في غسيل السيارات كي يعين والدته على إعالة إخوته الصغار. كان يتمنى أن يذهب للمدرسة بل كان يحلم باستكمال دراسته خارج اليمن لكنه يقول باستسلام "هذا هو قدري وقد رضيت به".