قال سياسيون أمريكيون إن إدارة الرئيس جو بايدن تفتقر إلى الإرادة السياسية لملاحقة الحوثيين ومنع تدفق الأسلحة الإيرانية إليهم.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست، الجمعة، عن السيناتور مايك راوندز، عضو لجنتي المخابرات والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في مقابلة صحفية قوله: "ببساطة ليس لدينا الإرادة السياسية لملاحقة الحوثيين"، فيما نقلت الصحيفة عن السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، جيرالد فايرستاين قوله إن الضربات الأمريكية على مواقع الحوثيين العسكرية لم تتمكن من إضعاف قدرتهم على مهاجمة السفن وتهديد الملاحة البحرية كونهم يستبدلون ما يتم تدميره عن طريق ما يصلهم من أسلحة مهربة من إيران.

وأضاف فايرستاين أن قدرة القوات الأمريكية على منع تدفق الأسلحة والمواد العسكرية إلى الحوثيين لا تزال ضئيلة.

وأشار تقرير الصحيفة الأمريكية إلى تحايل إيران على حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على اليمن، وإرسالها سراً أسلحة ومعدات من الموانئ الإيرانية إلى بحر العرب، أو براً من سلطنة عمان. فيما علق فايرستاين بالقول: "لقد زادت قدراتهم بالتأكيد وما دام لديهم حافز لمواصلة هذه الهجمات دون ردع فسوف يستمرون بشنها".

وأوضح أن التصاعد الأخير في نشاط مليشيا الحوثي يؤكد أنها جماعة تشكل تهديدا مستداما على التجارة العالمية، خاصة مع اعتمادها على التدفق المستمر للأسلحة والخبرة الإيرانية لمقاومة الضربات الأمريكية والبقاء في وضع الهجوم. كما أكد التقرير أن الجهود الأمريكية المتعثرة لوقف هجمات الحوثيين وحماية الشحن العالمي، أثارت نقاشات بين أعضاء الكونجرس، حيث يقول المشرعون إن إدارة بايدن لم تبذل ما يكفي لتحقيق الردع.

وفي نفس السياق، نقلت الصحيفة عن السيناتور الديمقراطي مارك كيلي قوله إن المدمرات البحرية الأمريكية ومجموعات حاملات الطائرات القتالية في المنطقة كانت "ناجحة إلى حد ما" في تعطيل الهجمات. "لكن إذا لم نحمِ هذا الشحن، فسنشهد زيادة في مشكلات سلسلة التوريد".

وقال كيلي، وهو من قدامى المحاربين في البحرية ويعمل في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إنه راجع للتو معلومات استخباراتية سرية حول هذه القضية ولا يمكنه التعليق بالتفصيل على الجهود المبذولة لعرقلة شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين. لكنه أقر بأن الحوثيين مستمرون في الحصول على أسلحة متقدمة من إيران.

وأضاف: "أعتقد أنهم عندما يحصلون على الذخائر من الإيرانيين يشعرون أنه من مصلحتهم استخدامها في إثارة الاضطراب في البحر الأحمر".

وعن إصرار الحوثيين على مواصلة التصعيد في البحر الأحمر والبحر العربي، قالت هانا بورتر، الباحثة في الشأن اليمني لدى مجموعة ARK، وهي منظمة تنمية دولية مقرها المملكة المتحدة: "هذه محاولة لإثبات أن الحوثيين لاعب إقليمي خطير". وبعد الانخراط في قتال مباشر مع الجيش الأمريكي، قالت بورتر إن الحوثيين "يمكنهم الآن تصوير أنفسهم كلاعب قوي"، واستخدام ذلك لتشديد قبضتهم محليًا أو في محادثات السلام الجارية مع المملكة العربية السعودية.

ونوهت الصحيفة إلى ما تمارسه مليشيا الحوثي على أرض الواقع بالفعل، حيث تستخدم المليشيا صور الصراع -بما في ذلك وسائط الميديا- لقيادة حملات التجنيد وقمع معارضيها، مشيرة إلى ما يتناقله الإعلام الحوثي عن تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين الإضافيين إلى صفوفهم منذ بدء هجمات البحر الأحمر.

من جانبها أشارت ندوى الدوسري، الباحثة اليمنية المقيمة في الولايات المتحدة لدى معهد الشرق الأوسط، إلى الطبيعة الانتهازية للمليشيا الحوثية، حيث قالت إن السلوك الحوثي خلال المرحلة الراهنة يدل على أن الجماعة تستخدم هجمات البحر الأحمر للتحضير للتصعيد في اليمن.

واستدلت الدوسري في تحليلها بحملة القمع والاختطاف التي شنتها المليشيا الحوثية في وقت سابق من يونيو الجاري، ضد العاملين في منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، بمن فيهم موظفون لدى الأمم المتحدة. وقالت إن الاعتقالات تهدف إلى القضاء على الجيوب الصغيرة للمعارضة التي لا تزال موجودة في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية.

 وأضافت: "لقد تم قمع هذه الأصوات، لكن الحوثيين الآن يريدون القضاء عليها بالكامل".

تصريحات السياسيين الأمريكيين عن عدم وجود إرادة سياسية لدى حكومتهم لملاحقة الحوثيين ومنع تدفق الأسلحة الإيرانية إليهم، تشير إلى الثغرات الكبيرة في السياسة الدولية والتي تمكّن مليشيا الحوثي من التسلل عبرها للإضرار بمصلحة اليمن ومصالح دول المنطقة، وحتى المصالح الأمريكية والبريطانية نفسها.

ويرى مراقبون محليون أنه من الصعب تصديق عجز الولايات المتحدة بترسانتها العسكرية الهائلة والقدرات المتطورة لأسلحتها، أمام أسلحة مليشيا بدائية، مشيرين إلى أن هذه التصريحات الناقدة للإرادة السياسية الأمريكية تفسّر استمرار المليشيا الحوثية في شن الهجمات على الملاحة البحرية ومحاولة إعادة تفجير الوضع عسكريا في اليمن.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الأسلحة الإیرانیة ملیشیا الحوثی البحر الأحمر تدفق الأسلحة

إقرأ أيضاً:

بعد وقف إطلاق النار في غزة.. ما هو أفق الحرب الأمريكية في اليمن؟

بحلول صباح اليوم الأحد دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، منهيا أكثر من عام وثلاثة أشهر، من عمليات الإبادة الجماعية ضد سكان القطاع، في حرب أدارتها الولايات المتحدة الأمريكية ونفذ جرائمها الكيان الصهيوني بالأسلحة الأمريكية وبالتكنولوجيا الغربية، في حين انخرط حلف الساحات بقيادة إيران، في حرب إسناد قادت إلى توسيع نطاق المواجهة الإقليمية التي انتهت بتحييد حزب الله اللبناني وسقوط النظام السوري، وتعرض إيران لأوسع هجوم إسرائيلي، وتعرض موانئ ومطارات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية في اليمن للتدمير من جانب الطيران الصهيوني.

تجاهلت جماعة الحوثي الوعيد الذي أظهرته الولايات المتحدة ومعها الكيان الصهيوني، وواصلت استهداف الأرض المحتلة بالصواريخ حتى عشية دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، في تحدٍ واضحٍ عكس ربما رغبة الجماعة في إضفاء البعد الأخلاقي على المواجهة المحتدمة مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، والتي تصاعدت وضيَّقتْ الخناق على خيارات الجماعة في المناورة أكثر من أي وقت مضى، في الوقت الذي حدَّثتْ فيه واشنطن قائمةَ أهدافها العسكرية في اليمن لتشمل غرف عمليات ومراكز سيطرة وقيادة، والأهم من كل ذلك ضرب مخازن الأسلحة المخزنة في سلسلة الجبال الشمالية الغربية، والتي تضم فيما تضم أسلحة سبق أن قدمتها واشنطن لنظام علي عبد الله صالح لمحاربة "الإرهاب" وأبدت حرصا كبيرا على تسليمها للحوثيين بعد دخولهم لصنعاء؛ للتأكد من هذه الأسلحة ستستخدم في نطاق الهدف المحدد أمريكيا.

مثلت حرب غزة فرصة تاريخية لجماعة الحوثي لتعظيم دورها في الجغرافيا اليمنية على المستويين الإقليمي والدولي، وامتلاك أوراق تفوّق على السلطة الشرعية والطيف الواسع من القوى السياسية اليمنية التي تناهض الدور الانقلابي للجماعة، واكتساب مشروعية شعبية لطالما افتقدت إليها. وها هو وقف إطلاق النار يوفر فرصة أخرى للجماعة لكي تعلن وقف أنشطتها العسكرية في البحر الأحمر والتوقف عن إطلاق الصواريخ، وهو سبب يفترض أن يتوقف معه الارتداد الأمريكي العنيف على الحوثيين
لقد مثلت حرب غزة فرصة تاريخية لجماعة الحوثي لتعظيم دورها في الجغرافيا اليمنية على المستويين الإقليمي والدولي، وامتلاك أوراق تفوّق على السلطة الشرعية والطيف الواسع من القوى السياسية اليمنية التي تناهض الدور الانقلابي للجماعة، واكتساب مشروعية شعبية لطالما افتقدت إليها. وها هو وقف إطلاق النار يوفر فرصة أخرى للجماعة لكي تعلن وقف أنشطتها العسكرية في البحر الأحمر والتوقف عن إطلاق الصواريخ، وهو سبب يفترض أن يتوقف معه الارتداد الأمريكي العنيف على الحوثيين، بعد سنوات من الوقوف على أرضية مشتركة، وربما يوقف مخططات الكيان الصهيوني لتوجيه ضربات جديدة للحوثيين، وهي في الغالب موجهة ضد البنى التحتية لليمنيين.

على أنه من غير المحتمل أن يتم تصفير المواجهة الأمريكية الإسرائيلية مع الحوثيين، فالأمر يتعلق ربما بحرمان إيران من رافعة جيوسياسية إقليمية يوفرها اليمن من خلال سيطرة جماعة الحوثي على القسم الشمالي منه، وإشرافها على قسم مهم من الممر الملاحي الدولي في جنوب البحر الأحمر، مع وجود ترسانة أسلحة من شأنها أن تعزز القوة المنفلتة للحوثيين باعتبارهم جماعة من دون دولة، في منعطف إقليمي ودولي يبدو أنه حاسم في إنهاء دور مثل هذه الجماعات.

وثمة أدلة قوية تعزز فرضية بقاء جماعة الحوثي تحت مرمى الاستهداف الأمريكي. فقد حرصت الإدارة الأمريكية الديمقراطية -التي عرفت بانحيازها للحوثيين- حتى آخر يوم من ولاياتها؛ على فرض عقوبات اقتصادية عليهم، طالت بنك اليمن والكويت الذي يمثل نافذة مهمة للجماعة تصلها بالسوق المالية الدولية. وهي تتمة لسلسلة من القرارات السابقة التي طالت محافظ البنك المركزي في صنعاء، وقيادات مالية ومصرفية تابعة للجماعة. وهي خطوات تدعو للتأمل، إذ أنها حلت في جزء منها بديلا عن القرارات التي كان البنك المركزي اليمني في عدن قد اتخذها لتضييق الخناق على جماعة الحوثي وإنهاء نفوذها على العملية النقدية والمصرفية، والحد من قدرة وصول الجماعة إلى السوق المالية العالمية لكنه أجبر على التراجع عنها.

وفي إطار الاستهداف الاقتصادي لجماعة الحوثي أقدم الكيان الصهيوني وتحت أنظار الولايات المتحدة وبالتنسيق معها، على ضرب موانئ الحديدة ومطار صنعاء، وثلاث على الأقل من محطات توليد الطاقة الكهربائية الرئيسية، اثنتين منها في صنعاء والثالثة في رأس كثيب على ساحل البحر الأحمر، وهي أهداف لا تخص الجماعة وحدها.

هذه الضربات فاقمت من مأساة اليمنيين، وحرمت جماعة الحوثي من موارد هائلة كانت تحصل عليها من العائدات الجمركية والضريبية لنحو 80 في المائة من الواردات التي تدخل اليمن، وهي مزايا كانت الولايات المتحدة قد ضغطت من أجل منحها للحوثيين كثمن لقبولهم بهدنة لم تنجح في وقف الأعمال العدائية المتقطعة والمؤلمة لليمنيين.

حتى الآن لم تتضح طبيعة الإملاءات الأمريكية المحتملة على الرياض يمكن أن تضاف إلى الإيعاز بتعطيل خارطة الطريق ذات المضمون الأمريكي في الأساس، وعما إذا كانت تتضمن أفكارا حول إمكانية دفع الساحة اليمنية لمعركة شاملة مع الحوثيين.. لا شيء في الأفق يشير إلى تحول من هذا النوع، لكن ثمة مناخا مريحا قد توفر للسعودية لكي تفكر بشكل هادئ في صياغة مستقبل اليمن
حتى الآن لم تتضح طبيعة الإملاءات الأمريكية المحتملة على الرياض يمكن أن تضاف إلى الإيعاز بتعطيل خارطة الطريق ذات المضمون الأمريكي في الأساس، وعما إذا كانت تتضمن أفكارا حول إمكانية دفع الساحة اليمنية لمعركة شاملة مع الحوثيين.. لا شيء في الأفق يشير إلى تحول من هذا النوع، لكن ثمة مناخا مريحا قد توفر للسعودية لكي تفكر بشكل هادئ في صياغة مستقبل اليمن، باتفاق محتمل -لكن ليس تحت الضغط- مع الحوثيين، أو ربما تحييدهم.

هناك لقاءات لافتة أجراها قائدة العمليات المشتركة للتحالف، الفريق الركن السعودي فهد السلمان، مع قيادات الصف الأول في التجمع اليمني للإصلاح، في خطوة قد تنطوي على مؤشر جدي لمنح دور لهذا الحزب الذي لطالما استهدف واستهدف ومعه الجيش الوطني من قبل التحالف، بسبب وجود متطوعين وقادة في هذا الجيش ينتمون للحزب.

وقد يكون اللقاء مجرد مناورة للضغط على الحوثيين واحتوائهم ودفعهم نحو عملية سياسية بسقف منخفض عما كان عليه الحال قبل الـ19 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وهو التاريخ الذي بدأ فيه الحوثيون أولى عملياتهم ضد السفن في البحر الأحمر.

ما نعرفه حتى الآن أن شمال اليمن باعتباره ساحة نفوذ حوثية، لا يزال يحتفظ لهم بذات النفوذ والإمكانيات والسيطرة والوظيفة الكابحة لمسار السلام في اليمن، والضاغطة على الأمن الإقليمي.

x.com/yaseentamimi68

مقالات مشابهة

  • الزبيدي ينتظر ترمب لردع الحوثيين في اليمن
  • الناطق باسم سرايا القدس: التحية لأهلنا في اليمن وللسيد القائد عبد الملك الحوثي الذين ضربوا عمق الكيان الغاصب
  • العليمي يهنئ ترامب لتوليه الرئاسة الأمريكية ويتطلع لدعم اليمن في استعادة دولته واسقاط إنقلاب الحوثيين
  • تزامنا مع تنصيب ترامب.. ماكرون يطالب أوروبا بالتوقف عن شراء الأسلحة الأمريكية
  • توسيع العقوبات الاقتصادية الأميركية على الحوثيين.. أي تأثير على اليمن؟
  • الحوثي: ترسانة اليمن العسكرية فوق المتوقع
  • محمد علي الحوثي: اليمن سيظل حارسًا للقضية الفلسطينية ومواجهة العدوان
  • بعد وقف إطلاق النار في غزة.. ما هو أفق الحرب الأمريكية في اليمن؟
  • "الحوثي" تعلن شن جولة جديدة من الضربات استهدفت مدن إسرائيلية وحاملة الطائرات الأمريكية "ترومان"
  • وزير الخارجية: لابد من توافر إرادة سياسية لدى إثيوبيا للتوصل لاتفاق بشأن سد النهضة|فيديو