د. منجي علي بدر يكتب: ثورة 30 يونيو وسنوات البناء وتحديات المستقبل
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
إن ثورة 30 يونيو علامة فارقة ونقطة بداية، سطر خلالها شعب مصر بإرادته الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، حيث حظيت ثورة الشعب المصرى باهتمام وطنى وعالمى، تكاتفت خلاله جموع المصريين، وتوحدت كلمتهم خلف مؤسسات الدولة والمخلصين من أبناء الوطن، وكتبت الأمة بأحرف من نور ميلاد مسار جديد للعمل الوطنى، لتنطلق بعدها مسيرة البناء والتنمية الحقيقية على كافة المستويات.
ومن ذكرياتى ومتابعاتى اليومية عام 2013، حيث كنت أعمل كمستشار لوزير التجارة والصناعة بمقر الوزارة فى جاردن سيتى وكنت أشاهد الحشود تتزايد فى ميدان التحرير وتنادى برحيل النظام وضرورة تدخل الجيش للحفاظ على مصر من تداعيات مجتمعية قاسية، وانحازت القوات المسلحة المصرية للإرادة الشعبية الجارفة، مؤكدة أنه لم يكن بمقدورها غض البصر أو صم الآذان عن حركة ونداء الشعب المصرى، وخرجت بخارطة مستقبل رسمها توافق القوى والتيارات الوطنية، أزاحت من خلالها حكم الجماعة للعديد من الأسباب منها: التعدى على السلطة القضائية وتمثل فى عدم احترام أحكام القضاء، وافتعال أزمات متتالية مع السلطة القضائية وإصدار إعلانات دستورية تمس القضاء والحريات العامة، ومحاصرة المحكمة الدستورية.
وأيضاً عفو رئاسى عن الإرهابيين شمل 588 سجيناً بينهم فلسطينيون كانوا متهمين فى عدد من القضايا، أبرزها أسلحة وذخيرة وخلافه، وقرارات عفو عن المتهمين فى قضية تنظيم الإخوان الدولى، وبث روح الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن، كما حرص الإخوان على اختراق جميع أجهزة الدولة للسيطرة عليها، فخلال 8 شهور فقط من الحكم تم تعيين المنتمين لجماعة الإخوان فى مختلف أجهزة الدولة.
وأزمة مياه النيل كشفت سوء إدارة رهيباً، فضلاً عن فضيحة بث الاجتماع على الهواء مباشرة فى مسألة تخص الأمن القومى للبلاد، وتدهورت السياسة الخارجية المصرية وضاعت هيبة الدولة المصرية، وتراجعت علاقات مصر بدول محورية باستثناء العلاقات مع دول تدعم حكم الإخوان فى مصر مثل تركيا وقطر. هذا، وتم الانفراد بصياغة الدستور وصدر مفتقداً التوافق الوطنى، كما سعى الإخوان لاختراق ماسبيرو وزرع عناصرهم بداخله، وأخونة المؤسسات الصحفية والإعلامية ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى ومحاولة تغيير هوية مصر الثقافية، وإقصاء قيادات وزارة الثقافة، وكان اعتصام المثقفين داخل وزارة الثقافة أول مسمار فى نعش النظام، كما أثرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية.
سنوات البناء للمستقبل وعودة المكانة المصرية إقليمياً ودولياً:
بدأت ملحمة البناء عام 2014 بوصول الرئيس السيسى إلى سدة الحكم، ويحدثنا التاريخ عن قادة يملكون الحكمة والبصيرة ويؤمنون بقدرة شعوبهم على صناعة مستقبل أفضل فيخططون للمستقبل لتحويل أحلام شعوبهم لواقع ملموس فى عالم يتغير نظامه الدولى بوجهه السياسى والاقتصادى، ومع كل منعطف تاريخى تتبدل مقاعد اللاعبين كباراً وصغاراً، وتأتى قوة الجمهورية الجديدة من قوة جيشها وتلاحم شعبها وشعارها يد تبنى وتحقق تنمية اقتصادية مستدامة ويد تحمل السلاح لتحقيق الأمن القومى بمفهومه الشامل، ويراعى البناء الجديد للجمهورية الجديدة التوازن الدقيق بين الطبقات، بتطبيق برامج حياة كريمة وتكافل وكرامة والخروج من الوادى الضيق إلى الصحراء بمخطط تنموى يقضى بخفض الكثافات السكانية فى الدلتا والصعيد، وإفراغ حمولة العقود الماضية عن كاهل القاهرة، وتشييد شبكة طرق ومحاور تنموية تقطع البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وربط الوادى بسيناء بخطوط طول وعرض من الأنفاق والكبارى وخطوط السكك الحديدية وفق أحدث منتجات العصر الحديث، وتحمل الشعب المصرى عبء بناء دولته وإصلاح الاقتصاد بصبر وشجاعة وولاء.
تحديات المستقبل وإصرار مصر على الإعداد للعبور فى ظل تحديات محلية وإقليمية ودولية:
نفذت مصر العديد من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية التى تدعم تحول الاقتصاد من خدمى ريعى إلى اقتصاد إنتاجى، يعتمد على الصناعة والزراعة وتحسين بيئة الاستثمار والإنتاج وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتمهيد البنية التحتية التى أنفقت مصر عليها أكثر من 10 تريليونات جنيه مصرى، وتحسين جودتها كإحدى الركائز الرئيسية لجهود الدولة لتحفيز القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال المصرية، ومنذ اليوم الأول لحكم الرئيس السيسى عام 2014، قام بترسيخ مفهوم الجمهورية الجديدة، التى تمتلك القدرات الشاملة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وتعلى مفهوم المواطنة وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، وعادت مصر لقوتها أمام العالم ولم تعد مصر دولة العاصمة كما كانت طيلة القرون الماضية، وبعزيمة لا تلين لامتداد العمران ليصل إلى 25% من المعمورة خلال السنوات القليلة القادمة، حيث تقوم الجمهورية الجديدة بتشييد مدن جديدة وحديثة (23 مدينة حتى الآن)، وترتبط بالعاصمة الإدارية الجديدة لتشكل فى مجموعها مصر الجديدة التى تنبنى على التخطيط والتنفيذ وبأيادٍ مصرية. وتستمر مسيرة عطاء الشعب المصرى، وتزداد معها الطموحات والآمال والتحديات، وأصبحت ثورة 30 يونيو علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وعنصراً من عناصر بعث الهوية المصرية وتطورها، وباقة أكسجين أسعفت الأمة المصرية فى القضاء على مسلسل الفوضى بنشر المشاعر الوطنية، وإيماناً بمجد ماضيهم وعراقة تاريخهم وحضارتهم وأمل كبير فى مستقبلهم اعتماداً على أسس ثابتة اقتصادياً ومجتمعياً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الشعب المصرى
إقرأ أيضاً:
منير أديب يكتب: دستور مؤقت أم أسلمة دائمة؟ إعلان دستوري يكرس الصلاحيات في يد الرئيس ويستثني المكونات السورية من معادلة الحكم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أثار توقيع الرئيس السورى المؤقت أحمد الشرع الكثير من المخاوف بعد توقيعه على الإعلان الدستوري، والذى رفضته أغلب المكونات السورية، خاصة وأنّ الإعلان ينص على أسلمة المجتمع السوري، ولا يعترف بباقى المكونات سواء غير العربية أو حتى تلك المختلفة فى العقيدة الدينية والمذهب.
توقيع الرئيس السورى على مسودة الإعلان الدستورى جاء بعد توقيع سابق مع القائد العسكري، مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، على بنود اتفاق يذهب لدمج قواته والتى قد تصل إلى مائة ألف مقاتل مع باقى القوات الأمنية السورية فى دمشق، كما أنه يتيح للسلطة فى دمشق حكم المناطق التى كانت خاضعة للقوات الكردية فى شمال شرق سوريا.
توقيع الإعلان الدستورى قد يكون بداية انقلاب على اتفاق المبادئ مع المكون الكردي، الذى كان يأمل أنّ يكون جزءً من المجتمع السورى العربى دون التخلى عن هويته، كما أنّ الإعلان أثئار المخاوف لدى باقى المكونات السورية، مثئل الدروز والإزيديين والزرادشت وباقى المكونات المختلفة عقائديًا ومذهبيًا وعرقيًا.
الإعلان الدستورى يُلمح إلى توجه القيادة العامة فى سوريا إلى السيطرة الكاملة، وتغيير ملامح المجتمع المتنوع وفق تصورات هذه القيادة، ليست فقط التصورات الإسلامية وإنما الفقهية أيضًا التى يُراد فرضها على المجتمع.
هذه القراءة تخص بنود مسودة الإتفاق وما ترمى إليه ودلالاتها وانعكاسها على المصالحة السورية بعد أحداث الساحل التى راح ضحيتها عدد ضخم من المدنيين على يد قوات الأمن العام والميلشيات المسلحة المتحالفة مع قيادة السلطة الحالية.
دستور إسلامى ورئيس لا يُعزل
مسودة الإعلان الدستورى نصت على أنّ الإسلام هو الدين الرسمى للدولة، ليس هذا فحسب، ولكنها نصت أيضًا على أنّ الفقة الإسلامى هو المصدر الأساسى للتشريع، كما أنها ضمنت بقاء رئيس الجمهورية دون عزل من أى من السلطات الأخرى، وهنا نص الإعلان الدستورى على فترة انتقالية مدتها ٥ سنوات.
حاولت السلطة الحالية تبرير إعلانها بخصوص عدم وجود سلطة أخرى تكون قادرة على عزل الرئيس، بأنّ الشعب هو المخول بهذا العزل! من المفترض أنّ المؤسسات التى يتم إنشاؤها وفق الإعلان الدستورى تكون معبرة عن الشعب، وبالتالى تكون مخولة بعزل الرئيس إذا رأت ذلك، على أنّ تكون هذه المؤسسات معبرة بحق عن الشعب بكل أطيافه.
صحيح البرلمان الذى يتم تدشينه سوف يكون ثلثه معين من قبل إدارة الرئيس أحمد الشرع، إلا أنّ الإعلان لم يخول له قرار العزل، بل لم يكن مطروحًا من أساسه العزل، مع العلم أنّ البرلمان سوف يتم تشكيله من لون واحد بدعوى التوافق، خاصة وأنّ القيادة الحالية بررت تعين الحكومة الحالية من طيف واحد واستثنت كل المكونات السورية، بأنّ الفترة الانتقالية لا بد أنّ يكون فيها التعيين من طيف واحد، حتى يمكن للعالمين التوافق والاتفاق نحو أهداف واحدة، مبرر غير منطقى وسوف يُعاد تكراره مع بقية المؤسسات الأخرى.
وهنا تهدف القيادة العامة فى سوريا إلى تأصيل وجودها وجذورها بحيث يصعب معه أى محاولات لتلاشيها أو استثنائها من المشهد السياسى ربما مستقبلًا، وفى نفس الوقت تهميش باقى الطوائف والمذاهب والمختلفين عقائديًا مع السلطة الحالية، هذا التهميش على المستوى السياسى والاجتماعى أيضًا.
وهنا افترض الإعلان الدستورى أنّ يكون رئيس الجمهورية مسلم، فلم يُراع المواطنة ولم يتم اعتمادها كمرجعية فى التعامل مع الوطنيين وفق الحقوق والواجبات، ولكنه وضع شرط الديانة والعرق حتى يتولى رئاسة البلاد.
لا يمكن للمكونات السورية الأخرى أنّ تقبل بهكذا دستور لا يمثلها، وإنما يُعبر عن المكون العربى ويضع الإسلام شرطًا لتولى رئاسة الدولة، وهنا يحرمها وفق الدستور من حق الترشح أو الفوز بدخول قصر الشعب.
صحيح الموجود مجرد إعلان وليس دستورًا كاملًا متوافقًا عليه، لكنه يُكرس لدستور آخر سوف تكون نصوصه بعيدة عن تمثيل المكونات السورية الأخرى؛ فإذا كان هذا هو الإعلان، فكيف يكون الدستور؟ حتمًا سوف يسير على نفس خطى الإعلان، بل لن يكون معبرًا عن باقى الطوائف السورية الأخرى.
الأزمة الأخرى فى الإعلان الدستورى أنه يعتمد على الفقة الإسلامى كمصدر أساسى للتشريع، وكما هو معروف الفقة هو إنتاج بشرى متغير، مبنى على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، وبالتالى المسلم ليس مُلزمًا بما فهمه الفقهاء، لأن هذا الفهم قد لا يُناسب العصر وقد يكون مناقضًا للنص الديني، الأول متغير والثانى ثابت.
وهنا لا يمكن الاعتماد فى الدستور بشكل أساسى على متغير، خاصة وأننا فى دولة بها مكونات مختلفة مذهبيًا وعرقيًا، كما أنّ هناك نت يدين بديانات أخرى خلاف الإسلام.
يعتمد أغلب الجماعات الدينية على تصور فقهى واحد، تؤول من خلاله النص؛ بمعنى أنّ الذين يرفعون السلاح ويقتلون باسم الدين يستندون إلى فتوى ابن تيمية التى يتحدث فيها عن قتال الطائفة الممتنعة عن تطبيق شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة والمتواترة، والقتال هنا ليس للمنع وإنما لجحد الوجود، مع أنّ الذين أخذو بهذه الفتوى استبعدوا سياقها، والذى كان يُقاتل المسلمين فيها التتار.
وهنا معلوم أنه يتم استنساخ الفتوى وتغيرها زمانًا ومكانًا، وهذا ما يؤكد أنّ الفقه متغير، ولا يمكن أنّ تأخذ ببعض ما فيه فى مجتمع متنوع قد لا يُطيقة، وهنا تم استثناء الشريعة الإسلامية كمصدر أساسى ورئيسى للتشريع أو أحد مصادر التشريع إلى اعتماد الفقة الإسلامي.
وهنا تبدو أغلب البنود الأخرى فى مسودة الإعلان، والتى تنص على حرية التعبير والإعلام والنشر والصحافة لا قيمة لها، كما تبدو ضمان حرية المرأة أمرٌ مشكوك فيه، وهناك رؤى فقهية لا تُسلم بحق المرأة بل تحط من قدرها، وهنا يبدو التناقض فى مواد الإعلان، أو تبدو الدعائية فى طرح عدد من البنود والتى تتعلق بالحرية عمومًا وبحرية المرأة على وجه الخصوص.
خطورة القول، أنّ الرئيس لا يُعزل، وسوف يحكم باسم الفقه المتغير، وهو ما يضع الدولة بكل مكوناتها فى حالة الفوضى، وقد يمهد الطريق أمام نزاع طائفي، خاصة وأنّ السوريين يأملون فى دولة مدنية تحوى كل الطوائف والمذاهب والأديان والعرائق، والإعلان قد خيب آمال وطموحات الشعب السورى أولًا وطموحات كل المكونات السورية ثانيًا.
عروبة سوريا وتمثيل المكونات السورية
لا أحد يختلف على عروبة الدولة السورية، ولكن الاتفاق الذى تم مع المكون الكردى فهم على أنّ الدولة السورية لا تمثل العرب فقط، ولن تكون عربية، لكنها سورية تحوى كل الطوائف الأخرى، مثل الدروز والكرد كمثال، وهو ما أعاد نبرة الرفض من قبل المكونات السورية غير العربية، والتى تُريد أنّ تكون جزءًا من المجتمع العربي، ولكن تحتفظ بهويتها وشخصيتها غير العربية فى نفس الوقت.
لا يوجد تمثل حقيقى للمكونات السورية، خاصة وأنّ الدين والشريعة الإسلامية أو الفقة الإسلامى باتت هى عصب بناء الدولة وفق الإعلان؛ وكان يأمل السوريون أنّ يكون الدستور ومسودته معبرًا عنهم، فلا دين للدولة، ولكنها ترى كل المكونات وتحترم كل الأديان والطوائف المختلفة فيها.
هناك مكونات سورية لا تؤمن بالأديان السماوية، وفق تصورات الفقهاء، وهؤلاء قد تُقام ضدهم الأحكام أو قد يُحاكموا على خلفية معتقدهم، الذى يُخالف الإعلان الدستوري، وقد تكون هناك مواد فى الدستور بعد وضعه تُعبر عن رؤية هذا الفقة لهؤلاء المختلفين.
وهنا تبدو أزمة المشرع ونية السلطة الحالية، التى تُريد أنّ تعصف بكل المختلفين معها وإنّ صرحت بخلاف ذلك، وقد يُعطيها الفقه تصورًا لهذا، فالكثير من الجماعات الدينية تعتمد على رؤية فقهية أكثر من اعتمادها على نص ديني، صحيح الرؤية الفقهية مستنبطة من النص الديني، ولكنها قد تُخالفه أو عفا عنها الزمن ولا أنّ نتحرر منها، وهذا موجود فى أبواب كثيرة فى الفقة.
وهنا يمكن القول، إنّ الإعلان الدستورى قد يمهد الطريق أمام صدام طائفى وقد تكون حرب أهليّه، وفى أحسن الأحوال قد يتكرر المشهد اللبنانى فى سوريا بتنوعاته ويبنى نظام الحكم على المحاصمة، ولذلك أحداث الساحل المأسوية مهدت الطريق للحرب الأهليّة ولعل الإعلان الدستورى مهد باقى الطريق للمصير المجهول.
سيناريوهات غائبة
ما زال الباب مفتوحًا أمام سوريا نحو بناء الدولة، هذا لن يحدث إلا لو تم احترام كل المكونات السورية بلا استثناء، فضلًا عن تمثل هذه المكونات فى الدولة، مسودة الإعلان الدستورى لا تبنئ بذلك والدستور الذى يتم وضعه بعد٥ سنوات لن يختلف كثيرًا عن الإعلان، بل سوف يستثنى كل المكونات بلا استثناء.
الحل الوحيد هو استيعاب كل الطوائف والمذاهب، كما يتم إعلان دولة مدنية يتم احترام قيم المواطنة فيها، فلا تميز لعرق أو دين أو مذهب على الآخر، بل لابد من عدم رفع هذه الشعارات حتى لا يتم جر سوريا إلى حافة الهوية، ما دون ذلك سوف يواجه الحكام الجدد طواحين الهواء ولن يستطيع بناء دولة قوية.
ولذلك نضع السيناريو الأهم والمنطقى والذى تستطيع سوريا من خلال القفز إلى المستقبل وقطع الطريق أمام أى قتنة مذهبية أو طائفية أو عرقية، كما سوف يتم إزالة أى حالة احتقان من القاموس السوري، وهنا تبدو أهمية الدفع بدستور يُعبر عن كل السوريين فى كل مكان من أرضة.
لا بد ألا تُعطى السلطات جميعًا فى يد رئيس الدولة، هناك عبارات فضفاضة، ولكن فى النهاية هناك أزمة من وراء اختطاف الدولة بدعوى الثورة، فالتغيير بهذه الصورة لن يدوم طويلًا، كما أنه يفقد السلطة لحاكمة فى دمشق قدرتها على التغيير، كما أنه يفقدها شرعيتها مع الوقت، وإنّ لم ينزعها أحد على السلطة.
إدراك الخطأ قد يُساعد فى حل المشكلة والقفز بالدولة الوليدة قفزات للأمام، وهو مازال غائبًا عن مدركات القيادة الحالية، وإنّ كنت أرى صعوية تحقيق ذلك، فهو يصل إلى مرحلة الاستحالة، وفق فهمنا للقناعات الأيديولوجية التى يؤمن بها النظام السياسى فى دمشق.
صحيح المستقبل غائم وغامض ولكن يمكن تجاوزه بمستقبل أكثر اشراكًا لو تم اشراك كل الطوائف والمذاهب، ولو عبرت الدولة عن كل مواطنيها وليس على طائفة أخرى، مازالت الفرصة سانحه وما زال الباب مفتوحًا، الوقت ليس فى صالح الاستقرار فى سوريا ولا يجب الاعتماد على سيناريو واحد يتم فرضة بالقوة.