د. مصطفى الفقى يكتب: تقدير عالمى.. بطرس غالى والدور الفرنسى فى وصوله إلى أكبر منصب دولى.. بعد تركه الأمم المتحدة تولى موقعًا دوليًا مهمًا فى منظمة الفرانكفونية
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
سوف تظل الجهود الفرنسية التى أوصلت د. بطرس بطرس غالى إلى منصب أمين عام الأمم المتحدة مثار تقدير ورمزًا للوفاء الفرنسى لثقافتهم والاعتزاز بمن ينتمون فكريًا وأكاديميًا لتلك الثقافة، ولا نزال نتذكر أن الخارجية الفرنسية قد خصصت مكتبًا مستقلًا لمتابعة انتخابات أمين عام الأمم المتحدة عام ١٩٩٢ من أجل دعم المرشح المصرى لذلك المنصب الدولى الكبير.
ولا أزال أتذكر من عملى فى مؤسسة الرئاسة كيف أن وزير خارجية فرنسا فى ذلك الوقت كان يأتى لمقابلة الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك من أجل تحميس مصر لمزيد من الجهود المشتركة مع فرنسا لإيصال د. بطرس غالى إلى ذلك المنصب الدولى الرفيع.
ولا بد أن أعترف هنا أن ذلك الرجل قد بذل جهدًا كبيرًا فى الطواف بدول العالم داعيًا لانتخابه بين ثقافات الأمم وحضارات الشعوب ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وحاول التعامل معها من أجل تحقيق هدف أفريقيا- لا مصر وحدها - فى أن يكون ذلك المنصب من حق تلك القارة التى كان عليها الدور للحصول عليه فى ذلك الوقت.
وقد نجح د. بطرس غالى فى مهمته واستطاع ذلك الدبلوماسى الأكاديمى المصرى أن يقنع الحكومات المختلفة حتى تم تتويج دوره بإعلان انتخابه أمينًا عامًا للأمم المتحدة حاصلًا على أحد عشر صوتًا من بين خمسة عشر صوتًا كانوا هم أعضاء مجلس الأمن.
وكان من الواضح أن الدول الخمس الكبرى قد صوتت تأييدًا لذلك الأستاذ الجامعى ولم تستخدم إحداها حق الفيتو ضده، والغريب فى الأمر أن الدكتور غالى قد حاز هذا المنصب بحصوله على أحد عشر صوتًا بينما خسر المنصب – بعد انتهاء مدته - ومعه من المؤيدين له أربع عشرة دولة.
ولكن الفارق بين الحالتين هو أنه عندما فقد المنصب كانت الولايات المتحدة الأمريكية - وهى أحد الدول الخمس الكبار - هى التى اعترضت على استمراره نتيجة غياب الكيمياء البشرية بينه وبين مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية، وهذا يوضح العوار فى نظام مجلس الأمن الذى يأتى بشخصية دولية بإجماع إحدى عشرة دولة من خمس عشرة لصالحه ثم يقوم بإنهاء مهمته رغم أغلبية أربع عشرة دولة لصالحه إنها توضح سطوة نظام حق الفيتو على حقوق الدول ومكانتها.
ولا أزال أتذكر أن محطة تليفزيونية كبرى قالت نصًا يوم انتخابه: لقد انتخب د.بطرس بطرس غالى أمينًا عامًا للأمم المتحدة وهو أفريقى ولكنه ليس أسود اللون.. وهو عربى ولكنه ليس مسلم الديانة.. وهو مصرى ولكنه لا يعانى ظروف الحياة فى دولة نامية، وكأنما أرادت بذلك البيان أن تجرده من كافة حقوقه وألا تتركه إلا وقد تم سحب بعض مقوماته الشخصية.
ولا بد أن نتذكر أن د.بطرس بطرس غالى كان من أنجح الأمناء العاميين للأمم المتحدة منذ تريجفى لى النرويجى، وداج همرشولد السويدى، ويو ثانت البورمى (من ميانمار حاليًا)، وكورت فالدهايم النمساوى، وخافيير بيريز دى كوييار من بيرو، وصولًا إلى كوفى عنان وبان كى مون الكورى وجوتيريش البرتغالى.
والخلاصة تؤكد أن أجندة السلام التى تبناها د.بطرس غالى كانت هى أوراق اعتماده الحقيقية فى فترة توليه ذلك المنصب الدولى الرفيع، ولأن الرجل كان مستقل الرأى لا يخضع للضغوط الأمريكية لذلك ضحى بمنصبه من أجل شرف الكلمة وكبرياء المنصب عندما صمم على نشر تقرير الأمم المتحدة عن مذبحة قانا فى الأرض الفلسطينية المحتلة فدفع الثمن راضيًا محترمًا مبادئه مقتنعًا بفكره ورؤيته التى لازمته منذ كان مدرسًا صغيرًا فى جامعة القاهرة.
وقد تولى د.بطرس غالى بعد تركه لمنصبه فى الأمم المتحدة موقعًا دوليًا هامًا وهو منظمة الفرانكفونية وظل شخصية مؤثرة فى المجال الدولى برغم كل التحديات التى أحاطت به والظروف والملابسات التى ارتبطت بدوره الدولى حينذاك.
وعندما عاد إلى وطنه مصر كرمته بلاده برئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان وقد أبلى فيه بلاءً حسنًا وحاول أن يضع بلاده فى موقع أفضل فى إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وقد تمكن الرجل من أن يترك بصمة على المستويات الدولية والإقليمية لم يحرزها سواه.
إنه د.بطرس غالى القبطى المصرى سليل العائلة العريقة والذى حصل على تقدير دولى تمثل فى احترام غير مسبوق له فى المحافل والمنتديات التى مر عليها طوال سنوات عمره التى اقتربت من الخامسة والتسعين.. إنه ابن مصر البار، وابن أفريقيا الشجاع ونتاج الثقافة الفرانكفونية المتألقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أمين عام الأمم المتحدة الأمم المتحدة بطرس غالى د بطرس من أجل
إقرأ أيضاً:
منظمة Global Justice تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب
دمشق-سانا
عُقد اليوم مؤتمر جائزة Global Justice السنوية لتكريم سفير الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب والذي أقامته منظمة Global Justice تحت عنوان “بناء سوريا عادلة، سلمية، وديمقراطية”، وذلك في فندق البوابات السبع بدمشق.
ونوهت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، في كلمة لها، بالجهود الكبيرة التي قدمها السيد راب في دعم العدالة في سوريا وفضح جرائم النظام بحق السوريين، مشيرة إلى أنه تكريماً لضحايا النظام سيتم إنشاء مشفى باسم الدكتور مجد كم ألماز الذي قُتل داخل معتقلات النظام البائد، إضافة إلى إنشاء مركز لدعم الشباب وضحايا المعتقلات باسم مازن حمادة الذي عُذّب وقُتل كآلاف السوريين في معتقلات النظام البائد.
بدورها بينت نائب رئيس منظمة Global Justice ميساء قباني في كلمة لها أن سوريا الجديدة الحرة تفخر بكل أبنائها الذين قدموا خلال سنوات الثورة كل غالٍ لدعم بلادهم، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها، بما فيها منظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن المغتربين، بمن فيهم المقيمون في الولايات المتحدة، جاؤوا إلى سوريا بعد التحرير لتقديم المساعدة في بناء سوريا.
من جهته لفت سفير الولايات المتحدة لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب، في كلمة له، إلى الجهود الكبيرة التي بُذلت لتوثيق جرائم النظام البائد عبر التعاون مع سوريين شجعان خاطروا بحياتهم لفضح فظاعة تلك الجرائم وتعريف العالم بها، والتي شملت التعذيب والقتل في السجون، والاعتقال، والإخفاء القسري، ومحاصرة المناطق وتجويعها، ومنع وصول الدواء إليها، واستخدام الأسلحة الكيماوية، وانتهاك اتفاقية جنيف، مشيراً إلى أن جرائم نظام الأسد تُعد من أبشع الجرائم التي ارتُكبت في القرن الحالي، والتي مورست في ظل صمت دولي.
وبيّن راب أن تلك الجرائم وُثّقت بشكل أفضل بكثير مما وُثّقت به الجرائم التي ارتكبها النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن الجهود التي بُذلت خلال سنوات الماضية أفضت إلى دفع القضاء في بعض الدول إلى اعتقال عدد من مسؤولي النظام البائد الذين عاشوا في الولايات المتحدة وأوروبا.
ورأى راب أن صور “قيصر” التي أنكرها النظام وأكدت صحتها المؤسسات المختصة، كانت سبباً أساسياً في دعم الحملة الدولية التي عرّت نظام الأسد، إضافة إلى الشهادات الخاصة بالمقابر الجماعية، والتي وُثّقت بصور الأقمار الاصطناعية، مؤكداً أنهم على استعداد للتعاون مع الحكومة والسلطات السورية للمضي في تحقيق العدالة من خلال توثيق الجرائم، والكشف عن مصير المختفين قسرياً وضحايا المقابر الجماعية عبر إجراء تحاليل /DNA/ ومحاسبة الأشخاص المسؤولين عنها.
تخلل الفعالية عرضٌ لأهم ما قامت به المنظمة في سوريا من مشاريع دعم وتمكين على الصعد الاقتصادية والسياسية والصحية، والسعي نحو رفع العقوبات، وبناء المدارس في المخيمات وغيرها، وفي نهاية الفعالية تم تسليم درع التكريم للسفير ستيفن راب.
تابعوا أخبار سانا على