كندقار.. نازحو الفاشر على موعد مع الفكاهة
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الفاشر- في خضم المعارك الدامية التي تشهدها مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، بين الجيش السوداني وحلفائه من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، والتي خلفت معاناة ونزوحا كبيرين، تبرز قصص نبيلة وملهمة، من بينها قصة "كندقار".
"كندقار" هو لقب الممثل الكوميدي إلياس إبراهيم عبد الرحمن، وهو أيضا مخرج ومغني تراث، يبث البهجة والسعادة على وجوه النازحين الفارين من ويلات الحرب في مدينة الفاشر.
الشاب ذو الـ25 عاما، يعمل جاهدا على تحويل الألم والمعاناة إلى لحظات من الفرح والتسلية. ينظم مسرحيات كوميدية في مخيمات النازحين ومراكز الإيواء لتكون ملاذا يخفف من تأثيرات الحرب والصعوبات التي يعاني منها السكان يوميا.
نجح هذا الشاب بموهبته في التخفيف من بعض الضغوطات على السكان من خلال شغفه الفريد بالكوميديا، حتى أصبح محل اهتمام الأهالي في مختلف مناطق الولاية وإقليم دارفور بوجه عام.
إصرار رغم التحدياتوُلد كندقار وترعرع في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور لأسرة بسيطة مكونة من 9 أفراد، وفي منزل متواضع مشيد بالطين والقش كما يقول للجزيرة نت. وأضاف "منذ الصغر كنت أحب المسرح والكوميديا وأتدرب عليهما. وعندما شاهدت معاناة النازحين في المخيمات، قررت أن أستخدم موهبتي لإدخال السعادة والفرح إلى قلوبهم".
وكشف الشاب أنه يقدم النصائح للأطفال بشأن غسل اليدين والتعامل مع الصرف الصحي ومخاطر تعاطي المخدرات في سبيل الحفاظ على الصحة والسلامة.
وذكر أنه خلال مسيرته الفنية، قدم العديد من الأعمال الدرامية التي وجدت القبول والاستحسان من قبل مجتمع الإقليم منها مسرحية "نيالا صوت العنف والرعب" و"عيال أبو" ومسرحيات أخرى عن العنف ضد المرأة والطفل وزواج القاصرات ومحاربة خطاب الكراهية.
ويواجه الممثل الكوميدي تحديات تتمثل بالظروف الأمنية التي تشهدها المنطقة والنقص في الموارد المالية، لكنه يبدي إصرارا على مواصلة العمل وتقديم أعمال فنية أخرى.
رمز للأمل والتفاؤلتقول النازحة المقيمة في الفاشر، زينب حامد "ما يقدمه كندقار من عروض كوميدية كان له الأثر الكبير في رفع الروح المعنوية لنا. إنه يستخدم موهبته بطريقة إبداعية لإدخال البهجة والسرور على قلوبنا في أوقات الشدة والمحن".
وأضافت في حديث للجزيرة نت "لقد تحول كندقار إلى رمز للأمل والتفاؤل في المدينة. فعندما يصعد إلى المنصة ويبدأ أداءه الساخر والمضحك، ننسى للحظات كل الصعاب والتحديات التي نواجهها يوميا".
ورأت أن أسلوبه في التعامل مع الواقع الصعب والظروف القاسية هو "أسلوب ذكي وإبداعي. فبدلا من الاستسلام للظروف القاسية، يختار أن يواجهها بالسخرية والفكاهة".
وتابعت "بالنسبة لنا، كندقار أشبه بنسمة الهواء العليل في يوم حار وشديد الوطأة. لقد نجح في إدخال البسمة على شفاه الجميع، وهذا الإنجاز لا يُقدر بثمن في هذه الأوقات العصيبة".
وتؤكد محاسن صالح، وهي مواطنة بمدينة الفاشر للجزيرة نت، التأثير الإيجابي لنشاط كندقار المسرحي في المدينة. وأضافت "لقد تمكن من إدخال السرور إلينا من خلال عروضه الكوميدية التي تناولت همومنا بأسلوب لطيف وممتع، مما ساعد على تخفيف معاناتنا".
دعم حكومي
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول رئيس المجلس الأعلى للثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة شمال دارفور خالد يوسف أبو رقة إن ما يقوم به كندقار وفرقته المسرحية يعد مبادرة إنسانية رائعة تستحق الدعم والتشجيع.
وأوضح أن المجلس الأعلى للثقافة والإعلام في شمال دارفور يعمل حاليا على تقديم الدعم اللازم له ولفرقته المسرحية وكافة الكوميديين لتمكينهم من الاستمرار في إسعاد النازحين ونشر البهجة والسرور في مختلف المناطق.
وكشف أن الحكومة تعمل حاليا على إعداد مشروع تحت عنوان "رايات الثقافة ترفرف أجنحة السلام" وهو مشروع ثقافي ضخم يعمل في عدد من المحاور، منها إحياء المنتديات الثقافية في مراكز الإيواء وبعض المناطق.
الأكاديمي آدم خاطر يؤكد أن الكوميديا تخفف حدة التوترات في المجتمع (مواقع التواصل) تلاشي الحواجزمن جهته، أكد آدم خاطر، أستاذ التربية الموسيقية المساعد بجامعة الفاشر ومدير المعهد الدارفوري للموسيقى والفنون، على أهمية دور الفنون، وخاصة الكوميديا، في تعزيز السلم الاجتماعي والتفاهم بين مختلف شرائح المجتمع.
وأوضح خاطر -في تصريحات للجزيرة نت- أن الكوميديا، بما تحمله من طاقة إيجابية وروح البهجة والمرح، تسهم في تخفيف حدة التوترات وبناء جسور التواصل بين الناس. "فعندما يتشارك الناس المرح والفكاهة، تتلاشى الحواجز والخلافات التي قد تفرقهم" حسب قوله.
وقال الأكاديمي: إن الكوميديا تمتلك القدرة على طرح القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة غير مباشرة، مما يجعلها أداة فعالة في التوعية والتوجيه والتثقيف. وتابع "الكوميدي الماهر يستطيع انتقاد الممارسات السلبية وتسليط الضوء على مظاهر الظلم والقهر بطريقة لطيفة وجذابة".
وأشار إلى أهمية الاستثمار في هذا المجال الفني الحيوي وتشجيع الشباب الموهوبين على ممارسة الكوميديا، من أجل صناعة الوئام والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع في ظل هذه الظروف الصعبة، مشيدا بالأعمال الفنية الرائعة التي يقدمها الفنان "كندقار" لمجتمع الفاشر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
مسرحية “جمعية المطلقون” تعرض في 31 يناير: دراما اجتماعية تجمع بين الكوميديا والجدية
تستعد مسرحية “جمعية المطلقون” لعرض أول لها على مدار ٣ أيام على مسرح الهوسابير، على أن تبدأ في 31 يناير و1 فبراير المقبل، والجمعة 21 فبراير.
تفاصيل مسرحية “جمعية المطلقون”:
تقدم المسرحية، من تأليف معتز فراج، وإخراج محمد أشرف، قصة مجموعة من الشباب الذي يعاني من القوانين والطلاق والخلع، وذلك بعد ارتفعت نسب الخلع إلى81.3%، من إجمالي الأحكام النهائية للطلاق الرسمي
وتسلط المسرحية الضوء على قضايا اجتماعية شائكة وبالتحديد مشكلة الطلاق بأسلوب فني يجمع بين الكوميديا والدراما، للمحاولة لوصول لحل ولفت الانتباه لقوانين الطلاق.
تتنقل المسرحية بين لحظات الضحك والبكاء، مُظهرة مدى تأثير الطلاق على الأفراد وكيف يمكنهم التكيف مع الواقع الجديد الذي يفرضه.
الرسالة الإجتماعية:
تعكس المسرحية قضايا العلاقات الإنسانية، الصراع الداخلي، والضغوط الاجتماعية التي يواجهها المطلقون في مجتمع يعاني من نظرة سلبية أحيانًا تجاه هذه الفئة. كما تسلط الضوء على أهمية الدعم النفسي والمجتمعي في تجاوز الأزمات الشخصية.
تعتمد المسرحية على أداء تمثيلي متميز من مجموعة من الممثلين الذين يجسدون شخصيات مليئة بالعاطفة والتعقيد، يسعى المخرج إلى خلق توازن بين الجدية والكوميديا، مما يتيح للجمهور فرصة للتفاعل مع القضايا المطروحة بشكل ممتع، بينما يتم التأكيد على الرسالة الإنسانية للمسرحية.
يبدأ عرض المسرحية “جمعية المطلقون” يوم 31 يناير على خشبة مسرح الهوسابير، ويستمر حتى 1 فبراير، ستكون المسرحية فرصة للجمهور للاستمتاع بعرض فني يناقش قضايا حياتية بلمسة من الإنسانية والتعاطف، مما يجعلها تجربة لا تُنسى.
فريق عمل مسرحية جمعية المطلقون:
يذكر أن "جمعية المطلقون"، من تأليف معتز فراج، ديكور محمد غريب، ومحمد صلاح، الاستعراضات باسم جمال، وتصوير محمد حسني، دعايا وإعلان تامر الحفني، وخالد عبد المنعم، إعداد موسيقي عمر عباس، تنفيذ موسيقي على السيد، الإضاءة مايكل نصحي، تصميم بوسترات عبد الرحمن زحل، مساعدين إخراج علي السي، وماكسيموس سعد، ومحمد محمود، فكرة أروى قدوره، ومخرج منفذ ومدير فريق محمد محسن ابراهيم، ودراما تورج وإخراج محمد اشرف.