وترجَّل فارس الثقافة العُمانية والعربية
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
◄ كان السيد عبد الله بن حمد البوسعيدي عصاميَّ الثقافة بَنَى شخصيته الفكرية واقتطعها من صخرة المعرفة وحمل وطنه عُمان في مَزاود سفره
ناصر أبوعون
حقَّا إنَّ البشر الذين يصنعون التاريخ يحملون أقدارهم فوق أكتافهم، وفي ميامينهم قلوب أوطانهم النابضة بالحياة والحب ترفرف في سمائها رايات السلام.. هكذا كان السيد عبدالله بن حمد قبل رحيله.
لقد كان السيد عبد الله بن حمد البوسعيدي عصاميَّ الثقافة، بَنَى شخصيته الفكرية واقتطعها من صخرة المعرفة، وحمل وطنه عُمان في مَزاود سفره، وقدَّمه مثل جواز سفره عنوانا له أينما حلَّ وارتحل، وكثير من العرب والأجانب الذين اقتربوا منه وعاصروه عرفوا وخبروا عُمان الوطن والتاريخ من خلاله؛ فقد كان سمته ولسانه وفكره صورة حيَّة وناصعة البياض لحضارة وطنه عُمان التي تمشي على الأرض ترفع رايات السلام والصداقة والحوار مع الآخر.
عاش السيد عبدالله بن حمد خادمًا للعلم والثقافة، وقد كانت آخر مبادراته تأسيس جمعية الصداقة العمانية السويسرية وكان الرئيس الفخري لها، ومن قبلها جامعة الشرقية التي اعتنت على وجه الخصوص بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، وما زالت الصالونات الثقافية والمجالس الأدبية في القاهرة تعيش ذكريات "صالون الخليل بن أحمد الفراهيدي" عندما كان يشغل منصب المندوب الدائم لسلطنة عمان في جامعة الدول العربية وسفيرها المعتمد لدى جمهورية مصر العربية منذ العام 1996م، وقد كان هذا الصالون جسرًا ثقافيًّا بين الثقافتين العمانية والمصرية، استضاف الكثير من القامات الفكرية العربية، نخصُّ بالذكر منهم: أنيس منصور، وسكينة فؤاد، وعائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ)، والشيخ أمين الخولي، ومحمد الحيوان، وعبدالله عبدالباري، والعديد من رواد القصة والرواية ورؤساء تحرير الصحف المصرية الشهيرة: الأهرام، والأخبار، والجمهورية.
لقد كان فقيد الثقافة العُمانية والعربية السيد عبدالله بن حمد عَشَّاقًا للكُتب وجَامِعًا للمخطوطات العربية، حصَّلها من أسفاره وعلاقاته الشخصية المباشرة، وأواصر صلاته بالمشتغلين بصناعة الكتب ومُحقِّقي التراث العربيّ حول العالم، ومن عيون المخطوطات التي تتربّع على أرفف مكتبته بردة الإمام البوصيري بحجم كبير يماثل صيحات الصحف الورقية اليومية في مقاساتها، ومُذَهَّبَة ومنسوخة بالخط الكوفيّ، فضلا عن العديد من الصورة المنسوخة من الأصول، والتي لم تمتد إليها أيادي المحققين.
وقد كان له العديد من التآليف والتصانيف التي كان جوهرُها ومحتواها يعبر عن اهتمامه بالتأريخ للحضارة العمانية وتوثيق منجزاتها، وقد طالعنا "جوهرة الزمان في ذكر سمد الشأن" الذي يُعد موسوعة جغرافية وتاريخية وتصنيفا للعادات والتقاليد العمانية، ومن خلال سفره "الموجز المفيد: نُبذ من تاريخ البوسعيد" يسرد النشأة الحضارية للآباء المؤسسين للدولة العمانية ودورهم النهضويِّ، وكذلك لا يُنسى فضله في التوثيق الموسوعي من خلال مؤلفه العمدة في هذا الزمان والمعنون بـ"قلائد الجمان من أسماء شعراء عمان"، وكذلك "إرشاد السائل من أجوبة المسائل"، و"الجواهر السنية في المسائل النظمية".
إنَّ شخصية الإنسان هي جِماع بيئته الأولى التي شكّلت وعيه الأوليِّ، فقد كان أحد المتخرجين في المدرسة السعيدية مَفْخرة التعليم العُماني ومصنع الرجال الذين قادوا النهضة العُمانية منذ ميلادها في سبعينيات القرن الماضي، ثم تأثّر في توجُّهاته بشخصية والده القاضي السيد حمد بن سيف بن محمد البوسعيدي، الذي جمع بين منصبي الولاية والقضاء في ولاية دماء والطائيين (1949م)، وارتحل طوال حياته قاضيًا في ولايات محافظة الشرقية، وتنقّل بين صور، وجعلان، ووادي بني خالد، وصولا إلى قريات في مسقط، ثم في محافظات الباطنة ما بين المصنعة والسويق، ومع إطلالة عصر النهضة تولى القضاء بوزارة شؤون الأراضي، فالمحكمة الشرعية بمسقط، وقبل وفاته شغل وظيفة المستشار القضائي لوزير العدل.
وفي الأخير.. كلنا نرحل ويبقى الأثر، والسيد عبدالله بن حمد ترك خلفه إرثًا معرفيًّا وصرحًا علميًّا، ومجموعةً من المؤلفات التي لا غنى عنها للأجيال القادمة ستمُد له في أثره، وتُخلّد ذكراه مهما تقادَمت السنون، وتواترت العصور، وهي عند الله خير وأبقى.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سفير سلطنة عمان يشيد بالنقلة النوعية في العلاقات العُمانية المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أشاد السفير عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عمان لدى مصر، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، بمستوى العلاقات العمانية المصرية، مشيرًا إلى أنها تشهد مزيداً من النمو والإزدهار في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ بفضل الرعاية الكريمة لهذه العلاقات من جانب السلطان هيثم بن طارق، والرئيس عبدالفتاح السيسي.
جاء ذلك خلال الاحتفالية التي نظمتها سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة مساء اليوم، بمناسبة العيد الوطني الـ 54 المجيد.
وقال السفير العماني، إنه لمن دواعي الفخرِ والاعتزازِ أن نستذكرَ في هذه الذكرى الوطنيةِ الخالدةِ الإنجازاتِ التي حققتْها سلطنةُ عُمان عبرَ مسيرتِها الطويلةِ، وخاصةً منذ انطلاقِ النهضةِ العُمانيةِ المباركةِ في عامِ 1970، التي أرسى دعائمَها المغفورُ له -بإذن الله تعالى- جلالةُ السلطانِ قابوسُ بن سعيدٍ -طيبَ اللهُ ثراه-، ويواصلُ مسيرتَها المظفرةَ اليومَ جلالةُ السلطانِ هيثمُ بن طارقٍ المعظمُ -حفظَه اللهُ ورعاه- بكلِّ إرادةٍ وعزمٍ، لنمضيَ بثباتٍ نحوَ المستقبلِ الواعدِ.
وتابع:" تتبنى سلطنةُ عُمان سياسةً خارجيةً راسخةً قائمةً على أسسِ الحوارِ والتسامحِ، وتسعى دائماً لتعزيزِ قيمِ السلامِ والوئامِ بينَ الأممِ، ومن هذا المنطلقِ، فإن سلطنةَ عُمان تُؤكِّدُ دعوتَها للمجتمعِ الدوليِّ إلى تكثيفِ الجهودِ لوقفِ التصعيدِ العسكريِّ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، وحثِّ الأطرافِ كافةً على الالتزامِ بالقانونِ الدوليِّ وميثاقِ الأممِ المتحدةِ، واحترامِ مبادئِ السلامِ والعدالةِ للجميعِ.
وفيما يخصُّ القضيةَ الفلسطينيةَ، تُجدِّدُ سلطنةُ عُمان موقفَها الثابتَ والداعمَ لحقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ المشروعةِ، بما في ذلك انسحابُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ من الأراضي الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ عامِ 1967، وفقاً لقراراتِ مجلسِ الأمنِ، وإقامةُ دولتِه المستقلةِ وعاصمتُها القدسُ الشرقيةُ.
كما تجدد سلطنةُ عمان دعوتها إلى وقفٍ فوريٍّ للحربِ في قطاعِ غزةَ، ورفعِ الحصارِ عن السكانِ الأبرياءِ، وتوفيرِ ممراتٍ آمنةٍ لإيصالِ المساعداتِ الإنسانيةِ، ووقفِ إطلاقِ النارِ في لبنانَ، والعودةِ إلى مسارِ تحقيقِ السلامِ العادلِ والشاملِ عبرَ الحوارِوالوسائلِ السلميةِ.
وأضاف، أن العالمَ اليومَ يواجهُ تحدياتٍ كبرى على الأصعدةِ الأمنيةِ، والاقتصاديةِ، والبيئيةِ، في ظلِّ تزايدِ الصراعاتِ والحروبِ التي تؤثِّرُ بشكلٍ مباشرٍ على حياةِ الناسِ واستقرارِهم.
ونحنُ في سلطنةِ عُمان نؤمنُ بأنَّ الحلولَ لهذه الأزماتِ لا تُحقَّقُ بالقوةِ العسكريةِ، أو فرضِ العقوباتِ والتهميشِ، بل بالتفاهمِ والحوارِ بروحِ العدالةِ والتعاونِ المشتركِ لتحقيقِ الأمنِ الجماعيِّ والاستقرارِ العالميِّ.
وعلى صعيد العلاقات العُمانية-المصرية فقدت شهدت هذا العامَ تطوراً نوعياً في المجالاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ، والإعلاميةِ والثقافيةِ والتعليميةِ، مما يعكسُ عُمقَ العلاقاتِ التاريخيةِ التي تربطُ البلدين، وتمتدُّ جذورُ هذه العلاقاتِ إلى أكثرَ من 3500 عام، منذ عهدِ الملكةِ حتشبسوت، واستمرت العلاقاتِ الدبلوماسيةِ المتينةِ التي تعززت تحتَ القيادةِ الحكيمةِ لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثمِ بن طارقٍ المعظمِ، وفخامةِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي.
وفي المجالِ الاقتصاديِّ، قال السفير العماني: " اتفقَ البلدانِ على تعزيزِ التعاونِ في القطاعاتِ غيرِ النفطيةِ، وفقاً لرؤيتي عُمان 2040 ومصر 2030، وتم توقيعُ اتفاقياتٍ بارزةٍ، منها اتفاقيةُ الخدماتِ الجويةِ ومذكرةُ تفاهمٍ للتعاونِ الماليِّ، وفي عامِ2023، ارتفعَ حجمُ التبادلِ التجاريِّ بينَ البلدين بنسبةِ31%، مع زيادةٍ ملحوظةٍ في حجمِ الصادراتِ والوارداتِ.
أما في الإعلامِ والثقافةِ، فقد أُعلن عن اختيارِ سلطنةِعُمانَ ضيفَ شرفِ معرضِ القاهرةِ الدوليِّ للكتابِ 2025، كما شاركَتْ الموسيقى العُمانيةُ في مهرجانِ الموسيقى العربيةِ بدارِ الأوبرا المصريةِ.
وفي مجالِ التعليمِ، زادَ عددُ الطلابِ العُمانيينَ في مصر بنسبةِ 31%، مع تعزيزِالتعاونِ الأكاديميِّ والمنحِ الدراسيةِ.
واشار إلى انه تمثلُ رؤيةُ عُمان 2040 خارطةَ طريقٍ طموحةً لتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ في سلطنةِ عُمان، من خلالِ تطويرِالمواردِ البشريةِ والتكنولوجيةِ، وتحقيقِ الاستدامةِ الاقتصاديةِ والماليةِ.
ومن ضمنِ أهدافِ الرؤيةِ تعزيزُ جودةِ التعليمِ والرعايةِ الصحيةِ، ودعمُ الشبابِ والمرأةِ وكافةِ فئاتِ المجتمعِ للمساهمةِ الفعّالةِ في بناءِ المستقبلِ.
وفي مجالِ الطاقةِ النظيفةِ والهيدروجينِ الأخضرِ، قال إن سلطنةُ عُمان تعمل على تحقيقِ الحيادِ الصفريِّ الكربونيِّ بحلولِ عامِ 2050، من خلالِ مشاريعَ ضخمةٍ تهدفُ إلى إنتاجِ أكثرَ من مليونِ طنٍّ من الهيدروجينِ بحلولِ 2030، وصولاً إلى 8 ملايينَ طنٍّ في عامِ 2050.
وتُشجِّعُ سلطنة عمان على شراكاتٍ استثماريةٍ مع الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ لتعزيزِ هذا القطاعِ الواعدِ.
4cf31d85-9983-4ff8-950e-066a407be6ed ca724667-0b4c-424e-a4e0-e2f5368d4606 17c2f1fb-5e59-4751-9901-19c6af84180a cf112f84-8c55-4638-9f49-bf9f9440fef6 00a30058-fcee-4dea-b889-03096ede9961 IMG_8461 IMG_8460