جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-07@06:02:07 GMT

اقتصاد وطني يُنافس عالميًّا

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

اقتصاد وطني يُنافس عالميًّا

 

 

صالح بن أحمد البادي

تُحقِّق الصناعة أرقامًا جيِّدة في النمو، وهذا شيء طيِّب، لكن علينا أن نقرأ بعضًا من تحدياتنا الحالية، في محاولة لوضع حُلول إستراتيجية لها، تضمن استدامة النمو في جميع القطاعات.

 

أولًا: تحدى كُلَف الإنتاج

نُواجه تحديات كبرى في جانب كلفة الإنتاج؛ فالمواطن -وهو العنصر الأهم- يُريد راتبًا أفضل ووظيفة أكبر، وهذا حقٌّ له، كما أنَّه من الواجب عليه دومًا تقديم الأفضل والأجود، هذا من جانب.

وفي الوقت الذي تتحول فيه المنطقة من حولنا لنمذجة الذكاء الاصطناعي الذي يُقلل الوظائف، ويستغل كُتل المعلومات وسياسات المرونة ليصنع متوسطَ كلف أقل وسرعة أكبر، بات من الواضح أنَّنا سنحتَاج مناطق صناعية في عُمان وخارجها. وهذا الأمر وإن كان يبدو غريبًا نوعًا ما، إلا أنه معمول ومعتمد في إستراتيجيات دول وشركات عملاقة. انظُر لـ"آبل" ذهبت للهند وإندونيسيا وتبحث عن ميانمار، انظر لـ"ماركس" و"سبنسر" تركت العالم لتصنع ملابسها في بنجلاديش، انظر للصناعات الصينية تتقدَّم بقوة رغم كل مجهودات أمريكا لتعطيل توسُّعها داخل الاقتصاد الأمريكي، ما الذي جعل "سامسونج" تتوسَّع بشكل رهيب وبزمن قياسي. وبجانب مُعاكس -لكنه قد يُعطي معنى لما نقول- انظر لـ"ماكدونالدز" تأثرت فروعها بشكل كبير في الشرق الأوسط وهي أمريكية الأصل والمنشأ بسبب الأسواق الجديدة؛ فالعالم كتلة واحدة، والتنافسية تفرض ضرورة التحرك وفق قرارات تقدُّمية وفي أسواق أقل كلفة.

عُمان لديها علاقات ممتازة في الشرق الإفريقي، لماذا لا تأخُذ مناطق صناعية كبرى وتوسِّع نشاطها في المنطقة، وتحاول أن تصنع منتجات إضافية، هناك ستقل كلف الإنتاج، وعندها يُمكن التوسُّع بشكل أكبر، ومن ثمَّ يتوسَّع النشاط الوطني وتتوالد فرص أكبر للوظائف.

وصحيح أنَّ هذا التوجه يعني التحرك باتجاه قارة كُبرى هي القارة الإفريقية، إلا أنه يضع أيضًا ضرورة انتهاج خطوطَ إنتاج تقدُّمية، لضمان ممارسة فرصَ الإنتاج الكمى المهمة جدًّا في تحقيق التنافسية واستدامة جودة المنتجات، كما يُتيح الأمر تعديل معايير الجودة حسب الأسواق المستهدفة وقدراتها الشرائية.

 

ثانيا: تحدِّي الكثافة السكانية الوطنية العالية كمستهلكين

إنَّ الدول التي يُوجد بها سكان محليون كثيرون، ستحتاج لمعادلة كُلف الإنتاج لإبقاء التنافسية، مع استمرار إيجاد فرص وظائف، ولكن مع توسع دور الذكاء الاصطناعي، لا نريد أن نصل لإغلاق مصانع أو تحجيم أحجامها بسبب التنافسية أو كُلف اللوجستيات. ولكننا بالمقابل نُريد فتح أسوق أكبر وأوسع. وهنا يتمثَّل الحل في تحديد مناطق صناعية كبرى بثلاث من دول العالم المحفِّزَة على التنافسية، والعالية من حيث نسب الاستهلاك، وصاحبة القوانين والتشريعات المنظِّمة، لضمان التوسُّع: محليًّا، وإقليميًّا، وعالميًّا.

 

ثالثا: التحديات اللوجستية

ستُواجه الصناعة والتجارة تحديات عدَّة؛ منها: اللوجستيات وكُلفها، ومادمنا نواصل خفض رسوم موانئنا فعلى الرغم من إيجابيته إلا أنَّ له بعض المضرة؛ فنحن نخفِّض العوائد على الأصول، وصحيح أنَّ ذلك ليس ذا أهمية عالية مقابل العوائد على مجمل الاقتصاد، إلا أنَّ ما نحتاجه هو مثلث مُهم يوازن بين كُلف الإنتاج وأسواق المستهلكين والتقدُّم على المُنافسين، وهو ما يجعل مطلب "الخارطة التنافسية الصناعية والتجارية" مهمًّا للغاية.

 

رابعا: تحدي جيوسياسية الصناعة وتقدمها

التنافسية اللوجستية يقودها كذلك التموضع الإستراتيجي على خارطة القوى الاقتصادية، فالقُرب أو البُعد من العملاء المُستهدفين والأسواق المتجددة، يعدُّ مؤثرًا جدًّا في قدرة المنافسة، فكلُّ كيلومتر يصنَع فارقًا وفرصة لمنتج آخر أن يتقدم: تجاريًّا، أو صناعيًّا، أو خدميًّا.

 

خامسا: أين خارطتنا للتنافسية الصناعية والتجارية والخدمية؟

علينا أن نتساءل: هل نملك خارطة تنافسية وطنية تصنع مقاييس تنافسية أفضل؟ لو أوجدناها لعلمنا أنَّ عملًا ضخمًا يجب أن يتم وبسرعة، كما هو عيان بيان في دول المنطقة والعالم، بما يضمن تموضع المنتج العماني على خارطة المنافسة الجادة والمباشرة.

 

سادسا: الإعفاء الضريبي بندٌ يقابل 20 بندًا

هل يكفي النظر لبند واحد -كمثال: اتفاقيات تبادل الإعفاء الضريبي- بينما العالم يُنافس على 20 بندًا أخرى؟ كيف يُمكن أن تتقدَّم التنافسية وتتحقق الأهداف؟

 

سابعا: تحدي الأذرع المالية والاقتصادية

ستُحدِّد خارطة التنافسية الصناعية والتجارية الأذرع التي نحتاجها لتحقيق ذلك: من مصارف محلية وعالمية، وصناديق استثمار محلية وعالمية، ومؤسسات تمويل دعم الصادرات العالمية والمحلية، ومؤسسات التمويل المدعوم محليًّا وعالميًّا، ومؤسسات دعم التبادل التجاري عالميًّا ومحليًّا...إلخ.

 

وبالأخير: كيف يُمكن بناء خارطة للتنافسية الصناعية والتجارية؟

يُمكن ذلك عبر تشكيل فريق مُتخصِّص ومتمكِّن وذي خبرات لتطوير هذه الخرائط لتحقيق المكانة الإقليمية والعالمية، وضمان تنافسية المنتج الوطني، وتوسيع السوق المستهدفة، وبالتي توسيع حجم الاقتصاد وخفض كُلف الإنتاج. ومن ثم ضمان مزيد من العوائد والفوائد الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تكالة يلتقي «خوري» لمناقشة خارطة الطريق السياسية في ليبيا

استقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة، الدكتور محمد تكالة، اليوم الأربعاء 5 نوفمبر، نائبة رئيسة البعثة الأممية للشؤون السياسية في ليبيا، ستيفاني خوري، بمقر المجلس في طرابلس.

وتركز اللقاء على مستجدات الوضع السياسي في البلاد، وخارطة الطريق الأممية المقترحة لحل الأزمة، وآليات تنفيذها بما يضمن الوصول إلى مسار ديمقراطي يلبي تطلعات الليبيين.

كما ناقش الطرفان تفعيل المحكمة الدستورية وما يترتب على ذلك من المساس بوحدة القضاء، إلى جانب دعم التفاهمات بين مجلسي الدولة والنواب بشأن المناصب السيادية، مع التأكيد على رفض انفراد أي جهة بإصدار القوانين أو فرض سياسة الأمر الواقع.

من جانبها، أكدت ستيفاني خوري حرص البعثة الأممية على مواصلة دعمها للجهود الليبية الرامية لحل الأزمة، مشددة على أن استقرار ليبيا يشكل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأسرها.

مقالات مشابهة

  • تفاهم بين حاكم المركزي وجمعية المصارف وواشنطن تدعو للحدِّ من اقتصاد الكاش
  • رؤساء تنفيذيون في «أديبيك 2025»: أبوظبي مركز عالمي للطاقة والتقنيات الصناعية المتقدمة
  • ميزانية تونس 2026.. اقتصاد الجباية والقروض.. والقمع
  • كيف يعيد اقتصاد التكافل الأمن إلى الأمم؟
  • تكالة يلتقي «خوري» لمناقشة خارطة الطريق السياسية في ليبيا
  • الصين تسعى لإنعاش صناعة الصلب بدون خفض في الإنتاج
  • رئيس الوزراء: تعزيز التعاون الثنائي بين مصر وقرغيزيا في المجالات الاقتصادية والتجارية
  • رئيس وزراء جامايكا: إعصار ميليسا دمر ثلث اقتصاد البلاد
  • الصناعة: إقامة معرض سلبي للمنتجات المحلية للحد من الاستيراد
  • الأردن يقفز في تصنيف التنافسية الرقمية العالمي إلى المرتبة 44