أسباب فشل جهود الأمم المتحدة في السودان
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فشلت الأمم المتحدة في تحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها وهى نزع فتيل الأزمات إذ أن العالم أصبح يعج بالمشكلات والأزمات، وأكبر دليل على ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان على غزة، والحرب الأهلية التي تدور رحاها في السودان، التي بدأت في 15 أبريل 2023، وما زالت دائرة حتى الآن ويدفع ثمنها الشعب السوداني الشقيق، في الوقت الذي كان فيه السودان ماضيا إلى نهاية فترة انتقالية وبداية حكم مدني ديمقراطي يقود إلى استقرار سياسي واقتصادي يعوض السودانيين عن ثلاثة عقود قضوها تحت ظل النظام السابق، ثم تبعتها فوضى الفترة الانتقالية، لكن الحرب انفجرت لتشكل "صدمة" وحدثاً ضخماً لم يكن متوقع الحدوث.
فحتى اللحظة التي أعلنت فيها الحرب بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، كان الطرفان مرتبطين معاً بمصلحة مشتركة تتعلق بتقاسم السلطة على رغم الخلافات الدفينة بين قائديهما، وقد تبدى لكل منهما أنه بحاجة إلى القوى المدنية لاكتساب شرعية شعبية، وعلى لسانيهما صيغت خطابات ورغبات بعض القوى الحزبية وفرضت شروطا لاستمرارهما معاً، كان أبرزها الخلاف حول دمج "قوات الدعم السريع" في الجيش، الذي كان أحد بنود "الاتفاق الإطاري" الذي وقعه المكون العسكري في مجلس السيادة الحاكم في السودان و"قوى إعلان الحرية والتغيير - المجلس المركزي" ومجموعات متحالفة معها في 5 ديسمبر 2022، تمهيداً لنقل السلطة للمدنيين، لينهي حالة الفوضى التي شهدتها البلاد منذ
سقوط نظام عمر البشير عام 2019 فترة من الاضطرابات السياسية، شملت انقلابًا عسكريًا في عام 2021، وأدى ذلك إلى صعوبة عمل الأمم المتحدة مع حكومة فعالة وموثوقة.
كما تواجه الأمم المتحدة صعوبة في التوفيق بين مختلف الفصائل السودانية، والتي لديها مصالح متباينة وأهداف متضاربة.
بينما لم تتمكن الأمم المتحدة من إشراك الشعب السوداني بشكل كافٍ في جهودها، مما أدى إلى شعور بالاستياء والتهميش.
كما تعاني الأمم المتحدة من نقص التمويل لعملياتها في السودان، مما يعيق قدرتها على تنفيذ برامجها وتحقيق أهدافها، إذ تعتمد الأمم المتحدة بشكل كبير على الدول المانحة، مثل الولايات المتحدة ودول الخليج، لتمويل عملياتها، يُمكن لهذه الدول التأثير على أجندة الأمم المتحدة وسياساتها، مما قد يُعيق قدرتها على العمل بشكل محايد ومستقل.
كما تواجه الأمم المتحدة صعوبة في الوصول إلى بعض المناطق في السودان، خاصةً في دارفور وجنوب كردفان، بسبب انعدام الأمن والبنية التحتية الضعيفة، وتفتقر الأمم المتحدة إلى الموارد البشرية الكافية لتنفيذ برامجها على نطاق واسع في السودان.
لا يمكن تجاهل دور القوى الخارجية في تأجيج الصراع داخل السودان، إذ لم يعد خافياً على أحد أن دولاً بعينها تدعم أطرافاً داخل السودان سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو اللوجستي مما يساهم في استمرار الحرب ويعيق جهود السلام، ولعل آخر تجليات هذا المشهد تلك الشكوى التي قدمتها بعثة السودان في الأمم المتحدة ضد أحدى الدول.
هنا تجدر الإشارة إلى تصريحات تيغيري شاغوتا، مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية التي أكد فيها على تعرّض الشعب السوداني للإهمال والتجاهل على مدار عام كامل، إذ تحمل وطأة الاشتباكات العنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بعد أن أخفقت الجهود الدبلوماسية حتى الآن في وضع حدّ للانتهاكات، أو توفير الحماية للمدنيين، أو تقديم المساعدات الإنسانية الكافية، أو محاسبة مرتكبي جرائم الحرب.
كما استغرق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ما يقرب من عام لتبني قرار بشأن السودان يدعو إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. ولكن على الرغم من القرار، لا يزال القتال مستمرًا في جميع أنحاء البلاد، مع عدم وجود تدابير لحماية المدنيين من التعرض للأذى.
في أكتوبر 2023، أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في السودان، مفوضة بالتحقيق والتثبت من الوقائع والأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة في النزاع.
يجب على الدول الأعضاء ضمان توفير الموارد اللازمة والدعم السياسي الكامل لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان.
في حين قالت أميمة غوتابي، المديرة التنفيذية للمجموعة السودانية للديمقراطية أولًا: “على الرغم من دورها الهام المحتمل في تعزيز المساءلة عن الفظائع المرتكبة في السودان، فإن بعثة تقصي الحقائق غير قادرة حاليًا على أداء مهامها بصورة مجدية، لأنها لم تحصل بعد على العدد الكامل من الموظفين أو التمويل الكافي بسبب تجميد عملية التوظيف في الأمم المتحدة، ولا يستطيع العالم تحمل تبعات مواصلة تجاهله للأمر، ويجب على الدول الأعضاء ضمان توفير الموارد اللازمة والدعم السياسي الكامل لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، وإبقاء حقوق الإنسان في السودان على رأس جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهيئات الأمم المتحدة الأخرى”.
يذكر أنه قتل الكثيرين من أبناء الشعب السوداني، ونزح ما يقرب من 10.7 مليون شخص بسبب النزاع، ما جعله أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، ويحتاج ما لا يقل عن 14 مليون طفل، أي نصف أطفال البلاد، إلى المساعدة الإنسانية.
كما حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الاستجابة الإنسانية الدولية للسودان لا تزال تعاني من نقص التمويل بشكل حاد، على الرغم من تحذير المنظمات الإنسانية من المجاعة. وحتى نهاية فبراير، لم يتم تلبية التماس الأمم المتحدة للتمويل إلا بنسبة 5% فقط، الأمر الذي يقوّض بشكل خطير عملية إيصال المساعدات والخدمات الطارئة الحيوية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحده السودان أزمة السودان التابع للأمم المتحدة الشعب السودانی الأمم المتحدة حقوق الإنسان فی السودان
إقرأ أيضاً:
سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد- عاجل
بغداد اليوم - بغداد
كشف السياسي العراقي المقيم في واشنطن نزار حيدر، اليوم الأحد (15 كانون الأول 2024)، عن أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد منذ أيام.
وقال حيدر لـ"بغداد اليوم"، إن "ما يشهده العراق من زيارات مكوكية من والى العاصمة بغداد، واهمها زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن واجتماعه برئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، تتمحور حول نقطة جوهرية واحدة فقط وهي؛ أن يضبط العراق نفسه فيما يخص الملف السوري فلا يتصرف خارج المألوف أو يشذ عن إجماع دول الجوار والمنطقة والمجتمع الدولي".
وأضاف، أنه "لهذه الرسالة المحورية سبب واضح جدا وهو أن بغداد تتعرض لضغط مهول من قبل ايران لإعادة النظر بقرار اغلاق الحدود المشتركة بين العراق وسوريا، لإعادة تكرار تجربة المقاومة التي قادتها وقتها الحليفتين المقربتين لبعضهما طهران ودمشق على الأراضي العراقية عندما غزت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا العراق واسقطتا نظام صدام حسين".
وتابع، أن "هذا الهدف الذي تعمل على تحقيقه طهران لم يعد خافياً على أحد، فلقد أكد عليه المرشد الايراني في خطابه الأخير الذي شرح فيه ما جرى وسيجري في سوريا متوعداً بتكرار تجربة المقاومة العراقية لمنع أي نفوذ للولايات المتحدة في سوريا بعد سقوط حليفه الأسد".
وأردف، أن "الهدف السامي من وجهة نظر طهران لا يمكن أن يتحقق الا إذا قرر العراق فتح حدوده مع سوريا، فهي المنفذ الوحيد لعبور الجهاديين اليها والبدء بمشروع المقاومة كما كانت".
وأكد أن "العراق من جانبه يعرف ان تراجعه عن قرار اغلاق حدوده مع سوريا بمثابة تهور واللعب بالنار، خاصة وان انقرة تراقب من كركوك الى زاخو، فيما اشترطت واشنطن على بغداد لالتزامها بما أعلن عنه الرئيس بايدن الأسبوع الماضي من أنه سيحمي (العراق والاردن واسرائيل) من أي تطورات سلبية في سوريا قد تضر بهم، اشترطت على بغداد ان تلتزم بالتعليمات اذا كانت تنتظر مساعدتها من أي مخاطر محتملة سواء من قبل انقرة أو تل أبيب أو الإرهاب".
وتابع السياسي العراقي المقيم في واشنطن، أنه "حتى الميليشيات يبدو لي أنها تعلمت الدرس واستوعبت التجربة وأصغت لنداء العقل والمنطق الذي أطلقه الوطنيين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم فأخفت سهامها في أكنانها وتلاشت عن الساحة ولو الى حين على امل ان يقنعها القائد العام للقوات المسلحة بالدستور والقانون وفتوى المرجع الاعلى بوجوب تسليم سلاحها الى الدولة وتفكيك تنظيماتها المسلحة والاندماج بمؤسسات الدولة والعمل بمبدأ (العراق أولا)".
لكن رئيس المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية علي الصاحب، يرى في الزيارات المكثفة للمسؤولين الأجانب إلى العاصمة العراقية دلالة على أهمية العراق ودوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة.
وقال الصاحب لـ "بغداد اليوم" السبت (15 كانون الأول 2024)، إن "العاصمة بغداد شهدت خلال الايام القليلة الماضية زيارات مكثفة لعدد من المسؤولين الأجانب آخرها يوم أمس وزير الخارجية الامريكي وهذا ما يدل على أهمية العراق ويؤكد دوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة".
وأضاف، أن "العراق اتخذ في الكثير من الازمات التي مرت على المنطقة موقف الحياد وهذا ما عزز دوره الإقليمي والدولي وجعله عنصرا أساسيا في حل الإشكاليات عبر الأطر الدبلوماسية والسياسية ونتوقع أن العراق سيكون فاعلا ومؤثرا في المنطقة والعالم خلال المرحلة المقبلة بعد نجاحاته في العلاقات الخارجية".
وكان وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، قد وصل الى العاصمة بغداد، يوم الجمعة (13 كانون الأول 2024)، في زيارة غير معلنة، التقى خلالها برئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني.
وبحسب المكتب الاعلامي لمكتب رئيس مجلس الوزراء، فأن السوداني شدد خلال اللقاء "على ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها، كما أكد أنّ العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا".
وأكد السوداني بحسب البيان "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية، من أي جهة كانت، وشدد على أنّ ذلك يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة".