أسانج حرا من سايبان.. ماذا ينتظره الآن؟ ولماذا اختار الجزيرة الأميركية؟
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
أُطلق سراح جوليان أسانج من السجن في بريطانيا، الاثنين، ومن المقرر بأن يمثل أمام محكمة للمرة الأخيرة، بعدما توصل إلى اتفاق تاريخي مع سلطات الولايات المتحدة أقر فيه بذنبه، ليطوي صفحة مسلسل قانوني استمر سنوات طويلة.
وأعلن موقع ويكيليكس، الذي أسّسه، أنه تم إطلاق سراح أسانج بكفالة من السجن في لندن، حيث بقي موقوفا خمس سنوات بينما يحاول مقاومة تسليمه إلى الولايات المتحدة، التي سعت لملاحقته قانونيا بتهمة الكشف عن أسرار عسكرية.
وغادر أسانج لندن متوجّها إلى جزر ماريانا الشمالية في المحيط الهادئ التابعة للولايات المتحدة، حيث سيقر بتهمة واحدة هي التآمر للحصول على معلومات تتعلق بالدفاع الوطني ونشرها، وفق وثيقة للمحكمة.
وهبطت طائرة مستأجرة تقل أسانج (52 عاما) في بانكوك للتزوّد بالوقود قرابة الساعة 12:30 (05:30 ت غ) الثلاثاء.
ومن المقرر أن تتوجّه من هناك إلى سايبان، عاصمة جزر ماريانا الشمالية، حيث سيمثل أمام محكمة، صباح الأربعاء.
ويتوقّع بأن يُحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات وشهرين، وهي فترة تعادل تلك التي قضاها خلف القضبان في بريطانيا.
وأكّدت زوجته ستيلا أنه سيكون "حرا" بعد توقيع القاضي الأميركي على صفقة الإقرار بالذنب، فيما وجّهت الشكر لأنصاره الذين دافعوا عن إطلاق سراحه على مدى سنوات.
وستستضيف جزيرة سايبان الاستوائية في المحيط الهادي، التي تشتهر بشواطئها الرملية وحطام سفن تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، الفصل الأخير من ملحمة أسانج القانونية المستمرة منذ 14 عاما.
أين تقع سايبان؟سايبان هي عاصمة كومنولث جزر ماريانا الشمالية في غرب المحيط الهادي، وتبدأ على بعد نحو 70 كيلومترا شمالي جزيرة غوام وتمتد عبر 14 جزيرة.
ومثلها مثل جزر جوام أو بورتوريكو، تعد جزر ماريانا الشمالية جزءا من الولايات المتحدة دون الوضع الكامل للدولة.
وسكانها البالغ عددهم 51 ألفا تقريبا مواطنون أميركيون، لكن لا يمكنهم التصويت في الانتخابات الرئاسية. والأهم أن بعض جزرها، مثل سايبان، تستضيف أيضا محاكم مقاطعات أميركية.
وسيمثل أسانج أمام المحكمة في الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي غدا الأربعاء (23:00 بتوقيت غرينتش اليوم الثلاثاء).
لماذا يتوجه أسانج إلى هناك؟قال ممثلو ادعاء أميركيون إن أسانج يريد المثول أمام محكمة قريبة من موطنه في أستراليا، ولكن ليس في الولايات المتحدة.
وتتمتع جزيرة سايبان بميزة كونها قريبة نسبيا من أستراليا، موطن أسانج، على بعد نحو ثلاثة آلاف كيلومتر جنوبا. وتبعد هاواي أكثر من مثلي هذه المسافة.
وقالت إميلي كروفورد، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة سيدني، "عليه أن يواجه التهم الموجهة إليه بموجب القانون الأميركي".
وأضافت "كان يجب أن تكون الأراضي أميركية، لكن كان يجب أن تكون أميركية أقرب لأستراليا بحيث لا تكون ولاية أميركية مثل هاواي"، بحسب "رويترز".
سايبان.. والولايات المتحدةوبعد أن كانت مستعمرة لإسبانيا وألمانيا ثم اليابان، سيطرت الولايات المتحدة على الجزيرة في الحرب العالمية الثانية.
وبعد عقود من السيطرة الأمريكية، صوت السكان في عام 1975 لصالح الانضمام إلى الولايات المتحدة كأراض تابعة. وللأراضي التابعة مندوب دائم في مجلس النواب الأميركي، رغم أنه لا يملك حق التصويت.
مقصد سياحي شهيروتعد سايبان، التي تنتشر فيها ملاعب الغولف وتحيط بها الشواطئ الرملية، موطنا لمعظم سكان ماريانا الشمالية. يبلغ طول الجزيرة نحو 20 كيلومترا وتستغرق رحلة كاملة حول الجزيرة ساعة واحدة فقط.
وشهدت الجزيرة معركة سايبان الدموية خلال الحرب العالمية الثانية وتنتشر في الجزيرة والمناطق المحيطة بها نصب تذكارية وحطام سفن تحظى بشعبية لدى الغواصين.
والسياحة هي الركيزة الأساسية للاقتصاد وتحظى الجزيرة بشعبية لدى السياح الكوريين والصينيين. وهي الجزء الوحيد من الولايات المتحدة الذي يمكن للمواطنين الصينيين دخوله دون تأشيرة.
وهذا الوضع الفريد له معارضون في الكونغرس، الذين يشعرون بالقلق من خطر التجسس من قبل مواطنين صينيين.
ماذا ينتظر أسانج؟قال ممثلو ادعاء أميركيون إن أسانج وافق على الإقرار بالذنب في تهمة جنائية واحدة هي التآمر للحصول على وثائق سرية خاصة بالأمن القومي الأميركي، ونشرها مقابل حكم بالسجن لمدة 62 شهرا قضاها بالفعل.
وأوضح مدعون أميركيون أنه إذا قبل القاضي إقراره، فمن المتوقع أن يعود أسانج إلى أستراليا بعد الجلسة.
ورحبت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بإطلاق أسانج الذي كان معتقلا في بريطانيا على اعتبارها "خطوة مهمة باتّجاه تسوية قضيته بشكل نهائي".
وقالت الناطقة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، لوكالة فرانس برس "نرحّب بإطلاق سراح جوليان أسانج من السجن في المملكة المتحدة"، لافتة مع ذلك إلى أن صفقة الإقرار بالذنب النهائية ما زالت بانتظار إقرارها.
وتابعت: "كما سبق ونوهنا، أثارت هذه القضية مجموعة من المخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: جزر ماریانا الشمالیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدم القوة الناعمة الأميركية.. هل تغتنم الصين الفرصة؟
يبدو أن القيود التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المساعدات الخارجية واستهداف وكالة رئيسية تمول برامج المساعدات في أنحاء العالم ستوفر فرصة ذهبية للصين- والتي تعد المنافس القوي لأميركا.
وابتداء من تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مرورا بالانسحاب من المنظات الدولية، أثارت خطوات ترامب الجذرية التي تتعلق بمبدأ "أميركا أولا" المخاوف بين بعض أعضاء الكونغرس والخبراء حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تتنازل عن نفوذها العالمي لخصومها، خاصة في وقت تشعر فيه واشنطن بالقلق إزاء نفوذ بكين المتزايد على حساب المصالح الأميركية.
لقد وفرت المساعدات الخارجية للولايات المتحدة مصدرا لـ" القوة الناعمة"- مما يتيح لها فرصة غرس النوايا الطيبة، وبناء التحالفات ومواجهة الأعداء في محاولة لتعزيز الأمن القومي دون الحاجة إلى إرسال قوات أو أسلحة أو اتخاذ أي إجراءات قسرية أخرى.
ويقول مسؤولو الإدارة الأميركية إنه حان الوقت لمراجعة كيفية إنفاق أميركا للأموال في الخارج.
وعندما سئل مستشار الأمن القومي مايك والتز عما إذا كانت الولايات المتحدة تمنح الصين وروسيا فرصة لتحقيق المزيد من النفوذ العالمي، نفى ذلك، وقال في برنامج إخباري مؤخرا "هذه المهام وهذه البرامج لا تتوافق في الغالب الأعم مع المصالح الاستراتيجية الأميركية مثل الضغط على الصين"، بحسب وكالة أسوشيتد برس.
ففي بنما، دفعت إدارة ترامب الحكومة للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، وهو برنامج الصين الإنمائي البارز، مما أدى إلى صدور إدانة من جانب الصين.
بكين تترقبعموما لا يؤيد الخبراء والمشرعون تراجع الولايات المتحدة بالنسبة للمساعدات الخارجية وهناك قضايا تتحدى تجميد الإدارة الأميركية للمساعدات الخارجية والخطوات ضد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مما أدى إلى توقف مؤقت لبعض تلك الخطوات.
وفي مناقشة جرت مؤخرا في واشنطن قال فينج تسانج وهو باحث زائر في مركز بول تساي الصيني التابع لكلية الحقوق بحامعة ييل الأميركية إن إدارة ترامب الثانية سوف تحقق هدف الصين المتمثل في" كسب المزيد من النفوذ العالمي".
وأعرب السيناتور اندي كيم، وهو ديمقراطي من نيو جيرسي عن قلقه بالنسبة لهذا التطور . وقال في حديث تليفزيوني مؤخرا" إن الصين ليست في حاجة الآن لبذل جهد لتحقيق نفوذها في أنحاء العالم بسبب ما نقوم به نحن".
من ناحية أخرى، قال النائب جون مولينار، الجمهوري من ولاية ميتشغان إنه يمكن أن يكون الوقت قد حان لأن يكون هناك تغيير بالنسبة للمساعدات الخارجية... واعتقد أننا خلال ذلك سوف نتعرف على ما كان يحقق نجاحا وما لم يكن ناجحا... ثم نرى كيف نلجأ إلى أسلوب جديد لتعزيز المصالح الأميركية، والقيم الأميركية ".
وقال دينيس وايلدر، وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية، وزميل بارز في مبادرة الحوار الأميركي الصيني حول القضايا العالمية في جامعة جورج تاون، إن النفوذ العالمي يتجاوز نطاق المساعدات الخارجية، فالولايات المتحدة تقود أقوى جيش في العالم وتهيمن عملتها الدولار على النظام المالي.
وأضاف وايلدر قائلا "دعونا لا نقبل كأمر مسلم به أن الصين على استعداد أو قادرة على أن تحل محل الولايات المتحدة في الفراغ الذي ربما تتركه الولايات المتحدة .فقد ذكرت السفارة الصينية في واشنطن إن بكين "مستعدة للعمل مع جميع الدول والأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتدعيم تبادل الاتصالات والتعاون في مجال التنمية، من أجل تعزيز التنمية والازدهار المشترك بين جميع الدول".
وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة والصين ، وهما الدولتان الرئيسيتان في مجال التنمية العالمية، تنفقان المساعدات الخارجية بشكل مختلف.
فمعظم المساعدات الصينية تقدم في صورة ديون ويتم إنفاقها عموما على مشروعات الطاقة والبنية التحتية.
في المقابل يتم صرف معظم الأموال الأميركية في صورة منح أو قروض بمعدلات فائدة منخفضة أو بدون معدلات فائدة في مجالات مثل الصحة العامة والمساعدات الإنسانية ، حسبما ذكر أيد داتا AidDta ، وهو مختبر لابحاث التنمية الدولية في معهد الأبحاث العالمية بكلية ويليام وماري، وهي من أقدم الكليات في الولايات المتحدة.
ففي بيرو، ساعدت أموال المساعدات الصينية في بناء الميناء الضخم الذي بلغت تكلفته 1.3 مليار دولار في شانكاي، والذي افتتح في نوفمبر خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ. وعلى النقيض من ذلك، استخدمت المساعدات الخارجية الأميركية في بيرو لتمويل القهوة والكاكاو كبدائل لإنتاج الكوكايين.
وفي دول أخرى، ساعدت الدولارات الأميركية في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في أفريقيا، ومعالجة سوء التغذية لدى الأطفال في جنوب السودان.
ونظرا للاختلاف في أنواع المشروعات التي يتم تمويلها ، من غير المرجح أن تتقدم الصين لتحل محل المكان الذي تنسحب منه الولايات المتحدة، ومع ذلك، ما تزال بكين تفوز لأن المساعدات الخارجية التي تقدمها تتعلق ببناء العلاقات والنوايا الحسنة، حسبما ذكرت سامانثا كستر، مديرة تحليل السياسات في مختبر ايد داتا.
وأضافت سامانثا كستر، مديرة تحليل السياسات في مختبر ايد داتا أن هذه الدول تراقب الولايات المتحدة "وكيف تتعامل مع شركائها وعمالها، وتقوم بتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة تعد شريكًا اقتصاديا وأمنيا موثوقًا به، وهناك مخاوف متزايدة من أننا لسنا كذلك" .
وقال سلفادور سانتينو ريجيلمي، وهو أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة لايدن في هولندا، إن لدى الصين الآن فرصة استراتيجية لتكون بديلا متاحا للدول التي تسعى إلى الاستثمار دون شروط سياسية. "
وأضاف أن المغزى الأوسع نطاقا لتجميد المساعدات الأميركية" هو العودة إلى الدبلوماسية العسكرية، حيث يتم تهميش القوة الناعمة لصالح الإكراه القسري".