أعفى عنه ملك فرنسا لويس الثامن عشر وأعاد إليه حقوقه المدنية رسميًا.. واستغل ثروته التى اكتسبها بطريقة مريبة.. وأنشأ مصنعًا للورق وفى عام 1832.. تم استدعاؤه لقيادة اللواء الأمنى
يوجين فرانسوا فيدوك هو جندى فرنسى مغامر منحرف بشكل خاص.. بصفته مجرما ذكيا أدانه القانون وبعد ذلك رأس فرقة الأمن لمدينة باريس قبل أن يؤسس مكتب التحريات الخاصة الذى يمتلكه.


ليس من الغريب أن يكون للحياة نصيبها من المفاجآت؛ فالقيام بوظائف وأعمال تختلف عن بعضها البعض بشكل جذرى ويفصل بينها بضع سنوات يمكن أن يكون لذلك تأثير الخاص به! قبل كل شيء من يعرف عالم الجريمة أفضل من المجرم نفسه؟ هناك شعرة ما بين الحب والكراهية من جهة والصديق والعدو من جهة أخرى. ومع ذلك، فإن موضوع حرق أرشيف وثائق وسجلات مقر شرطة باريس إحراقه فى تلك الفترة يجعل مسألة فصل الحقيقة عن الباطل أمرا صعبا للغاية، وبالتالى يمكن إضفاء الطابع الرومانسى على مذكرات فيدوك الحقيقية.
شباب متحمس
ولد فيدوك فى ٢٤ يوليو ١٧٧٥ فى أراس ونشأ فى عائلة من الطبقة المتوسطة الدنيا. كان الشاب فيدوك فتى ماكرا ومشاكسا وغير منضبط استطاع أن يجتذب إعجاب الشباب من حوله وأصبح لصًا واستولى على أدوات المائدة الفضية الخاصة بوالديه وقادته جريمته الأولى إلى الحبس الاحتياطى مع الأحداث. ثم بدأ مرة أخرى بعد بضع سنوات وغادر فى سن السادسة عشرة فى اتجاه بلجيكا بهدف الوصول إلى الولايات المتحدة، ولكن لاحقه الواقع القاسى ووجد نفسه مجردًا من كل الأموال التى سرقها ثم تمكن من العثور على عمل مع عدد قليل من التجار قبل أن يعود أخيرًا إلى أراس لمتابعة العيش مع والديه.
من مجرم إلى مخبر شرطة
سعى للحصول على موافقة والده للتجنيد فى الجيش. اشترك فى معركة Valmy ومعركة Jemappes قبل طرده أخيرًا من فوجه بسبب سلوكه. تزوج عام ١٧٩٤ لكنه ترك زوجته بعد أن سرق كل مدخراتها وعاش حياة المحتالين فى شمال فرنسا. تم إلقاء القبض عليه عن عمر يناهز ٢١عاما وحكم عليه فى عام ١٧٩٦ بالسخرة لمدة ٨ سنوات إذ وجهت إليه تهمة «التزوير فى الأوراق الرسمية». حبس فى سجن برست وتمكن من الفرار بعد محاولتين فاشلتين. تم القبض عليه بعد عامين وأرسل إلى سجن طولون حيث هرب منه بعد بضعة أشهر، مما سمح له باكتساب سمعة وسط المسجونين.


اعتقل مرة أخرى فى عام ١٨٠٩ وحاول تعديل عقوبته. ثم قرر مساعدة الشرطة بالابلاغ عن المتورطين خاصة فى سجنى بيستر ولافورس. فى عام ١٨١١ استطاع أن يقنع الشرطة بتوظيفه فى لواء الأمن الجديد المكون من مدانين سابقين. مهمتهم؟ التسلل إلى البيئة المعادية من المحكوم عليهم ومنع أى عمل غير قانونى. على الرغم من أن نتائج هذا اللواء ممتازة إلا أن جنوح بعض أعضائه أضر بسمعة الشرطة. تم الزج بفيدوف إلى رأس هذه الوحدة التى قام بقيادتها بيد من حديد. نجاحاته المتعددة منحته الكثير من المعجبين بقدر ما أكسبته من المنتقدين. كما أن نتائجه ونجاحاته أثارت غيرة عددًا من ضباط الشرطة.
من شرطى إلى محقق
على الرغم من عمله فى الشرطة منذ عام ١٨١١ إلا أن ملك فرنسا لويس الثامن عشر لم يعف عنه إلا عام ١٨١٨ وأعاد إليه حقوقه المدنية رسميًا. ولكن حياة الشرطة صعبة، وأعداءه فى كل مكان سواء كانوا من عالم الجريمة السفلى أو فى دوائر القوة والسطوة. فى عام ١٨٢٧ وبعد فضيحة استقال واستغل ثروته التى اكتسبها بطريقة مريبة كما يدعى منتقدوه وأنشأ مصنعًا للورق فى عام ١٨٣٢، تم استدعاؤه لقيادة اللواء الأمنى لكنه استقال بعد بضعة أشهر واتهم بالمسئولية عن القمع الجمهورى من خلال استخدام العصابات لتخويف أعداء الدولة؛ فلم يعد الحاكم يرغب فى «ضبط اللصوص باللصوص القدامي».
عاد إلى الحياة المدنية وأسس شركة تحقيقات خاصة تهدف إلى تزويد عملائه بمعلومات اقتصادية فى قضايا الميراث والاختفاء والزنا والاحتيال مع سير العمل بشكل جيد شارك فيدوك فى الحياة الاجتماعية ولكن لسوء حظه فإن قضايا الاحتيال لاحقته. فى عام ١٨٣٧ اضطر إلى إغلاق مشروعه وسجن لمدة عام.
وأخيرا.. سافر إلى لندن فى عام ١٨٤٥ لعقد مؤتمرات ولعرض إبداعاته خاصة اختراعه للورق المقاوم للتلف وبعد ذلك عاد إلى فرنسا وعاد فيدوك إلى جهاز المخابرات فى عام ١٨٤٨ بعد الثورة.. أصيب بالكوليرا فى عام ١٨٥٤ وتوفى يوجين فرانسوا فيدوك فى شقته فى باريس فى ١١ مايو ١٨٥٧ بعد أن أصيب بالشلل فى ساقيه.

معلومات عن الكاتب: 
شارل دو بلوندان.. تخرج فى كلية إدارة الأعمال الكبرى، وعمل مستشارًا فى القضايا الاقتصادية.. بعد استكشاف الشرق الأوسط والعيش فى الأردن لدراسة اللغة العربية، قرر تأسيس شركة Billet de France الإعلامية فى عام 2019، والتى يرأس تحريرها. وكتب العديد من التقارير الرئيسية عن الأوضاع فى أرمينيا وموريتانيا وأوكرانيا وغيرها من الدول.. يكتب عن جندى فرنسى له ماضٍ إجرامى قبل أن يصبح رئيسًا للوحدة الأمنية فى باريس.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فى عام

إقرأ أيضاً:

سفير فرنسا بالقاهرة: باريس تستضيف مؤتمر وزاري ثالث من نوعه حول سوريا

أعلن السفير إيريك شوفالييه، سفير فرنسا بالقاهرة، أن بلاده ستنظم في الثالث عشر من شهر فبراير الجاري مؤتمرًا وزاريًا حول سوريا.

وأوضح السفير الفرنسي، خلال مؤتمر صحفي عقده بالسفارة الفرنسية بالقاهرة، أن المؤتمر يعد الثالث من نوعه بعد المؤتمرين الذين عقدا بالأردن والسعودية.

وقال السفير إن بلاده تأمل أن تسير المرحلة الانتقالية وفق تطلعات الشعب السوري، وأن تكون سلمية ويتم خلالها احترام تعددية المجتمع بكافة أطيافه وكذلك حقوق المرأة واستعادة استقرار سوريا ولصالحها وأيضا المنطقة.

وأضاف أن هناك رسالة يتعين إيصالها للإدارة الانتقالية السورية خلال المؤتمر الذي سيفتح المجال أيضا لمشاركة المجتمع المدني السوري.

وتابع أن فرنسا تتحلى بالفطنة والذكاء لإيصال الرسائل للسلطة الانتقالية في سوريا لكي تمر المرحلة الانتقالية بسلام.

وذكر أن فرنسا كانت قد أعربت عن سعادتها لسقوط النظام السوري السابق نظرا للانتهاكات التي دفعت نصف الشعب إلى مغادرة البلاد.

وفي سياق أخر، أكد السفير أن بلاده تقدر وتدعم جهود الوساطة التي قامت بها مصر للوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشددا على رفض بلاده لتهجير الفلسطينيين.

ونقل السفير الفرنسي تقدير بلاده الدور المحوري والرئيسي الذي تلعبه مصر لحل الأزمات بالمنطقة، مشيرا إلى أن مصر تعد طرفا ولاعبا أساسيا لا غنى عنه في التوصل إلى تهدئة والسلام في المنطقة.

ووصف السفير الفرنسي مصر بأنها شريكا رئيسيا فيما يتعلق بالسلام والأمن في المنطقة، مؤكدا توافق وجهات النظر بين البلدين حيال القضايا الإقليمية وإنه مع بدء مفاوضات المرحلة الثانية، فإننا نأمل أن تصل إلى نتائج تحقق التهدئة، معبرا عن الشكر لمصر في الوساطة التي أتاحت إطلاق سراح رهينة فرنسية السبت الماضي.

وشدد السفير على موقف فرنسا الذي يرفض أي تهجير للفلسطينيين، وتم التأكيد على ذلك من خلال وزير الخارجية الفرنسي، وهو موقف يتوافق مع مواقف مصر والأردن.

وأوضح أن بلاده ترى أنه من المهم بمكان الدفع باتجاه الحل السياسي، مشيرا إلى أن باريس قد أعلنت أنها ستترأس مع المملكة العربية السعودية مؤتمرا في يونيو القادم بالأمم المتحدة حول حل الدولتين، وستواصل العمل حول حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد لإقامة الأمن والسلام في المنطقة.

ولفت السفير الفرنسي إلى أن البيان الختامي الصادر عقب الاجتماع السداسي العربي بالقاهرة أشار إلى أهمية مؤتمر يونيو المقبل كأحد الخطوات الهامة.

مقالات مشابهة

  • ماكرون يهنئ أحمد الشرع ويدعوه لزيارة فرنسا
  • سفير فرنسا بالقاهرة: باريس تستضيف مؤتمر وزاري ثالث من نوعه حول سوريا
  • بحوزته ترسانة أسلحة.. مقتل عنصر خطر فى تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط
  • عادل عزام يكتب: «يا كولر ارفع إيدك.. شعب مصر هو سيدك»
  • ماكرون يهاتف الشرع ويدعوه إلى زيارة فرنسا في الأسابيع المقبلة
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • ملخص أهداف مباراة باريس سان جيرمان ولو مان في كأس فرنسا
  • باريس سان جيرمان يتأهل لدور الثمانية في كأس فرنسا بفوز على لومان
  • تشكيل باريس سان جيرمان الرسمي أمام لو مان في كأس فرنسا
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات