يونيو 25, 2024آخر تحديث: يونيو 25, 2024

نزار عبد الغفار السامرائي

لم تقف قصص الصحافة والصحفيين الذين تتناولها الأفلام السينما عند حد معين او بلد معين، واذا كنا تناولنا في كتابنا الأخير قضايا الاعلام في السينما الامريكية عبر استعراض عدد من الأفلام التي انتجتها هوليوود في سنوات مختلفة، فأن السينما في الدول الأخرى تناولت أيضا العديد من القضايا التي تبرز العمل الصحفي من زوايا عديدة، ولازالت مسترة.

وما شدني حقا الفيلم الهندي الجديد (عرض رسميا يوم 23/6/2024) مهراج الذي يستند إلى واقعة حقيقية حينما اقدم رجل دين على رفع قضية تشهير عام 1862 ضد الصحفي كارسانداس مولجي  امام المحكمة العليا في بومباي. حيث يتناول الفيلم الأحداث التي أدت إلى هذه القضية وكيف تظل ذات أهمية تاريخية.

كارسانداس مولجي هو صحفي هندي شجاع ومصلح اجتماعي تحدى اقوى شخصية في مدينة بومباي (مهراج جادوناثجي بريجراتانجي ) والذي يشغل منصب رئيس كهنة المعبد الرئيس لطائفة هندية كبيرة. ينشر مولجي مقالًا مثيرًا للجدل يتهم فيه المهراج بالانخراط في أنشطة غير أخلاقية، مما يؤدي إلى رفع دعوى تشهير. وتصبح قضية المحكمة ساحة معركة لقضايا أوسع مثل حرية الصحافة والعدالة الاجتماعية. ويبين الفيلم إن معركة مولجي لم تكن ضد السلطة الدينية فقط، بل أيضا ضد الأعراف المجتمعية التي تخنق الإصلاح والتقدم. وبصفته إصلاحيًا، غالبًا ما واجه كارسانداس ردود فعل عنيفة بسبب أفكاره التقدمية التي دعت إلى المساواة بين الجنسين وزواج الأرامل وعدم دعم الإيمان الأعمى بالزعماء الدينيين الذين يبيعون أنفسهم على أنهم رسل الله. لتعريف الجمهور بشجاعته ومساهمته في المجتمع والإرث الذي تركه وراءه، اختار مهراج قصة قوية لكنها تفتقر إلى التأثير.

يقول الكاتب الهندي Monika Rawal Kukreja في استعراضه للفيلم على موقع Hindustan times “على الرغم من أن مهراج تدور أحداثه في عصر ما قبل الاستقلال، إلا أن القصة والنضال ضد “ثقافة البهاكت” لهما أهمية في عصرنا هذا أيضًا. هناك العديد من الآلهة الذين نصبوا أنفسهم، والذين يواصلون استغلال النساء باسم الدين والممارسات الخاطئة. هناك أيضًا إشارة دقيقة ولكنها مهمة إلى حرية الصحافة، وكيف بذل كارسان، الذي ينحدر من مجتمع فايشناف، قصارى جهده لحماية ذلك”.

ومن المشاهد المؤثرة والتي توضح طبيعة العملية الإصلاحية يقول احدى الشخصيات المؤثرة في حياة الصحفي الهندي وهو يخاطبه: “إن إخبار الناس بأنهم مخطئون ليس كافيًا. يجب أن نمنحهم فرصة للإصلاح وإعادة التأهيل، وهذا من شأنه أن يحدث التغيير الحقيقي”.

فيلم مهراج يخرج عن الصورة النمطية المرسومة للأفلام الهندية، فهو يقدم قصو واقعية بأداء وسيناريو مميز، يبين بوضوح طبيعة السيطرة التي يمارسها الزعماء الدينيين على المجتمع ولاسيما الطبقات الفقيرة، التي تؤمن بالخلاص عبر اللجوء الى الله، وكيف يتم استغلال المؤمنين من اجل ملذات ومكاسب شخصية. كما يوضح ان العمل الصحفي لا يقف عند حدود نقل الاخبار والاحداث بل هو عملية قيادة حقيقية للإصلاح الاجتماعي ومواجهة الانحرافات حتى وان كان الثمن غال.

ان ما يخلص اليه الفيلم يأتي عبر تعليق صوتي مع نهايته يرافق استعراض صور حقيقية للصحفي الهندي وشخصيات أخرى مع التأكيد بأننا لا نحتاج إلى وسيط لنكون على اتصال مع الله، ويكرر أن الدارما (أخلاقيا تعني الطريقة الصحيحة في العيش أو التواصل الصحيح خصوصا ضمن مفهوم ديني وروحاني) وسيلة لنصبح إنسانًا صالحًا.

يذكر ان بطل قصة الفيلم هو الصحفي كارسانداس مولجي (1832 – 1875) كتب في مجلتي راست جوفتار وستريبوده قبل ان يؤسس عام 1855 مجلة أسبوعية غوجاراتية تسمى ساتيابراكاش بمساعدة مانغالبهاي ناثتوبهاي. قام بتحريره بينما كان روستومجي رانينا هو الناشر. واستمرت ست سنوات فقط قبل أن يغلقها في عام 1861 ويعود للكتابة في راست جوفتار وهي نفس الصحيفة التي تركها سابقا بسبب قلة عدد جمهورها. تناولت مقالاته زعماء الطبقات الهندوسية المتقدمة وهاجمت العادات والممارسات الاجتماعية والدينية. تناول مولجي العديد من القضايا الاجتماعية مثل تعليم الإناث والإنفاق المفرط للمال في حفلات الزفاف الفخمة ومراسم إزالة الأعشاب الضارة وطقوس الجنازة المتمثلة في ضرب الصدر (حسب ويكيبيديا).

مرتبط

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

سبب محنتي أن زوجي يحملني مسؤولية رسوب إبنتي

سيدتي، بعد التحية والسلام مطمئنة أنا اليوم وأنا أحظى بهذه الفرصة التي أعتبرها ملاذا لي من غطرسة زوجي وإتهاماته. فلولا ركن قلوب حائرة لما كنت قد وجدت متنفسا للهم الذي أكابده منذ يومين.

نعم سيدتي، فحياتي تحولت في اليومين الأخيرين إلى جحيم لا يطاق مع زوجي الذي بات يوجه لي أصابع الإتهام بأنني أنا السبب في إخفاق إبنتنا الوحيدة في نيل شهادة التعليم المتوسط.

فهو وحسبه يرجع السبب إلى الدلال الكبير الذي منحته لإبنتي التي لم أمارس عليها أي نوع من التشديد أو الترهيب حتى تذاكر وتجتهد، والله أعلم أنني لم أكن أبحث سوى عن راحتها النفسية التي ظننتها ستنعكس بالإيجاب على مردودها الفكري.

صحيح أن إبنتي ليست بالتلميذة المجتهدة ولا المكدة، فهي تملك رصيدا لا بأس به من العلم الذي وللأسف لم يكفل لها أن تكون من مصاف الناجحين. وأكثر ما يلومني عليه زوجي أنني أيضا أسرفت في مصروف البيت كرمى لأن يكون لإبنتي فرصة حضور بعض الدورات الخاصة بالمراجعة والتحفيز التي يقوم بها اساتذة متخصصون ومدربون تحفيزيون في علم النفس.

جهود إبنتي المتواضعة ذهبت هباءا منثورا سيدتي، وأنا اليوم أدرك فداحة عدم حرصي على إبنتي أن تراجع وتجتهد وتلتزم طيلة السنة الدراسية، لكن هذا لا يعني أن يقدم زوجي بما يقوم به معنا من سياسة الزجر والنهر وكلامه القاسي الذي لا ينتهي من أنني قضيت على مستقبل إبنتي ومن أنني حكمت عليها أن تحيا إنهزامية.

أيعقل هذا سيدتي؟ أيعقل أن تقبل أم أن تكون إبنتها من الراسبات الخاسرات؟ ايعقل أن يكون الجوّ المشحون هو عنوان حياتنا بعد صدمة الرسوب، عوض أن يكون الإحتواء والطبطبة منهجا لتتعافى إبنتي وتعود إلى إستقرارها النفسي.

أريد منك جوابا سيدتي ، فلا تبخلي عليّ رجاءا.

أختكم أم نورهان من الغرب الجزائري.

الرد:

هوني عليك أختاه,لتهدئي من روعك فكلمات الكون كله لا تكفي للتعبير عن حسرة أن يكون ابناءنا في مصاف الراسبين بعد سنة دراسية كانوا من خلالها يحضرون لإمتحان مصيري.

لست في صف زوجك أختاه، لكن دعيني أخبرك أنك بالإفاراط في تدليل إبنتك وخوفك على حالتها النفسية جعلتها كمن يهمل ولا يعي أهمية الشهادة التي ستمتحن بها. لقد خلقت في قلبها نوعا من الركود الذي لم تفلح دورات المراجعة ولا حتى جلسات المختصين النفسانيين في تحريكه وبثه.

لا محالة فأصابع الإتهام موجهة لك، ولا يمكنك التنصل من مسؤوليتك تجاه هذه الخسارة التي لم ترخي بظلالها سوى على إبنتك المسكينة التي ستكون مضطرة لأن تعيد السنة، وسيكون عليها بذل الكثير من المجهودات حتى تلتحق بركب ترائبها وزملائها، ولعلمك فالضغط النفسي الذي ستجابهه سيكون أكثر من الذي كانت ستحياه هذا الموسم لولا لفّك لها بالخوف والرهبة التي افقدتها روح الإتكال على نفسها والذي جعلها غير مسؤولة أمام الإمتحان المصيري الذي إجتازته.

عليك أختاه أن تتحملي ما يقوم به زوجك من تصرف حيالك، حيث أنه ترك لك مسألة التكفل بدراسة إبنتك ونجاحها، ولم يبخل عليك بالماديات التي لم تكن لديك سياسة رشيدة في إنفاقها، حيث أنّك صرفتها في دورات وجلسات لميكن لها داع لدى إبنتك، لأنه كان عليها أن تتزود بالإرادة والعزيمة والرغبة في النجاح.

لم يفت الأوان أختاه، وعليك أن تشحذي همة إبنتك بما يكفل أن يكون زادها الموسم الدراسي المقبل، من خلال حثها على المراجعة والتركيز والعمل بجدّ، وعوض الإفراط في الدلال والخوف على المشاعر، فليكن منهجك مع إبنتك غرس الإتكال على النفس، وتقوية الثقة بنفسها حتى تكرم أمام ورقة الإمتحان ولا تهان، ولتخبريها منذ اليوم أنه لديها فرصة ثمينة لا تعوض في أن تحوز على معدّل ممتاز وأن تنال الشهادة وتفرح كباقي زملائها فرحة العمر.

ومن خلال هذه السانحة، نتمنى من كل التلاميذ الذين رسبوا أن يكفكفوا دموعهم ولا يتوانوا عن المحاولة مرة ومرتين لبلوغ المنى والظفر بالنجاح والتألق.

ردت:”ب.س”

مقالات مشابهة

  • الفيلم السينمائي
  • سبب محنتي أن زوجي يحملني مسؤولية رسوب إبنتي
  • الانتخابات البلدية في ليبيا: مؤشرات مقلقة!
  • فيلم السبع موجات.. آخر ما وثقته الكاميرا في غزة قبل حرب الإبادة
  • "الحرية للإبداع" يعرض الفيلم الأمريكي المدبلج "pocahontas 2️" بالإسكندرية.. غدا
  • كيف يكون الحل سودانياً؟
  • Mad Solutions تشارك بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان عمان السينمائي الدولي
  • بحضور عدد كبير من الفنانين.. عرض ناجح بدار الأوبرا المصرية لفيلم جحر الفئران للمخرج محمد السمان
  • عادل حمودة يفتح صندوق أسرار أحمد زكي من البداية حتى الرحيل
  • لهذه الأسباب احتل أهل الكهف المرتبة الأخيرة بإيرادات أفلام العيد