تأثير اصلاحات القضاء الإسرائيلية على مستقبل العلاقات مع أمريكا؟
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن بنظيره الإسرائيلي في يوليو / تموز فيما جرى تأجيل الاجتماع مع نتنياهو
تركز السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الوقت الراهن على الملفين الصيني والأوكراني، بيد أنه بوصلة السياسة الخارجية سوف تتجه صوب الشرق الأوسط حتى لو كان هذا الأمر سوف يلقي بظلاله على الداخل الأمريكي وذلك عقب إقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يحد من بعض صلاحيات المحكمة العليا وسط احتجاجات ضخمة ومستمرة.
مع اعلان الرئيس الأميركي جو بايدن اموافقته على عقد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تسود الاحتجاجات في المدن الإسرائيلية دعما للقضاء وذلك عشية زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للبيت الأبيض.
وتضرب العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة بجذورها في التاريخ إذ توفر الولايات المتحدة دعما لإسرائيل بما يعادل 3.5 مليار دولار سنويا يذهب جُل هذه المساعدات إلى دعم قدرات إسرائيل الدفاعية وتعزيز التكنولوجيا العسكرية.
فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، باتت إسرائيل أكبر متلق لإجمالي المساعدات العسكرية الأمريكية التي تصل إلى قرابة 158 مليار دولار، بيد أنه مع إقرار الإصلاحات القضائية الأخيرة في إسرائيل، بدت مؤشرات تصدعات في العلاقات الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب.
الانتقادات بين الحلفاء
ووصف مراقبون تصريحات بايدن عقبإقرار الكنيست مشروع القانون في 24 يوليو / تموز الماضي بـ "المؤسفة" و "غير مسبوقة" و "استثنائية" في ضوء إصرار رؤساء الولايات المتحدة السابقين على الإشارة إلى قوة العلاقات مع إسرائيل.
قبل أيام، أعرب بايدن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن قلقه إزاء الوضع السياسي في إسرائيل، قائلا إن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تضم بعض "الأعضاء الأكثر تطرفا" على الإطلاق الذين باتوا "جزء من المشكلة" خاصة من يقولون "إنه يمكننا الاستقرار في أي مكان نريد والفلسطينيون ليس لهم الحق في أن يكونوا هنا".
مشروع الإصلاح القضائي يعمق انقسام المجتمع الإسرائيل ويحذر مراقبون من وقوف البلاد على شفا أزمة وطنية
وتعد تصريحات بايدن غير معتادة وتأتي على نقيض الأعراف الدبلوماسية إذ من النادر أن يُقدم رئيس أمريكي على الحديث عن أزمة سياسية داخلية لدولة حليفة وصديقة مثل إسرائيل. وعزا مراقبون الموقف الأخير الذي صدر عن بايدن إلى الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها.
غضب يهود الشتات
وعقب تمرير مشروع قانون الإصلاح القضائي، قام "المؤتمر اليهودي العالمي" بنشر إعلانات على صفحات كاملة في كبرى الصحف الأمريكية مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، قائلا: "نحن يهود الشتات! نمتنع عادة عن التدخل في السياسة الإسرائيلية لأننا حريصون على احترام سيادتها، لكن اليوم بات مستقبل إسرائيل على المحك. فدولة الشعب اليهودي تواجه خطرا وجوديا وشيكا".
وقبل صدور مثل هذا البيان، كان من غير المعقول أن يقدم "المؤتمر اليهودي العالمي" على انتقاد إسرائيل بشكل علني.
ديمقراطيون ينتقدون الإصلاحات
ومنذ تزايد الجدل حيال مشروع الإصلاحات القضائية في إسرائيل، باتت القضية موضع نقاش داخل الأروقة السياسية الأمريكية.
فقد وصف جيرولد نادلر، عضو الكونغرس الأمريكي عن حزب الديمقراطي، المصادقة الجزئية على القانون بأنه "يوم أسود للديمقراطية الإسرائيلية".
ويعد نادلر، السياسي الذي ينحدر من عائلة يهودية أرثوذكسية، من أكثر أعضاء الحزب الديمقراطي دفاعا عن إسرائيل خاصة في وقت الأزمات.
ويُضاف إلى ذلك، قيام أصوات داخل الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي بالضغط على إدارة بايدن لتبني موقف أكثر انتقادا لإسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مع دعوات لقطع الدعم المالي المقدم لإسرائيل في أعقاب الجدل القائم حول الإصلاحات القضائية في إسرائيل.
"الدعم المطلق" لإسرائيل
في المقابل، يسعى أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري إلى استغلال قضية الإصلاحات القضائية في إسرائيل لصالحهم إذ خرج نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس ليصرح قائلا: "انشغال الديمقراطيين بمحاولة التدخل في التفاصيل الدقيقة الخاصة بالسياسة الداخلية الإسرائيلية يعد بالأمر الخاطئ". وأكد بنس خلال الأسابيع الأخيرة على "دعمه المطلق" لإسرائيل.
وإزاء ذلك، طرح ستيفن كوك، الزميل الأول لدراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، تساؤلا مفاده: "ما هي الخطوة التي سوف يقدم عليها الرئيس الأمريكي الحالي في هذا الوضع الصعب؟"
ظهر نتنياهو إلى جوار ترامب في حملة دعائية لحزب الليكود عام 2019
وفي مقابلة مع DW، أضاف "بايدن بات في مأزق استراتيجي. الرئيس لا يريد أن يخوض معركة مع الإسرائيليين قبل الانتخابات خاصة وأن خصومه في الحزب الجمهوري قد وضعوا إسرائيل في صلب القضايا الرئيسية التي تشمل الإجهاض والسلاح وخفض الضرائب".
وشدد على أنه من غير الواقعي أن يُقدم بايدن على قطع المساعدة العسكرية لإسرائيل، قائلا: "فرصة حدوث ذلك صفر".
ويتفق في هذا الرأي بريت بروين، الخبير في الشؤون السياسية الذي عمل في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وقال "من غير المرجح قطع المساعدات عن إسرائيل، سنرى المزيد من التحركات الرمزية لإظهار قلقنا بشكل أكثر علانية بما يشمل تأخير زيارة رئيس الوزراء إلى البيت الأبيض أو تقليل رحلات المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى إلى إسرائيل".
في انتظار ترامب
ويعتقد بروين أن نتنياهو يعول على إعادة انتخاب دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية أواخر العام المقبل.
ويقول آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "لقد خلقت إدارة ترامب زخما وفرطا في النشاط في إسرائيل لمدة أربع سنوات حيث أقدمت على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والاعتراف بسيادتها على مرتفعات الجولان."
وأضاف "سوف نرى أعضاء من الحزب الجمهوري ومحافظين ومسيحيين انجيليين ويهود محافظين في الولايات المتحدة يتجمعون بشكل أساسي لدعم ترامب لأنه لن يطرح أي أسئلة فهو لا يهتم بما تفعله حكومة نتنياهو طالما أنه يحصل على ما يحتاجه. إنه بمثابة دعم أعمى".
إينيس بول/ م ع / ع.أ.ج
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: اسرائيل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إدارة بايدن اسرائيل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إدارة بايدن الإصلاحات القضائیة الرئیس الأمریکی فی إسرائیل إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
ماذا دار بذهن ترامب بطرح خطة غزة؟.. مرشح سابق بإدارة الرئيس الأمريكي يعلق
(CNN)—عقّب ماثيو بارتليت، المرشح السابق لوزارة الخارجية بإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على كرد الأخير خطة "تظهير غزة" وتهجير سكانها إلى دول حدودية مع إسرائيل ما أثار ضجة واسعة رافضة بين الأوساط الرسمية والشعبية في كل من مصر والأردن.
وقال بارتليت في مقابلة مع الزميلة كريستيان امانبور لـCNN: "كما تعلمون، من المهم التعامل مع الواقع بدلاً من الافتراضات.. تم الإدلاء بهذه التصريحات (خطة غزة) وأعتقد أنه إذا كنت تحاول إعطاء فائدة الشك، فإن هذا هو محاولة الرئيس ترامب للاعتراف بالدمار الذي لحق بغزة والدور الذي ترغب الولايات المتحدة في لعبه".
وتابع: "إذا كنت صادقًا فكريًا، فقد كانت تلك الأحداث أكثر من مجرد تحريضية، وأكثر من كونها إشكالية، ولم يتعرض للانتقاد فقط، كما تعلمون، على المستوى الدولي من قبل اللاعبين في المنطقة، من قبل السعوديين والأردنيين، ولكن إذا نظرت من الناحية السياسية، فأنا لم أر قط اليسار فقط، ولكن أيضًا اليمين يتحدث من الكابيتول هيل، وأعضاء مجلس الشيوخ من جوش هاولي إلى ليندسي غراهام، والسيناتور كرامر يقول إن هذه قد لا تكون فكرة حكيمة".
وأضاف: "قاعدة MAGAتتحدث علنًا على الإنترنت قائلة، لا مزيد من الحروب التي لا نهاية لها، لا مزيد من القوات في الخارج. لذلك، من غير الواضح كيف يمكن لتفكير الرئيس ترامب أو مقترحاته الفعلية أن تمضي قدمًا".
ومضى قائلا: "كما تعلمون، لا يزال الرئيس ترامب شخصية مثيرة للاهتمام، ليس فقط على المستوى العالمي، ولكن أيضًا في الشرق الأوسط، هذا هو الشخص الذي وصل إلى السلطة في عامي 2015 و2016 بناءً على حظر المسلمين، لكن رحلته الأولى كانت إلى المنطقة، إلى المملكة العربية السعودية.. هذا هو الشخص الذي صنع السلام ومن الأهمية بمكان، كما تعلمون، مرة أخرى، منح الفضل حيث يستحق الفضل، والاعتراف بإسرائيل، واتفاقيات إبراهيم، والعديد والعديد من البلدان التي تقوم بالعمل الشاق الذي رأيناه جيدًا خلال السنوات الأربع الماضية، لسوء الحظ، يمكن أن تنهار الأمور، ويمكن أن تكون الحرب حالة طبيعية، والسلام هو العمل الشاق".