فقدت سلطنة عُمان أحد أبرز رموزها الثقافية والإدارية بوفاة السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي في وقت متأخر من مساء أمس ، وقد ترك الراحل بصمة واضحة في المشهد الثقافي العُماني والعربي من خلال مسيرته الحافلة بالعطاء والإنجازات.

ينتمي السيد عبدالله إلى أسرة عريقة لها إسهامات بارزة في المجالات الإدارية والدينية والأدبية في عُمان؛ فوالده، السيد حمد بن سيف البوسعيدي، كان من الشخصيات الأدبية المرموقة، وقد تولى مناصب قضائية وإدارية عديدة في مختلف ولايات سلطنة عمان، وبدأ السيد عبدالله البوسعيدي مسيرته المهنية في وزارة الأراضي عام 1973، ثم انتقل للعمل في هيئة جمع المخطوطات العمانية، وفي عام 1978، التحق بوزارة العدل حيث تلقى تدريبات متخصصة في المجالين الإداري والمالي.

وقد تدرج في المناصب حتى تم تعيينه وزيرًا للإسكان في أكتوبر 1986، ثم مندوبًا لدى الجامعة العربية وسفيرًا في عدة دول، قبل أن يعود إلى عُمان ليتولى رئاسة جهاز الرقابة المالية للدولة.

للسيد عبدالله بن حمد إسهامات في المجال الثقافي، منها تأسيس "صالون الخليل بن أحمد الفراهيدي" في القاهرة عام 1996 أثناء عمله سفيرًا لسلطنة عُمان في مصر، وقد جاءت هذه المبادرة استجابة لما رآه من تحديات تواجه الثقافة العربية في ظل العولمة.

وعن سبب اختيار اسم الخليل بن أحمد الفراهيدي للصالون، يروي السيد عبدالله بن حمد (في حديث سابق) قصة زيارته لجامع القرويين بفاس، حيث صادف ذكر كتاب "العين" للفراهيدي، مما ألهمه لاحقًا فكرة إنشاء الصالون باسم هذا العالم العُماني الذي أصبح إرثه عربيًّا، وكان الصالون يعقد جلساته الشهرية لمناقشة قضايا أدبية وفكرية وتاريخية متنوعة، مع التركيز على الموضوعات المتعلقة بسلطنة عُمان، وقد استقطب الصالون نخبة من المفكرين والأدباء العرب، مما أثرى النقاشات وعزز التواصل الثقافي بين أبناء الأمة العربية.

ومن أبرز إنجازات الصالون إصدار كتاب "حوارات صالون الفراهيدي" عام 1998، الذي وثق الحوارات والمناقشات التي دارت في جلساته؛ ليكون مرجعًا للأجيال القادمة والباحثين المهتمين بالتاريخ الفكري لسلطنة عُمان.

كان السيد عبدالله البوسعيدي مؤمنًا بأهمية الحوار الثقافي ودوره في مواجهة التحديات الحضارية، وبرحيله تفقد الساحة الثقافية العُمانية والعربية شخصية فذة جمعت بين العمل الإداري والدبلوماسي والاهتمام بالشأن الثقافي، وستبقى مبادرته "صالون الخليل بن أحمد الفراهيدي" شاهدة على رؤيته الثاقبة وحرصه على تعزيز الحوار الفكري وإحياء التراث العربي الأصيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السید عبدالله

إقرأ أيضاً:

«خطابات إصلاح النفس: رسائل وأدوات».. عنوان صالون حنان يوسف في دورته الـ55

انعقدت فعاليات الدورة الـ55 من صالون الدكتورة حنان يوسف الثقافي بعنوان: «خطابات إصلاح النفس: رسائل وأدوات»، تحت رعاية المنظمة العربية للحوار والتعاون الدولي، وبحضور عدد كبير من أعضاء الصالون من النخبة والمسئولين والأكاديميين والمتخصصين من مصر والوطن العربي.

في البداية، أكدت حنان يوسف، أستاذ الإعلام الدولي ومؤسس الصالون، أهمية مفهوم إصلاح النفس باعتباره أهم أدوات إصلاح وتطور المجتمع، في ظل التحديات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها مجتمعاتنا العربية.

وشهد الصالون مشاركات لعدد كبير من المتخصصين في الإعلام والثقافة في مصر وخارجها، الذين قدموا مجموعة من الأطروحات الثرية حول التحديات النفسية التي تواجه الأفراد داخل المجتمع، وتقف عائقا أمام فكرة إصلاح النفس تحت دعوى المصالح الشخصية وإعلاء القيم الفردية بدلا عن المصالح والقيم الجمعية.

أهمية دور الإعلام في توجيه قيم إصلاح النفس

بدوره، أوضح اللواء طارق المهدي وزير الإعلام الأسبق، أهمية دور الإعلام والأسرة والمؤسسات الدينية والمجتمعية في توجيه قيم إصلاح النفس وتهذيبها وتحلي الأفراد بالأخلاقيات القويمة، التي تتسق مع الدين الحنيف وتساعد على تطوير وتقدم المجتمع في هذه الفترة الحرجة من بناء مجتمعنا، كما أكد الدكتور عماد البناني رئيس الاتحاد المصري للرياضة للجميع، أن الرياضة والثقافة من أهم أدوات إصلاح النفس والمجتمع ككل باعتبارها من وسائل التهذيب ونشر أفكار التعاون والتسامح والمشاركة.

وأوضح المشاركون أهمية رفع الوعي النفسي لدى الأفراد، من خلال برامج توعوية وإعلامية حول الاضطرابات النفسية، التي قد تعيق فكرة التصالح مع الذات، وكذلك ضرورة رفع الوعي لدي المتلقي من خلال نشر ثقافة التربية الإعلامية لتحقيق تحول إيجابي في إدارة الأفراد. لعلاقاتهم المختلفة.

دعم التدريب على إدارة النفس وإصلاحها

وأوضحت إدارة الصالون أن الصالون يتبنى مبادرة «اصنع صورتك.. اصلح نفسك»؛ لدعم التدريب على إدارة النفس وإصلاحها على حد سواء، من خلال مجموعة من الأنشطة الإعلامية والتوعوية والنفسية عبر المنصات المختلفة بالاستفادة من خبرات مجموعة من المتخصصين النفسيين، والتركيز على صناعة الحلم والصورة الإيجابية، التي يجب أن يكون عليها الإنسان المصري بعد إصلاح النفس. والمبادرة تجري بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية، وهي تتفق مع الهدف الرئيسي للمنظمة العربية للحوار في استخدام الحوار؛ من أجل تقديم النماذج الإيجابية والصورة المشرفة للمجتمع المصري والعربي.

واختتمت فعاليات الصالون بفقرة غنائية لندى المنسي، الفنانة الشابة وعضوة الصالون، ليتم اختتام فعاليات الصالون الثقافي وسط إشادات واسعة من المشاركون بما تم طرحه في الصالون من أفكار هامة للفرد والمجتمع كله.









مقالات مشابهة

  • معالي عبدالسلام المرشدي يكتب عبر “أثير”: كان سيدًا بأخلاقه قبل نسبه
  • نقاشات الرئاسة بعد أسبوعين.. بخاري: مساعي الخماسية لم تتوقف
  • عطلٌ طارئ.. خدمات أوجيرو تتوقف في هذه المناطق
  • بخاري زار دريان: مساعي الخماسية لم تتوقف في مساعدة اللبنانيين لانتخاب رئيس
  • «خطابات إصلاح النفس: رسائل وأدوات».. عنوان صالون حنان يوسف في دورته الـ55
  • الدفاع المدني بغزة: قد تتوقف مهامنا في أي لحظة
  • «القوميان للبحوث وثقافة الطفل» يستضيفان علماء المستقبل بصالون ابن الهيثم
  • عين «الفراهيدي» التي لم يغمضها الغياب
  • مؤسسة تطوير صناعة السيارات تطلق شاحنات حديثة لعلامة سوناكوم
  • في وداع السيد عبدالله بن حمد