تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن التقدم المذهل في تقنيات الاتصالات والتواصل فرض نفسه كقوة تؤثر على جميع مناحي الحياة الإنسانية، خاصةً الفكرية والثقافية والمجتمعية"، مؤكدًا أن هذا الانفتاح الكبير يوفر فرصة لاستكشاف الثقافات المختلفة، وزيادة التفاهم والتقارب، والتقليل من حدة الخلافات.


وأوضح أن هذا الانفتاح الكبير يمثل في جانبه الإيجابي فرصةً لم تُتَح من قبلُ لاستكشاف واسع لسائر الثقافات المختلفة، وفرصة لزيادة التفاهم والتقارب والتقليل من حدَّة الخلاف بين تلك الثقافات، وإمكانية فهم ظاهرة التنوع كطبيعة بشرية، بل والاستفادة منه على الجانب التنموي.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال الملتقى الذي عقده منتدى حوار الثقافات التابع للهيئة القبطية الإنجيلية بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، تحت عنوان: "التنوع والسلام المجتمعي"، حيث أعرب عن شكره للدكتور القَس أندريه زكي رئيس الهيئة على دعوته للمشاركة في هذا المنتدى، مشيدًا بجهود الهيئة القبطية الإنجيلية في دعم قضايا السلام والوحدة المجتمعية في مصر التي تُنبئ عن رؤية واعية للمؤسسات الدينية الوطنية تجاه قضايا السلام والوحدة المجتمعية، وتبث الطمأنينة والأمل في النفوس.
وأكد مفتي الجمهورية أن البُعد الفكري والثقافي لا يزال يمثل محركًا لأكبر الصراعات الكبرى في العالم، ولا يزال فهم التنوع والتعامل معه مشكلةً عالمية إنسانيةً، تتأثَّر بمسارات الأفعال البشرية التي تُحدِّد ما هو مقدَّر لظاهرة التنوع؟ وهل ستكون أداة للبناء الحضاري؟ أم أحد معاول هدمها؟
وأشار إلى أنَّ مدى تأثير ظاهرة التنوع الفكري والثقافي في ظل معطيات تقنيات التواصل والانفتاح المعاصرة يتحدَّد بشكل رئيسي وَفق طريقة تعاطينا مع تلك الظاهرة وفَهمها وتطويعها للبناء الحضاري الإنساني، لا لترسيخ الصراع البشري كما يرتكز في قناعات البعض.
وشدد على أنَّ التنوع في الخلفيات الثقافية والمعتقدات، ونحو ذلك من الاختلافات البشرية التي قدَّر الله سبحانه وتعالى وجودها بين البشر وجَعَلَها سُنَّةً كونية لا مفرَّ منها، يجب أن يُدار إدارة رشيدة يمكن من خلالها استغلال هذا التنوع كقوة دافعة لعملية التنمية بمفهومها الشامل لا على البعد الاقتصادي فقط، بل بالأحرى على الجانب الاجتماعي، فالتنوع الفكري والثقافي وفهمه وقبوله قادر على خلق حياة فكرية أكثر تكاملًا، وقادر على أن يعطي للمجتمع أهدافًا حضارية مشتركة تمثل محركًا له على العمل والانتاج.
وتابع مفتي الجمهورية: "إنَّ أسئلة التحولات الحاصلة اليوم في ظل بناء الجمهورية الجديدة، وحاجتنا الماسَّة إلى مجتمعٍ متماسك مؤمن بضرورة الوحدة والاصطفاف وراء مشروعه القومي بتحدياته المقارنة له، ينبغي أن تأخذ في الحسبان القيمة التي يمثلها التنوع في تحصيل ذلك التماسك، وينبغي أن تأخذ في الاعتبار كيف يمكن لإدارة التنوع والاختلاف أن تَزيد من التماسك المجتمعي لا من تَفكُّكه وتشرذمه".
وأكد أن مجتمعنا الذي يعيش اليوم كغيره من المجتمعات حالةً من  التعددية الثقافية واقعيًّا وافتراضيًّا ينبغي أن يتعلم كيف يتعامل مع هذا التنوع، وكيف يدرك أن ذلك التنوع فرصة سانحة لتعزيز التفاعل والتفاهم بين سائر المنتمين للثقافات والخلفيات الحضارية المختلفة.
وأضاف أنَّ الاحترام والحوار البنَّاء والتفاعل والإفادة المتبادلة بين تلك المجموعات المختلفة يُثري الحالة الفكرية داخل المجتمع، بل ويصقل أحد المعاني الهامة المؤثرة في التماسك المجتمعي، وهو إدراك الهويَّة المشتركة بين أفراد المجتمع الواحد وأنهم يملكون من المشتركات الإنسانية والوطنية القدر الكافي لوضع أهدافهم المشتركة، وصناعة مناخ يسمح بتحقيق تلك الأهداف، ركيزته التعايش في حالة من السلام المجتمعي المتكامل.
واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالإشادة بتلك اللقاءات المثمرة التي تعكس إدراك النخب الدينية والثقافية للمسؤولية الملقاة على عاتقهم في نشر ثقافة التنوع والتعايش، مؤكدًا أن تحقيق السلم المجتمعي يعتمد على دورهم في التعليم والتأهيل والتوعية. 

وكرَّر شُكره لأصحاب الدعوة الكريمة، داعيًا الله تعالى أن يحفظ تماسك المجتمع ويسدد كافة المساعي تجاه تحقيق هذه الغاية النبيلة.

7d9979e9-24b0-4b4c-9f67-f3cb8c0fbe29 c1f7e4df-81fa-410e-9809-d76e76a981e6 4052b0a5-89a4-48b8-9b0a-aef9946cb5de ff53ba9a-1ef3-4956-8744-6dfc28203579 1588afbe-79b5-4ff7-b3b3-9c2eb311e1f8

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شوقي علام مفتي الجمهورية الإنجيلية أندرية زكي الفکری والثقافی مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

جامعات السودان.. إرث حضاري يدفع ثمن الصراعات العسكرية

لم يكن محمد أحمد المهدي قائد الثورة السودانية الذي حارب الاحتلال العثماني مدة 4 سنوات، يعلم أن حصاره للخرطوم سيسفر عن قتل أنصاره للحاكم العام الإنجليزي غردون باشا في 26 يناير/كانون الثاني 1885، على درج البوابة الشمالية الغربية لسرايا الحاكم العام، الذي سيعرف فيما بعد باسم القصر الجمهوري.

ولم يكن يعلم أن 10 أشهر من حصار الخرطوم كانت كافية للإطاحة بحكم الدولة العثمانية بقيادة محمد علي باشا للسودان وتدشين العهد الدولة المهدية.

لم يكن المهدي يعلم أيضا، أن هناك مغنيا إنجلوساكسونيا مجهولا سيتجول مع غيثارته بين حانات لندن مرددا أغنيته الحزينة "فات أوان إنقاذه" التي تحكي مقتل القائد الإنجليزي غوردون باشا:

هناك في السودان غاب عنا

هناك طأطأت إنجلترا رأسها وانكسرت

من هناك تفشى نبأ ارتعشت له قلوب البريطانيين

قتل بطلنا العظيم، قتل بطلنا العظيم.

دماء قرب ملتقى النيلين

الجنرال شارلس جورج غوردون خريج الأكاديمية العسكرية البريطانية متخصص في الهندسة العسكرية. ذاع صيته في مستعمرات بريطانيا العظمى في الهند والصين. كان جنرالا عظيما وقائدا أسطوريا لم يهزم في معركة خاضها، قبل أن يسوقه قدره إلى السودان ليلقى حتفه قريبا من ملتقى مقرن النيلين الأبيض والأزرق في قلب الخرطوم، مخلفا "البابا في روما وكل الحطابين في الجبال النائية والعجائز حول نار المدفأة في ليالي الشتاء الباردة ينتظرون عودته وفي يده مفاتيح الخرطوم" وأغنية لمغنٍ متجول مجهول ولوحة يتيمة مُتخيلة بعنوان "الوقفة الأخيرة للجنرال غوردون" رسمها الفنان الإنجليزي جورج وليم جوي.

لوحة مُتخيلة بعنوان "الوقفة الأخيرة للجنرال غوردون" تظهر مقتل اللواء تشارلز جورج غوردون (1833-1885) (غيتي)

لم يكن المهدي يعلم أن مقتل الضابط العظيم غوردون باشا، سيجعل إنجلترا توافق على اقتراح اللورد كتشنر في 1899، بتشييد كلية جامعية في الخرطوم تخليدا لذكرى الجنرال العظيم تشارلز جورج غوردون. العاملون السودانيون البسطاء أنفسهم وهم يرزحون تحت شمس الخرطوم الحارقة وسياط مشرفيهم تلهب ظهورهم، لم يعلموا أن الطوب الأحمر والجبس الذي استجلب ترابه من منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم لبناء صرح تذكاري على الطراز الفيكتوري الفخم تخليدا للقائد غوردون باشا على ضفة النيل الأزرق، ستدنسه يوما ما أحذية جنود الدعم السريع.

إعلان

تأسست كلية غوردون التذكارية "جامعة الخرطوم فيما بعد"، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 1902 على يد الفيلد مارشال اللورد كتشنر تخليدا لذكرى القائد غوردون باشا في المبنى الحالي لمكتبة الجامعة الرئيسية. ويمكنني أن أضع يدي "بضمير ككتاب الله طاهر" أننا لم نكن نعلم جميعا قبل 15 أبريل/نيسان 2023، أن قوات الدعم السريع ستخوض حربا ضروسا ضد الجيش والشعب السوداني، وستحتل جامعة الخرطوم وتدنس عرصاتها وتستبيحها لعامين وتعيث فيها فسادا بعد 121 عاما من تأسيسها.

هل مكتبة الجامعة بخير؟

هنالك الكثير من الأسئلة طرحها السودانيون بعد تحرير الخرطوم وطرد قوات الدعم السريع عن الجامعة الخرطوم، ومكتبتها الشهيرة؛ حملتها الجزيرة نت إلى الدكتور حسام الدين عوض الله القدال أمين مكتبة جامعة الخرطوم الرئيسة ليحدثنا عن حالها، يقول الدكتور القدال: "حمدا لله لم تتضرر مباني المكتبة وكذا الحال الأثاث والمباني الملحقة وخاصة القاعة الشرقية. أيضا أجهزة الحاسوب سليمة تماما ولم تُمس. المجموعات المكتبية لم تمس".

ولكن -يضيف القدال- هنالك معرض تراثي مع مدخل القاعة الرئيسة دُمِّر تماما وأيضا تم نهب مشغولاته اليدوية. القاعة الغربية بحالة جيدة والمجموعات المكتبية بحالة جيدة. أما المخطوطات والكتب النادرة فلم أحصل على إفادة حولها لأنها مقفولة في خزانات مؤمنة داخل المكاتب وآمل ألا يحدث لها شيء.

ويستطرد الدكتور القدال: "أخشى ما نخشاه هو أن يحدث ضرر لما يعرف بـ"مكتبة السودان" لأنها تعتبر المكتبة الوطنية وتوجد فيها مجموعات قيمة جدا من مداولات مجالس النواب السودانية منذ نشوء الدولة السودانية الحديثة، بالإضافة إلى مؤلفات الكتاب السودانيين التي كانت تودع إيداعا قانونيا في مكتبة السودان قبل إنشاء المكتبة الوطنية السودانية. أيضا هناك معمل لرقمنة المخطوطات موجود في الطابق الثاني، لم نستطع الوصول إليه ولا نملك عنه أي معلومات".

الدكتور حسام الدين عوض الله القدال أمين مكتبة جامعة الخرطوم الرئيسة (الجزيرة) خوف من السيناريو الأسوأ

حول ماذا لو حدث السيناريو الأسوأ بدمار كامل أو نسبي للمكتبة، كيف سيعاد بناء المكتبة؟! يقول الدكتور جعفر نوري أمين مكتبة معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية إحدى المؤسسات العلمية التابعة لجامعة الخرطوم: "يوجد بالطبع تعاون علمي بين المؤسسات الأكاديمية حول العالم، على ضوئه يتم تبادل المراجع والمحتويات الأخرى من مقتنيات ومجلات علمية ورسائل أوراق علمية وتقارير. ووفق الدكتور نوري توجد 4 طرق للحصول عليها:

شراء من معارض الكتب الدولية والداخلية. شراء من دور النشر عبر آلية طويلة تشرك الكلية والقسم والتخصص والمقررات والأستاذ وأمين المكتبة في اختيار الموضوعات. أيضا هناك الإهداء والتبادل العلمي مع المؤسسات الأكاديمية المعروفة. بالإضافة للإيداع من الجهات الناشرة للمؤلف. إعلان

ويتابع الدكتور نوري: وتلعب أيضا بيوت الخبرة مثل جمعيات المكتبات والمعلومات والاتحادات العربية والأفريقية والدولية للمكتبات والمعلومات بجانب اليونسكو والمؤسسة الدولية للأرشيفيات العالمية دورا مهما في إعادة إكمال ما دُمِّر. ومما سيسهم قطعا في إعادة إعمار المكتبة تنشيط البروتكولات من جانب الدولة والدول ذات الإمكانيات عبر وزارة الخارجية وملحقاتها الثقافية وبين الجامعات ومكتباتها ودور النشر من جانب آخر.

أضرار بكلية الهندسة جامعة الخرطوم (الجزيرة)

ويوضح الدكتور نوري أن من الأمثلة الواضحة على ذلك التعاون بين جامعة الخرطوم ومؤسسات خارجية مثل جامعة أوبسالا بالسويد وجامعة بيرغن النرويجية حيث يوجد نموذج لتبادل أكاديمي لمصادر المعرفة والخبرات والتدريب والعديد من هذه المؤسسات داخليا وإقليميا ودوليا ستسهم في إعادة بناء المكتبة.

ويوجه نوري نداء لكافة الشعب السوداني للتبرع بالمخطوطات والمقتنيات النادرة التي بحوزتهم في مكتباتهم المنزلية وإيداعها لمكتبة الجامعة لتكوين قسم يسمى مكتبات الأفراد وتتم فيه طريقة تقييم مختلفة من قبل فريق متخصص لمعرفة وفرز المقتنيات المطلوبة من غير المرغوبة عند التغطية الموضوعية للمقررات في العملية التعليمية.

معالم رئيسة طال بعضها الدمار

أنشئت عام 1899 بمحاذاة كلية غردون من الناحية الشرقية، ثكنات الجيش الإنجليزي والتي تعرف باسم "البركس" على يد المعماري الإيطالي بيترو، وبعد جلاء الجنود الإنجليز في 1955، تم استخدام تلك الثكنات كمساكن لإقامة طلاب جامعة الخرطوم. وبالإضافة لداخليات "البركس" هناك معالم رئيسة أخرى اشتهرت بها الجامعة مثل شارع المين، أشهر معلم بالمبنى التاريخي، يبلغ طوله 500 متر ويمتد من شارع الجامعة جنوبا حتى مكتبة الجامعة الرئيسة أو مكتبة المين على شارع النيل.

أضرار بكلية الهندسة جامعة الخرطوم (الجزيرة)

وتطل على جانبي شارع المين قاعة الامتحانات الكبرى والتي كانت قبلا قاعة للطعام، قبل تحويلها لقاعة امتحانات تتسع لأكثر من 1500 طالب على يد البروفيسور أليك بوتر الأستاذ بقسم العمارة بكلية الهندسة والذي صممها على هيئة التاج البريطاني.

إعلان

يقول المؤرخ السوداني البروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك أستاذ التاريخ بجامعة قطر عن التحفة المعمارية قاعة الامتحانات الكبرى: "بدأت عمليَّة تنفيذ المباني في نهاية عام 1958، أي بعد انقلاب الفريق إبراهيم عبُّود في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1958، وصمَّم البروفيسور أليك القاعة حسب تنقية "قشرة البيض"، التّقنية التي جعلت هيكلها خفيف الوزن، لكنّه كان يمتاز بالقوة والصلابة، مما جعلها فسيحة من دون وضع أعمدة رأسية أو أفقية حاملة لسقوفها".

قاعة الامتحانات الكبرى التم تدميرها تماما (الجزيرة)

وأضاف أبو شوك: "أن سقوف القاعة شيَّدت من خشب المهوقني ذي اللون البني المائل إلى الحمرة، واستعان البروفيسور إليك في التصميم الداخلي بزوجته الفنانة التشكيلية مارغريت بوتر، التي أضافت لمسات فنّية جمالية للقاعة، منها كتابة الآية 88 من سورة هود  ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾".

وأوضح أن الفنانة التشكيلية نقلت تلك الأية: "من مسجد أولو كامي بمدينة بورصة التركية، وخطَّها الخطاط السوداني البارع عثمان وقيع اللَّه على الورق، بطريقة تقرأ من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين، ثم نقلتها بحجم أكبر عبر ريشتها التشكيلية على جدران القاعة الأربعة، بلون أسود فاحم، ماعدا كلمة "توفيقي"، التي رسمت بلون قرمزي، لاعتقاد الأستاذ أحمد المرضي جُبارة (أول مسجل لجامعة الخرطوم) بأنه يضفي على النقوش لمسة جماليّة.

مضيفا: "أن البروفيسور أليك بوتر استورد أقفال ومقابض أبواب القاعة ونوافذها من مدينتي شيفيلد وبيرمنغهام بالمملكة المتحدة".

المؤرخ السوداني أحمد إبراهيم أبو شوك أستاذ التاريخ بجامعة قطر (الصحافة السودانية)

وحول الأضرار التي حدثت لقاعة الامتحانات الكبرى، يقول الدكتور القدال: "مع الأسف لقد أحرق جنود الدعم السريع قاعة الامتحانات الكبرى عن بكرة أبيها، السقف والأثاث وكل شيء، لقد أحرقوا قسم الكيمياء في كلية العلوم وأحدثوا خرابا ممنهجا بالقاعات والمكاتب والأجهزة الإلكترونية بجانب تدمير معظم الأثاث الخشبي بالجامعة واستخدامه كوقود للطهي. أيضا تفكيك كل سيارات الجامعة واستخدامها كقطع غيار ثم تدميرها لاحقا، وأخيرا حريق طابق كامل بمباني إدارة الجامعة وحرق قاعة بكلية العمارة، وتدمير كامل للتوصيلات الكهربائية في الجامعة؛ كلها من أجل سرقة النحاس الذي بداخلها".

إعلان بذور الحرب القادمة

إذن لم نكن نعلم جميعا أن جنود الدعم السريع سيحتلون مباني جامعة الخرطوم يوما ما، ويدوسون بحوافرهم على كل ذلك التاريخ بلا رحمة، ويعيثون في عرصات الجامعة فسادا. جنود الدعم السريع أنفسهم لم يكونوا يعلمون أن هذه الرقعة من الأرض التي احتلوها وعاثوا فيها فسادا وإفسادا، قد أهدت السودان كوكبة من العقول السودانية التي شكلت سودان ما بعد الاستقلال وأثرت المكتبة السودانية بآلاف مؤلفة من الكتب في شتى المجالات السياسية والتاريخية، والثقافية، والفنية، والاجتماعية.

الروائي السوداني العالمي الطيب صالح أحد الذين ارتادوا جامعة الخرطوم من مثقفي البلاد، يقول على لسان مصطفى سعيد بطل روايته الأشهر موسم الهجرة إلى الشمال: "رأيتهم يزرعون بذور القادمة في فرساي"، في إشارة إلى معاهدة فرساي التي أنهت الحرب الأولى بين ألمانيا والحلفاء ومرغت أنف ألمانيا وألزمتها في بهو قصر فرساي بالتوقيع على مسؤوليتها الكاملة عن الحرب والغبن الذي لازم ألمانيا بسببها وجعل هتلر لاحقا يشعل الحرب العالمية الثانية. أتمنى أن يكون حظ السودان بعد ذهاب ريح هؤلاء الجهلاء أفضل حالا بما لا يقارن وما حدث في فرساي، فنحن أيضا لم نكن نعلم.

مقالات مشابهة

  • الهبطي: كرة القدم محرك حقيقي للتنمية وتنظيم المونديال سيحفز الإستثمار
  • مفتي الجمهورية عرض لاوضاع العاصمة مع عميد اتحاد جمعيات العائلات البيروتية
  • رئيس خطة النواب: الموازنة الجديدة أفضل من الحالية في البعد الاجتماعي
  • صور| زائر موسمي للحدود الشمالية.. طائر السمان يثري التنوع الحيوي
  • بعد فصل التيار الكهربي عنها.. عودة لأكبر مدينة ملاهي للعمل في دمياط
  • سر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لخان الخليلي في مصر
  • مرصد الأزهر: التفكك الأسري عامل رئيس في انجراف الشباب نحو التطرف الفكري
  • وظائف شاغرة بالهيئة العامة للأوقاف
  • جامعات السودان.. إرث حضاري يدفع ثمن الصراعات العسكرية
  • القضية الكردية في خضم الصراعات الإقليمية