حافظت الجبهة الجنوبية على "اشتعالها"، إن جاز التعبير، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع عمليات الاستهداف الإسرائيلية للعديد من المناطق اللبنانية، وعمليات "حزب الله" المضادة والنوعية في المقابل، في وقتٍ استمرّ أيضًا تبادل الرسائل "النارية" بين الجانبين على أكثر من خط، في إطار "الحرب النفسية" المتصاعدة، والتي يخشى كثيرون أن تكون بلغت مرحلة "التمهيد" للحرب الشاملة التي يكثر الحديث عنها.


 
في جديد الرسائل، لفت الانتباه اعتماد "حزب الله" لما يمكن وصفه بـ"سلاح الفيديو"، مع نشره لمقطع مصوّر هو الثاني من نوعه في أسبوع، حمل هذه المرّة عنوان "لمن يهمّه الأمر"، أظهر فيه التقاط طائرة مسيّرة تابعة له صور مواقع إسرائيلية حيوية، بعد أيام من فيديو "الهدهد" الشهير، وإن اكتفى هذه المرّة بنشر صور جوية وإحداثيات للمواقع، من دون تحديد أسمائها وأماكن وجودها، ليتكفّل الإعلام الإسرائيلي بكشف بعضها.
 
ولعلّ ما تميّز به الفيديو، الذي بدا "ملحقًا" بفيديو "الهدهد"، كان استعادته لمقولاتٍ سبق أن أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، سواء قوله إنّ "المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا سقف إذا فرضت الحرب على لبنان"، أو إن "من يفكّر بالحرب معنا سيندم"، ما يطرح السؤال عن الرسائل التي يسعى الحزب لإيصالها من خلال فيديوهاته المتسلسلة، وما إذا كان "سلاح الفيديو" قادرًا فعلاً على قطع الطريق أمام الحرب.
 
"لمن يهمّه الأمر"
 
يقول العارفون إنّ فيديو "لمن يهمّه الأمر" ليس معزولاً، وهو يندرج في إطار "خطة إعلامية نفسية" بدأ "حزب الله" اتباعها في الآونة الأخيرة، في مواجهة تصاعد التهديدات الإسرائيلية ضدّ لبنان، ووصولها إلى "الذروة" إن جاز التعبير، وهو بالتالي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بما سبقه من محطات الأسبوع الماضي، بدءًا من فيديو "الهدهد" وما انطوى عليه من رسائل، وصولاً إلى خطاب السيد نصر الله الذي تولّى "ترجمة" هذه الرسائل، بأسقف مرتفعة.
 
من هنا، جاء فيديو "لمن يهمّه الأمر" بحسب العارفين، ليكمل "مسلسل" الرسائل المتكاملة والمتلاحقة التي يوجّهها "حزب الله" للعدو الإسرائيلي، وعنوانها التأكيد على ما يمتلكه من قدرات استخباراتية وتكنولوجية، وبشكل محدّد أكثر، التأكيد على اكتمال "بنك الأهداف" التي يضعها نصب عينيه في حال اندلاع المواجهة مع الإسرائيلي، وبالتالي التأكيد على "الجهوزية الكاملة" لمواجهة أيّ عمل عسكري إسرائيلي ضدّ لبنان، مهما كان الثمن.
 
ويقول العارفون إنّ أهمية الفيديو الذي نشره الحزب، معطوفًا على فيديو "الهدهد"، أنه لا يكتفي بإطلاق التهديدات "في الهواء" إن جاز التعبير، بل يربطها بمواقع إسرائيلية حيوية يعرفها الإسرائيلي ولو لم يسمّها الحزب بالاسم، ومنها وفقًا للتسريبات مطار بن غوريون وميناء أسدود ومحطة الكهرباء في الخضيرة ومطار رمات دافيد العسكري، وقاعدة نيفاتيم الجوية، وهي مواقع يعني ضربها، إذا ما تمّ، عزل إسرائيل جويًا وبحريًا، وحتى على مستوى الطاقة.
 
هل تنفع الفيديوهات؟
 
تطرح الفيديوهات التي ينشرها "حزب الله" العديد من علامات الاستفهام حول قدرتها على قطع الطريق على الحرب، في ظلّ وجهات نظر متضاربة، بين من يعتبر أنّها تلعب دورًا جوهريًا في تحقيق "معادلة الردع" التي ستجعل الإسرائيلي يفكّر أكثر من مرّة قبل الانزلاق إلى حرب مدمّرة لن تكون في صالحه، ومن يرى أنّ مثل هذه الفيديوهات قد "تستفزّ" الإسرائيلي المعروف بـ"جنونه"، وبالتالي يمكن أن تدفعه إلى اتخاذ القرار "المجنون" بالمضيّ في الهجوم.
 
ولعلّ ما يزيد من علامات الاستفهام يتمثّل في التقارير والتسريبات الصحافية عن أنّ مسؤولين أميركيين "طمأنوا" وفدًا من كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن إدارة الرئيس جو بايدن "مستعدة تمامًا لدعم حليفتها تل أبيب" في حال اندلعت حرب شاملة بينها وبين "حزب الله"، وذلك على الرغم من استمرار السجال الإعلامي بين الجانبين على خلفية الإمدادات العسكرية الأميركية التي يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنها تراجعت في الآونة الأخيرة.
 
لكنّ العارفين يرون أنّ وجهتي النظر في هذا السياق تحتملان الصواب، إذ إنّ الرسائل التي تنطوي عليها فيديوهات "حزب الله" هي رسائل "ردع" في المقام الأول، تستهدف تجنّب الذهاب إلى سيناريو "الحرب المفتوحة والشاملة"، التي لن تكون في صالح إسرائيل ولا أميركا الراغبة بالتفرغ لحملات الانتخابات الرئاسية، ولكنّها في الوقت نفسه تؤكد "الجهوزية" لمواجهة كل السيناريوهات والاحتمالات، وهنا رسالة أخرى يصرّ عليها الحزب.
 
يكثر الحديث هذه الأيام عن "سيناريو" حرب كبرى ضدّ لبنان، تعقب إعلان العدو الإسرائيلي انهاء عملياته في رفح، والانتقال إلى المرحلة الثالثة من حربه على غزة، التي ستتيح له "التفرّغ" للجبهة اللبنانية، وهو ما يفسّر ربما تصاعد رسائل "حزب الله" المضادة، رسائل يسعى من خلالها لضرب أكثر من عصفور بحجر، وإن كان السير بين "الألغام" خطرًا برأي كثيرين، في مرحلة بات واضحًا أنّ طبول الحرب تُقرَع فيها، كما لم يحصل من قبل!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب.. إليكم ما جاء فيها

وجّه رئيس المجلس السياسي في حزب الله، السيد إبراهيم أمين السيد، رسالة إلى أهل الجنوب المقاوم، أكد فيها أن العدو لم يحقق أي انتصار رغم جرائمه، وأن سلاح الإرادة والعزيمة لدى أبناء المقاومة أقوى من كل أسلحته.

وأشار السيد إلى أن دماء الشهداء أصبحت وقودًا لإيمانٍ وشجاعةٍ لا مثيل لها، معتبرًا أن الزمن سيكشف انهيار الكيان الصهيوني، كما أن التلاحم بين لبنان وفلسطين بات أكثر وضوحًا في وجه الاحتلال.

وختم بالدعوة إلى وحدة وطنية حقيقية بعيدًا عن الخلافات المصطنعة، وفرض السيادة اللبنانية بكرامة وشرف، مؤكدًا أن الشعب اللبناني ليس للاستئجار أو الاستثمار، بل يستحق الحياة بجدارة.     نص الرسالة:   "بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد...‏

‏سلامٌ الى عقولكم وقلوبكم والى أرواحكم ودمائكم وجراحاتكم.

سلامٌ الى أقدامكم أينما وطئت تطّهر الأرض من رجس المجرمين والوحوش الصغار والكبار.

‏ لقد اختبر عدوّكم في الميدان سلاح مقاومتكم وبالأمس واجه سلاح إرادتكم وعزيمتكم وتعرّف ‏على كنهه وطبيعته، هذا السلاح لا يعرفه إلا الله والراسخون في العلم والمؤمنون المتّقون.

‏ أنتم أيّها النساء والرجال والأطفال، أنتم يا أشرف وأطهر الناس، ليس فيكم الخائفون، الخانعون، ‏الخاضعون، المستسلمون.

أنتم الصفوة وأنتم تاج الرؤوس. الفخر لمن ينتمي إليكم.

وللعدو أقول: هل علمت الآن أن جرائمك لم تصنع لك أيّ انتصار، وأن أسلحتك وقنابلك لم ‏تكتب لك سوى تاريخ الهزائم، وأن دماء الشهداء الذين قتلتهم تحوّلت إلى إيمانٍ وشجاعةٍ وإرادةٍ وعزمٍ وقوّةٍ قلّ نظيرها في ‏هذا العالم، وستكون إلهامًا ومحجةً لشعوب العالم ومزاراً، وسيأتي الزمن الذي تتهاوى فيه ‏هياكلك في المنطقة، وستكون شعوب العالم على نفس صورة هذا الشعب العظيم في لبنان ‏من جنوبه إلى كلّ جهات الأرض فيه؟ 
أمّا في فلسطين فيتلاحم المشهد والصورة والشعب والدم ‏والنصر والعزّة والكرامة.

‏وأخيرًا أقول لكلّ إخوتنا في الوطن هذه فرصة نادرة وتاريخيّة للوحدة ولو لمرّة واحدة نرمي بها ‏الأحقاد والصراعات والخلافات المصنّعة والمركّبة على مصالح الأعداء ونصنع سيادتنا ونفرضها ‏على الأعداء والأصدقاء، ونُثبت للعالم أنّنا لسنا شعبًا للاستئجار والاستثمار، وأنّنا شعبٌ يستحقُّ الحياة بجدارة وكرامةٍ وشرف".


الثلاثاء 28 -01-2025‏
‏27 رجب 1446 هـ

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافاً تابعة لحزب الله في البقاع
  • سلاح الجو الإسرائيلي يقصف أهدافا لحزب الله في البقاع
  • هذه هي الرسائل التي بعثت بها الولايات المتحدة لنتنياهو بشأن مراحل اتفاق غزة
  • اختراق للهدنة.. الجيش الإسرائيلي يقصف معدات هندسية تابعة لحزب الله
  • هل يتحول تطبيق «ديب سيك» إلى سلاح استراتيجي في الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين؟
  • ركام الحرب معضلة تربك لبنان
  • البريد المصري "يحذر" من الرسائل النصية والروابط غير معلومة المصدر.. التي تستهدف اختراق حسابات المواطنين
  • بعد الغارتين.. الجيش الإسرائيلي يكشف ما تم استهدافه
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب.. إليكم ما جاء فيها
  • حزب الله يستعيد مشهدية الانتصار