بوابة الوفد:
2024-07-01@17:47:39 GMT

الكنيسة تبدأ صوم العذراء مريم

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

«والدة المسيح».. كرمتها الأديان السماوية وتجلت على كنائس مصر

 

«السلام لك يا مريم.. يا ذات البتولية والسلام لك يا رجاء المسيحية» تعددت مظاهر التمجيد والمديح لسيدة كرمها الله فى جميع الأديان السماوية وفاض فؤاد العالم بمحبتها وشهد الجميع على قوتها أمام ما تعرضت له من محطات قاسية ومواقف مؤثرة.

وترتبط «أم النور» ارتباطًا تاريخيًا بشعب مصر واحتلت مكانة كبيرة لدى المصريين، ولعل لرحلة هروب العائلة المقدسة إلى أرض الكنانة الفضل فى ذلك كما تجلت على قباب الكنيسة القبطية التاريخ الحديث فى حدث يعكس مدى مكانة هذا البلد فى المسيحية.

البتول..أم النور والدة المسيح

تعتبر السيدة العذراء واحدة من النساء المميزات فى التاريخ، فهى الأم التى رأت كيف تعذب فلذة كبدها أمام مقلة عينيها وهى من تحملت ظلم وجبروت قومها وكانت متسلحة بالإيمان فى صمت، فأرشدتها العناية الإلهية حتى وضعتها على عرش القلوب، فبعدما حاول حاكم عصرها القضاء عليها واندثار سيرتها كرمها الله ووضعه فى منزلة عالية باقية أبد الدهر تمجد سيرتها الكنائس حول العالم حتى تفنى العوالم.

صوم السيدة العذراء مريم

وتستهل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غدًا الإثنين، أولى فعاليات صوم العذراء مريم لمدة 15 يومًا، يتخلل العديد من القداسات الإلهية والنهضات الروحية اليومية، ومن المقرر أن يحتفل الأقباط بختام الصوم 22 من أغسطس الجارى من خلال إقامة صلوات بجميع الكنائس.

سبب تسمية هذا الصوم بـ«العذراء مريم»

يوضح نيافة الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، فى حديثه عن صوم العذراء، أن الصوم يحتل مكانة خاصة لدى الجميع باعتباره أحد أركان العبادة مع الله مثل الصلاة والتسبحة، ولكن السبب وراء التسمية بالعذراء من أجل التفريق بين الأصوام خلال العام.

أسباب تاريخية وراء صوم الكنيسة بـ«صوم العذراء»

يذكر تاريخ الصوم حسب ما ورد فى الكتب الكنسية أنه يعود إلى زمن الآباء الرسل حين عاد توما الرسول من مهمة نشر المسيحية بالهند، وسأل الجميع عن السيدة العذراء، فأخبروه إنها قد ماتت، فطلب أن يرى أين دفنت، وحين ذهب إلى القبر لم يجدوا جسدها، فطمأن الجميع وأخبرهم أنه رأى الجسد صاعدًا، فصاموا فى مطلع شهر مسرى حتى يوم 15 مسرى، وتخصص من بعد هذه الواقعة يوم 16 من مسرى عيدًا للعذراء، وينضم إلى التذكار الشهرى للبتول الذى يقام 21 من كل شهر بالتقويم القبطى.

الشلولو والدقة.. أشهر مأكولات الأقباط فى صوم العذراء

يمتنع الصائمون فى هذه الفترة عن تناول اللحوم، ويكتفون بتناول المأكولات النباتية واستخدام الزيت فقط، ويسمح بتناول الأسماك باعتباره من أصوام الدرجة الثانية، ولكن هناك البعض يمتنع عن أكل الأسماك، ويكتفى بعمل «الدقة» المكونة من «السمسم والملح والبهارات المطحونة»، وأيضًا تشتهل أكلة فرعونية تعرف بـ «الشلولو» وهى عبارة عن ملوخية ناشفة «ويضاف إليها الماء البارد بالإضافة إلى الثوم والبصل النيء».

مناسبات بالكنيسة تتزامن مع صوم العذراء

تحتفل الكنيسة خلال صوم العذراء بعدة مناسبات روحية وتعيد إحياء ذكرى وأعياد عدد من القديسات خلال شهر مسرى، ومن أبرزهن «القديسة بائيسة، القديسة يوليطة، القديسة مارينا»، ويتزامن أيضًا مع احتفالية عيد التجلى، كما تنظم فعاليات خاصة بمناسبة تذكار بشارة الملاك جبرائيل للقديس يواقيم بميلاد مريم البتول، وعيد القديس مارجرجس فى دير ميت دمسيس، وعيد القديس أبا مقار الكبير.

يتوافد العديد من الأقباط فى هذه الفترة سنويًا إلى الكنائس التى تفتح أبوابها لاستقبال المُصلين فى برنامج النهضة الروحية بمناسبة الصوم ولعل أشهر المناطق التى تشهد إقبالًا واسع النطاق هو دير السيدة العذراء بـ«درنكة».

تفاصيل أكبر تمثال للعذراء فى أرض مصر

يعتبر دير العذراء بدرنكة أحد أبرز المناطق الأثرية التى تفيض بقصص كثيرة ويحتل مكانة كبيرة بفضل مباركة العائلة المقدسة فى هذه النقطة وضمها لمسار الرحلة الأعظم فى تاريخ البشرية ويعد كنزًا تاريخيًا جديدًا يُضاف إلى صفحات التاريخ المصرى والقبطى العريق.

وتشهد حاليًا منطقة دير درنكة أعمالًا مكثفة لوضع أكبر تمثال صُنع للعذراء مصنوع من البرونز، يزن 10 أطنان وطوله يبلغ ٩ أمتار وعرضه 4 أمتار، ويعلو قاعدة تصل إلى 15 مترًا، ويقول نيافة الأنبا يوأنس أسقف أسيوط، فى حديثه عن هذا المشروع الضخم إنه تم نحته على مدار 3 أشهر، وجاءت فكرته من «تمثال العذراء بحريصا فى لبنان»، الذى يعود تدشينه لعام 1908م ولايزال رغم مرور ما يقرب من 112 عامًا يستقبل العديد من المسيحيين سنويًا.

تمثال العذراء فى درنكة.. مقصد سياحى جديد على أرض مصر

تأثر الأنبا يوأنس صاحب فكرة إنشاء أكبر تمثال للعذراء على أرض مصر، من زيارته إلى لبنان ويقول إن الفكرة باتت عالقة فى ذهنه منذ 9 أعوام حين عاد متأثرًا من بلد الأرز، ووضع فكرته وقام بنحته الدكتور جرجس الجاولى، أستاذ النحت فى كلية الفنون بجامعة المنيا، وأنشأ المبنى الذى يحمل التمثال ويصل نحو 25 مترًا المهندس محسن بديع، بدأ الإعداد لهذا المشروع من 3 سنوات.

يذكر أسقف الأقباط فى أسيوط أن اهتمام الدولة المصرية بقيادة الرئيس الفتاح السيسى، خلال الأعوام الماضية بمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة الذى ساهم بشكل كبير في تمهيد الطريق المؤدى للدير، وشجعه على القدوم فى هذا المشروع وضمه إلى مناطق السياحة الدينية فى مصر.

دير العذراء بدرنكة مقصد المصريين

قال أسقف أسيوط فى حديثه عن نحت أكبر تمثال للعذراء، إن الفترة بين تاريخ 7 أغسطس حتى 21 من ذات الشهر، تشهد توافد ملايين من المسلمين والمسيحيين، إلى دير درنكة وتقام أكبر الاحتفالات الروحية فيه ولا يعتبر مكانًا خاصًا بالأقباط فقط بل هناك العديد من أشقاء الوطن يحملون قصص وحكايات كبيرة تعكس مدى ترابطهم بهذا المكان الذى يعبر عن أهمية السيدة العذراء فى نفوس الجميع.

استعداد دير درنكة فى صوم العذراء

وقبل ساعات من بدء صوم العذراء وضعت إيبارشية أسيوط للأقباط الأرثوذكس، جدولًا للفعاليات المرتقبة خلال الأيام المقبلة، وتقام القداسات اليومية بجميع كنائس الدير، وخصص أسقف الإيبارشية كنيسة الملكة، حتى يترأس فيها القداس الإلهى المقرر إقامته يوم الجمعة أسبوعًا، على أن يصلى بالأقباط السبت أسبوعيًا بكاتدرائية أم النور المجاوره لها داخل الدير.

أسباب محبة الأقباط للسيدة العذراء

يهوى كل مسيحى فى العالم السيدة العذراء ولا عجب من هذه المشاعر فهى والدة يسوع المسيح مخلص الأمة من الآلام والاضطهاد، ولكن عشق الأقباط للبتول يحمل طابعًا خاصًا لعل كثرة المعجزات التى حدثت فى مصر بشفاعتها جعلت الكثيرين يستبشرون ببناء كنيسة على اسمها، إلى جانب اختيار أم النور- التى تشبه الماء فى نقاء قلبها- أرض الكنانة حتى تلجأ إليها حين ارتعبت من بطش هيرودس الملك وأخذت طفلها الصغير بصحبة القديس يوسف، لترتمى فى أحضان صحراء مصر وتروى فؤادها من أمن ترابها, كل ذلك إلى جانب الحدث التاريخى الذى حدث على أرض مصر فى العصر الحديث حين تجلت العذراء وظهرت على كنيسة الزيتون لتخبر العالم مكانة هذا الشعب فى الكتاب المقدس ومباركتها المذكوره فى سفر أشعيا «مبارك شعبى مصر».

تجلى وظهور العذراء على كنيسة الزيتون

يذكر التاريخ الكنسى لحظات تجلى أم النور على أرض مصر، مساء يوم الثلاثاء 2 أبريل من عام 1968، حين وجد المارة نورًا ساطعًا لحظة ظهور السيدة العذراء على قباب الكنيسة التى تقبع بشارع طومان باى بحى الزيتون بالقاهرة، فى عهد مثلث الرحمات قداسة البابا كيرلس السادس، بطريرك الكرازة المرقسية الـ116، وحينها أصدرت الكنيسة القبطية بيانًا أعلنت فيه ما حدث وروت أن هذا الظهور متكرر واستمر لفترة زمنية طويلة وصلت أحيًانا إلى ساعتين والربع كما فى فجر ختام شهر ابريل من العام ذاته، وشاهد الظهور آلاف عديدة من المواطنين وتم التقاط الصورة وعرض التقارير على بطريرك الأقباط آنذاك وأقر البيان الصادر أن السيدة العذراء ظهرت بشكل واضح وثابت فى ليال كثيرة مختلفة لفترات متفاوتة فى هذه النقطة التى شهدت مرور العائلة المقدسة خلال اقامتها بمصر.

هناك الكثير من البقاع التى شهدت مرور السيدة العذراء على أرض مصر ويتوافد إليها محبوها من مختلف الجنسيات لنوال بركة قدومها إليها فلا يمكن أن يتخطى التاريخ محطات العائلة المقدسة فى مسطرد، ودير المحرق آخر نقاط المسار والذى ظل يحتضن المسيح وأمه البتول لمدة 6 أشهر، و5 أيام، حتى جاءت البشارة ليوسف النجار خطيب العذراء بعودتهم إلى فلسطين، وتركت هذه السيدة المكرمة بركاتها فى مصر تنال بها الأمن والأمان على مر العصور وجعلتها ذات مذاق خاص تتفرد به عن العالم.

العذراء مريم المُكرمة فى الإسلام

تفيض قلوب المسليون بحب السيدة العذراء مريم لأسباب دينية كثيرة، وتحتل مكانة خاصة فى وجدانهم حيث كرمها الله فى كتابه العزيز وخصص سورة كاملة تحمل اسمها تروى قصة «مريم بنت عمران» أم المسيح عيسى، كما جاء ذكرها بالقرآن فى مواضع كثيرة، فضلًا عن ذكر سيرتها بالسنة النبوية، وشهد الله لها بالعفة والطهر.

خلد الله عز وجل سيرة السيدة «مريم» وجعلها مطهرة ومصطفاة على نساء العالمين، وتجلت المعجزة الإلهية بعد أن وضعت مولودها دون أن يمسسها بشر، وذكر أيضًا أنها لبت أمر الله فى الصوم عن الحديث لمدة يوم كامل حين نهرها وثار عليها قومها، بل وصل ظلمهم حد العنان وًاتهمت أطهر النساء بالفحشاء، وأخرج الله لها معجزة حديث طفل المهد لتتبرأ أمام العالم وتوضع فى مكانة مكرمة جزاءً لها لما صنعت وتحملت.

تكرمت العذراء وجاءت فى موضع مجاور مع أم المؤمنين، كما ذُكر فى حديث شريف رواه البخارى ومسلم عن أبى موسى رضى الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام».

حياة «أم النور» قصة حفظتها الكتب التاريخية

تناولت المصادر التاريخية شخصية السيدة العذراء فى مواضع كثيرة وعرفت فى الكتب العبرية باسم «مريم هبتوله»، أما عن اليونانية فذكرتها باسم «برثينوس ماريا، وبالسريانية كتبت بـ«مريم بثولتا»، وكتب أنها والدة مخلص الأمة يسوع، بحسب المعتقدات المسيحية أنها أثناء خطبتها للقديس يوسف البار النجار جاءتها البشرى من الملاك جبرائيل بحملها، وحين غلبها الخوف من ظلم قومها بعد ميلاد المسيح وظهور «النجم» جاء المجوس إلى هيرودس ليعلنوا مولد ملك اليهود، فغضب وأمر جنوده بقتل أطفال بيت لحم من سن عامين فما دون، فهربت البتول وطفلها مع خطيبها إلى مصر حتى جاءت البشرى بالعودة وظلت صابرة فى كثير من الأوقات منها لحظات الصلب المؤثرة، ودفن ابنها فى كنيسة القيامة بالقدس، حتى القيامة المجيدة بين الأموات.

رحيل السيدة العذراء مريم

شهدت حياة العذراء مواقف وأحداثًا مؤثرة لا يقدر على تحملها إلا قوى الإيمان، وحين بلغت من العمر 58 عامًا و8 شهور و16 يومًا، رحلت القديسة مريم، أى بعد صعود السيد المسيح بأقل من 15 عامًا، يذكر كتاب حفظ التراث القبطى والتاريخ المسيحى، أنه جاء للبتول ملاك يخبرها بوقت انتقالها فطلبت جميع الرسل الذين كانوا قد انتشروا حول الأرض يكرزون الإنجيل، واجتمع الجميع ماعدا توما الرسول الذى كان بالهند يكرز.

صعود العذراء مريم

روى التاريخ عن لحظات هامة فى حياة المسيحيين آنذاك وهى «لحظة الصعود» التى تمت بحضور الجميع وأخبرتهم أنه قد جاء وقت الرحيل وصعدت إلى الأمجاد السماوية فى مشهد مهيب تفوح منه رائحة البخور وصفته سطور الكتب المسيحية بإبداع يستطيع القارئ أن يستشعر تلك اللحظة المؤثرة، ولاتزال الكنيسة المصرية تحتفل وتمدح وتمجد سيرة العذراء فى كثير من المناسبات الروحية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العائلة المقدسة الكنيسة القبطية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صوم العذراء العائلة المقدسة السیدة العذراء العذراء مریم على أرض مصر العدید من فى هذه

إقرأ أيضاً:

د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز

11 عاماً مضت على ثورة 30 يونيو، إذا أردت لها وصفاً دقيقاً فإنها سنوات التحدى والإنجاز، منذ اللحظة الأولى كانت التحديات فوق الاحتمال، فقد تربص أبالسة الشر بتلك الثورة المباركة المؤيدة من الله تعالى، تربصوا بها رغبة فى عرقلتها ووقف مسيرتها.

وكلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله تعالى بقدرته، فهم يجهلون أنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، كما أنهم يجهلون أن الله من ورائهم محيط، لذلك وجدنا التحديات تتوالى والنصر من الله لعبور التحديات لا يتوانى، وهذا ما أفقدهم صوابهم وشتت جمعهم وأفقدهم البصيرة والبصر، فلم يجدوا سوى الأكاذيب الممزوجة بالشبهات حتى يخدعوا البسطاء بدعواهم التى يفوح منها الكذب، لكنهم يخادعون الله وهو خادعهم.

ولأن فطرة المصريين نقية فلم تنطلِ عليهم تلك الأكاذيب، ووقفوا وراء دولتهم ومؤسساتهم الوطنية الصادقة بالتأييد فى أصعب الظروف، وتحمّلوا التحديات والصعاب سعياً إلى تحقيق الإنجاز الذى يليق بمقام مصر ومكانتها بين دول العالم والمنطقة بتاريخها ومقامها وأزهرها الشريف وعلمائها والبركة والنور الإلهى الذى اصطفاها الله تعالى به منذ خلق الأرض ومن عليها.

كنت أول المؤمنين أن الإخوان لن يكملوا عاماً واحداً فى مكانهم، فكما أن الحق عليه دلائل فإن الباطل لدى العقلاء معروف، وعندما تتعرض لحادثة من الحوادث غير المنطقية فعليك بقراءة التاريخ وربطه بعلوم الطبائع البشرية وعادات وأخلاق الشعوب، وإذا حققت تلك المقدمات فإن النتائج تصل بك إلى يقين أن شعب مصر معدنه طيب أصيل يأبى التحزب ويرفض التناحر الطائفى.

ولذلك عندما جاء الإخوان بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر من الحقد والغل والبغضاء وتصفية الحسابات وإرهاب المخالفين، كانوا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يخطر على بال عاقل، أرادوا مصر ولاية إرهاب.

لكن الصالحين من أبنائها أعلنوا النفير العام ضد المستعمرين الذين يتخذون الدين مطية لتغييب العقول، ولأنهم كذبوا على ربهم لذا فإن الله تعالى كشف للناس باطلهم، ولم تمض السنة العجفاء التى تولوا فيها حكم مصر حتى جاء نصر الله والفتح بتلك الثورة المباركة التى قام بها شباب وحمى ظهرهم جيش لا يتأخر عن تلبية نداء شعبه للدفاع عن أرضه ضد الاختطاف الداخلى أو العدوان الخارجى.

منذ جاءت هذه الجماعة المنحرفة إلى الحكم أيقنت أنهم سيصابون بحالة من الفصام فى بداية الأمر، حيث يقولون شيئاً ويفعلون نقيضه تماماً، يحاولون مخادعة الناس بابتسامات صفراء، لكن يجهلون أن صفحات الوجوه كاشفة لبواطن القلوب، لذا فإنهم حرصوا على التمكين لأذنابهم فى جميع المؤسسات، ووقتها تحدث الإعلام عن منهجيتهم فى أخونة الدولة.

وبدأوا فى الإعداد للسيطرة على مفاصل العملية السياسية فى الدولة من خلال إنشاء حزب الحرية والعدالة وتدشين مقرات له بالمراكز والمحافظات، وتحققت لهم الأغلبية الكاسحة فى مجلس النواب، وبدأوا تصفية الحسابات مع الجميع، وأنا من جملة من حاولوا تصفيتهم جسدياً، وكان ذلك يوم جمعة، خير يوم طلعت عليه الشمس، وأثناء توجهى لأداء الصلاة بمسجد فاضل، المجاور لمسكنى.

ورغم أننى أجلس مستمعاً لأحد الأبناء يؤدى خطبة الجمعة، فإننى فى ذلك اليوم حرصت على صعود المنبر لأداء خطبة الجمعة لأعلمهم أننى جندى فى صفوف المصريين الشرفاء الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم، وهذه الطباع الإرهابية كشفت للمجتمع مدى تأصل تلك الجماعة وأذنابها فى العنف، وأنهم لا يراعون فى مؤمن إِلَّاً ولا ذمة.

ولا يؤمنون بحرمة الدماء ولا الأعراض، وأذكر أن من جملة الأسباب التى جعلت الشيخ الشعراوى، رضى الله عنه، يعدل عن المضى فى طريقهم بعدما حاول حسن البنا احتواءه، أنه رأى بعينيه عبدالرحمن السندى، مؤسس الجناح العسكرى لجماعة الإخوان، يعتدى على حسن البنا بالدفع حتى كاد أن يسقط نتيجة خلافهما على دعم النحاس باشا أو إسماعيل صدقى فى الانتخابات، ووقتها أذكر كلام الشيخ الشعراوى بأنه علم أن تلك الجماعة هدفها الحكم وليس الدعوة، وأنهم لا علاقة لهم بالإسلام من قريب أو بعيد.

الحق دائماً تتم محاربته، ومن قرأ التاريخ جيداً يعلم أن دعوات الحق واجهها أهل الباطل بكل ما يستطيعون إليه سبيلاً من تكذيب وافتراءات حتى وصلت إلى الدماء، وحينما نطالع السيرة النبوية نجد عجباً عجاباً من اتهامات وتشنيع على خير خلق الله تعالى، وحينما لم يجدوا سبيلاً فى صده عن الدعوة التى يحملها ويؤمن بها قرروا التخلُّص منه صلى الله عليه وسلم.

واتفقوا على ضربه ضربة رجل واحد حتى يتفرق دمه بين القبائل، لكنهم جهلوا حقيقة «والله يعصمك من الناس»، وهذه العصمة الإلهية ثابتة فى حق أصحاب الدعاوى وحاملى مشاعل التنوير، وهذا لا ينفى أن هناك من دفعوا أرواحهم ثمناً، والتاريخ القديم والحديث ملىء بأمثال تلك النماذج، أبرزهم فى تاريخنا الحديث فضيلة الشيخ محمد حسين الذهبى حينما واجه جماعة التكفير بالفكر.

لكن الفكر يزعجهم لأن بضاعتهم كاسدة قليلة لا تتفق مع العقل المستقيم ولا الفطرة السوية، لذلك قرروا الهجوم على بيته ليلاً واختطافه وسط أبنائه، وتصفيته جسدياً، والعجيب فى تلك الحادثة أنهم بعدما اختطفوا الشهيد الذهبى طالبوا بعدة مطالب مثل الإفراج عن أتباعهم والحصول على مبلغ مالى قدروه وقتها بنحو 200 ألف جنيه، لكن الغريب مطالبتهم أن تقوم الصحافة المصرية بتجميل صورتهم ونشر كتاب شكرى مصطفى «الخلافة» على حلقات.

وعندما لم تتم الاستجابة لمطالبهم قتلوه قاتلهم الله أنى يؤفكون، لذلك فإن سُنة الله ماضية بأن الحق يحاربه أهل الباطل، وسنظل نحاربهم لنحمى شبابنا وبلادنا ونحمى الناس أجمعين من شرهم، حتى نلقى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونُبلغه بأننا أدينا الأمانة التى حَمَّلنا إياها كاملة غير منقوصة.

هنا يجب التوقف عند نقطة محددة دفاعاً عن الإعلام، حيث تعرض الإعلام والإعلاميون لهجمة إخوانية شرسة نالت منهم ومن شرف مهنتهم، وقد دفع بعض الإعلاميين حياتهم فى ثورة الـ30 من يونيو مثل الحسينى أبوضيف والصحفية ميادة أشرف، وقد حاول وقتها الإخوان وأذنابهم أن يلصقوا التهمة بالثائرين عليهم رغبة فى تغيير دفة الريح، لكن تاريخهم الملىء بالدماء فضح كذبتهم، وكانت دماء هذين الإعلاميين بمثابة الوقود الحقيقى لثورة الـ30 من يونيو.

وأذكر أن الإخوان كانوا يتطاولون فى مهاجمة الإعلاميين بأوصاف نابية، ولأنهم يؤمنون بمبدأ: من ليس معنا فإنه علينا، لذا فإنهم يجهلون مفهوم رسالة الإعلام، فرسالة الإعلام كاشفة وليست منشئة، بمعنى أن الإعلام حينما يتعرض لوضع معين فإنه لا يختلقه وفق أسس الإعلام الصحيحة، وكما يصف الإعلاميون حقيقة منهج الرسالة الإعلامية بأنهم مرآة عاكسة لما تراه من جمال أو قبح.

وأن هذه الصورة التى تبدو فى مرآة الإعلام يفترض أنها بمثابة نقل الواقع بتفاصيله دون إضافات مدعومة بالغرض أو الهوى، وهذا ما حدث بالفعل فى وسائل الإعلام المصرية المقروءة والمسموعة والمرئية، فإذا كانوا يحاولون تكذيب الصحف والمواقع الإلكترونية بدعاوى الاختلاق، رغم أنهم فى دعواهم كاذبون، لكن دعنا نفترض جدلاً صدق دعواهم، فهل الاختلاق أيضاً فى اللقاءات التليفزيونية الموثقة بالصوت والصورة والحركة؟!

لذلك فإن الإعلام المصرى كان بمثابة الوقود الذى يُحرك المشاعر ويفتح بصائر المصريين على الواقع المأساوى الأليم الذى يلقونه حال استمرار تلك الجماعة فى حكمهم

مقالات مشابهة

  • انطلاق صلوات عيد استشهاد الأنبا موسى الأسود بكنيسة السيدة العذراء بالمنصورة
  • لماذا يبتلينا الله؟.. إمام السيدة نفيسة يجيب
  • الأنبا أغناطيوس يصلي القداس الإلهي بكنيسة السيدة العذراء في قرية الضبابشة
  • ضاهر ترأس قداس عيد القديسين بطرس وبولس في البترون
  • مواقف تاريخية للأقباط فى ثورة 30 يونيو
  • الأنبا ميخائيل يحتفل بتأسيس المجموعة الكشفية في مدينة 15 مايو
  • الأنبا سيداروس يترأس اجتماع كهنة قطاع عزبة النخل والمرج
  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • عقار يلتقي وفد الكنيسة الأسقفية ويشدّد على خطوة
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز