زهير عثمان حمد

الفكر الجمهوري السوداني هو حركة فكرية، سياسية، ودينية نشأت في منتصف القرن العشرين. أسسها الأستاذ محمود محمد طه وتقوم على مبادئ إعادة تفسير الإسلام بما يتناسب مع العصر الحديث. تهدف الحركة إلى تقديم قراءة تقدمية للإسلام تجمع بين الدين ومتطلبات الحياة العصرية.

مفهوم الفكرة الجمهورية
الفكر الجمهوري يقدم رؤية مختلفة تمامًا للدين الإسلامي.

يؤمن محمود محمد طه بأن الأصل في الإسلام هو "الإسلام المكي"، الذي يعتبره جوهر الإسلام، بينما يرى أن "الإسلام المدني" هو تطبيق عملي للإسلام في زمن النبي محمد. يدعو طه إلى "رسالة ثانية للإسلام" تتناسب مع العصر الحديث، وهي رؤية تسعى إلى التكيف مع التغيرات الاجتماعية والسياسية الحديثة.

إحياء الفكر الجمهوري
بعد إعدام محمود محمد طه في عام 1985، عاد الفكر الجمهوري إلى الواجهة بعد انتصار الثورة السودانية في عام 2019. أصبحت مؤلفات محمود محمد طه محور اهتمام في معارض الكتب والنقاشات الفكرية، مما أعاد إحياء الأفكار الجمهورية وجعلها جزءًا من الخطاب الفكري في السودان.

الصراع مع الفكر الإسلامي التقليدي
الصراع بين الفكر الجمهوري والفكر الإسلامي التقليدي يعكس التنافس السياسي في السودان. يسعى الجمهوريون إلى تقديم رؤية مختلفة للدين والمجتمع، تقوم على مبادئ العدالة، المساواة، والحرية، مما يتناقض مع الفكر الإسلامي التقليدي الذي يعتمد على التفسيرات الدينية والممارسات الشرعية التقليدية.

التحديات والتباينات
الفكر الجمهوري والإسلام التقليدي يشتركان في بعض النقاط ولكنهما يختلفان في جوانب أخرى:

المصدر الديني: الفكر الجمهوري يعتمد على إعادة تفسير الإسلام بما يتناسب مع العصر الحديث.
الإسلام التقليدي يعتمد على التفسيرات الدينية التقليدية والممارسات الشرعية.

التوجه نحو الحداثة: الفكر الجمهوري يهدف إلى قراءة تقدمية للإسلام تجمع بين الدين ومتطلبات الحياة العصرية.
الإسلام التقليدي يحافظ على الممارسات والتقاليد الدينية القائمة.

القيم الاجتماعية: الفكر الجمهوري يسعى إلى تعزيز قيم العدالة، المساواة، والحرية.
الإسلام التقليدي يركز على القيم الدينية والأخلاقية.

التأثير الثقافي والاجتماعي
الإصلاح الديني وحركة إعادة التفسير لهما تأثير كبير على المجتمعات المسلمة، بما في ذلك السودان. هذه الحركات تسعى لتجديد الخطاب الديني وتكييفه مع التحديات الحديثة، مما يؤثر على الثقافة والتفكير والممارسات الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية.

يعكس الصراع بين الفكر الجمهوري والإسلام التقليدي التنافس السياسي والاجتماعي في السودان. يمثل الفكر الجمهوري محاولة لتجديد الخطاب الديني وتقديم قراءة تقدمية للإسلام تتماشى مع متطلبات العصر الحديث. هذا الصراع الفكري يعبر عن التغيرات والتحولات التي تشهدها المجتمعات الإسلامية في محاولتها لتحقيق التوازن بين الدين والعصر الحديث.

*كتابات معاصرة لمفكرين جمهوريين:

العديد من المفكرين الجمهوريين المعاصرين واصلوا تطوير ونشر أفكار محمود محمد طه. فيما يلي بعض الأسماء البارزة وأعمالهم:

د. عمر القراي:

"الفكر الجمهوري ومستقبل السودان": كتاب يتناول تحليلًا معمقًا للفكر الجمهوري وأثره على مستقبل السودان.
مقالات ومقابلات: يكتب بانتظام في الصحف السودانية والعربية، ويناقش قضايا سياسية واجتماعية ودينية من منظور جمهوري.
د. أسماء محمود محمد طه:

"الفكر الجمهوري: رؤية جديدة للإسلام": يعرض الكتاب تفسيرًا عصريًا للإسلام يعتمد على مبادئ الفكر الجمهوري.
مقالات ومحاضرات: تشارك بانتظام في ندوات ومحاضرات تناقش فيها الأفكار الجمهورية وتأثيرها على المجتمع السوداني.
عبد الله النعيم:

"الإسلام وحقوق الإنسان: قراءة في الفكر الجمهوري": يتناول الكتاب العلاقة بين الإسلام وحقوق الإنسان من منظور الفكر الجمهوري.
"تطوير الشريعة الإسلامية: إطار للحداثة والتغيير": يناقش الكتاب كيفية تطوير الشريعة لتتوافق مع القيم الحديثة.
التطور الحديث:

الفكر الجمهوري يشهد تطورًا مستمرًا مع تزايد الاهتمام بإعادة تفسير الإسلام بطرق تتناسب مع القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. يمكن ملاحظة هذا التطور من خلال:

النشر الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي:
يستخدم المفكرون الجمهوريون المعاصرون الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم وتبادلها مع جمهور أوسع. هذا يساهم في تجديد الحوار حول الفكر الجمهوري ويجذب أجيالاً جديدة من المتابعين.

المؤتمرات والندوات:
تُعقد العديد من المؤتمرات والندوات التي تناقش الفكر الجمهوري وتطوراته، مما يعزز من حضوره وتأثيره في الساحة الفكرية السودانية والعربية.

التفاعل مع القضايا الراهنة:يركز الفكر الجمهوري المعاصر على التفاعل مع القضايا الراهنة مثل حقوق المرأة، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، مما يجعله أكثر ارتباطاً وملاءمة للواقع المعاصر.

يظل الفكر الجمهوري السوداني حركة حيوية تسعى إلى تقديم رؤية تقدمية للإسلام تتماشى مع تحديات العصر الحديث، ويستمر في التطور بفضل جهود المفكرين الجمهوريين المعاصرين الذين يبنون على إرث محمود محمد طه ويضيفون إليه رؤى جديدة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وحقوق الإنسان محمود محمد طه العصر الحدیث فی السودان یعتمد على تفسیر ا

إقرأ أيضاً:

مخاوف من انهيار جديد للجنيه السوداني أمام الدولار

وسط مخاوف من استمرار ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية شرع بنك السودان المركزي، مؤخراً، بتغذية البنوك في الولايات الآمنة بالعملة الجديدة فئة 1000 جنيه على أن يتم سحب الفئة القديمة تدريجياً، توقع اقتصاديون انخفاض قيمة العملة السودانية مجدداً لتصل إلى ثلاثة آلاف جنيه في السوق السوداء مقابل الدولار، بعد أن استقرت قيمتها في حدود 2500 جنيه، ما يؤثر سلباً في القدرة الشرائية للمواطنين.
عدم استقرار العملات أدى إلى تفاوت أسعار المنتجات في ولايات السودان، حيث أدت تقلبات الجنيه إلى صعوبة في تحديد أسعار ثابتة للسلع، الأمر الذي تسبّب بفوضى في الأسواق عبر تغيير الأسعار يومياً.
في هذا السياق، قال المواطن عيسى الزين بابكر لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع تسير من سيئ لأسوأ حتى في الولايات التي يسيطر عليها الجيش، مرجعاً ذلك إلى انعدام الأعمال لكثير من المواطنين، إذ إن كثيراً من العمال والموظفين أصبحوا عاطلين عن العمل، ويبحثون عن الإغاثات. وأضاف: استغل كثيرون الحرب وأصبحوا يتاجرون في المساعدات الإغاثية، كما ظهرت أرقام فلكية لإيجارات المنازل والمحلات.
أما الموظف أبوبكر السيد فيقول لـ"العربي الجديد" إن رواتب العاملين في الدولة ظلت كما هي رغم استمرار ارتفاع الأسعار وقلة الإنتاج المحلي وفشل الموسم الزراعي وانعدام السيولة فى كثير من المناطق، مشيراً إلى أن رواتب الموظفين في دواوين الحكومة تأتي متأخرة رغم قلتها ولا توجد أي آمال بزيادتها.
وتعيش الأسواق السودانية حالة ركود واسعة بسبب ارتفاع أسعار السلع تماشياً مع انخفاض الجنيه مقابل العملات الأجنبية، واشتكى كثير من تجار الجملة والتجزئة من عدم قدرتهم على مجاراة الأسعار التي لا تستقر على حال، مما اضطر عدداً منهم إلى التوقف عن عمليات البيع وإغلاق محلاتهم.
وأظهرت بيانات رسمية أن التضخم السنوي في السودان ظل فوق المئتين بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ بلغ 211.48%.

ارتفاع التضخم في السودان
وقال الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي في بيان إن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لشهر أكتوبر سجل ارتفاعاً بواقع 4.5% عن سبتمبر/أيلول الماضي، كما أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المناطق الحضرية بلغ 175.17% فيما بلغ 236.49% في المناطق الريفية.
التنافس الذي يشهده السوقان الموازي والرسمي على شراء النقد الأجنبي انعكس بصورة مباشرة على الأسواق في ظل الفروق بسعر الصرف، إذ لم يتجاوز سعر الدولار في البنوك 2000 جنيه، بينما وصل في الموازي إلى 2450 جنيهاً، الأمر الذي زاد من الضغوط الاقتصادية على المستهلكين.
ويؤكد الاقتصادي السوداني سليم إسماعيل لـ"العربي الجديد" أن نقص التحويلات الخارجية وتراجع الصادرات ساهم في تعقيد أوضاع البنوك، ما زاد الإقبال على شراء العملات من السوق الموازية، إضافة إلى أن طباعة العملة المحلية دون تغطية من النقد الأجنبي تفتح الباب أمام ازدياد الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي.

وتوقع الاقتصادي السوداني بابكر محمد إسحق خلال حديثه لـ"العربي الجديد" ارتفاعات جديدة للعملات الأجنبية إلا أنه قال: "سيكون مرحلاً ربما لشهور قادمة بعد اكتمال تغيير العملة في البنوك المحلية، ومتزامناً مع انخفاض إيرادات النقد الأجنبي".
وأضاف: "كل من يقوم باستبدال العملة يسأله البنك عن مصدر أمواله، وإن لم يتمكن من إثبات مصدرها الشرعي، سيكون مصيرها المصادرة". وقال إن الأموال خارج النظام المصرفي تتسبب في ارتفاع أسعار الذهب والدولار على نحو جنوني.
الخبير الاقتصادي كمال كرار، قال إن واقع الحرب يؤدي إلى تدهور سعر العملة المحلية، فقد كان اقتصاد السودان قبل الحرب على وشك الانهيار، وبعد الحرب وصل إلى الانهيار التام، مضيفاً: من الطبيعي أن يتهاوى الجنيه أمام العملات الأجنبية نتيجة للدمار الكبير الذي طاول مختلف قطاعات الاقتصاد.

العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • مقاربة بين "ذات الرداء الأبيض" والوضع السوداني الراهن
  • مخاوف من انهيار جديد للجنيه السوداني أمام الدولار
  • الأدب هو السلاح الفكري الذي يحمي حضارتنا من التشويه
  • وزير الثقافة:الأدب هو سلاحنا الفكري الذي يحمي هويتنا الوطنية
  • «بناء الوعي وحُروب الفكر» ندوة توعوية في مركز إعلام بنها
  • واشنطن بوست: معاد للإسلام يعود للبيت الأبيض
  • دور كاميرون هدسون في الشأن السوداني: بين الدبلوماسية والمعلومات الاستخباراتية
  • رامي المكاوي يفوز برئاسة اتحاد الكاراتيه التقليدي لدورة جديدة
  • الشعب الجمهوري: مواجهة الشائعات مسئولية وطنية يتحملها الجميع
  • بشرى تنعى الملحن محمد رحيم: "وداعًا أحد أهم ملحني مصر في العصر الحديث"