سودانايل:
2024-12-17@02:42:55 GMT

سُقوط الحركات المسلحة.. (1-2)

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

عندما هجمت حركة تحرير السودان (تحرير دارفور) على مدينة الفاشر، الحركة التي كانت موحّدة تحت قيادة الأستاذ عبد الواحد محمد نور، بعد شهور من إعلانها عن تمردها على حكومة الخرطوم، خرج منظروها ومفكروها بطرحهم السياسي المطالب بتحرير دارفور – السودان من سطوة الدولة القديمة، وبانتهاج رؤية السودان الجديد كعتبة أولى لانطلاق فكر (الثورة) الجديدة، فاكتسبت الحركة بعد ذلك تعاطفاً من بعض أبناء دارفور، بينما انزوى البعض الآخر، وتحفظ على المظهر الاثني والتكوين القبلي لهيكلها الإداري، وانخرط كثير من الناطقين اعلامياً باسمها في تبريرات واهية، ذهبت مذهب أن الثورة حينما تندلع لا تشاور أحداً، وأن من لم يلتحق بركب (الثورة) ليس من حقه أن ينتقد الخلل البنيوي والهيكلي للأجسام المعبّرة عنها، لقد صدق حدس المعترضين على قيام أي عمل مسلح أياً كان نوعه، يهدف للحصول على مطالب مجتمع الإقليم المهمش، باعتبار أن التركيبة السكانية أساسها قبلي هش، يمكن أن يستغل هشاشته النظام المركزي الحاكم، ليفجّر صراعاً عرقياً لا يبقي ولا يذر، وسرعان ما فاجأ قادة الحركة المسلحة العالم بانفجار عظيم، شق الحركة الواحدة لحركتين، قاد احداهما المحامي عبد الواحد محمد احمد النور، الذي ينظر إليه بعض المهتمين بالشأن السوداني كمؤسس للعمل المسلح بدارفور بعد الألفية الثالثة، أما الحركة الأخرى المتهمة بالقيام بالدور الأكبر في شق الصف، قادها الأمين العام وقتها مني أركو مناوي، الذي كان يفاخر أبناء قبيلته بأنهم الأكثر عدداً كجنود مقاتلين على أرض الميدان، ما دفعهم لأن يقودوا مشروع الاقصاء الذي شطر الحركة لنصفين، ومنذ انطلاقة ذلك التسونامي الذي عصف بوحدة الحراك الهادف إلى دحر الظالمين من رموز الدولة المركزية، توالت الانقسامات على أساس القبيلة، فتم استنساخ أكثر من ثمانين حركة حملت ذات الاسم، وعلى النسق الانشقاقي لحركة تحرير السودان سارت رصيفتها حركة العدل والمساواة، التي كان يقودها الراحل خليل إبراهيم المحسوب على نفس قبيلة المنشق مني أركو مناوي، وجاءت التبريرات من المنشقين من القبائل الأخرى على نفس طريقة القادة الذين انشقوا عن حركة تحرير السودان، بأن سطوة القبيلة دفعتهم للخروج من القبضة الحديدية لآل بيت رئيس الحركة.


هنالك بعد ثالث للصراع الدموي الدائر في دارفور ألا وهو المكون الاجتماعي الرعوي، الذي وجد نفسه بين مطرقة المليشيات العشائرية المسلحة غير المنضبطة، وسندان جهاز مخابرات حكومي مركزي خبيث يمارس هوايته التقليدية بوضع السم في الدسم، بضرب إسفين بين المجتمعات السودانية حفاظاً على استمرارية السلطة الإخوانية النخبوية المركزية، التي لا تدوم إلّا بدوام إشعال الحروب في الأطراف البعيدة، فاضطرت المجتمعات الرعوية لحمل البندقية المدعومة حكومياً دفاعاً عن ثرواتها وأعراضها، وجاءت فكرة حمل السلاح بعدما ارتكبت الحركات المسلحة المدّعية استرداد حقوق الإنسان السوداني المهمش، فظائع وجرائم حرب في وادي النخيل بنهب آلاف الرؤوس من الأبل، المملوكة لمجتمعات رعوية صميمة من سكان الإقليم، كما أنها خرجت عن الالتزام المكتوب بنظامها الأساسي ودستورها الزاعم تأمين الناس، بأن روّعت المدنيين الآمنين بمدينة برام الحديبة أم الديار بجنوب دارفور، وقتلت بدم بارد رجالات الإدارة الأهلية هناك، والذين كان على رأسهم الرجل الثاني، هذا فضلاً عن سرقة البنوك والقتل على أساس الهوية القبلية، وذات المجازر المروّعة قد ارتكبتها الحركات المسلحة المدّعية استرداد حقوق المهمشين، بكل من نتّيقة وشعيرية وغرابش ومهاجرية شرقي عاصمة جنوب دارفور، فبعد العام الأول لاقتحام حركة تحرير السودان لمطار الفاشر وقيادة الجيش، وأسرها لضابط عظيم بالجيش السوداني يحمل رتبة اللواء، تحوّلت الحركات المسلحة لمليشيات قبلية معصوبة العينين، لا ترى غير البطش والتنكيل طريقاً لما اطلقت عليه مشروع المطالب المستحقة، وقد ثبت ذلك جليّا في اتفاقية أبوجا بين حركة تحرير السودان – الجناح الذي يقوده مني أركو مناوي، وحكومة الاخوان المسلمين – حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ودخل بموجبها أركو القصر مساعداً كبيراً للدكتاتور المطلوب للعدالة الدولية، بجريرة إبادة عين المجتمعات التي ينتمي إليها أركو مناوي.
بعد اتفاق ابوجا أصاب الاحباط بعض مكونات المجتمع الدارفوري، ذلك أن ابنائهم الذين وثقوا في طرحهم المطلبي تركوهم ثم تركوا (القضية)، وانضووا تحت لواء الحكومة المركزية التي ما زالت تقصف قراهم ببراميل البارود الحارق، ولو كانت هنالك شخصية عامة فضحت المقاصد غير الثورية، التي حمل من أجلها بعض الأغرار السلاح في دارفور، لكانت شخصية مني مناوي، فهو بمثابة طائر الشؤم الذي حط على ظهر حصان الحراك المسلح الذي دشنه رفاقه، ثم ما لبث أن عمل على عكس ما تحدث عنه الرفاق، فهو أول (قائد) حركة مسلحة يضع يده في يد قاتل أهله – الرئيس المخلوع – الملاحق جنائياً لارتكابه جرائم الإبادة الجماعية في دارفور، ويلي مناوي في الترتيب رئيس حركة العدل والمساوة جبريل إبراهيم، الشقيق الأكبر للرئيس المؤسس للحركة، الذي ضرب بعرض الحائط الأجندة المعلنة وأهداف الحركة المزعومة، والذي هو الآخر قد ارتمى في أحضان فلول النظام البائد بعد ثورة ديسمبر المجيدة، التي كان يتهكم في مشعلي جذوتها حينما وصفهم بالشباب الصغار، الذين يبحثون عن الترفيه ومشاهدة مباريات كرة القدم بميدان الاعتصام، بربك هل هنالك لعنة اصابت أهل دارفور خاصة وأهل السودان عامة، مثل لعنة الحركات المسلحة المرتدية للباس الثورة، لقد ضربت هذه المليشيات أسوأ الأمثلة في العمالة والارتزاق والمتاجرة بأرواح الشباب وتشغيلهم كمرتزقة، أما بعد الحرب التي شنتها كتائب النظام البائد من وراء حجاب الجيش السوداني على قوات الدعم السريع، أعلن الرجلان الخروج عن حيادهما ووقفا مع المعتدين، ودفعا بجنودهما في أتون حرب لا يمثلان فيها سوى أنهما مجرّد وكيلين لا أصيلين، سعيا لإعادة الجماعات المتطرفة للحكم، تلك الجماعات التي قاتلاها قتال العدو للعدو.

اسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حرکة تحریر السودان الحرکات المسلحة أرکو مناوی

إقرأ أيضاً:

تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني

 

في تطور ميداني، رفع طرفا النزاع في السودان من وتيرة التحشيد العسكري حول مدينتي الفاشر ومدني، فيما تواصل القوات التابعة للجيش والقوات الموالية للدعم السريع تعزيز مواقعها في تلك المناطق الاستراتيجية.

التغيير ــ وكالات

وتأتي هذه التحركات في وقت حساس، حيث مر عام كامل منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة مدني، التي تعد مركزاً اقتصادياً مهماً في البلاد.

و مع دخول الحرب في السودان عامها الثاني، يزداد التصعيد العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق حيوية من البلاد، حيث تركزت الأنظار في الأيام الأخيرة على مدينتي الفاشر في دارفور و”مدني” في ولاية الجزيرة، في وقت تزايدت فيه الاشتباكات والضربات الجوية بشكل مكثف.

وفي الفاشر، آخر معاقل الجيش بإقليم دارفور، أفادت مصادر ميدانية بتقدم جديد لقوات الدعم السريع داخل المدينة، مما يعزز من وضعها في الإقليم الحيوي الذي يشكل نقطة وصل بين السودان وكل من تشاد، أفريقيا الوسطى، وليبيا.

ويثير هذا التطور مخاوف من تزايد النفوذ العسكري لقوات الدعم السريع في المنطقة.

قتلى ودمار جراء الضربات الجوية

في الأثناء، واصلت الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش السوداني قصف مناطق متعددة في دارفور، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص خلال الأيام الأربعة الماضية، وفقاً لتقارير من منظمات حقوقية.

ومن أبرز الهجمات، الهجوم الجوي على سوق مزدحم في بلدة “كبكابية” شمال دارفور، والذي أوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف المدنيين.

ووصفت منظمة العفو الدولية هذا الهجوم بـ “جريمة حرب”، مؤكدة أن قصف السوق المزدحم بالمدنيين لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، حتى في حال وجود جنود من الطرفين المتنازعين في المنطقة. وصرح تيغيري تشاغوتا، المدير الإقليمي للمنظمة، قائلاً: “استخدام المدنيين كدروع بشرية أو استهدافهم بشكل متعمد يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني”.

الوضع الإنساني المأساوي

تفاقم الوضع الإنساني في السودان، حيث قدرت بيانات كلية لندن للصحة العامة أن أكثر من 60 ألف شخص قد لقوا مصرعهم منذ بداية الحرب في أبريل 2023، كما أُجبر نحو 14 مليون شخص على النزوح من ديارهم.

وتعاني البلاد من أزمة غذائية حادة، حيث يواجه أكثر من نصف السكان، الذين يقدر عددهم بحوالي 48 مليون نسمة، تهديدات جسيمة تتعلق بالجوع.
مواقف دولية ودعوات للتفاوض

في هذا السياق الميداني والإنساني المأساوي، كررت الولايات المتحدة وبريطانيا دعوتهما إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ومع استمرار التصعيد العسكري وغياب أي حل سياسي يلوح في الأفق، تزداد المخاوف من أن يؤدي هذا الصراع المستمر إلى المزيد من التدهور في الوضع الأمني والإنساني في السودان.

في وقت يواجه فيه الشعب السوداني معاناة شديدة من القصف والدمار والتهجير، ويبدو أن فرص الوصول إلى اتفاق سلام أو هدنة تتضاءل بشكل كبير.

الوسومالجيش الدعم السريع الفاشر تصعيد ود مدني

مقالات مشابهة

  • مع مناوي .. دارفور باقية ونحن الروح يا عظمة!!
  • “مناوي” يتوجه إلى موسكو لبحث ملفات مهمة
  • حركة العدل والمساواة السودانية تنعي اللواء دكتور/ خاطر اركو مناوي
  • شهيد الحركة العمالية
  • الزغاوة هم القوى الاجتماعية الوحيدة في دارفور التي رفضت الجنجويد وصارعتهم مرتين
  • تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني
  • تحشيد حول الفاشر ومدني.. والبرهان يجدد رفض التفاوض
  • وول ستريت جورنال: حرب السودان تتحول تدريجيا إلى حرب دولية
  • البرهان يعزي حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بمنزله بمدينة بورتسودان في وفاة شقيقه “خاطر”
  • مسؤول: قوات الدعم السريع تهاجم المستشفى الرئيسي في الفاشر بالسودان