محمود الدقم
بداية ثمانينات القرن الماضي كانت مدينة نابولي الايطالية تعيش علي حافة الفقر والجوع وكانت علي باب قوسين او ادني منفي الافلاس، حيث سائقي التاكسي كانوا ينظرون إلى بعضهم من قلة الركاب، الفنادق مفتوحة الشرفات نظيفة بلا رواد، المطاعم شبه خاوية، بينما شواطيء نابولي لا يوجد فيها الا الصارقيل يزحف علي جنبات القواقع.
امتطي مدير نادي فريق نابولي لكرة القدم الفيراري خاصتة وذهب إلى صديقه عمدة المدينة وقال له ليس امامنا الا عملية جراحية من غير بنج لإنقاذ المدينة وهو توقيع عقد مع مارادونا عام 1983 حضر مارادونا كي يلعب لصالح أسوأ فريق كرة قدم عرفته ايطاليا فريق نابولي الذي كان يرزح في قاع القاع مقابل أكثر من عشرة مليون دولار، وما إن سمع الناس الخبر حتى كان في استقباله أكثر من عشرة الف مشجع في المطار، واكتظت الفنادق عن بكرة أبيها بالرواد الذين تقاطروا من بقاع الكوكب لمشاهدة فنيات الساحر ماردونا، امتلئت المطاع والطرقات والشواطئ وأحرز فريق نابولي كأس الرابطة لكرة القدم الايطالية وأصبح فريقا مهابا وتحولت المدينة إلى مزار لا تقبل الا رجال المال والأعمال ومكث مارادونا 7 سنوات
ليخلد في تاريخ نابولي ويحفر اسمه ورسمه للان علي جدر المنازل وغرف نومهم
سبب جلبنا لهذه الاسطورة والقصة هو منذ الهبوط الخشن لأركان هرب البرهان وجبريل ولحقهم ثالثهم مناوي ومدينة بورتسودان تعيش اسوء حالتها علي الاطلاق ازدياد معدلات الفقر وارتفاع مؤشر الجريمة وتكدس للهاربين من جحيم الحرب وتحولت مؤسسات الدولة من الخرطوم إلى بورتسودان دون ان يكون هناك تطور اقتصادي واجتماعي وعمراني للمدينة فالجهاديين يقومون بتمشيط الشوارع تطبيقا لقانون الوجوه الغربية، والفلنقيات يتزاحمون لتقبيل كرعين البرهان الذي علي ما يبدو وكل الفكي جبرين أن يستقبلهم تحت ظل عريشة تقيهم حر السموم، والان قطوعات حادة تطل براسها لتزيد من معاناة الناس هناك وسط عيشة البحبوحة والبذخ لحاشية مطاريد الحركات المصلحة من دارفور بشكل مزري.
نعم لا يوجد مارادونا يستطيع انقاذ بورتسودان التي على ما يبدو تحولت إلى مخازن سلاح ايراني وروسي لكن الصحيح توجد ملايين من الدولارات في يد مهاريب ونازحي الحكومي ال في اي بي يمكنها أن تحل في توفير خط كهرباء او شق طرق او تحلية مياه
فقر دون حد الفقر يهدد المدينة والان يبدو أن سكان بورتسودان قد بلغ بهم السيل الزبى اجتاحوا مبنى الإذاعة والتلفزيون ليقولوا لدولة 56 آن الأوان لأداء صلاة الجنازة على هذا المسخ المسمى 56 فهل سينجح البجا حيث ان البجا حديد والحديد لا يصد ولا يرد؟؟
dagamco@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بورتسودان لا توجد بها منطقة وسطي مابين الجنة والنار (٣) !!
مر القطار بمدافن كانت محطة اسمها ( اوبو ) حدثت فيها كارثة تصادم قطارين أحدهما ( ناقل للبشر ) وصل للتو الي المحطة وبدأ الركاب يطلعون وينزلون وبعضهم يبحث عن طعام وآخرون يمارسون رياضة المشي في زمن التوقف هذا ليريحوا عضلاتهم من التوتر الذي أصابها بسبب ( القعدة ) الطويلة التي تكاد تجمد الدم في العروق وتجعل الاقدام متورمة متل الكرة أو ( الجراب ) عندما ينفخ فيه الهواء ... والقطار نفسه بدأ يلتقط أنفاسه من كثرة اللهاث الذي ظل يعانيه وهو يزحف صعودا الي مبتغاه في اعلي الجبل مدينة الثغر الباسم التي دائما ما تتلقاه بالشوق والحنين والاحضان الدافئة ...
ومن غير سابق اعلان أو أنذار فاجأ الناس جميعا قطار ( ناقل للبضائع ) دخل المحطة بكل مايحمل من تهور ولا مبالاة وسار في نفس المجري الذي يستريح فيه زميله قطار الركاب وكان لابد أن يفعل ذلك لأن ( المحولجي ) في ذاك اليوم الاسود الحزين ربما أخذته سنة من نعاس فغاب عن خاطره أن يقوم بواجبه في فصل الخطوط حتي لا يحصل ما لا يحمد عقباه وجاءت الكارثة كما هو متوقع في مثل هذه الأحوال عندما يغفل البعض عن أداء واجباتهم بدقة وصرامة خاصة تلك الواجبات التي التفريط فيها هو مسألة حياة أو موت مع الدمار الشامل !!..
وجد قطار البضاعة الطريق سالكا فدخل من غير ( تابلت ) الي المنطقة الحرام وضرب بقوة علي ام رأس أخيه لدرجة أن مقدمته واصلت سيرها الي اعلي عربة القيادة بالقطار المعتدي عليه واستقرت المقدمة معلقة ومعها كامل مركز القيادة تماما فوق القطار الواقف المكتظ في داخله وخارجه بالمسافرين الذين في تلك اللحظات الصعبة كانوا في حركة دائبة كل منهم مشغول بأمر من الأمور يقوم به ريثما تنتهي حصة الاستراحة ومن ثم يستأنف قطارهم المسير ...
وماهي الا لحظات وقد استحال كل هذا الصخب والنشاط الي سكون عميق ومن بقي حيا في ذاك اليوم الذي حول المحطة وكأنها ساحة حرب من كثرة الدماء المتدفقة والاشلاء الممزقة والأمتعة المبعثرة كان من شدة الذهول لايكاد يقوي علي شيء ولا يدري أين موضعه في خريطة العالم ...
إزاء هذا الوضع المأساوي تم دفن كل الضحايا بالمحطة التي لم تعد محطة بعد أن تحولت إلي مقابر وصارت القطارات تمر بها ولا تتوقف ويشاهد الركاب لدقائق معدودة شواهد القبور ويقومون بواجب رفع كف الضراعة الي الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
نواصل المسلسل إن شاء الله سبحانه وتعالى .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com