اكتشافات أثرية جديدة في الفجيرة تعيد كتابة تاريخ الاستيطان البشري في الإمارات
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
أعلنت حكومة الفجيرة - بالتعاون مع فريق دولي من الباحثين من دائرة السياحة والآثار في الإمارة وجامعة يينا الألمانية، وجامعة أكسفورد بروكس في المملكة المتحدة - عن اكتشاف أدلة جديدة تشير إلى تواجد بشري قديم يعود لعصور ما قبل التاريخ في إمارة الفجيرة.
وأشارت إلى أن النتائج الجديدة تثبت أن المجموعات البشرية المتنقلة اتخذت من الملجأ الصخري في جبل كهف الدور الواقع بمنطقة حبحب موطناً لها على نحو متكرر منذ حوالي 13 ألفاً إلى 7500 عام، حيث ساد الاعتقاد سابقاً بأن منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية كانت غير مأهولة بالسكان منذ حوالي 38000 عام عندما سادتها الظروف المناخية الجافة، إلى أن أصبح مناخها أكثر رطوبة قبل حوالي 7000 عام.
وتسهم هذه النتائج الجديدة في توسيع نطاق المعرفة التاريخية حول طبيعة التواجد البشري في الإمارة، وسد الثغرات في السجل الأثري لهذه المنطقة، ونفي الافتراضات القديمة حول توقيت الاستيطان البشري فيها.
وأكد سعيد السماحي مدير دائرة السياحة والآثار بالفجيرة، حرص الدائرة على ترجمة توجيهات حكومة الفجيرة، عبر مضاعفة الاهتمام بمجال الآثار والتراث وإجراء المسوحات الأثرية وفق الأسس العلمية والمعايير العالمية، بالتعاون مع البعثات الأجنبية العالمية المتخصصة في هذا المجال، مشيرا إلى أن المكتشفات الأثرية السابقة دلت على وجود استيطان بشريّ وأدوات تعود إلى فترة ما قبل الميلاد.
وأضاف أن الدائرة سعت إلى توفير الخدمات اللوجستية والعلمية كافة للبعثة الأثرية المتخصصة، وأن النتائج بينت تاريخ الإمارة في عصر ما قبل التاريخ وما بعده، والتسلسل الزمني الذي مرّ بها، والذي يشير الى استقرار الوجود البشري وتواصله فيها وذلك وفقاً لدراسة وتحليل موقع كهف الدور بمنطقة حبحب.
من جانبه أعرب المهندس علي قاسم، مدير عام مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، عن الفخر بهذا الاكتشاف الجيولوجي المهمّ الذي يعيد كتابة تاريخ الوجود البشري في إمارة الفجيرة، وقال إن هذا التعاون الذي جمع خبراء عالميين ومؤسسات بحثية مرموقة تمخض عن نتائج غير مسبوقة سلّطت الضوء على ثراء وغنى تراث الإمارة الجيولوجي والأثري.
وأضاف: "يؤكد هذا الاكتشاف أهمية الجهود التي تبذلها حكومة الفجيرة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، واهتمام ومتابعة سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، لحماية وتوثيق المواقع الجيولوجية والأثرية في الإمارة، والتزام المؤسسة بتعزيز الوعي بأهمية هذه الموارد القيّمة من خلال برامج تعليمية ومشاريع بحثية، لضمان استدامتها والحفاظ عليها للأجيال المقبلة".وأوضح أن هذه الاكتشافات لا تعزز فقط فهم تاريخ منطقتنا، بل تضع الفجيرة في مقدمة المواقع الرئيسية للبحث الأثري والجيولوجي، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون العلمي والسياحة الثقافية في الإمارة، مثمنا جهود جميع الشركاء والباحثين التي أسهمت في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
من جهته قال الدكتور كنوت بريتزكه، عالم الآثار من جامعة يينا الألمانية الذي أشرف على أعمال التنقيب في الموقع: "تلعب الاكتشافات الأثرية الأخيرة في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور دوراً مهماً في فهمنا لتاريخ الوجود البشري في الفجيرة".
وأشار إلى أن الأدلة التي كشفها فريق الباحثين الدولي تعيد الجدول الزمني للحضور البشري في المنطقة إلى حوالي 13 ألف عام مضت، ما يغير المعتقدات السائدة حول أنماط التواجد البشري في جنوب شرق الجزيرة العربية.
بدوره قال البروفيسور أدريان باركر، الباحث في مشروع البيئات القديمة، في دراسة لجامعة أكسفورد بروكس بالمملكة المتحدة: "تُعتبر هذه النتائج ذات أهمية خاصة بالنظر إلى الظروف الجافة التي كانت تسود المنطقة خلال تلك الفترة، والتي كان يُعتقد في السابق أنها جعلتها غير صالحة للسكن حتى ظهور ظروف مناخية أكثر رطوبة قبل حوالي 9000 عام، مؤكدا أهمية هذا البحث لتسليط الضوء على التراث التاريخي الغني للفجيرة، وتأكيد مرونة المجموعات البشرية في تلك الحقبة، وقدرتها على التكيف مع مختلف الظروف المناخية، فيما تؤكد هذه الاكتشافات أهمية مواصلة الجهود لحماية ودراسة هذه المواقع الأثرية الثمينة".
وكانت حكومة الفجيرة قد أطلقت مبادرة لتحديد وحماية المواقع الجيولوجية المهمة في الإمارة؛ حددت مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية في سياقها وبالتعاون مع خبراء عالميين، أكثر من 30 موقعاً تمتلك خصائصاً جيولوجية مهمة، وهو مشروع أثمر اكتشاف مواقع أثرية وفّرت أدلة إضافية على الأنشطة البشرية في هذه المنطقة خلال عصور ما قبل التاريخ.وكشفت التنقيبات الأثرية التجريبية في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور عن ثلاث طبقات تحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد، وقد أشارت عملية التأريخ بالكربون المشع للفحم المأخوذ من هذه المواقد إلى أن الموقع كان مأهولاً عدة مرات منذ حوالي 13000 إلى 7500 عام، ما يجعل هذا الملجأ الصخري أقدم موقع أثري في الإمارة.
ويغطي هذا الاكتشاف فترة حاسمة في التاريخ البشري، راصداً فترة الانتقال من الصيد وجمع الثمار إلى تربية الحيوانات وإنتاج الغذاء.
كما يعدّ اكتشاف مواقع تعود لتلك الفترة الزمنية أمراً نادراً في منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية، وهو ما يوضح أهمية اكتشاف التسلسل الأثري في الملجأ الصخري بجبل كاف الدور.ويُرجّح الباحثون أن مجموعات متنقلة في عصور ما قبل التاريخ قد آوت إلى الملجأ الصخري بجبل كهف الدور نظراً لغنى الحجر الجيري والوفرة التي يتمتّع بها الجبل على صعيد المواد الخام الحجرية عالية الجودة، والحماية التي يوفرها الملجأ، بالإضافة إلى إتاحته الوصول إلى مجموعة متنوعة من المناطق الطبيعية المحيطة، بما في ذلك السهل الداخلي والسفوح الغربية لجبال الحجر وقنوات الأودية.وفي خطوة مهمة لدعم جهود البحث الأثري، وافق مكتب ولي عهد الفجيرة على مقترح مشروع يهدف إلى إجراء المزيد من الحفريات في الموقع الأثري بجبل كهف الدور، وتنفيذ مسوحات إضافية في المنطقة المجاورة للموقع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الآثار الفجيرة ما قبل التاریخ حکومة الفجیرة فی الإمارة البشری فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأردن يستعيد قطعا أثرية جمعها طبيب امريكي اقام في المملكة لثلاثين عاما
#سواليف
أعلنت دائرة الآثار العامة استعادة مجموعة من القطع الأثرية الأردنية التي كانت مقتناة من قبل أحد الاشخاص خلال ستينيات القرن الماضي قبل صدور قانون الاثار لعام 1976 الذي يمنع الاتجار بالاثار، وذلك ضمن جهود المملكة المتواصلة لحماية إرثها الثقافي واستعادة ممتلكاتها الاثرية.
وأكدت وزيرة السياحة والآثار، لينا عناب، أهمية هذه الجهود في الحفاظ على الإرث الثقافي الأردني، مشيدة بالدور البارز الذي تقوم به دائرة الآثار العامة بالتنسيق ومتابعة الإرث الحضاري الأردني داخل وخارج الأردن. وأوضحت أن الوزارة، بالتعاون مع الدائرة، تبذل جهودًا مكثفة لتعزيز التعاون الدولي واستثمار المسارات الدبلوماسية لضمان إعادة القطع الأثرية إلى موطنها الأصلي، مشددةً على أن عودة القطع تشكل خطوة مهمة في ضمان الاستمرار في الحفاظ على الهوية التاريخية الأردنية والحفاظ على الارث الحضاري للأجيال القادمة.
وأشارت الوزيرة إلى الدور الكبير الذي قامت به وزارة الخارجية الأردنية ممثلة بسفارة المملكة الأردنية الهاشمية في واشنطن من خلال متابعتهم وتنسيقهم مع دائرة الآثار العامة وتسهيل عملية وصول القطع بأمان إلى الأردن.
مقالات ذات صلةومن جانبه، أوضح مدير عام دائرة الآثار العامة بالوكالة، أكثم العويدي أن هذه الخطوة تأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على المورث الأثري الذي تتبناه الدائرة، مشيرًا إلى أن عمليات متابعة القطع الأردنية هو أساس عمل الدائرة ويتطلب تنسيقًا دوليًا مستمرًا مع الحكومات والمنظمات المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي.
وأشار العويدي أن القطع المستردة التي شملت آنية فخارية، جرار، صحون، أسرجة، قوارير زجاجية، أساور زجاجية، وخرز، بالإضافة إلى أدوات أثرية أخرى، ليست مجرد مقتنيات أثرية، بل تمثل جزءًا من الهوية الوطنية الأردنية، وهي شاهدة على عراقة تاريخ وحضارة المملكة.
وتم استعادة هذه القطع إلى موطنها الأصلي بفضل التعاون مع عائلة “د. جون أندرسون روبر” الذي أقام في الأردن لأكثر من ثلاثين عامًا كطبيب في مستشفى الإيمان في محافظة عجلون وحصل على وسام الإستقلال من الدرجة الرابعة من جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، وكان يقوم بتجميع القطع الأثرية والأعمال الفنية أثناء عمله في محافظة عجلون.
يُذكر أن الأردن نجح خلال السنوات الماضية في اعادة القطع الأثرية من دول عدة، وذلك في إطار التعاون الدولي لحماية التراث الثقافي ومنع تهريب الممتلكات الثقافية.