تحليل: تحركات الزُّبيدي في محاربة الكهنوت وأبعاد مرونته الوحدوية
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
رغم مبدئه الواضح نحو استعادة الدولة الجنوبية السابقة للوحدة السياسية مع الشمال عام 1990، إلا أن هناك الكثير من أقواله وأفعاله تدل على أنه قائد سياسي يتمتع برؤية وطنية واسعة الأفق تجاه الوحدة الاجتماعية ووحدة المصير للشعب اليمني في الجنوب والشمال معاً.
يتحرك عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، في إطار المشروع السياسي الذي أنشئ لأجله المجلس الانتقالي كحامل سياسي وعسكري لمطلب قطاع واسع من الشعب في الجنوب بالانفصال السياسي عن الشمال، لكنه في بعض المناسبات يبدي مرونة كبيرة في التعاطي مع فكرة بقاء اليمن موحدا تحت راية الجمهورية اليمنية بشرط معالجة القضية الجنوبية بعدل وإنصاف.
>> لمتابعة قناة "نيوزيمن" على الواتساب إضغط هنا
ومن ناحية أخرى، يرى مراقبون أن السبب الرئيس وراء تعبير الزبيدي عن المرونة الوحدوية في بعض المناسبات، يكمن في التطور الإيجابي لمواقف بعض القوى الشمالية التي أدركت فداحة الأخطاء السياسية التي مارسها نظام صنعاء بحق الجنوب، واقتنعت بأن نموذج وحدة العام 1990 المتبوعة بحرب في 1994 وأخرى في 2015، لا يمكن أن تعمّر طويلا. وأمام المستجدات التي أسفر عنها انقلاب المليشيا الحوثية على السلطة الشرعية والحرب التي شنتها على كل محافظة يمنية، قد تكون القوى الشمالية المعتدلة شريكة موثوقة في وحدة سياسية مستقبلية معدّلة أو حتى مختلفة كلياً عن وحدة الضم والإلحاق.
شواهد للمرونة الوحدوية
بدأت بوادر هذه المرونة بعد تشكيل حكومة المناصفة التي نص عليها اتفاق الرياض 2019، لكنها لم تظهر في تصريحات الزبيدي إلا بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022. ما أخرجها إلى العلن هي المرونة المقابلة التي أبداها رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، والتقارب السياسي بين المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي، والمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح، وقوات العمالقة بقيادة عبد الرحمن المحرمي، وهو تقارب لعبت الإمارات العربية المتحدة، وما زالت، دوراً كبيراً في نشوئه واستمراره إلى الآن. وبعد أكثر من عام على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وجد رئيس وأعضاء المجلس أنفسهم أمام عدو مشترك يتمثل في مليشيا الحوثي ومشروعها السياسي الذي يأخذ مسارين: الأول ينبع من المعتقدات الطائفية للنظام الإمامي البائد بأحقية السلالة الهاشمية دون غيرها في حكم اليمن، والثاني مشروع إيراني لا يقتصر خطره على سيادة واستقرار اليمن فقط، بل يهدد استقرار الدول العربية ومصالح الدول الحليفة لها.
يبدو عيدروس الزبيدي أكثر أعضاء مجلس القيادة الرئاسي نشاطاً، ومنذ استوعبت القوى الشمالية الحجم الحقيقي للقضية الجنوبية وتعاملت مع الجغرافيا الجنوبية كحاضنة آمنة للدولة الموحدة، ارتفع منسوب التوافق داخل المجلس الرئاسي، وصرح الزبيدي في أكثر من مناسبة أن القوى الجنوبية ستواصل وقوفها إلى جانب قوى الشمال في محاربة المليشيا الحوثية حتى القضاء على مشروعها الطائفي وأفكارها الكهنوتية. وكذلك فعل عضوا المجلس الرئاسي فرج البحسني وعبد الرحمن المحرمي، وهما عضوان لديهما ثقل سياسي وعسكري فاعل على أرض الواقع.
بالإضافة إلى ذلك، يحرص عيدروس الزبيدي على الالتقاء بمكونات سياسية واجتماعية من الشمال، مثل لقائه بمحافظ البيضاء المعيّن من الحكومة الشرعية عبد القوي شريف، ومؤخراً لقاؤه، السبت الماضي، بمجموعة من مشايخ ووجهاء محافظة صعدة المناوئين لمليشيا الحوثي، وغيرها من اللقاءات. وفي وقت سابق من يونيو الجاري، قال الزبيدي في إحدى الفعاليات إن ما يجمع الشعب في الجنوب والشمال أكثر مما يفرقه، لكن "إذا صدقت النوايا". وقد كان هذا التصريح أوضح تعبير عن المرونة الوحدوية من جانب الزبيدي، ورسالة إلى قوى الشمال المناوئة للمليشيا الحوثية لفتح عيونها على ما يجمع الشعب في الشمال والجنوب وعلى ما يفرّقه.
محاربة الكهنوت الحوثي
بالإضافة إلى محاربة القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي والقوات المشتركة لتنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية، تواجه الجغرافيا الجنوبية -حاضنة السلطة الشرعية- تهديد المليشيا الحوثية بتكرار اجتياح عدن والسيطرة بالقوة على بقية المحافظات المحررة. منذ سنوات تطالب القوى الجنوبية قوى الشمال بالاستنفار لمواجهة التمدد الحوثي جنوباً وشرقاً وتحرير محافظات الشمال من المليشيا التي تعمل على إحياء النظام الإمامي البائد، وما عدا المقاومة الوطنية برئاسة طارق صالح في الساحل الغربي وقوات الجيش الوطني المسنودة برجال القبائل في مأرب، تكاد أن تكون بقية خطوط المواجهة في المناطق الشمالية الأخرى فريسة سهلة لأي تمدد حوثي خارج قواعد الاشتباك.
تسعى مليشيا الحوثي إلى إحياء نظام الإمامة الذي قاومه اليمنيون -شمالاً وجنوباً- على مدى ألف سنة ماضية، وتستخدم المؤسسات التعليمية والخدمات الأساسية للمواطنين من أجل تنفيذ مشروعها الكهنوتي. في مواجهة هذا السعي الحوثي الدؤوب لغسل أدمغة المواطنين في مناطق سيطرتها، وخاصة الجيل الصاعد، استدعى الزبيدي أواخر مايو الماضي، وزير الشباب والرياضة رئيس اللجنة العليا للمراكز الصيفية نايف البكري، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري. في لقائه بالوزيرين، أكد الزبيدي على أهمية إقامة المخيمات الصيفية "لخلق جيل متسلح بالوعي"، وهو تأكيد نابع عن وعي الرجل بخطورة التعبئة الطائفية التي تمارسها مليشيا الحوثي من خلال المراكز الصيفية لطلاب المدارس في مناطق سيطرتها، وهي خطورة تكمن شدتها في المستقبل أكثر من الحاضر.
ويرى مراقبون ونشطاء محليون أنه بمقابل هذا التحرك من أعلى سلطة سياسية في البلاد لتفعيل دور المراكز الصيفية لطلاب المدارس، يتوجب على الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية تجهيز مناهج خاصة بالدورات الخاصة ببرنامج هذه المراكز، في ضوء الأوضاع الراهنة للأزمة وفي ضوء ما تلقنه المليشيا الحوثية لطلاب المدارس من أفكار طائفية خطيرة على مستقبل اليمن واستقراره.
وفي لقائه بمشايخ ووجهاء محافظة صعدة، طلب الزبيدي منهم بوضوح الاستعداد للمرحلة القادمة في مواجهة المليشيا الحوثية "سلماً أو حرباً"، وقد حمل هذا اللقاء دلالات لا ينبغي على قوى الشمال تفويتها، وأبرزها أن خلخلة التماسك الظاهر للمليشيا الحوثية تبدأ من تفكيك حاضنتها الشعبية في معقلها ودعم مناوئيها الأكثر تضرراً من مشروعها الطائفي القائم على تمجيد الحرب وتضليل الشعب وإذلال المعارضين من أجل التفرد بالحكم.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی الملیشیا الحوثیة عیدروس الزبیدی
إقرأ أيضاً:
الصول: المجلس الرئاسي لا شرعية له وليس له علاقة بقانون المصالحة
قال عضو مجلس النواب، علي الصول، إن المجلس الرئاسي لا شرعية له وليس له علاقة بقانون المصالحة، مشددًا على أن مجلس النواب لن يرد على مخاطبة الرئاسي.
وبين في تصريحات صحفية، أن اختصاص الرئاسي هو استلام ملف المصالحة وليس تحويل القانون، متابعا: “قانون المصالحة يأتي من لجان النواب بالتواصل مع الوزارات المختصة بالمصالحة”.
وأضاف: “جميع الأعيان حضروا ملتقى المصالحة في بنغازي، ومن بينهم أعيان مدينة مصراتة، ونحن مستمرون في اعتماد قانون العدالة الانتقالية، والرئاسي لا يسوى شيئًا أمام الأعيان والقبائل الليبية”.
وبين أن الرئاسي أخفق في مهمته الأساسية وهي توحيد المؤسسة العسكرية، وكذلك قانون المصالحة الذي أنفق عليه 200 مليون دينار ليبي دون تحقيق نتائج.
وأكمل: “هل هناك مصالحة وطنية اجتماعاتها تُعقد خارج ليبيا؟ فنحن أصدرنا قانون العفو العام، ولا يوجد أي مبرر لإجراء مصالحة”.
وشدد على أنه من المتوقع أن تكون جلسة الاثنين المقبل لمجلس النواب حول اعتماد قانون العدالة الانتقالية، شاء أم أبى المجلس الرئاسي.
ونبه بأن هذا الأمر من اختصاص البرلمان، وأن الرئاسي لا يستطيع إجبار مجلس النواب على اعتماد قانونه المحال.
الوسومالصول المجلس الرئاسي المنفي قانون المصالحة