ورحل أحد فرسان الوطن
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
راشد الراشدي
رحل الرعيل الاول من بناة الوطن بعد انقضاء الأجل كما تتساقط أوراق الشجر من أغصانها ليبقى الوطن خريفياً في طقسه الذي ينتظر فرسان اخرين يحملون لواء الوطن لتزهر أوراقه من جديد وتتجدد الحياةُ ويتجدد الأمل .
هكذا حال هذه الدنيا الفانية فلقد شاءت اقدار الله وسنتهُ في الحياة أن يرحل البارحة عن عالمنا سيداً وشيخا جليل وقور تُحس وأنت بالقرب منه بسمت العماني الأصيل وبفكر العالم المتقد الذي صقلته مداركه وخبرات الحياة المتراكمة في سنوات قضاها في خدمة وطنه فأوقد من حوله ضياءً أنار به كل مجالسه .
عرفته شخصياً في سنواته الأخيرة من خلال اشرافه مع اخوته على تأسيس وانطلاقة منارة العلم جامعة الشرقية منذ افتتاحها من خلال تغطيتي الإعلامية لاذاعة سلطنة عمان خلال حفل افتتاحها تحت الرعاية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله - في عام ٢٠١٧م كما اعرف معظم أهله الأخيار فبيننا وبينهم رحم وزمالة وأخوة .
رحل السيد عبد الله بن حمد بن سيف بن محمد البوسعيدي عن عالمنا بعد أن تقلد عدة مناصب في عهد نهضة عُمان الحديثة فهو ينحدر من أسرة عريقة مأثورة بالعلم والصلاح والسيرة الطيبة في ولاية المضيبي التحق معالي الوزير المتقاعد في بداية حياته بوزارة الأراضي في عام 1973م ثم انتقل للعمل في هيئة جمع المخطوطات العمانية وفي عام 1978م انتقل للعمل في وزارة العدل وتحديدًا بالدائرة المالية حيث خضع لدوراتٍ إداريةٍ ومالية متخصصة ساهمت في صقل خبراته في المجال المالي
وبعد إنشاء وزارة البيئة في عام 1984م، طلبه السيد شبيب بن تيمور للعمل معه، فشغل منصب مدير عام المالية إلى أن تشرف بالثقة السامية وعين وزيرا للإسكان في أكتوبر 1986م، وفي يناير 1989م عين مندوبا لدى الجامعة العربية بتونس، ثم نُقل إلى القاهرة وعين سفيرا غير مقيم في قبرص، ثم عاد إلى سلطنة عمان وعمل كرئيسٍ لجهاز الرقابة المالية وبعدها حظيت جامعة الشرقية أن يكون رئيس مجلس أمناء الجامعة .
كان والده السيد حمد بن سيف البوسعيدي - رحمه الله- قاضياً فقيهاً تنقل بين عدد من ولايات السلطنة واسس مكتبة ثقافية فهو من الأسماء الأدبية البارزة على مستوى سلطنة عمان وقد اسس مكتبة تضمّ العديد من الكتب التراثية والمخطوطات، وقام بتأليف عدد من الكتب والمؤلفات التي رفدت المكتبة العمانية بقطاف الخير منها: الموجز المفيد نبذ من تاريخ البوسعيد، وإرشاد السائل من أجوبة المسائل، وقلائد الجمان من أسماء شعراء عمان، والجواهر السنية في المسائل النظمية، وجوهرة الزمان في ذكر سمد الشأن.
رحل اليوم السيد عبدالله بن حمد بن سيف البوسعيدي صاحب الخُلق والبشاشة والفكر والثقافة والادب وقد خلف بين محبيه من أهله ومُريديه حزنً عميق بتعامله الدمث مع الجميع وبأعماله التي تركت أثراً في المجتمع وساهمت في نهضة عُمان الفتية حيث تفقده اليوم جامعة الشرقية التي حظيت بإهتمامه الخاص والتي كانت حلماً تحقق على أرض الواقع وساهمت في تأسيس أجيال من بناة الوطن منذ تاسيسها كما سيفقده محبوه الذين عرفوه بخلقه الرفيع وبشاشته وفعاله .
أحسن الله عزائنا جميعاً وعزاء اسرته في فقده فقد فقدت نيابة سمد الشان أحد أبنائها الفضلاء وعزائنا فيه سيرته العطرة ومأثره التي خطها في سجلات تاريخه خلال سنوات حياته الكريمة . ( إنا لله وإنا اليه راجعون ).
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
المؤيد الراشدي .. من شغف الأخشاب إلى ريادة الأعمال الفنية في سلطنة عمان
وجد المؤيد بن سعيد الراشدي في الأخشاب المحلية جمالًا أخّاذًا وتفاصيل ساحرة، دفعته إلى تقديم لمسات فنية تُبرز هذا الجمال للجمهور، ليشاركهم عشقه لهذه الخامة الفريدة وأسس ورشة "مِيس".
انطلق المؤيد في رحلته الفنية عام 2019، حين كان يعتني بطيور الزينة، ومع الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، لم يتمكن من شراء قفص جديد لطيوره، فقرر صنعه بنفسه مستخدمًا بقايا الأخشاب. "استغرق مني صنع أول قفص 30 يومًا"، يقول المؤيد، "لكنها كانت تجربة غيرت مساري بالكامل، حيث بدأت أبحث في مجال النجارة وصناعة الأثاث".
بدأ المؤيد في صناعة ملحقات الحدائق المنزلية من الخشب وبعض قطع الأثاث مثل الكراسي والطاولات وبعد إحدى الكوارث الطبيعية التي حصلت في الولاية تساقطت الأشجار بسبب جريان الأودية، ففكرت في إعادة تدوير أخشاب هذه الأشجار واتجهت إلى صناعة الأعمال الفنية من الأخشاب الطبيعية العُمانية.
وأشار المؤيد إلى أن الطريق لم يكن سهلًا، حيث واجه صعوبات في تعلم أساسيات النجارة والتعامل مع الأخشاب، لكنه تغلب على هذه التحديات بالالتحاق بدورات تدريبية داخل وخارج سلطنة عمان، تحمل تكاليفها بنفسه، مما ساعده على تطوير مهاراته وصقل موهبته.
شارك المؤيد في العديد من المعارض والمنتديات بدعم من هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كان أبرز إنجازاته تمثيل سلطنة عمان في معرض بنان الدولي بالمملكة العربية السعودية عام 2024، ضمن 10 حرفيين عمانيين من بين 500 حرفي من 26 دولة. "هذه المشاركة فتحت لي آفاقًا جديدة، وأطمح لتحقيق المزيد من الإنجازات العالمية".
يعتبر المؤيد فنه مزيجًا من الهواية والمصدر المالي قائلا: "هذا الفن يدر دخلًا مباركًا إذا تم تقدير الفنان وفنه بالشكل الصحيح"، مضيفًا أنه يقضي معظم وقته في العمل على أعماله الفنية دون أن يشعر بالملل، حيث يجد في ذلك متعة لا توصف.
يستلهم المؤيد أعماله من المعالم التاريخية والصناعات العالمية، مثل الأبراج الشهيرة والفنون الفارسية التي تعلّمها في مدينة شيراز بإيران. كما يستلهم من الطبيعة العُمانية، مثل تصميمه المفضل "مزهرية حَدَش". ويروي المؤيد قصة هذه المزهرية المصنوعة من شجرة "العتم" العريقة التي عاشت أكثر من ألف عام بالقرب من مسجد حدش في ولاية نخل. "أردت أن أخلّد أثر هذه الشجرة العظيمة من خلال تصميم مزهرية تعكس جمالها الطبيعي".
يشير المؤيد إلى أن تقبل المجتمع للأعمال الفنية ما زال محدودًا، وأنه يتعين على الجميع تعزيز الوعي بأهمية الحرف اليدوية من خلال أمسيات وفعاليات فنية تثقيفية. ويوجه المؤيد نصيحته للمبتدئين قائلاً: "ابحثوا عن شغفكم وجربوا العمل على أرض الواقع، فالتجربة خير برهان".
وعن طموحاته المستقبلية، يسعى المؤيد لافتتاح معرضه الخاص الذي يضم أعماله الفنية، وتحقيق جوائز عالمية تعكس تميزه في مجاله.
يختم المؤيد حديثه برسالة ملهمة للشباب: "ابحروا في عالم الفن، وابدعوا فيه، واحرصوا على الحفاظ على إرثنا الجميل".