جنوا أموالا طائلة.. وفيات الحجاج تسلط الأضواء على عالم العصابات في صناعة الحج
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
سلطت حالات الوفيات في صفوف الحجاج خلال أدائهم مناسك الحج خلال الشهر الجاري جراء الإجهاد الحراري إثر تعرضهم للعوامل الجوية القاسية بما في ذلك الحر الشديد، الضوء على "عالم العصابات في صناعة الحج"، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أكثر من 1300 شخص لقوا حتفهم أثناء أداء فريضة الحج في السعودية، وقالت الحكومة السعودية إن الغالبية العظمى منهم لم يكن لديهم تصاريح.
وأضافت أنه "بينما يتم نقل الحجاج الحاصلين على تصاريح حول مدينة مكة المكرمة في حافلات مكيفة ويستريحون في خيام مكيفة، غالبا ما يتعرض الحجاج غير المسجلين للعوامل الجوية. وفي الأيام الأخيرة، مع تجاوز درجات الحرارة 49 درجة مئوية، وصف بعض الحجاج رؤية الناس يفقدون وعيهم ومرورهم بالجثث في الشارع".
والأحد، قال وزير الصحة السعودي، فهد الجلاجل، في مقابلة على التلفزيون الرسمي، إن 83 بالمئة من الوفيات المبلغ عنها والبالغ عددها 1301، كانت لحجاج لم يكن لديهم تصاريح.
وأضاف أن ارتفاع درجات الحرارة خلال موسم الحج يمثل تحديا كبيرا هذا العام، "للأسف - وهذا مؤلم لنا جميعا - أولئك الذين لم يكن لديهم تصاريح الحج قطعوا مسافات طويلة تحت الشمس".
وذكرت الصحيفة أن "تصريحات الجلاجل جاءت بعد أيام من الصمت من جانب الحكومة السعودية بشأن الوفيات أثناء الحج، وهي طقوس روحية شاقة وعميقة يتم تشجيع المسلمين على أدائها مرة واحدة في حياتهم إذا كانوا قادرين جسديا وماليا".
وأشارت إلى أنه "مع مشاركة ما يقرب من مليوني حاج كل عام، ليس من غير المعتاد أن يموت الحجاج بسبب الإجهاد الحراري أو المرض أو الأمراض المزمنة. ومن غير الواضح ما إذا كان عدد الوفيات هذا العام أعلى من المعتاد، لأن السعودية لا تنشر تلك الإحصائيات بشكل منتظم. وفي العام الماضي، توفي 774 حاجا من إندونيسيا وحدها، وفي عام 1985، توفي أكثر من 1700 شخص حول الأماكن المقدسة، معظمهم بسبب الإجهاد الحراري، حسبما وجدت دراسة في ذلك الوقت".
ولكن لأن الكثير من الذين لقوا حتفهم لم يكن لديهم تصاريح، فقد كشفت حصيلة هذا العام عن مجموعة صغيرة من منظمي الرحلات السياحية والمهربين في جميع أنحاء العالم الذين يستفيدون من المسلمين المتحرقين للقيام بالرحلة، وفقا للتقرير.
وذكرت "نيويورك تايمز"، أن الوفيات كشفت أيضا عما بدا أنه فشل واسع النطاق في إجراءات الهجرة والأمن السعودية التي تهدف إلى منع الحجاج غير المسجلين من الوصول إلى الأماكن المقدسة، بما في ذلك الطوق الأمني حول مكة الذي يتم إغلاقه قبل أسابيع من الحج.
وعلى الرغم من هذه الجهود، حاول ما يقدر بنحو 400 ألف شخص غير شرعي أداء فريضة الحج هذا العام، حسبما صرح مسؤول سعودي كبير لوكالة فرانس برس، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.
ولم يستجب المسؤولون السعوديون لطلبات التعليق، حسب التقرير.
وفي مقابلات مع صحيفة "نيويورك تايمز"، وصف منظمو رحلات الحج والحجاج وأقارب الموتى ثغرات يسهل استغلالها تسمح للناس بالسفر إلى المملكة بتأشيرة سياحية أو تأشيرة زيارة قبل الحج، وعادة ما يساعدهم منظمو الرحلات السياحية في بلدانهم. وأضافوا أنه بمجرد وصولهم، يجدون شبكة من السماسرة والمهربين غير الشرعيين الذين يعرضون خدماتهم ويتركونهم أحيانا لتدبر أمرهم بأنفسهم.
وذكر التقرير أنه "يبدو أن عدد الحجاج غير المسجلين قد ارتفع هذا العام بسبب تزايد اليأس الاقتصادي في دول مثل مصر والأردن. يمكن أن تكلف حزمة الحج الرسمية أكثر من 5000 دولار أو 10000 دولار، اعتمادا على بلد الحاج الأصلي - وهو ما يتجاوز إمكانيات الكثيرين الذين يأملون في القيام بالرحلة".
ونقلت الصحيفة عن مروة، وهي امرأة مصرية تبلغ من العمر 32 عاما، أدى والداها فريضة الحج دون تصريح رسمي هذا العام، أنهما دفعا حوالي 2000 دولار مقابل رحلتهما، بتسهيل من وكيل في مصر ووسيط في السعودية. وقالت إنهم شعروا أنه يتعين عليهم الرحيل قريبا لأنه مع فقدان العملة المصرية لقيمتها، تتقلص مدخراتهم كل عام. وطلبت مروة التعريف باسمها الأول فقط لتجنب التداعيات القانونية.
وتحركت العديد من البلدان التي لديها أعداد كبيرة من الحجاج المتوفين بسرعة لاحتواء التداعيات.
والجمعة، أقال الرئيس التونسي، الذي أحصى بين القتلى أكثر من 50 حاجا، وزير الشؤون الدينية في البلاد. وفي الأردن، الذي سجل وفاة ما لا يقل عن 99 حاجا، فتح المدعي العام تحقيقا في طرق الحج غير الشرعية. وفي مصر، قالت السلطات إنها ستلغي تراخيص 16 شركة أصدرت تأشيرات للحجاج دون تقديم خدمات كافية.
وقالت إيمان أحمد، المالك المشارك لشركة الإيمان تورز في القاهرة: "هناك الكثير من الجشع حول هذا العمل".
وأضافت إيمان أحمد في حديثها للصحيفة، أنها رفضت إرسال حجاج غير مسجلين على عروض الحج، لكن منظمي الرحلات السياحية المصريين الآخرين والوسطاء السعوديين حققوا أموالا طائلة من خلال القيام بذلك.
وتوفيت حاجّة من غير المسجلين، وهي صفاء التواب، وهي جدة من مدينة الأقصر المصرية، بحسب شقيقها أحمد التواب. وقال التواب (55 عاما) إنها لم تتمكن من الحصول على تصريح الحج لكنها وجدت شركة سياحة مصرية لتأخذها مقابل حوالي 3000 دولار.
وقال شقيقها إن صفاء التواب لم تدرك أنها كانت تنتهك القواعد عندما سافرت إلى السعودية، وبعد وصولها أخبرت أقاربها أنها وُضعت في سكن غير لائق ومُنعت من الخروج. وقال التواب إنه في حين وعدت شركة السياحة بحافلات مكيفة لنقل الحجاج حول مكة، إلا أنها وجدت نفسها بدلا من ذلك تمشي لأميال في الحر، حسب التقرير.
قبل الحج، نشرت السلطات السعودية لوحات إعلانية وأرسلت أعدادا هائلة من الرسائل النصية لتذكير الناس بأنه من غير القانوني أداء فريضة الحج دون تصريح؛ ويواجه المخالفون الغرامات والترحيل والمنع من دخول المملكة مرة أخرى.
وذكرت الصحيفة أنه تم منع الدخول إلى مكة قبل أسابيع من الحج للزوار دون تصاريح. ومع ذلك، تمكن العديد من الحجاج من التهرب من القيود، ووصلوا إلى مكة في وقت مبكر واختبأوا، أو دفعوا المال للمهربين لنقلهم إلى مكة.
قالت حاجة أردنية، طلبت ذكرها فقط باسم أم عبد الرحمن، لأنها تخشى العواقب، إنها واجهت العديد من المهربين لمساعدتها على التنقل في جميع أنحاء مكة، بما في ذلك شخص طلب منها حوالي 200 دولار ليقودها إلى المدينة عبر طريق صخري جبلي. لكنها قالت إنها انتهى بها الأمر بالمشي لساعات تحت أشعة الشمس دون الوصول إلى الماء أو الحمامات.
وقالت إنه في وقت ما، احتجزت الشرطة مجموعتها لفترة وجيزة، وكتبت أسمائهم وتركتهم في مكان مجهول. وقالت أم عبد الرحمن، 49 عاما، إنها كانت تعلم أن رحلتها كانت غير قانونية، لكنها لم تدرك المخاطر بشكل كامل.
حتى بالنسبة للشباب الذين يتمتعون باللياقة البدنية، يمثل الحج حدثا صعبا بدنيا، والعديد من الحجاج يكونون من كبار السن أو المرضى في الوقت الذي يمكنهم فيه القيام بالرحلة. ويعتقد البعض أن الحج قد يكون آخر مناسكهم، وأن الموت في مكة سوف يمنحهم بركات عظيمة.
تتخذ الحكومة السعودية إجراءات للحد من آثار الحرارة الشديدة، بما في ذلك رش الحجاج برذاذ الماء. وقد قدرت إحدى الدراسات الحديثة أن معدل الإصابة بضربات الشمس أثناء الحج قد انخفض بالفعل - على الرغم من أن الباحثين حذروا من أن ذلك قد يتغير مع تفاقم الحرارة الناجمة عن تغير المناخ بشكل يتجاوز التدابير الرامية إلى تخفيفها، وفقا للتقرير.
وقال عبد الحليم ضاهر، 31 عاما، وهو حاج كيني أدى فريضة الحج مع أخيه ووالده باستخدام تصاريح رسمية، إن رحلته كانت سلسة، حيث كانت هناك خيام مكيفة وحافلات مكيفة وسهولة الوصول إلى المياه.
وأضاف في حديثه للصحيفة: "لقد كانت تجربة مذهلة، مرة واحدة في العمر".
ولكن حتى بعض الذين كانوا في مكة بشكل قانوني اشتكوا من عدم كفاية المرافق للحرارة.
وقال مخدوم علي، 36 عاما، وهو مهندس كمبيوتر باكستاني سافر إلى هناك مع والدته البالغة من العمر 65 عاما، إنه رأى العديد من الحجاج ينهارون بسبب الإجهاد الحراري دون توفر مساعدة فورية.
وقال علي: "كان من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح من خلال ترتيبات حكومية أفضل"، حسب الصحيفة.
وقال الجلاجل، وزير الصحة، إن ربع الخدمات الصحية المقدمة أثناء الحج قدمت للحجاج غير المسجلين. وقال: "نحن ننظر إليهم كحاج، بغض النظر عن تصريحهم أو عرقهم أو جنسيتهم".
ومن بين القتلى أميركيان على الأقل، هما إيساتو ووري، 65 عاما، وأليو ووري، 71 عاما، من سكان ماريلاند. وقالت ابنتهما سعيدة إنهما ادخرا أموالهما لسنوات لأداء فريضة الحج، ودفعا 23 ألف دولار لشركة سياحة محلية.
لكن بعد وصولهم إلى مكة، طلب منهم عامل الفندق البقاء في الفندق حتى يتم إصدار التصاريح لهم، كما أخبروا ابنتهم. وقالت سعيدة إن والداها شعرا بالإحباط لأنهما اعتقدا أنهما يسيران وفق "القانون".
وقالت إنهم كانوا لا يزالون قادرين على أداء بعض مناسك الحج الأولية، وكانوا "متحمسين للغاية لرؤية الكعبة".
وكانت آخر رسالة تلقتها من والدتها تقول، إن الحافلة التي تقلهم إلى أحد المواقع لم تصل، وأنهم كانوا يسيرون بدلا من ذلك لمدة ساعتين.
وعلى الرغم من إحباطها من شركة الرحلات السياحية، فضلا عن صعوبة تحديد مكان جثتيهما – المدفونتين في مكة – تعتقد سعيدة أن والديها كانا مليئين بالفرح في أيامهما الأخيرة.
وقالت: "لقد ماتوا وهم يفعلون بالضبط ما أرادوا القيام به. لقد أرادوا دائما الوصول إلى الحج".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحج السعودية مكة السعودية مكة الحج سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرحلات السیاحیة الإجهاد الحراری أداء فریضة الحج غیر المسجلین الوصول إلى بما فی ذلک هذا العام العدید من من الحجاج إلى مکة من الحج أکثر من من غیر
إقرأ أيضاً:
بدر بانون:غادرت الأهلي لأجد راحتي .. وتركت أموالا كثيرة
يرى بدر بانون، مدافع قطر القطري، أن بعض المدربين المشرفين على الأندية المغربية، يفرضون سلطتهم على الجميع، مؤكدا على ضرورة تقسيم المهام بين جميع المسؤولين داخل الفرق الوطنية للظهور بصورة أفضل.
وقال بانون خلال حضوره ضيفا في بودكاست "الزاوية" عبر موقع "البطولة" المغربية: "عندما تتأخر عن موعد الحصة التدريبية في الأهلي، يقوم النادي بخصم مبلغ معين من مستحقاتك كعقاب لك، وفي المغرب لا نجد مثل هذه القوانين الصارمة".
وواصل: "'حْتّى يواصل الفريق مثل الرجاء لنِصف نهائي دوري أبطال أفريقيا، عَادْ تسمع وجود طائرة خاصة'. ليس هناك تقسيم المهام، بعدما نجد المدير الرياضي للنادي، يقوم بجميع الأدوار من خلال جلب انتدابات جديدة، والتدخل في أمور لا تعنيه".
وأوضح: "في مصر يتم إيصال أفكار الجمهور للمدرب، وفي المغرب يقوم المدرب بفرض سلطته على الجميع، 'ولاّ يقول أنَا نْجيبْ اللّي بغيتْ، ولاّ مَاتجرِيشْ عْلِيا حتّى نْكمل عَام مع الفريق'".
وأكمل بانون في حديثه بالقول: "تخليت عن مبالغ كبيرة رفقة الأهلي المصري، لأجد راحتي لأن راحتي لا تسوى أي ثمن. إذا شعرت أنني لم أحترم في مكان ما فإنني أغادر".