أعترف أننى أجد صعوبة فى فهم بعض الأشياء، لطالما اعتقدت أنه عندما تصف نفسك بأنك وطنى، فهذا يعنى أنك تحب هذا البلد فى داخلك، ولطالما اعتقدت أن هذا الحب يجب أن يكون أقوى من أى توجه سياسى يختلف عن توجه رئيس الدولة الحالى. لطالما طبقت دائمًا هذه القاعدة على نفسى: «إن فرنسا دائمًا حرة ومستقلة».
عندما قمت بالخدمة فى سن ١٨، كان ذلك تحت رئاسة فرانسوا ميتران الذى لم يكن بصراحة هو الشخص المفضل لى ولكن لم أكن قد فعلت ذلك من أجله بل كان ذلك من أجل خدمة فرنسا وقد فعلت ذلك وفقًا للأوامر القانونية والشرعية لرئيس منتخب بالاقتراع العام.

 
وعندما تركت الخدمة الفعلية، كان الرئيس قد تغير وقد أصبح الرئيس هو جاك شيراك، الذى لم يكن أيضا هو الشخص المفضل لى.. جاك العظيم، لقد أطعته أيضًا وكان ذلك طبيعيًا فقد كان هو القائد المنتخب ديمقراطيًا للجيوش.


ولم أتفق مع أى من السياسات الداخلية لأى منهما ولم يكن لدى نفس الرؤية تجاه أوروبا مثلهما ولكن فى كل مرة تتعرض فيها مصالح فرنسا للتهديد أو أن الدفاع عن قيمها كان على المحك، لم يخطر ببالى مطلقًا أن أضع معارضتى السياسية فى الميزان وأن أبتهج بالضربات التى يتم توجيهها لبلدى بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل أعدائها أو معارضيها.
ومنذ عام ٢٠٠٠ ومنذ عودتى إلى الحياة المدنية، قررت الانخراط من أجل قضية بلدى بطريقة مختلفة.. دخلت السياسة إلى جانب تييرى شوفات داخل فرنسا ولم تتغير أفكارى: أن أخدم فرنسا والشعب الفرنسى بمبادئ وقيم لن أتراجع عنها. لكن أن أرى بلدى يتعرض للهجوم، وأن أرى قيمه أيضا مهددة، فهنا بلدى ستأتى أولًا وليس الأفكار السياسية التى أومن بها مهما كانت عادلة أو مهما أدافع عنها.
وسواء كان ذلك على أرض الوطن مع تلك الاعتداءات البغيضة التى أدمت قلوبنا أو كانت دولية سواء فى قتال جنودنا أو فى الاعتداء على مصالحنا الثقافية والاقتصادية وعلى الرغم من السياسات البغيضة المتبعة من قبل الرئيسين ساركوزى وهولاند، فقد بقيت إلى جانب فرنسا والفرنسيين.


منذ عام ٢٠١٧ ومع انتخاب إيمانويل ماكرون، لم تتغير أفكارى السياسية. أنا مازلت بونابرتيًا ولا أخفى هذا الأمر وراء أى مسمى. أعتنق هذه الفكرة المؤكدة عن فرنسا والتى تجعلنى معارضًا للرئيس الحالى الذى يقوم على الصعيدين الوطنى والدولى بتفكيك أمتنا الجميلة. أثبتت سياسته «فى نفس الوقت» أنها كارثية على كل من الوحدة الوطنية والتأثير الدولى.
أزمة السترات الصفراء… إدارة أزمة الكورونا وإصلاح المعاشات وغزو أوكرانيا والسياسات الأفريقية والسياسات الأوروبية والفرانكوفونية.. هناك العديد من النقاط التى تجعلنى أعارض إيمانويل ماكرون. ومع ذلك وعلى عكس الآخرين الذين فى كثير من الأحيان يصفون أنفسهم بأنهم وطنيون، فأنا لا أبتهج عندما تتعرض فرنسا للإذلال أو السخرية أوالهجوم المباشر أو غير المباشر من قبل أعدائها أوخصومها وحتى حلفائها فى الوقت الحالى. 


وفى الحقيقة، كراهيتى للسياسة الرئاسية لا تجعلنى من المعجبين بفلاديمير بوتين أو من المعجبين بالانقلابيين فى الساحل أو من أتباع ترامب أو حتى من المعجبين بالليبراليين الجدد المحافظين فى بعض البلدان الأوروبية. على سبيل المثال، خلال قضية بولانسكى، قال الكثيرون إنه يجب فصل «شخصية الرجل» عن «شخصية الفنان».
إن الأمر ينطبق أيضا على بلدنا فيجب أن نفصل فرنسا عن رئيسها ولكن عندما يتعرض الرئيس للهجوم، فعليك أن تكون قادرًا على توحيد الصفوف للدفاع عنه.. هذا ما فعله كبار السن فى عام ١٩١٤ وهذا ما فعله كل أعضاء فرنسا الحرة منذ عام ١٩٤٠. وبمجرد زوال الخطر، لا شيء يمنعنا من استئناف القتال السياسى والتحضير للانتخابات المقبلة والتى آمل أن تكون مفيدة لبلدنا وتمكنها من إعادة الارتباط بسياسة حقيقية ذات سيادة كاملة ونفوذ دولى.
معلومات عن الكاتب: 
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يطرح رؤيته لمفهوم «الوطنية» وما اعتراه من سلبيات فى فرنسا حسبما يعتقد.

 

 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فرنسا رئيس الدولة کان ذلک

إقرأ أيضاً:

النائب هاني العسال: حديث الرئيس للإعلاميين اتسم بالمصارحة والشفافية

أكد المهندس هاني العسال، عضو مجلس الشيوخ، أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه مع رجال الصحافة والإعلام ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، حمل قدر كبير من المصارحة والشفافية التى تحرص عليها القيادة السياسية لاسيما في ظل التحديات التى تواجه الوطن، على الصعيد الاقتصادي والسياسي، فقد جاءت كلمات الرئيس لتكشف حجم العقبات أمام الدولة المصرية وتوضح حجم الجهد المبذول في تحقيق نهضة اقتصادية برغم المؤشرات العالمية التي تعرقل مسار التنمية في أكبر النظم المالية، لافتاً إلى أن مصر نجحت في المضي قدما لتنفيذ خطتها الاقتصادية بعدما أطلقت حزمة من الإصلاحات الهيكلية التي تسهم في سرعة تعافي الاقتصاد الوطني.

مقترح برلماني لـ "التعليم" بتعديل سن القبول في المدارس الحكومية برلماني: العالم يثمن رؤية مصر في جولة الرئيس السيسى الأوروبية

وأضاف "العسال"، أن حديث الرئيس السيسي أكد عن حجم صعوبات الفترة الماضية التى مرت بها البلاد، من خلال العقبات الاقتصادية التى تمثلت في زيادة معدلات التضخم وجهود الدولة في كبح جماحه من خلال عدد كبير من السياسات النقدية التي ساهمت في تحقيق قدر كبير من التوزان بعد تحرير سعر الصرف، والذى كان بداية الطريق نحو الإصلاح الاقتصادي الحقيقي وتهيئة مناخ إيجابي للمستثمرين، مشيراً إلى أن هذه الخطوات الجادة التى نفذتها الدولة انعكست في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري، فقد رفعت وكالة فيتش التصنيف الائتمانى لمصر للمرة الأولى من 2019، فى مؤشر إيجابى لتحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى عقب إجراءات 6 مارس الإصلاحية وتوحيد سعر الصرف.

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن الاصلاحات الاقتصادية ساهمت في دعم المسار الهبوطي للتضخم، بعدما توقعت وكالة فيتش وصندوق النقد الدولي بأن تتخذ معدلات التضخم مسار هبوطي خلال الربع الأول من العام 2025، فهناك تراجع حدث بالفعل في أكتوبر للشهر الثاني على التوالي، مسجلًا 24.4% نزولًا من مستوى 25% في سبتمبر، وهو ما يدعم توجه التضخم العام نحو الهبوط خلال الربع الأول من العام المقبل، مؤكداً على أن حديث الرئيس تناول ملف الصناعة واستعرض خلاله ما تم على مدار الفترة الماضية من طفرة حقيقية في هذا القطاع الذى يمثل دفعة قوية لتعافي الاقتصاد الوطني، حيث تعكف الدولة على توطين الصناعات الثقيلة والصغيرة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة.

وأوضح المهندس هاني العسال، أن حديث الرئيس السيسي كشف أيضا أن الدولة المصرية قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات، وجاءت كلماته صادقة عندما أكد أن هناك مازالت بعض السلبيات التي تسعى الدولة لتداركها بكل إخلاص، وإصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصية أمام أي معتدي، مشيراً إلى أن تعافي الاقتصاد المصري لن يحدث في وقت قياسي، بينما سيكون نتيجة جني تلك الجهود التي تبذل في كل قطاع بمفرده، وهذا ما تنفذه الدولة بخطوات واضحة ودقيقة وسريعة في ذات الوقت لتحقيق إصلاحات في قطاعات عدة كالسياحة من خلال فتح الاستثمارات لكبرى الشركات للاستثمار في الساحل الشمالي وغيره من المناطق الجاذبة، فضلا عن التيسيرات والتسهيلات الممنوحة للمستثمرين لمنح السوق المصري أفضلية عن الأسواق المنافسة.

 

مقالات مشابهة

  • منير أديب يكتب: هيئة تحرير الشام وطالبان.. أوجه متشابهة بين الانفراد بالسلطة واضطهاد الأقليات
  • برلماني: رسائل طمأنة من الرئيس السيسى للمواطنين عن الاقتصاد وسيادة الدولة
  • النائب هاني العسال: حديث الرئيس للإعلاميين اتسم بالمصارحة والشفافية
  • لتعزيز الهوية الوطنية.."شتاء صندوق الوطن" ينطلق غداً بمشاركة المدارس
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: دولة وشعب وقيادة ومؤسسات وطنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: " ينقصنا إدارة المواهب " !!
  • ماجد صفوت يكتب: رسائل إلى الله «1»
  • كريم وزيرى يكتب: حكايات القوادم.. عندما كتبت كوكب الشرق مقالًا عن الحب
  • الفارس الألماني ديفيد ويل بطلًا للجائزة الكبرى في “قفز السعودية”
  • الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ أحمد حسين خضران