تسابق المبادرات.. محاولات حقيقية أم قطع الطريق أمام أي دور مصري للحل في السودان
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
ما بين جنيف والقاهرة وأديس أبابا ولندن تتزاحم الدعوات أمام القوى السياسية والمجتمع المدني في السودان، خلال يوليو القادم، بحثاً عن تسوية للأزمة السياسية والحرب التي دخلت عامها الثاني دون أن يلوح في الأفق حل لها، فهل يحاول أصحاب هذه المبادرات نزع فتيل الأزمة ووقف الحرب في السودان، أم أنهم يتسابقون لتحقيق أهداف سياسية تخص كل طرف منهم ؟
صراع المبادرات
الملاحظ في كل هذه الدعوات أنها جاءت بعد الدعوة المصرية، والتي تتشابه معها في نفس الأجندة ونفس المدعويين، ما أثار التساؤلات حول الهدف من إعلان هذه الدعوات، وهل هناك تنسيق مع مصر، أم أنها محاولات لسحب البساط من الدور المصري وإفشاله في السودان، وما هي مصلحة هذه الجهات سواءٌ الأوروبية أو الأفريقية في محاصرة الدور المصري في السودان، كما فعلت في السابق قبل الحرب، وهل هذا كله يصب في صالح حل الأزمة، أم أنه صراع خفي لتعقيد الأزمةو تحجيم أي دور حقيقي في حلها.
لا يجوز التسابق
الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكدت أنه لا يوجد حاجة لكل هذه الموائد بعد خبرة 14 شهراً من الحرب في السودان. وقالت الطويل لـ “المحقق” إن ما توصلنا إليه بعد هذه المدة من الحرب هو أطراف العملية السياسية وطبيعتها، كما توصلنا إلى قناعة أنه يجب التنسيق، مضيفة لا يجوز أن تتسابق هذه المبادرات مع القاهرة، ولا يجوز أن تضع أمامها المتاريس لتعطيلها.
وتابعت الطويل: إذا كانت هناك إرادة حقيقية للحل يجب التوافق على مبادرة واحدة والتنسيق معها، مشيرة إلى مبادرة الإتحاد الأفريقي ورئاسة موسيفيني للجنة لحل الأزمة، لافتة إلى أن التفكير في نشر قوات أفريقية في السودان عبر هذه اللجنة، سيعمل على تسهيل إدراج السودان تحت البند السابع في الأمم المتحدة، مؤكدة أنه إذا تمت هذه الخطوة سوف تعمل على توسيع الصراع في السودان، مذكرة بالتدخل الفرنسي في مالي، والأثيوبي في الصومال، والأمم المتحدة في دارفور من قبل، وقالت إن ذلك سيفتح الباب أمام الجماعات الجهادية التي تبلور خطاباً متطرفاً يكون منصة من منصات المنظمات المتطرفة، ورأت الطويل أن فرص نجاح المبادرة المصرية معقولة، مبررة ذلك بوجود إدراك سوداني الآن بأن الحل في القاهرة، وكذلك التفكير في إنهاء الحرب، إضافة إلى حجم السودانيين الكبير في مصر، وأيضا حجم المصالح المصرية غير المضرة في السودان، مؤكدة على تلاقي المصالح الاستراتيجية للبلدين.
مصر الأفضل
القيادي البارز بالحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية “مبارك أردول” رحب من جانبه بكل الجهود التي لا تضر بالأزمة، والتي لا تنحاز لطرف من أطرافها وتزيد من اشتعال الحرب في البلاد. وقال أردول لـ “المحقق” لدينا شكوك ومخاوف من دور الإتحاد الأفريقي، خاصة مع وجود دول فيه تدعم مليشيا الدعم السريع، مشيرا إلى الدور السابق للإتحاد قبل الحرب في الآلية الثلاثية والتي رعت الاتفاق الإطاري، مضيفاً: لكننا نعول على المبادرة المصرية، لأن القاهرة موقفها ثابت من الطريقة الإنتقائية في الحوار، وأنها تسعى لحوار شامل، مشدداً على ضرورة أن تكون كل الجهود موحدة، حتى لا تضيع الجهود الحقيقية، وقال نريد دوراً لدول الجوار التي تتضرر من الأزمة وعلى رأسها مصر، والتي لها مصلحة في إنهاء الحرب بشكل عادل.
وتابع أردول: ولذلك نركز على الدعوة المصرية، ونلبي دعوات الآخرين حتى لا يقال إننا ضد السلام، ولكننا نذهب لنقول رؤيتنا، وأضاف “نطمئن للدور المصري، ونرى أنه هو الأقرب للأزمة”، وأن الحلول عبرها ستكون واضحة، مبيناً أن الخلافات تكمن في الإنتقائية واختيار الأطراف والموضوعات، ولذلك من الأفضل أن تتقدم مصر الجهود الأممية، مشيرا إلى شكوك الحكومة السودانية تجاه الإتحاد الأفريقي، وقال على الإتحاد الأفريقي طمأنة الحكومة من خلال مسألة رفع تجميد العضوية ومعالجة هذا الأمر.
تشويش كبير
من جانبه أكد الدكتور “التجاني سيسي” رئيس تحالف الحراك الوطني السوداني أن رأيهم واضح في مسألة تعدد المبادرات. وقال سيسي لـ ” المحقق” إن تعدد المبادرات يخلق تشويشاً كبيراً عند القوى السياسية، وأنه يعقد من الحلول ويبطؤها، مشيراً إلى دعوة الإتحاد الأفريقي، والمبادرات الأوروبية في جنيف وفي نيروبي والنمسا ومناطق أخرى بجانب المبادرة المصرية، وقال إن كل هذه المبادرات تبحث في قضية واحدة، وينبغي توحيد هذه المبادرات، مضيفاً أن المبادرة المصرية دعت لمؤتمر سوداني سوداني، بخلاف الاتحاد الأفريقي الذي دعا إلى مايشبه ورشة لتحديد نقاط الإختلاف والتوافق حول المرتكزات والأجندة التي يمكن أن تؤسس لعقد الحوار السوداني السوداني، موضحا أن الدعوة المصرية تختلف، وأنها دعوة شاملة لكل القوى السياسية.
وأضاف سيسي: نحن من أوائل القوى التي رحبت بهذه الدعوة، ورأينا أن تكثر القاهرة من المشاورات بين القوى والكتل السياسية حول بعض القضايا التي يمكن أن تؤسس إلى نجاح المؤتمر السوداني السوداني.
إرباك للجهود
واعتبر “عثمان ميرغني” رئيس تحرير صحيفة التيار أن هناك تقاطعاً بين هذه الدعوات والمبادرة المصرية. وقال ميرغني لـ ” المحقق” إن دعوة الإتحاد الأفريقي متقاربة مع الدعوة المصرية في الهدف ونفس المشاركين بما فيها دعوة الإسلاميين في المبادرتين، مضيفا أنها مصحوبة أيضا بقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، وكذلك اللجنة التي يرأسها موسيفيني للقاء البرهان وحميدتي، معربا عن اعتقاده بأن هذا ارباك لجهود الوساطة، وأنه يعطي الفرصة للجيش والدعم السريع للعب على كل الحبال، ورأى أن هذه الدعوات تقطع الطريق على القاهرة حتى لا تكون على خط الأزمة السودانية.
وأشار ميرغني إلى إن هذه الدعوات لا تريد إعطاء فرصة للقاهرة في الحل، خصوصا وأن القاهرة تتمتع بعلاقات جيدة مع كل القوى السياسية المختلفة، موضحا أن دعوة الإتحاد الأفريقي ستكون على جولتين، الأولى في الأسبوع الثاني من يوليو، وأن الثانية لم تحدد بعد، متوقعا عدم نجاح الإتحاد الأفريقي، وقال أما المبادرة المصرية فما زالت ملامحها غير واضحة، وأن ما يظهر منها حتى الآن هو ترحيب المشاركين بها فقط، أما أجندتها وخارطة الطريقة فيها لم تعلن بعد، منبها إلى ضرورة إجراء القاهرة لمشاورات أولية مع القوى السياسية أولا والخروج برؤية موحدة في المؤتمر.
لن تقطع
أما الكاتب والمحلل السياسي السوداني “فائز السليك” فرأى من جانبه أن التسابق حول مبادرات حل الأزمة السودانية لن يحل المشكلة. وقال السليك لـ ” المحقق” يجب أن نركز على الحل السوداني السوداني، أو الحل الحقيقي وأن يكون بيد السودانيين أنفسهم، مستدركا في الوقت نفسه، ولكن هذا لا يمنع أي مجهود أو مبادرة أو محاولة إقليمية، مضيفاً أن المبادرة المصرية استبقت كل هذه الدعوات، ولكن حتى الآن لم تتضح أجندة هذا الحوار، معلنا دعمه للمبادرة المصرية بشرط أن تبعد “المؤتمر الوطني وفلوله” على اعتبار أنهم جزء من الأزمة، وقال إن مصر لديها مصلحة حقيقية لوقف الحرب في السودان، لأنها أكثر الدول المتضررة من هذه الحرب، ولذلك من الطبيعي أن تطرح مصر مثل هذه المبادرة.
وتابع السليك، أن الإتحاد الأفريقي سبق وأن طرح مبادرة قبل عام لحل الأزمة ودعا إلى لقاء بين البرهان وحميدتي، ولكن اللقاء فشل ، مشدداً على تضافر كل هذه الجهود والذهاب إلى جدة لوقف إطلاق النار، وقال إن الحوار بين السياسيين مهم، ولابد أن يأتي متزامنا أو بعد وقف إطلاق النار، ولذلك يجب أن نبدأ بوقف إطلاق النار أولا، مستبعدا أن تقطع هذه الدعوات الطريق على القاهرة في حل الأزمة السودانية، ودعا القاهرة إلى ضرورة إجراء حوارات استباقية مع القوى السياسية المختلفة، والوقوف على رغبة كل الأطراف قبل عقد المؤتمر حتى تتمكن من انجاحه والخروج منه بحل للأزمة.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المبادرة المصریة الإتحاد الأفریقی القوى السیاسیة الدعوة المصریة هذه المبادرات هذه الدعوات فی السودان حل الأزمة الحرب فی کل هذه
إقرأ أيضاً:
لكسر الجمود.. مقترح مصري بهدنة شهرين وإطلاق سراح الرهائن وبدء المفاوضات لإنهاء الحرب في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قدمت مصر لإسرائيل وحماس مقترحات جديدة لكسر الجمود بشأن مستقبل وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك هدنة لمدة 60 يوما، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى المسلحين وبدء المفاوضات بشأن إنهاء الحرب.
ونقلت صحيفة ذا ناشيونال الناطقة باللغة الإنجليزية، عن مصادر مطلعة أن رد حماس الأولي كان "مشجّعاً"، وأضافوا أن المسؤولين الإسرائيليين يدرسون المقترحات. وأعلنت إسرائيل أنها سترسل وفداً إلى قطر غدًا الاثنين "في محاولة لدفع المفاوضات" بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
وقال أحد المصادر: "إن المقترحات تمثل خريطة طريق جديدة تم الاتفاق على نقاطها الرئيسية مع الأميركيين. وهي تهدف إلى الخروج من المأزق الذي نعيشه منذ الأول من مارس/آذار، عندما انتهى وقف إطلاق النار في غزة".
وقالت المصادر: إن المقترحات نوقشت في القاهرة خلال نهاية الأسبوع من قبل الوسطاء المصريين وكبار مسؤولي حماس محمد درويش وخليل الحية وزاهر جبارين.
وقال المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع، إن هناك "إشارات إيجابية" في أحدث محادثات أجرتها الحركة مع الوسطاء.
وقالت المصادر، إنه بموجب المقترحات المصرية، ستبدأ حماس الهدنة التي تستمر شهرين بإطلاق سراح عشرة رهائن أحياء، بما في ذلك كل أو بعض الأميركيين الخمسة الذين يعتقد أن الحركة تحتجزهم في غزة.
وأضافت المصادر أنه من غير المرجح إطلاق سراح العشرة دفعة واحدة. ويعتقد أن حماس تحتجز 24 رهينة على قيد الحياة وجثث 35 آخرين، وفقا للجيش الإسرائيلي.
وبحسب المقترحات، فإن إسرائيل ملزمة بالإفراج عن عدد غير محدد من الفلسطينيين المعتقلين في سجونها مقابل الإفراج عن الرهائن. وقالت المصادر إن من المفترض أن يشمل ذلك بعض أبرز السجناء في الدفعة الأولى.
وتتضمن المقترحات أيضا إلغاء القرار الإسرائيلي الذي اتخذ الأسبوع الماضي بوقف دخول المساعدات الإنسانية والوقود والخيام والكرافانات إلى غزة.
وقالت المصادر إن المقترحات تنص على بدء المفاوضات بشأن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ووقف إطلاق النار الدائم الذي ينهي رسميا الحرب في القطاع.
لقد أدى وقف إطلاق النار الذي استمر 42 يوما في غزة والذي دخل حيز التنفيذ في 19 ينايرإلى توقف الحرب في غزة بعد 15 شهرا من القتال وأدى إلى إطلاق سراح 33 رهينة ــ 25 منهم على قيد الحياة وبقايا ثمانية آخرين ــ كانت حماس تحتجزهم، في مقابل نحو 2000 فلسطيني محتجزين في إسرائيل. وكجزء من اتفاق توسط فيه وسطاء أميركيون ومصريون وقطريون، كان من المفترض أن تبدأ إسرائيل وحماس المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق في أوائل فبراير، لكنهما لم تفعلا ذلك قط.
وبدلاً من ذلك، عرضت إسرائيل تمديد المرحلة الأولى حتى منتصف إبريل، وضغطت على حماس لإطلاق سراح نصف الرهائن المتبقين في مقابل وعد بالتفاوض على هدنة دائمة. ورفضت حماس العرض، وأصرت على الانتقال إلى المفاوضات بشأن المرحلة الثانية.