ألكسندر عون يكتب: الشيخ الرئيس.. اضطر إلى الهروب عندما تم الإطاحة بالسلطة المركزية
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
اسمه أبوعلى الحسين بن عبدالله بن سينا يتميز بالعديد من المهارات وتعود شهرته الى عبقريته المبكرة من طبيب إلى فيلسوف، ومن عالم رياضيات إلى عالم فلك، يدين بشهرته إلى عبقريته المبكرة. ;هو أحد جواهر «العصر الذهبى» للإسلام. شهدت هذه الفترة المثمرة ولادة هياج فكرى وثقافى مزج بين العبادة الإسلامية والمساهمة الفلسفية.
ومع ذلك، فإن الأرثوذكسية المتعنتة للقوى المركزية وجهت إليه اللوم على أعماله المتعلقة بالمزج بين العقل والفكر اليونانى والتوحيد. إن الاطلاع على العمل الفلسفى لابن سينا يسمح بدراسة العصور الوسطى الشرقية التى هى معبرا بين التأثيرات الهلينو- مسيحية من ناحية والتأثيرات العربية الفارسية والإسلامية من ناحية أخرى.
عالم بارز
ولد ابن سينا فى بلاد فارس عام ٩٨٠ فى خراسان. ينتمى إلى عائلة من كبار موظفى الخدمة المدنية القريبة من السلطة المركزية فى ذلك الوقت. منذ سن مبكرة، سعى والده إلى تعليمه تعليما جيدا سافر للدراسة فى بخارى وهى حاضرة غنية وقوية حيث كان المثقفون والعلماء يتقربون الى بلاط الأمراء.
حفظ القرآن فى سن العاشرة وتعرّف على الأدب العربى والفلسفة والحروف اليونانية فى سن مبكرة. تعرف على الطقوس الشيعية وتردد على الأوساط الدينية الإسماعيلية واستفاد منها كثيرًا لثقافته الدينية.
كرس ابن سينا كل شبابه لتعلم الفقه والرياضيات وهندسة إقليدس والمنطق كما استكمل ابن سينا دراساته الطبية وهو فى السادسة عشرة من عمره.. حصل على رضا النبلاء بسبب علاجه أمير بخارى. وعين طبيبًا فى القصر، مما أتاح له تولى المكتبة الملكية المهيبة وقد كان هذا المنصب مخصصًا للمسيحى لتجنب أى اشتباه فى الخيانة أوقتل الأمير الحاكم وكان شغوفًا بالفلسفة فقد اطلع على ميتافيزيقيا أرسطو ذلك النص كان سيقرأه أكثر من ٤٠ مرة لاستيعابه لولا أطروحة الفيلسوف الفارسى الفارابى. اضطر ابن سينا إلى الفرار والهروب عندما تم الإطاحة بالسلطة المركزية. وهكذا تحولت حياته الى التجوال حول بحر آرال وبلاد فارس. سُجن عدة مرات لكنه تمكن من الفرار قبل أن ينهى حياته فى أصفهان (إيران الآن). أصبح وزيرًا هناك وكرس نفسه لتعلم وتعليم العلوم والفلسفة وكانت هذه هى الفترة الأكثر غزارة فى حياته.
تجاوزت سمعته وعبقريته حدود بلاد فارس. جاء الطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامى لاتباع تعاليمه. توفى عام ١٠٣٧ عن عمر يناهز ٥٧ عامًا بسبب مرض فى الجهاز الهضمى اثناء حملة عسكرية فى همدان شمال بلاد فارس.
لا يزال ضريحه أثرًا يحج اليه المريدون فى القرن الحادى والعشرين. يتكون من ١٢ عمودًا ترمز إلى العلوم الاثنى عشر لابن سينا.ولا تزال العديد من الدول الإسلامية حتى اليوم مثل تركيا وأوزبكستان وأفغانستان وإيران تطالب بإرثه.
عمله الطب
أصبح ابن سينا الشاب طبيبًا وهو فى السادسة عشرة من عمره. استوعب جميع العلوم المعروفة فى عصره مما أكسبه شهرة كبيرة كطبيب للشرق فى العصور الوسطى.
لا شك أن انجاز ابن سينا يمثل تاريخ الطب. فقد ترجم أعمال جالينوس وأبقراط وقام بمراقبة جسد الإنسان بدقة من خلال التشريح. سعى الطبيب الشاب إلى تجاوز النظريات من خلال تفضيل التجريب. قام بوضع أبحاثه فى كتاب القانون فى الطب وقسمًه إلى ٥ كتب مدعما بمقدمة منهجية. أخذ ابن سينا فى سرد وتنظيم منطقه ونتائجه بطريقة صارمة. تأتى خصوصية هذا العمل فى انه كتب باللغة العربية النثرية والأدبية.
فى هذا العمل الشهير الذى أكسبه لقب «أبو الطب الحديث» يتناول ابن سينا العديد من الأمراض. اعتمد بعضها على ملاحظاته والبعض الآخر على النتائج التى توصل إليها. على سبيل المثال فى طب العيون اهتم بالدراسة الدقيقة لعضلات العين. كانت هذ ا التخصص حظى بشعبية كبيرة فى ذلك الوقت بسبب البحث المكثف فى البصريات والضوء.
كما وصف ابن سينا الدور المركزى للقلب فى الدورة الدموية. هو رائد فى الطب الوقائى بشكل خاص سلط الضوء على دورغياب النظافة فى انتشار أمراض معينة (دور الجرذان فى الطاعون، العدوى أثناء مرض السل، إلخ). سرد ابن سينا فى الكتاب الرابع من مجموعته جميع الأدوية المعروفة فى عصره كما قدم المشورة وكتب قصيدة طبية (Urdjuza fi Tibb)، موجهة للأمراء لتحسين إدارة الصحة العامة.
ابن سينا هو أيضًا من أوائل الأطباء الذين اهتموا بالأمراض النفسية وتعرفوا على الآثار المفيدة للموسيقى ورأى أن بعض الأمراض الجسدية تنطلق من أسباب نفسية استنادا إلى ملاحظة عدم انتظام ضربات القلب والجوع واستنتج أن الحب والحزن لهما تأثير مباشر على الاضطرابات النفسية لدى الشخص.
تُرجم القانون فى الطب إلى اللاتينية خلال فترة الحروب الصليبية بعد قرن من وضعه وظل كتابه مرجعا حتى القرن السابع عشر. ودرس فى كليات الطب خاصة كليات لوفان ومونبلييه ذلك أن مساهمته فى الطب مساهمة استثنائية.
عمله الفلسفى
بعد تكريس جزء من حياته لدراسة العلوم ركز ابن سينا على فهم نصوص الفلاسفة اليونانيين القدامى ولا سيما أرسطو. فى ذلك الوقت شهد الشرق طفرة ثقافية فى الأدب والعلم والعلوم الفلسفية والحكمة. شهدت هذه الفترة أيضًا ولادة المحاكاة بين الفارسية والعربية والتى كان ابن سينا هو الفاعل الرئيسى فيها. لغته العامية هى الفارسية لكنه يكتب معظم نصوصه باللغة العربية الأدبية.
ومن خلال الاهتمام بالنصوص القديمة قام ابن سينا بتعديل المحتوى من خلال دمج العامل الدينى. لذلك جمع ابن سينا بين العقل والدين وهما مفهومان يبدو أنهما متناقضان. بعد دراسة ميتافيزيقيا أرسطو، كتب مجموعة هائلة فى الفلسفة الشرقية عبارة عن ٢٨٠٠٠ إجابة على العديد من الأسئلة. ولسوء الحظ اختفى هذا العمل أثناء نهب مدينة أصفهان عام ١٠٣٤.
وتميز فلسفته بين الجوهروبين الوجود وترى فى الله أنه «الكائن الضرورى» لتنمية الذكاء البشرى. وهكذا وفقًا لمفهومه الفلسفى، فإن الجوهر الإلهى هو أصل كل شيء وبالتالى الوجود البشرى. فالذكاء الإلهى مبدع وبهذه الطريقة ربط بن سينا بين الفلسفة اليونانية والتوحيد. أثرت كتاباته على المفكرين الغربيين مثل ألبرت العظيم وتوما الأكوينى. وحسب رأيه يمكن للعقل أن يغذى الإيمان وهذان العنصران ليسا متعارضين. ومع ذلك فإن أعماله حول دور العقل اصطدمت بتعنت المتشددين المسلمين. ذلك أن الفلسفة والثقافة بمعناها الواسع تثير ريبة الفقهاء والأصوليين.
وتناول ابن سينا مفاهيم فلسفة أرسطو السياسية حيث نظر إلى الإنسان على أنه حيوان سياسى. فمن وجهة نظره العقل هو الإنجاز الأسمى للإنسان. إنه يأتى من الجوهر الإلهى لذا يجب تنميته. يقع عمله الفلسفى على مفترق الطريق بين الفكر الشرقى والفكر الغربى. بفضل تأملاته تعرف العالم العربى فى العصور الوسطى على الفلسفة القديمة ودرسها.
جسد ابن سينا «العصر الذهبى» للإسلام من خلال قدرته على الاطلاع وانفتاحه العالمى. وساهم تفكيره الفلسفى ومعرفته بالطب فى نقل التراث الغنى للعديد من الأماكن والمناطق.. لذلك أطلق عليه معاصروه «الشيخ الرئيس» أو (أمير العلماء).
معلومات عن الكاتب:
ألكسندر عون صحفى فرنسى من أصل لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يرسم لنا صورة بانورامية لمسيرة حياة الشيخ الرئيس ابن سينا وإنجازاته العلمية التى استفادت منها البشرية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العصر الذهبي من خلال فى الطب
إقرأ أيضاً:
«الصحة» تستعرض أحدث التقنيات المعملية في المؤتمر السنوي للمعامل المركزية
أطلقت وزارة الصحة والسكان، اليوم السبت، النسخة السادسة من المؤتمر العلمي السنوي للمعامل المركزية، والذي يعقد على مدار يومين، بمشاركة نخبة من الخبراء لمناقشة أحدث التطورات الصحية وتبادل الخبرات العلمية، تحت شعار « نهج الصحة الواحدة».
واستهل الدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة والسكان، كلمته خلال افتتاح المؤتمر، بتوجيه الشكر للدكتور خالد عبد الغفار، على رعايته للمؤتمر، ولكافة العاملين بقطاع الطب الوقائي، والكوادر البشرية العاملة بالمعامل المركزية، لجهودهم المبذولة لإنجاح المنظومة الصحية.
وقال نائب وزير الصحة، إن الإدارة المركزية للمعامل تعتبر مرجعية أولى في التحاليل الطبية والبيئية، مشيدًا بحصولها على اعتمادات دولية وتنفيذها لتحاليل معتمدة دوليًا، منها تحاليل كورونا والفيروسات الكبدية والمشاركة في المبادرات الوطنية مثل تشخيص سرطان الثدي، مستعرضا آخر تطورات التنفيذ بالمبنى الجديد للمعامل المركزية في مدينة بدر، والذي يأتي إنشاءه في إطار تحقيق رؤية «مصر 2030».
وأضاف الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن نائب الوزير أكد ضرورة التعاون بين المؤسسات الصحية والبحثية للاستجابة للتحديات الصحية، مع التركيز على الابتكار وتبني التكنولوجيا الحديثة لتعزيز النظام الصحي في مصر، بما يساهم في تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات لتحقيق صحة شاملة ومستدامة، عبر دمج صحة الإنسان، والحيوان، والبيئة.
وأوضح المتحدث الرسمي للوزارة، أن نائب الوزير نوه خلال كلمته إلى التحاليل الطبية الجديدة التي تم استحداثها في المعامل المركزية بوزارة الصحة والسكان، والمتمثلة في الفحوصات المتعلقة بنواقل الأمراض، بما يتماشى مع التوجهات العالمية، وفقا للمتغيرات الجديدة والتي تتطلب التسلح بأحداث وسائل التكنولوجيا الحديثة، مؤكداً حرص الوزارة على رفع كفاءة العمل بالقطاع الصحي، وذلك من خلال برامج التدريب المتطورة التي تشمل الكوادر الطبية والإدارية بالمعامل في جميع محافظات الجمهورية.
من جانبها، قالت الدكتورة نانسي الجندي رئيس الإدارة المركزية للمعامل ورئيس المؤتمر، إن المؤتمر في نسخته السادسة تحت شعار « نهج الصحة الواحدة» يعتبر تطبيق عملي لرؤية الجمهورية الجديدة ورؤية «مصر 2030» مشيرة إلى جهود الدولة المصرية في تطوير منظومة المعامل المركزية من خلال مجمع المعامل المركزية بمدينة بدر، والذي سيحدث نقلة نوعية في مجال التحاليل، ويعزز استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات المعملية.
وفي كلمتها، استعرضت الدكتورة نانسي، نبذة عن ماتم إنجازه في المعامل المركزية، حيث تضمن العرض الهيكل التنظيمي لإدارة المعامل المركزية، ومنظومة الربط الإلكتروني بمعامل المحافظات، وميكنة التراخيص المعملية، ومنظومة الدفع الإلكتروني.
وأشارت الدكتورة نانسي الجندي، إلى أن المؤتمر يتضمن 7 جلسات علمية نقاشية على مدار يومين، تشمل مجالات (الأغذية، والمياه، والفيروسات، والبيئة، والذكاء الاصطناعي) موضحة أن أهم محاور المؤتمر هذا العام هو ترسيخ مفهوم الصحة الواحدة لـ«الإنسان، والحيوان، والنبات، والبيئة».