توسع مجازر الدعم السريع.. ضعف في السيطرة أم عملية ممنهجة؟
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الخرطوم- تصاعدت معدلات المجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق مدنيين في مناطق مختلفة بولايات الجزيرة والخرطوم وسنار، كما أقدمت على تصفية أسرى في إقليم كردفان.
وعزت مجموعات حقوقية وناشطون في المجال الإنساني هذه الانتهاكات إلى عدم سيطرة القوات على عناصرها، والتوسع في نهب ممتلكات المواطنين، وإرهاب من يحاولون التصدي لها وتهجيرهم من ديارهم.
وفي أحدث مجزرة، قالت غرفة طوارئ شرق النيل في شرق الخرطوم إن قوات الدعم السريع اقتحمت أول أمس الأحد منطقة كترانج من 3 محاور ونهبت القرية بكاملها وقتلت 8 مواطنين بدم بارد واستخدمت القناصة، مما أدى إلى نزوح أغلبية سكان المنطقة.
وقال مرصد شرق النيل لحقوق الإنسان إن قوات الدعم السريع ارتكبت السبت "انتهاكات جسيمة" بحق سكان ضاحية عد بابكر في محلية شرق النيل شرقي الخرطوم أسفرت عن مقتل 9 مدنيين وفقدان 7 آخرين، فضلا عن اختطاف بعض الشباب.
وأفاد تقرير للمرصد بأن قوات الدعم السريع استباحت أحياء عد بابكر منذ أيام الأربعاء والخميس والجمعة الماضية مرتكبة جرائم شملت القتل والاختطاف والنهب تحت تهديد السلاح، مع مطالبة الأهالي بإخلاء المنطقة.
وفي ولاية الجزيرة بوسط السودان قُتل 17 شخصا وأصيب عشرات آخرون يوم الجمعة الماضي إثر هجوم نفذته قوات الدعم السريع على بلدة عسير، حيث ارتكبت مجزرة بحق السكان أثناء خروجهم من المسجد عقب تأديتهم صلاة الجمعة، حسب ما ذكرت لجان المقاومة في ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وشهدت القرية موجة نزوح كبيرة ونهبا لممتلكات المواطنين ومنازلهم.
كما تعرضت مدينة الهدى بمحلية المناقل في ولاية الجزيرة في 18 يونيو/حزيران الجاري إلى هجوم من قبل قوات الدعم السريع بالمركبات القتالية والدراجات النارية أدى إلى مقتل 13 مواطنا وإصابة العشرات.
وفي ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة قالت لجنة أهالي منطقة الشيخ السماني إن قوات الدعم السريع ارتكبت في 14 يونيو/حزيران الجاري مجزرة أدت إلى مقتل 24 مدنيا جراء القصف بالمدفعية الثقيلة وهجوم بالطيران المسير على القرية الواقعة شرق سنار، حيث كان بين القتلى نازحون من ود مدني.
وفي 6 يونيو/حزيران الجاري هاجمت قوات الدعم السريع بلدة ود النورة التابعة لمحلية 24 القرشي، مما تسبب في مقتل أكثر من 100 شخص، وأثارت الحادثة ردود أفعال غاضبة وإدانات من قبل قوى سياسية وحركات مسلحة وأطراف دولية دعت لإجراء تحقيق ومحاسبة المتورطين في الواقعة.
وفي أم درمان شمالي الخرطوم قالت "تنسيقية لجان مقاومة كرري" في بيان إن قوات الدعم السريع قصفت بالمدفعية في 7 يونيو/حزيران الحالي منازل عدة في محلية كرري، مما أدى إلى سقوط 40 قتيلا وأكثر من 50 جريحا.
شجب ونفيمن جهتها، شجبت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك الانتهاكات المريعة التي نفذتها قوات الدعم السريع ضد المواطنين في منطقة عد بابكر شرقي الخرطوم وفي قرية عسير بولاية الجزيرة.
واعتبرت "تقدم" في بيان لها أول أمس السبت أن "الاعتداءات والهجمات المتكررة التي ما زالت تشنها الدعم السريع على القرى وكل ما يصاحبها من قتل واعتقالات وترويع ونهب وتشريد تعد إمعانا في انتهاك حق حماية المدنيين في النزاعات، والذي تكفله كل المعاهدات وقوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية".
في المقابل، نفت قوات الدعم السريع أن تكون قد استهدفت أي مدنيين في قرى ولاية الجزيرة، واعتبرت أن "مستنفرين مع الجيش" حملوا السلاح وهددوا قواتها، وباتوا هدفا مشروعا لأنهم لم يعودوا مدنيين.
وأضافت أن "ما جرى تداوله من قتل عشرات المدنيين وسلب ممتلكاتهم ما هو إلا افتراء من صنع عناصر النظام القديم واستخبارات الجيش لتشويه صورتها"، وأن من ارتكبوا مخالفات من قواتها بحق المدنيين تجري محاسبتهم.
فقدان السيطرةبدوره، قال مبارك أردول القيادي في قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية في تغريدة على موقع "إكس" إن قوات الدعم قامت بتصفية 40 من أبناء جبال النوبة الذين يعملون بالخدمة المدنية في مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان عقب استيلائهم على المدينة الخميس الماضي، ونشر عناصر من القوات فيديو يظهر تصفية أسرى عسكريين ومدنيين بعد ساعات من سيطرة القوات على المدينة.
من جهته، تبرأ الجيش السوداني أول أمس الأحد من مقطع فيديو أظهر جنودا بعضهم يرتدي زي القوات المسلحة وهم يقومون بتصفية أشخاص يرجح تبعيتهم لقوات الدعم السريع التي ندد متحدثها الرسمي بالحادثة، واتهم الجيش بالتورط في عملية التصفية.
وقال بيان أصدره المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله إن "هذه الممارسات لا يمكن أن تصدر من أفراد القوات المسلحة التي تلتزم طوال تاريخها بالقانون الدولي الإنساني".
واتهم عبد الله قوات الدعم السريع بتنفيذ عملية تصفية أسرى مدينة الفولة وتدمير محطة الخرطوم بحري الحرارية لتوليد الكهرباء، معتبرا أنها تمثل "نموذجا لنهجها الإرهابي المعهود في حق البلاد ومواطنيها".
وفي حديثها للجزيرة نت قالت رحاب مبارك عضوة اللجنة التنفيذية لهيئة محامي الطوارئ -التي ترصد انتهاكات الحرب في السودان- إن قوات الدعم السريع أعدمت 44 شخصا في مدينة الفولة الخميس الماضي، أغلبيتهم من الجيش والحركات المسلحة، وإنها تحقق في فيديو منتشر في مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه تصفية عناصر بأم درمان.
وتوضح المتحدثة ذاتها أن المعلومات الموثقة لديهم تفيد بأن قوات الدعم السريع طلبت من مواطني منطقة عسير مغادرتها، وفتحت النار عليهم ونهبت ممتلكاتهم، كما نهبت من نزحوا منهم، ومن رفض تسليم ما لديه أطلقت عليه النار، مما أدى إلى سقوط 17 قتيلا.
وترى الحقوقية أن قوات الدعم السريع فقدت السيطرة على قواتها في ولاية الجزيرة، وصارت تمارس القتل ونهب المحاصيل والتنكيل بسكان القرى، وعدّت ممارستها مخالفة للقانون الدولي الإنساني، كما اتهمت الجيش بارتكاب انتهاكات في بعض المناطق بالخرطوم والجزيرة.
بدوره، يعتقد الخبير الأمني صلاح عبد الفاضل أن قوات الدعم السريع تقوم بعمليات قتل واسعة في ولاية الجزيرة لإرهاب المواطنين الذين يحاولون التصدي لها -خاصة الذين يملكون أسلحة- بهدف منع مقاومة وجودها، وتنهب ممتلكات المواطنين ومحاصيلهم لأنها لا تدفع للمنتسبين إليها والمتعاونين معها أجورهم.
وحسب حديث الخبير للجزيرة نت، فإن قوات الدعم السريع باتت تعاني من ضعف القيادة والسيطرة وغيابها في بعض المناطق، حيث يتصرف قادة ميدانيون بطريقة منفردة، وليست لديهم حساسية أو وازع بشأن قتل المدنيين، كما أن القتل والنهب جزء من عقيدتهم القتالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إن قوات الدعم السریع أن قوات الدعم السریع فی ولایة الجزیرة یونیو حزیران أدى إلى
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024