التقى رئيس هيئة الأركان "الإسرائيلي" قبل حوالي أسبوع مع خمسة من قادة الجيوش العربية، في البحرين، بحضور رئيس القوات الأمريكية المشتركة في الشرق الأوسط، بحسب تقرير لموقع آكسيوس الأمريكي. وكان هدف اللقاء هو بحث خيارات إدارة الوضع في غزة بعد انتهاء الحرب، والتي ترى واشنطن أن أحدها هو دخول قوات عربية للقطاع.

 

إن هذا الخيار، محكوم بالفشل، لعدة أسباب، كما أنه ليس سوى مثال جديد على تخبط الولايات المتحدة وأوهامها عن المنطقة.  

بين الشعوب العربية وحكوماتها 
عقد هذا اللقاء بشكل سري، بحسب الموقع الأمريكي، وشارك فيه قادة من خمس دول عربية هي مصر، السعودية، الإمارات، الأردن والبحرين. ولعل عدم الإعلان عن هذا اللقاء ينطلق من كون مثل هذا التعاون المنشود بين جيوش عربية ودولة الاحتلال، هو سياسة لا تحظى بشعبية في جميع العالم العربي. فقد أظهرت استطلاعات رأي جديدة في عدد من الدول العربية أن الغالبية العظمى (حوالي 89٪) يرفضون الاعتراف بدولة الاحتلال أو التطبيع معها. كما أن 92٪ من العرب يعتقدون، حسب هذه الاستطلاعات، أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية وليست فلسطينية فحسب. وفي استطلاعات أخرى، رأت الغالبية العظمى من الشعوب العربية أن الولايات المتحدة منحازة لدولة الاحتلال في عدوانها على الشعب الفلسطيني، وأن هذا الانحياز سيكون له تأثير سلبي على مصالحها في المنطقة. 


إن هذه الاستطلاعات لا تظهر فقط الهوة الكبيرة بين الشعوب العربية وأنظمتها تجاه القضية الفلسطينية، ولكنها تظهر أيضا فشل السياسة الأمريكية في المنطقة، لأنها لا تدرك أو تراعي هذه الهوة. لقد كان إهمال الولايات المتحدة لمواقف وتطلعات الشعوب العربية وتركيزها على مصالحها مع الأنظمة سببا في فشل سياساتها في المنطقة العربية، كما كان دافعا رئيسيا في مشاعر العداء تجاهها لدى غالبية الشعوب العربية، وسيكون أيضا سببا في فشل خططها الحالية للتعامل مع قطاع غزة. 

ستفشل محاولات أمريكا إدارة قطاع غزة بعد الحرب عبر قوات عربية، لأن الفصائل الفلسطينية سترفض أي وجود لقوات غير فلسطينية.دعمت واشنطن منذ عقود طويلة أنظمة حكم غير ديمقراطية في المنطقة العربية، وظنت بأنها تحقق مصالحها من خلال هذا الدعم، باعتبار أن الأنظمة تستطيع تسيير علاقاتها مع واشنطن وفق مصالح الأخيرة دون الالتفات للاحتجاجات الشعبية ضد هذه السياسة، ولكن التاريخ أثبت أن هذا لم يحقق مصالح الولايات المتحدة، ولا ساعد في استقرار المنطقة. إن محاولاتها الجديدة لإقناع دول عربية بإدخال قواتها لقطاع غزة سيصل إلى نفس النتيجة التي حصلت عليها خلال العقود الماضية، حيث سيزيد من العداء تجاهها في المنطقة، وسيضعف الاستقرار، لأنه سيعمل الفجوة بين الشعوب العربية وبين أنظمتها إذا استجابت للمساعي الأمريكية. 

تجاهل الشعب الفلسطيني 
ستفشل محاولات أمريكا إدارة قطاع غزة بعد الحرب عبر قوات عربية، لأن الفصائل الفلسطينية سترفض أي وجود لقوات غير فلسطينية دون اتفاق معها، وقد أصدرت حماس والجهاد الإسلامي وفصائل أخرى بيانات قالت فيها إنها ستعتبر أي وجود عسكري في غزة بمثابة قوة احتلال.  

لقد تجاهلت واشنطن لعقود طويلة حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وتعاملت سياستها الخارجية المتمركزة حول مصالح الاحتلال الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني وكأنه غير موجود أصلا. ولكن هذه السياسية المبنية على تجاهل الشعب الفلسطيني لم تحقق أهداف الولايات المتحدة، فلا هي ضمنت أمن "إسرائيل"، ولا أنهت الصراع، ولا أوقفت الشعب الفلسطيني عن النضال لأجل حريته وحقوقه. 

وإذا ضغطت واشنطن على الدول العربية لإدخال قواتها لحكم غزة فإنها ستحصد نفس الفشل الذي حصلت عليه خلال العقود الماضية، لأن مثل هذا الخيار سيؤدي إلى إشعال الصراع بصورة أكبر، ولن يمنح الاحتلال أو المنطقة ككل فرصة للهدوء والاستقرار. 

إنهاء حماس 
تدرك الدول العربية أن إرسال قواتها إلى غزة دون اتفاق مع الفلسطينيين سيكون خطأ قاتلا، ولهذا فقد رفضته علنا وبشكل واضح كل من مصر والأردن والإمارات، بل إن الأخيرة أصدرت بيانا شديد اللهجة هاجمت فيه نتنياهو الذي قال في تصريحات صحفية إن أبو ظبي مستعدة للتعاون مع تل أبيب في إدارة غزة بعد الحرب. 

على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لن تستطيع تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، ولا خططها فيما يتعلق بالعدوان الجاري على غزة.وقالت دول عربية معنية بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي في أكثر من مناسبة إنها لن تتعاون في إدارة غزة بعد الحرب، إلا إذا كان هذا ضمن حل سياسي شامل، مبني على حل الدولتين. وبحسب محللين غربيين و"إسرائيليين"، فإن السلطة الفلسطينية أو الدول العربية لا يمكن أن تلعب دورا في حكم غزة إذا لم يتم القضاء على حركة حماس. وبعد أكثر من ثمانية أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن مسؤولين أمريكيين وصهاينة وخبراء من كافة أنحاء العالم أعلنوا بشكل واضح أن من المستحيل تحقيق هدف "القضاء على حماس" الذي رفعه نتنياهو منذ بداية الحرب. 

ومن جهة أخرى، فقد بات واضحا أيضا أن واشنطن لا تريد ولا تستطيع فرض حل سياسي على نتنياهو وفق "حل الدولتين".  

إن فشل جيش الاحتلال بالقضاء على حماس، وفشل واشنطن في تحقيق حل سياسي شامل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يجعلان من شبه المستحيل دخول قوات عربية لإدارة الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب. 

على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لن تستطيع تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، ولا خططها فيما يتعلق بالعدوان الجاري على غزة، دون الأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني، ودون مراعاة تطلعات الشعوب العربية ومواقفهم تجاه فلسطين. إذا لم تنته واشنطن من أوهامها حول التحكم بالمنطقة دون مراعاة مصالح شعوبها، فسيكون حليفها الفشل، بدون شك! 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة واشنطن الفلسطينية حماس فلسطين حماس غزة واشنطن مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی الشعوب العربیة الدول العربیة غزة بعد الحرب فی المنطقة قوات عربیة

إقرأ أيضاً:

القيادة المركزية الأمريكية تقتل زعيم داعش في سوريا

نفذت قوات القيادة المركزية الأمريكية غارة جوية دقيقة استهدفت زعيم داعش أبو يوسف المعروف باسم محمود في محافظة دير الزور بسوريا، أمس الخميس، ما أسفر عن مقتل اثنين من عناصر داعش، بما في ذلك أبو يوسف.

وقالت القيادة المركزية في بيان، إن هذه الغارة الجوية هي جزء من التزامها، جنبًا إلى جنب مع الشركاء في المنطقة، لتعطيل وتدهور جهود الإرهابيين للتخطيط وتنظيم وتنفيذ هجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.

وبحسب البيان، تم تنفيذ هذه الضربة في منطقة كانت خاضعة سابقًا لسيطرة النظام السوري والروس.

وأضاف البيان: "كما ذكرنا من قبل، فإن الولايات المتحدة - بالعمل مع الحلفاء والشركاء في المنطقة - لن تسمح لداعش باستغلال الوضع الحالي في سوريا وإعادة تشكيله. لدى داعش نية لتحرير أكثر من 8000 عميل لهم محتجزين حاليًا في منشآت سورية".

وقال الجنرال مايكل إريك كوريللا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: "سنستهدف بقوة هؤلاء القادة والنشطاء، بما في ذلك أولئك الذين يحاولون تنفيذ عمليات خارج سوريا".

مقالات مشابهة

  • بلمهدي يستقبل سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية
  • ترامب يهدد باستعادة قناة بنما تحت السيطرة الأمريكية
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • لماذا زاد البنتاغون عدد القوات الأمريكية في سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • لماذا زادت البنتاغون عدد القوات الأمريكية في سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • وكيل «عربية النواب»: دعم الأمم المتحدة للحق الفلسطيني يُزيد من عزلة إسرائيل دوليا
  • ماذا دار في أول لقاء رسمي بين الولايات المتحدة والشرع؟
  • القيادة المركزية الأمريكية تقتل زعيم داعش في سوريا
  • العمل الوطني الفلسطيني: يجب الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات لغزة
  • بعد 5 سنوات من رصده.. الولايات المتحدة تعلن القضاء على "الدبور القاتل"