توشكى.. رهان الحاضر.. وحلم المستقبل
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
لم تكن تلك هى المرة الأولى التى أسافر فيها إلى توشكى، سافرت قبل ذلك مع نهاية التسعينيات، كان الحلم لا يزال يراود الكثيرين بعد أن أقنع د.الجنزوري الرئيس مبارك بأهمية وجدوى هذا المشروع.
تعرض المشروع لحملات عديدة، شككت فى جدواه، ومنذ هذا الوقت أغلق الملف.
مضت الأيام، ظل الفشل هو عنوان الحديث عن توشكى، حتى جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى، قرأ التقارير التى كلف بها الخبراء والمختصين، وكان القرار: إسناد المشروع إلى القوات المسلحة، وتوفير الإمكانيات اللازمة لاستغلال مساحات الأراضى الشاسعة فى توشكى.
فى عام 2017 كانت المساحة المنزرعة لا تزيد على 400 فدان فقط، وصلت الآن إلى أكثر من 480 ألف فدان أو يزيد قليلا، وأصبح المستهدف خلال العام الحالي، زراعة نحو 150 ألف فدان لتصل المساحة من 600-650 ألف فدان.
يوم الأحد الماضى وجهت إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة دعوة إلى عدد من الصحفيين والإعلاميين وبعض رموز المجتمع المدنى لزيارة جديدة إلى توشكى الخير، كانت تلك هى الزيارة التى ننتظرها منذ فترة من الوقت لمعرفة تطورات المشروع الذى افتتحه الرئيس السيسى - مشروع محطات رفع المياه العملاقة - بالفيديو كونفرانس فى 25 مايو الماضى.
هبطت بنا الطائرة فى مطار أبوسنبل ومن هناك مضينا إلى أرض المشروع المتوغل فى قلب الصحراء، حيث يقع جنوب أسوان بحوالى 225 كم، ويقع على مساحة 485 ألف فدان.
تحدث اللواء توفيق سامي رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، حكى فصولا من الملحمة التى صُنعت بعرق الرجال وجهدهم، قال: منذ ان وجه السيد رئيس الجمهورية بإعادة إحياء هذا المشروع فى عام 2014، ونحن نسعى بكل ما نملك لإنجاز المراحل المتعددة وصولا إلى تحقيق الهدف، وقال أيضًا: إن السيد الرئيس يتابع المشروع أولا بأول وقد وفر كافة الإماكنيات المطلوبة لإنجازه فى أسرع وقت ممكن.
كان الهدف منذ البداية التغلب على الفجوة الغذائية بزيادة الرقعة الزراعية بحوالى 500 ألف فدان، تصل إلى مليون فدان فى فترة زمنية محددة.
مضينا برفقة المسئول الأول عن المشروع، نتجول فى المناطق الزراعية المختلفة، تحت درجة حرارة مرتفعة للغاية، كان العاملون المدنيون الذين يبلغ عددهم نحو أربعة آلاف شخص يتابعون الزراعات المختلفة، لقد تابعنا أشجار النخيل، حيث يوجد فى توشكى الخير أكبر مزرعة تمور فى الشرق الأوسط من حيث عدد النخيل وأجود أنواع التمور، أقيمت المزرعة على مساحة 38 ألف فدان وتضم 2.5 مليون نخلة، لتدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كواحدة من أكبر المزارع حول العالم.
كانت «الباصات» تمضى بنا متوغلة فى الصحراء التى تحولت إلى رقعة زراعية مزدهرة، وكانت كلمات اللواء توفيق سامي رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، حول العقبات التى اعترضت المشروع منذ البداية محل تأمل، كان التحدي الأول وصول مياه النيل إلى أراضي ذات منسوب أعلى، وكان التحدي الثاني هو التربة شديدة الملوحة غير حائط من الجرانيت بطول 9 كم وعرض 20 مترًا.
لقد قال لنا اللواء توفيق سامي: إنه تم استخدام حوالي 8 آلاف طن من المفرقعات للتغلب على الحائط الجرانيتي وإجراء أعمال التسوية وإنشاء الترع والطرق الرئيسية، حيث كان جبل الجرانيت هو العائق أمام ترعة زايد الممتدة بطول 50 كم مربع، من بحيرة ناصر فى السد العالى إلى مشروع توشكى، وقد تم تشغيل محطتي الرفع الأولى والثانية اللتان تنقلان المياه إلى أراضي توشكى، وذلك بإجمالى طاقة 11.300 مليون متر مكعب.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم تنفيذ 1500 طريق بإجمالي 1608 كم متر مربع، كما سيتم ربط مشروع توشكى الخير بشبكة القطار الكهربائي السريع، مما يدعم مشاريع عملية النقل اللوجستية، وتنفيذ تسويات لـ1403 قطع أراضي للري بمساحة 140 ألف فدان وشق الترع بإجمالي 135 كم مربع، وبإجمالي كميات حفر تساوي 40 مليون متر مكعب بالإضافة إلى 109 أعمال صناعية.
تجولنا فى حقول المانجو والعنب وتلك المساحات الشاسعة من القمح والتى بلغت 310 ألف فدان تم زراعتها فى الفترة الماضية بهدف البدء فى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.
لقد وضعت الشركة المنفذة للمشروع قضية التصنيع الزراعي بإنشاء مصانع ألواح الأخشاب بطاقة إنتاجية 400 م مكعب يوميًا كمرحلة أولى وكذلك مصنع لتغليف وتعبئة التمور.
بعد جولة استمرت عدة ساعات اصطحبنا فيها اللواء توفيق سامي وعدد من ضباط الشئون المعنوية عايشنا الحقيقة على أرض الواقع، هنا تُصنع حضارة مصر الجديدة من الجنوب، ومن هذه المناطق الوعرة يعود الأمل من جديد فى السعي الدؤوب للمضي في طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية لسد الفجوة القائمة ووقف الاستيراد من الخارج.
هذا المشروع العملاق كلف الدولة حتى الآن أكثر من 600 مليار جنيه، هذا واحد من المشروعات العملاقة التي تمضي قدمًا إلى الأمام جنبًا إلى جنب مع مشروع مستقبل مصر الذى تبلغ مساحته نحو مليون وخمسين ألف فدان، وقس على ذلك.
من حقنا أن نفخر وأن ندرك أن نظرة القيادة إلى المستقبل باتت هى الأساس والعنوان، وأن من يسعى إلى تأمين حياة ومستقبل الأجيال القادمة ينظر إلى الأمام ولا يبحث عن شعبية قد تستمر لبعض الوقت، لكن هذا النهج قد يقود إلى كارثة حقيقية وعجز عن مواجهة التحديات، ومن بينها تحدي الزيادة السكانية والأفواه المفتوحة، فقط يمكن القول أن سكان مصر قد زادوا منذ 2011 وحتى الآن بما يتجاوز 25 مليونًا من السكان.
هل أدركتم الآن، لماذا تُصرف المليارات على المشروعات ذات الطابع الاستراتيجي، من البنية التحتية إلى سد الفجوة الغذائية.. وهلم جرا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: اللواء توفیق سامی ألف فدان
إقرأ أيضاً:
باستثمارات 700 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة "أمونت" لطاقة الرياح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
توجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال جولته اليوم برأس غارب بمحافظة البحر الأحمر، يرافقه المهندس/ محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، لتفقد محطة أمونت لطاقة الرياح؛ لمتابعة معدلات تنفيذها، والوقوف على آخر مستجدات العمل بالمشروع، وذلك في إطار استراتيجية الدولة بتعظيم دور الطاقات الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة، ودعم القطاع الخاص والاعتماد عليه فى اقامة محطات التوليد من الشمس والرياح.
وتقوم شركة "إيميا باور" الإماراتية بتنفيذ المحطة، بالشراكة مع شركة "سوموتومو كوربوريشن" اليابانية، بقدرة 500 ميجاوات.
استثمارات محطة "أمونت" لطاقة الرياحوأكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن هناك تنسيقا دائما، وتعاونا بين مختلف الجهات الداعمة لخطة قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة واستراتيجية العمل للتحول الطاقي، موضحاً أنه يتم العمل على الإسراع في الخطوات التنفيذية للمشروعات الجاري تنفيذها في الفترة الحالية لزيادة القدرات المضافة من الطاقات المتجددة على الشبكة القومية للكهرباء.
خطة عاجلة لتحسين جودة واستقرار التغذية الكهربائية
وفي هذا السياق، أكد المهندس محمود عصمت أن القطاع الخاص يعد شريكا رئيسيا في مشروعات الطاقة المتجددة، وأن الوزارة تعمل على فتح المجال أمامه، كما أن هناك نماذج ناجحة في هذا المجال، من بينها التعاون مع مجموعة "النويس" الاماراتية، الذي يعكس الشراكات الاستراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص، مضيفا أن هناك خطة عاجلة لتحسين جودة واستقرار التغذية الكهربائية والاعتماد على الطاقات المتجددة وخفض انبعاثات الكربون وتنويع مصادر الطاقة وخفض استهلاك الوقود التقليدي، وذلك في إطار رؤية التنمية المستدامة للجمهورية الجديدة.
كما أوضح الوزير أن أنظمة تخزين الطاقة بواسطة البطاريات والتوسع فيها كنظام مستخدم في معظم شبكات الكهرباء التي تعتمد على الطاقات المتجددة حول العالم يستهدف تعظيم الاستفادة من الطاقة المولدة واستخدامها لتحقيق الاستقرار للشبكة الموحدة، خاصة في أوقات الذروة.
وخلال جولته بالمحطة، استمع رئيس مجلس الوزراء ومرافقوه لشرح تفصيليّ من المهندس/ عاشور موسى، مدير المشروع، أشار خلاله إلى أن التكلفة الاستثمارية للمشروع تبلغ نحو 700 مليون دولار، ومن المقرر الانتهاء منه خلال الشهر المقبل، أي قبل ثلاثة أشهر من موعد التشغيل التجاري التعاقدي المحدد في أغسطس 2025.
وأكد ممثلو شركة "إيميا باور" أن المشروع تم تنفيذه على مساحة 70 كيلو مترا مربعا، ومن المقرر بدء تشغيل جميع توربينات الرياح، البالغ عددها 77 توربينة، خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة؛ لتزويد الشبكة الوطنية بالطاقة.
تغطية احتياجات 750 ألف منزل
كما تعرف الدكتور مصطفى مدبولى على مراحل إنشاء المشروع، الذي يُعد من أبرز المشروعات التي يشهدها قطاع الطاقة المتجددة، ويستغرق إنشاؤه 30 شهرًا، حيث أكد مدير عام المشروع أن سعة المحطة الفرعية تبلغ 33/220 كيلوفولت، مما يعزز كفاءة نقل الطاقة المنتجة إلى الشبكة الوطنية وينتج هذا المشروع ما يقارب 2200 جيجاوات ساعة سنويًا، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات 750 ألف منزل، كما سيسهم في توفير 500 ألف طن متري من الوقود الأحفوري سنويًا، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1.1 مليون طن سنويًا، مما يعكس الأثر البيئي الإيجابي للمشروع.
كما تم التأكيد أن هذا المشروع يعد نموذجًا للتعاون الناجح في قطاع الطاقة النظيفة، ويعكس التزام مصر بتوسيع استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة، تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر٢٠٣٠، حيث يتوافق ذلك مع رؤية الحكومة المصرية في التحول نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة؛ إذ تعد "إيميا باور" داعماً استراتيجيًا لهذا التحول، بما تمتلكه من خبرات في أكثر من ٢٠ دولة عربية وأفريقية.
وكانت شركة إيميا باور ــ التابعة لمجموعة "النويس" للاستثمار ــ قد أعلنت في مارس الماضي وضع الجهد على محطة أمونت لطاقة الرياح، وذلك في إطار التشغيل التجريبي للمحطة؛ استعدادًا لربطها بالشبكة القومية.
تجدر الإشارة إلى أن محطة أمونت لطاقة الرياح تعد أحد مشروعات شركة "إيميا باور" للطاقة المتجددة في مصر، التي تتجاوز استثماراتها 2 مليار دولار، وتضم مشروعات: محطة أبيدوس 1 للطاقة الشمسية بأسوان (قدرة 500 ميجاوات و300 ميجاوات/ساعة نظام بطاريات تخزين الطاقة)، ومشروع أبيدوس 2 (قدرة 1 جيجاوات و600 ميجاوات/ساعة نظام بطاريات تخزين)، ومشروع أمونت لطاقة الرياح (قدرة 500 ميجاوات)، ومشروع محطة رياح رأس شقير (500 ميجاوات).