توضيح من الداخلية السعودية حول مخالفي الأنظمة في الحج
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الداخلية السعودية: شركات سياحية في بعض الدول غررت بحاملي تأشيرات الزيارة الداخلية السعودية: شركات سياحية غررت بحاملي تأشيرات الزيارة شجعتهم على مخالفة الأنظمة
قالت وزارة الداخلية السعودية، إن بعض الشركات السياحية في دول شقيقة استغلت حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها، ومنحتهم تأشيرات غير مخصصة للحج، وشجعتهم على مخالفة الأنظمة والبقاء في مكة المكرمة قبل الموسم بشهرين.
وأوضحت الداخلية السعودية، الاثنين، أن عدد الوفيات بين غير الحاصلين على تصاريح الحج بلغ نحو 1079 حالة، ما يعادل 83% من إجمالي الوفيات البالغ 1301 خلال موسم الحج.
اقرأ أيضاً : الخارجية: ارتفاع عدد الوفيات بين الحجاج الأردنيين إلى 99 حاجا
وأكدت الوزارة أن تصريح الحج ليس مجرد بطاقة عبور، بل هو أداة مهمة تسهل الوصول إلى الحجاج وتقديم الرعاية والخدمات المطلوبة لهم في الوقت المناسب. واعتبرت أن عدم وجود تصريح الحج يمثل تحدياً في الوصول إلى المخالفين وتقديم الخدمة أو الرعاية لهم.
وأشارت الداخلية السعودية إلى أن قوات أمن الحج في السعودية تعمل على ضبط مروجي الحملات الوهمية، وإحالتهم إلى النيابة العامة لتطبيق الأنظمة بحقهم. وأشادت بالإجراءات الصارمة التي اتخذتها بعض الدول الشقيقة تجاه تلك الشركات، والإجراءات التصحيحية التي اتبعتها لمنع تكرار المخالفات.
اقرأ أيضاً : بالفيديو.. الخارجية تكشف لـ”رؤيا” تفاصيل قضية الحجاج الأردنيين غير النظاميين
وفاة 99 حاجا أردنيامحلياً، أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ارتفاع عدد الوفيات بين الحجاج الأردنيين إلى 99 حاجاً. وأشارت إلى أنه يوجد 21 حاجاً أردنياً يرقدون على سرير الشفاء في مستشفيات مكة المكرمة، 16 منهم في حالة حرجة.
نحو مليوني حاجوأعلنت السعودية أن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام 1445هـ بلغ (1,833,164) حاجا، منهم (1,611,310) حجاج قدموا من خارج المملكة عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل (221,854) حاجا من المواطنين والمقيمين.
وبلغ عدد الحجاج الذكور (958,137) حاجا، بينما بلغ عدد الحاجات الإناث من (875,027) حاجةً.
وبحسب السلطات السعودية بلغت نسبة الحجاج القادمين من الدول العربية (22.3%)، أما حجاج الدول الآسيوية عدا الدول العربية فقد بلغت (63.3%)، بينما بلغت نسبة حُجاج الدول الأفريقية عدا الدول العربية (11.3%)، في حين بلغت نسبة حجاج دول أوروبا وأمريكا وأستراليا والدول الأخرى غير المصنفة (3.2%).
أما عن طُرق قدوم الحجاج من خارج المملكة، فقد وصل (1,546,345) حاجا عن طريق المنافذ الجوية، بينما وصل (60,251) حاجَّا عن طريق المنافذ البرية، فيما وصل عن طريق المنافذ البحرية (4,714) حاجا.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: السعودية الحج الحجاج الداخلية السعودية الداخلیة السعودیة
إقرأ أيضاً:
بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
إبراهيم برسي
في عالم تُمارَس فيه الهيمنة ليس فقط عبر العنف المباشر، بل من خلال تشكيل الوعي ذاته، يصبح السؤال الأساسي: كيف تُنتج الأنظمة القمعية الطاعة، ليس فقط كحالة مفروضة بالقوة، بل كشيء يُستبطن في النفوس؟
إن الطاغية لا يُولد، بل يُصنع، كما أن الجماهير لا تُقمع، بل تُروّض.
في فضاء الهيمنة، لا تُفرض السيطرة بالحديد والنار فحسب، بل عبر منظومة سرديات تتسلل إلى الوعي، تعيد تشكيل الإدراك، وتحكم تصور الذات في علاقتها بالسلطة. ليست المسألة، إذن، مجرد قمع مباشر، بل هندسة للخضوع، حيث لا يكتفي النظام بفرض الطاعة، بل يعمل على جعلها جزءًا من بنية التفكير، بحيث يبدو التمرد عبثًا، والخضوع ضرورة.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي لا يحتاج إلى سياط الجلاد كي يركع، بل يركع طوعًا، ويدافع عن قيوده باعتبارها أمانًا، ويرى في الطغيان قدرًا لا مفر منه.
هذه الصناعة لا تتم من فراغ، بل عبر منظومة متكاملة من الأدوات التي تعمل على قولبة الإنسان منذ طفولته. ومن بين هذه الأدوات يأتي الدين، حين يتحول من تجربة روحية إلى أداة ضبط تُعيد إنتاج الطاعة، وتقدمها كفضيلة مطلقة.
فالمواطن المُطيع ليس مجرد شخص يخضع لسلطة الأمر الواقع، بل هو كائن تم تشكيله بحيث لا يرى في نفسه سوى انعكاس لما يُملى عليه، عاجز عن التخيّل خارج حدود السرديات المفروضة عليه.
وليست هذه الحالة طبيعية، بل يتم إنتاجها عبر خطاب ديني يُقدّم الطاعة كمبدأ مطلق، حيث يُعاد تفسير النصوص الدينية لتُنتج إنسانًا خاضعًا، يرى في أي محاولة للخروج عن النظام القائم تمردًا على “الإرادة الإلهية”.
وهكذا، لا يعود الدين وسيلة للتحرر الروحي، بل يتحول إلى قيد يُكبّل الفرد، حيث يتم غرس فكرة أن “كل سلطة هي من عند الله”، وأن مواجهة الظلم قد تعني الوقوع في الفتنة، وكأن العبودية أكثر أمانًا من الحرية!
وليس هذا بالأمر الجديد؛ فقد دعمت الكنيسة الكاثوليكية طغيان الملوك بوصفهم “ظل الله على الأرض”، كما استُخدمت فتاوى الطاعة في بعض البلدان الإسلامية لترسيخ مقولة أن الحاكم لا يُسأل عما يفعل، مما جعل التمرد يبدو كفرًا، والخضوع ضربًا من التقوى.
وهكذا، يصبح الظلم مشيئة إلهية، ويُعاد تأويل الاستبداد كاختبار للصبر، لا كحالة يجب تفكيكها. وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في الطغيان مشيئة إلهية، وفي الفقر امتحانًا، وفي الجوع نعمة، وفي الحرية خطرًا على الاستقرار!
لكن الأمر لا يتوقف عند التوظيف الديني فقط، بل يمتد ليشمل بُعدًا نفسيًا أكثر تعقيدًا، حيث يصبح الطغيان ذاته مصدرًا للراحة.
يذكر إريك فروم، في كتابه الخوف من الحرية، أن كثيرين يهربون من الحرية، لا لأنهم يحبون الطغيان، بل لأن الحرية نفسها مخيفة؛ إنها مسؤولية، عبء ثقيل يتطلب قدرة على اتخاذ القرار ومواجهة العواقب.
وهكذا، يُصبح الفرد الذي يخضع باسم الدين ليس مجرد ضحية، بل شريكًا في استدامة النظام الذي يقهره. حينها، لا يحتاج النظام القمعي إلى استخدام العنف المفرط، فالجمهور نفسه يصبح حارسًا للقمع، يراقب نفسه بنفسه، ويفرض على الآخرين ذات القيود التي كُبّل بها.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يخاف من الحرية أكثر مما يخاف من سجّانه!
وبينما تعمل الأنظمة القمعية على تكييف الدين ليناسب أهدافها، فإن الرأسمالية تُكمل هذا الدور من زاوية أخرى، حيث لا تُشكّل فقط نظامًا اقتصاديًا، بل تتحول إلى ماكينة ضخمة لإنتاج الوعي المشوّه، وخلق إنسان يرى نفسه في حدود ما يستهلكه.
مارك فيشر، في كتابه الواقعية الرأسمالية، يشير إلى أن أحد أخطر أشكال الهيمنة هو جعل أي بديل غير قابل للتخيّل؛ حيث يُقدَّم النظام القائم وكأنه “الطبيعة الثانية”، وكأن أي محاولة للخروج منه ليست فقط مستحيلة، بل غير منطقية.
في هذه الحالة، يتحول الإنسان إلى مستهلك سلبي، لا يرى في نفسه سوى رقم في معادلة العرض والطلب، فاقدًا للقدرة على التفكير في ذاته كفاعل سياسي، وكشخص يمكن أن يُعيد تشكيل الواقع.
يُختزل وجوده إلى كونه ترسًا في ماكينة الإنتاج والاستهلاك، يقيس نجاحه بعدد الأشياء التي يمتلكها، لا بقدرته على التأثير في مجتمعه. وهكذا، يصبح التسوق شكلًا من أشكال الحرية الزائفة، ويتحول الدين إلى سلعة، والهوية إلى ماركة، والفكر إلى إعلان تجاري.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في التسوق حرية، وفي تراكم الديون طموحًا، وفي نجاحه الفردي تعويضًا عن فشل مجتمعه بأكمله!
ولأن هذه السيطرة لا يمكن أن تُترك للصدفة، فإن النظام يحتاج إلى آليات مؤسسية لترسيخها، وأبرزها التعليم والإعلام.
فمنذ الطفولة، يُقال للطفل: “الكبير لا يُناقش”، وحين يكبر، يتعلم أن “الحاكم لا يُسأل عما يفعل”. وهكذا، يتحول الخضوع إلى قيمة متوارثة، يُنقل من جيل إلى جيل، حتى يصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي نفسه.
أما الإعلام، فإنه لا يُعنى بإيصال الحقيقة، بل بإنتاج الحقيقة، أو بالأحرى، إنتاج نسخة واحدة منها، نسخة تخدم القائمين على السلطة.
يصبح الإعلام سلاحًا، لا لقمع المعارضين فحسب، بل لمنع إمكانية تخيّل عالم مختلف. يتحول إلى آلة دعائية تعمل على تطبيع الظلم، وإعادة إنتاجه في صورة قدر لا يُرد، أو “واقع لا يمكن تغييره”.
وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يستهلك الأخبار كما يستهلك البضائع، يصدق كل ما يُقال له، ويردد الخطاب الرسمي وكأنه وحي!
إن إدراك العطب هو الخطوة الأولى في مقاومته، إذ أن النظام لا يسقط عندما يشتد قمعه، بل عندما يُسائل الناس شرعيته.
وكما قال فرانز فانون: “كل جيل يجب أن يكتشف مهمته، إما أن ينجزها أو يخونها”.
غير أن المقاومة لا تبدأ فقط من التمرد المسلح أو المواجهة المباشرة، بل من تفكيك منظومة الهيمنة في الفكر والسلوك، من مساءلة الخطابات التي تجعل الطاعة تبدو طبيعية، من إعادة تعريف الممكن، من فهم أن ما يبدو ثابتًا ليس إلا توافقًا مؤقتًا بين القوة والخضوع.
إن أخطر ما في الهيمنة ليس فقط أنها تقمع، بل أنها تجعلنا نحب قيودنا، نخاف من فقدانها، نرى في الطاعة خلاصًا من قلق الحرية.
لكن “الماعز الأليف” ليس قدرًا محتومًا، بل خيار يمكن كسره، شرط أن نجرؤ على إعادة اختراع ذواتنا من جديد!
الوسومإبراهيم برسي إريك فروم الأنظمة القمعية الاستبداد الحرية الدين الرأسمالية الماعز الأليف