على خُطى قادة الفكر العربى.. دراسة علمية جزائرية حول المنهج التنويرى لـ«الفيلسوف الخشت»
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الرسالة: قدم رؤية جديدة عصرية للقرآن الكريم بوصفه كتابًا إلهيًا مقدسًا قابلًا للتأويل الجديد والمتجدد في كل العصور على خطى قادة الفكر العربي.
لأول مرة دراسة علمية بالجزائر عن الفيلسوف الدكتور محمد عثمان الخشت والنزعة التنويرية تناولت حياته وسيرته الذاتية ومؤلفاته ومنهجه وفلسفته ومفهومه الخاص للتنوير وأسبابه، وتجديد العقل، ودراسة نقده للتعصب سواء التعصب من التطرف العلماني الجذري أو التطرف الديني.
كما تناولت الدارسة تجديد الفكر الديني عند الخشت ومفهوم الدين ونشأته وتجديد الخطاب الديني، مؤكدة على أن د. الخشت موسوعي الثقافة يجمع بين التعمق في التراث الإسلامي والفكر الغربي وتتميز مؤلفاته بالجمع بين المنهج العقلي والخلفية الايمانية ولذلك أُطلق عليه "الفيلسوف الفقيه".
وأعدت الدراسة الباحثة الجزائرية سيرين بوسالم وتكونت لجنة المناقشة من أ.د. أحمد زيغمى مشرفًا، وأ.د. محمد الصديق بن غزالة مناقشًا، وأ. د. عمر بن رابح مناقشًا ورئيسًا، وذلك لنيل درجة الماجستر الأكاديمية بجامعة قاصدي مرباح الجزائرية، وتناولت الرسالة مؤلفات وفلسفة الدكتور الخشت، مشيرة إلى أن مؤلفاته تدرس في العديد من الجامعات وتعالج العديد من فروع العلم كأصول الدين والفقه ومقارنة الأديان وفلسفة الدين وعلم السياسة والمجتمع المدني وفلسفة المواطنة وغيرها من فروع العلم، وتكشف هذه المؤلفات عن غزارة علمه وإبداعه الموسوعي ومدى تعمقه الكبير في العلوم الإنسانية والشرعية، وتركيزه على الكيف وليس الكم، كما تعمل هذه المؤلفات على أن ترسى فهما جديدا ورؤية مستنيرة للعديد من القضايا والإشكاليات المعاصرة مستندة على منهج عقلاني ذي صبغة منطقية.
تنوع فكرى في اتجاهات عديدة
وأشارت الدراسة العلمية إلى أنه يمكن من خلال استقراء كتب الدكتور الخشت أن نحدد تنوعه الفكري فى اتجاهات عديدة حيث نجده فقهيا معتدلا وسياسيا مدنيا وإصلاحيا تنويريا ومنطقيا فائقا لديه بعد عقلي، وأصوليا عقيديا، وهذه الخصائص لا ينالها إلا الأقلون، حيث بُنى مذهبه الفكري على التعمق والبحث فى المواضيع والإشكاليات والقضايا غير المرتادة وهو ما صنع شخصية الدكتور الخشت كما نعرفه الآن، لا يهاب الولوج فى المناقشات والمناوشات السياسية، ولا يخشى مواجهة مدعى العصمة والمتحدثين باسم الدين، ونجح فى التعمق فى أغلب فروع الفلسفة - إن لم يكن كلها على الأغلب- فحمل على عاتقه مهمة إيقاظ العقول وتنويرها والابتعاد عن التقليد وتبنى الرأي الحر.
وأضافت: الدكتور الخشت نفض الغبار عن سواعدنا من خلال سعيه إلى تحقيق صحوة تنويرية تنتشل الأمة من واقعها المرير من خلال العمل على إصلاح عقلى نقدى تنويرى يشمل شتى الميادين الاجتماعية والسياسية والفقهية والفكرية، حيث رفض أن يكون مقلدا للفلاسفة الغربيين، إنما راح يدرس تراثهم وينقد ما وجب نقده ويشيد بما وجب الإشادة به، ولم ينقد الخشت الفلسفة الغربية نقدا ذاتيا تتدخل فيه عقيدته وانتماؤه العربي الإسلامي بل أنه أوضح رأيه الموضوعي في مختلف المسائل والإشكاليات بشكل موضوعي. ويظهر نقده للفلسفة الغربية في أعماله "أقنعة ديكارت" و"العقلانية والتعصب" و"المعقول واللامعقول في الأديان" و"العقل وما بعد الطبيعة".
ووصفت الدراسة فكر الدكتور الخشت بأنه تأسيس لمبادئ يحتكم إليها الدارسون، وهى التأسيس لاتجاه فقهى تنويري بغية القضاء على الجمود والتعصب والاستبداد بالرأي، مع مراعاة الظروف والمتغيرات التي طرأت على عصرنا والبحث عن حلول تمنع الناس من التخبط، بعد رؤية الواقع المرير للمسلمين.فكانت له دعوة تنويرية فلسفية فقهية إصلاحية، دعا فيها الخشت إلى التمسك بأركان الدين الحنيف، وميز بين الثوابت والمتغيرات واستند الخشت فى مواقفه الفكرية العقدية على العقل والدين، لأنهما الأساس الذى يستند إليه، ويظهر ذلك جليا من خلال أعماله: "تطور الأديان" و"مقارنة الأديان" و"مدخل إلى فلسفة الدين" و"الدين والميتافيزيقا فى فلسفة هيوم".
تأسيس خطاب دينى جديد
ورأت الدراسة أن دعوة الدكتور الخشت إلى تأسيس خطاب دينى جديد بدلا من تجديد الخطاب الدينى القديم، تعنى إخضاع علوم الدين البشرية، للفحص والنقد بمنهج عقلانى من خلال إعمال الإسلام النقى الصحيح الذى كان فى عهد الرسول (ص) وليس الإسلام الذى نعيشه اليوم الذى انتشرت فيه الجماعات الارهابية والتخلف الحضاري، ويرى أن المشكلة لا تكمن فى الإسلام وإنما فى عقول المسلمين فى فهم وتفسير الدين مما خلق جمودًا فقهيًا وفكريًا وأحدث اختلاطًا بين المقدس والبشري.
وتناولت الدراسة العلمية المناظرة الكبرى في الأزهر بين الدكتور الخشت رئيس جامعة القاهرة والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الاسلامى بسبب دعوة الخشت إلى ضرورة فحص التراث كون جانبًا منه يشكل عائقا أمام التقدم والتحضر، وضرورة صنع تراث جديد، من خلال كتابه "تأسيس عصر ديني جديد"، مشيرة الى أن الدكتور الخشت تحلى بالشجاعة والثبات الانفعالي وتمسك برأيه فى ضرورة تجديد علم أصول الدين بالعودة الى المنابع الصافية: القرآن الكريم وما صح يقينا فقط من السنة النبوية المطهرة، فالتجديد يقتضي تغيير طرق التفكير وتغيير رؤية العالم، ويجب أن يقوم التجديد على رؤية جديدة عصرية إلى القرآن الكريم بوصفه كتابا إلهيا مقدسا قابل للتأويل الجديد والمتجدد في كل العصور. لذا فهو يدعو إلى تطوير علوم الدين وليس إلى إحياء علوم الدين.
وخلصت الدراسة الى أن العقلانية النقدية تمثل الحجر الأساس التي قامت عليه فلسفة التنوير عند الدكتور محمد عثمان الخشت، وتؤكد أنه تمكن من بناء نسق عقلاني بامتياز، ونجح فى تفكيك البنية العقلية للفكر الإنساني الذى نشأ حول الدين، وفلسفته قائمة بشكل أساسي على النقد العقلاني الملتزم بمعايير المنطق والوصف العلمي والتحليل والنقد الفلسفي لمختلف إشكاليات عصر الحداثة وما بعدها، كما أن دعوته لتأسيس عصر ديني جديد تسعى إلى تصحيح التصورات الأسطورية والأفكار غير المنضبطة التي خلفها الخطاب الديني البشري التقليدي مع التأكيد على التصدي للتعصب سواء كان للدين أو للعلمانية والقضاء على أي شكل من أشكال التطرف الديني والعلماني، والتحذير من وقوع المجتمعات العربية الإسلامية في فخ التعصب.
جدير بالذكر، أن جامعة قاصدي مرباح تعد من جامعات القمة الثلاث بدولة الجزائر، ولها تصنيف متقدم فى التصنيفات العالمية، وحصلت على المرتبة الثانية وطنيا في التصنيف الاسباني الشهير webometrics والمرتبة ١٩٣ عالميا ضمن تصنيف شمل ٣٩٢٢ عام ٢٠٢٣، وتصدرت قائمة ترتيب الجامعات الجزائرية في المركز الأول لعامين على التوالي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التراث الإسلامي الجامعات الدكتور الخشت الدکتور الخشت من خلال
إقرأ أيضاً:
سبيك: منسوب الفكر الإرهابي في ارتفاع.. والتشكيك في تفكيك الخلايا تكتيك دعائي
قال الناطق الرسمي باسم مصالح الأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، المراقب العام بوبكر سبيك، إن منسوب اليقظة ينبغي أن يظل مرتفعا لتحييد وإجهاض المخططات الإرهابية التي تستهدف المغرب.
وأوضح سبيك، الاثنين بسلا، في ندوة صحافية نظمها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن التنظيمات والجماعات الإرهابية لا تشتغل وفق رزنامة زمنية معينة، بل تتحين الفرصة من أجل تنفيذ عملياتها في أي مكان.
وشدد على أن المغرب منخرط في التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات المستقاة من الأبحاث الميدانية التي تندرج في إطار التحذير والتوجيه مع العديد من الدول التي يمكن أن تستفيد من ذلك، لتحييد الخطر المحدق أو توسيع عمليات البحث ذات الصلة.
واعتبر المسؤول الأمني أن منسوب الفكر الإرهابي ارتفع خلال الآونة الأخيرة، مبرزا أن تنظيم « داعش » يعتمد أسلوب تصدير العمليات الإرهابية، على الخصوص، عبر إحداث وحدات خاصة بالعمليات الخارجية، لأنه يعتبر أن « الجهاد لا ينبغي أن يتقيد بأي حدود إلا بحدود الشريعة الإسلامية ».
وفي ما يتعلق بتفكيك خلية « أسود الخلافة في المغرب الأقصى »، أشار السيد سبيك إلى أنه يتم العمل على تحديد مساراتها وتقاطعاتها مع شبكات التهريب والإجرام المنظم، دون استبعاد أي فرضية يمكن أن تقود للإجابة على أسئلة البحث الجاري.
وحذر من التشكيك في عمليات تفكيك الجماعات الإرهابية، خاصة أن من أهداف المرتبطين بهذه الجماعات نشر الإشاعات وترويع المواطنين؛ وهو تكتيك متبع من خلال الترويج للخطاب الدعائي الإرهابي الذي يتبناه تنظيم « داعش » كعقيدة منهجية، لافتا إلى أن ذلك يبرز بشكل جلي في مضامين المنصات الإعلامية الرقمية التابعة له.
من جهة أخرى، نبه سبيك إلى أن العمل المنجز في إطار تفكيك هذه الخلية جرى لمدة ناهزت السنة، من خلال مجموعة من العمليات الميدانية والاستقرائية للمعطيات، بالنظر الى وجود تقاطعات متعددة، مضيفا أنه تم تنفيذ العمليات الميدانية المباشرة بشكل متزامن بتنسيق مع جميع المتدخلين الأمنيين، بغية تحييد هذا الخطر والحيلولة دون قيام عناصر الخلية بأعمال إرهابية.
وجوابا عن سؤال حول أهداف الخلايا الإرهابية، قال المسؤول الأمني إن المحجوزات دائما ما تعطي انطباعا أوليا عن الأسلوب الإجرامي الذي تتبعه الخلايا التي جرى تفكيكها، مشيرا إلى أن محجوزات الخلية الأخيرة تضمنت عبوات ناسفة موصولة بأجهزة التواصل عند بعد، مما ينذر بأنهم كانوا يشتغلون عن التفجير عن بعد.
وكشف أن هذه الخلية كانت تستهدف منشآت أمنية واقتصادية حساسة وموظفين مكلفين بإنفاذ القانون، فضلا عن أهداف متصلة بالمجال البيئي.
من جانب آخر، أوضح سبيك أن هذه الخلية الإرهابية تبنت هيكلة تنظيمية معقدة بإيعاز وتحريض وتكليف من القيادي البارز في « ولاية داعش بالساحل » المدعو عبد الرحمان الصحراوي، الذي يحمل جنسية ليبية، مسجلا أنها اعتمدت هيكلة هرمية، « إذ كان للمنسقين علاقة مباشرة بهذا القيادي، في حين لم يكن لباقي العناصر أي علاقة به ».
وأورد أن فريق المنسقين كان يتكلف بنقل وتمرير « التوجيهات الإرهابية » إلى فريق المنخرطين الذين يعهد لهم بتنفيذ العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى خلية داعمة بالإسناد مكلفة بالتمويل، وبالتالي « كنا أمام تخطيط استراتيجي من تنظيم داعش لوضع موطئ قدم له في بلاد المغرب الأقصى ».
وبالنسبة لاستعمال الأسلحة المحجوزة، أبرز السيد سبيك أن الخلية خططت في المرحلة الأولية للقيام بعمليات التفجير عن بعد، حيث كانت المحجوزات موصولة بالهواتف ومجهزة في انتظار الانتقال إلى التنفيذ المادي.
وفي ما يتعلق بالتداريب، ذكر أن البحث أظهر أن مجموعة من الموقوفين كانوا يتصفحون بعض المواقع الإلكترونية للبحث والتحري عن كيفية استعمال الأسلحة النارية.
من جهته، اعتبر مراقب عام للشرطة بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية، محمد نيفاوي، أن الجماعات الإرهابية تستفيد من الثغرات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي، وتعتمد مسارات التهريب عبر الحدود، لافتا إلى أن « المغرب يواجه هذا التحدي بكل احترافية ».
وأكد أن من بين التحديات التي تواجهها الأجهزة الأمنية المغربية الارتباط المقلق للتهديد الإرهابي بالتكنولوجيات الحديثة للتواصل، خاصة في ظل تكاثر عدد المنصات الدعائية الرسمية وغير الرسمية لتنظيمي القاعدة وداعش وفروعهما التنظيمية.
وأضاف أنه تبين، في هذا الإطار، أن لجوء المتطرفين لاستعمال شبكة الإنترنت أدى إلى ظهور جيل جديد من هذه الفئة، تلقى تدريبا افتراضيا وأضحى مستعدا للقيام بعدة مشاريع تخريبية، حيث إنه تم منذ سنة 2016 توقيف 600 متطرف ينشطون عبر الشبكة العنكبوتية، منبها إلى أن الخطر الذي تشكله هذه الفئة أصبح معززا بالميولات الحالية للتنظيمات الإرهابية التي باتت تفضل استخدام الوسائل غير المكلفة ماديا واعتماد أسلوب « الذئاب المنفردة » كافتعال الحرائق.
وخلص نيفاوي إلى أن السياسة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب تتميز بكونها تحمل عقيدة أمنية قوية، من خلال اعتبار أن المعركة ضد الإرهاب « جماعية وشاملة »، مذكرا بالتنسيق الدولي الذي يقوم به المغرب مع حلفائه وشركائه، سواء على المستوى الأمني والاستخباراتي أو اقتراح المبادرات واحتضانها.
كلمات دلالية أمن إرهاب المغرب تطرف جريمة داعش