مصطفى عبد الرازق.. مؤسس المدرسة الفلسفية العربية
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تردد على دروس الإمام محمد عبده فأصبح من خواص تلاميذه.. وتأثر به وبمنهجه وأفكاره الإصلاحية من وقت لآخر نحتاج من ينير لنا الطريق، بعدما كسته الظلمة، ونعيد قراءة ما تركه الرواد لنا نناقشه ونتحاور معه نختلف ونتفق نأخذ منهم ونرد عليهم، لا نبخس حقوقهم ونعترف بمكانتهم، ومن الذين أناروا لنا الطريق الشيخ مصطفى عبدالرازق، شيخ الجامع الأزهر الشريف، ومجدِّد الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وصاحب أول تأريخ لها بالعربية، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية التي أقامها على أسس إسلامية خالصة.
في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد أحداث ما يطلق عليه ثورة يناير ٢٠١١، ووصول تيار الإسلام السياسي للحكم ومحاولاتهم إقصاء الجميع وفرض تعريفاتهم الخاصة عن الإسلام، واحتدام النقاش حتى الآن حول مفهوم الإسلام، ذلك المفهوم الذى قتل بحثا نذكر القارئ ما قاله شيخ الجامع الأزهر حول هذا المفهوم مستدلًا بآيات الذكر الحكيم وآراء السابقين، لا لوضع حد لهذا الجدل، ولكن لوضع قواعد ضابطة للمناقشة والحوار.
في كتابه «الدين والوحى والإسلام» والذى يناقش فيه موضوعات في حقيقة الدين تشمل تحديد أصوله في نظر باحثي العلوم الإنسانية من جهة، وفى نظر أهل الإسلام من جهة أخرى، وكذلك العلاقة بين الدين والعلم، وارتباط الدين بظاهرة الوحي، وتفسيرات تلك الظاهرة بين إسلامية وفلسفية. ثمَّ إنه يمثِّل للديانات المنزَّلة عن طريق الوحى بمثال عالٍ هو الدين الإسلامي، والذى يعرضه كديانة سماويَّة، ويأتي على شرح المعنيين اللغويِّ والشرعيِّ لكلمة «إسلام».
ومصطفى عبدالرازق في تناوله السَّلس لجميع تلك المباحث، يبسُط رؤيته النقديَّة المتجرِّدة، وما يعُدُّه الرأي الأكثر ترجيحًا من غيره، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم، وعارضًا لأقوال المفسِّرين واللغويين والمتكلمين.
يقول مصطفى عبدالرازق: وإذا كان الإسلام في عرف القرآن هو القواعد الأصولية التي يجب الإيمان بها والتي جمعها القرآن كاملة بحيث يعرف الإسلام بأنه هو ما أوحاه الله إلى نبيه محمد في القرآن، وأمره بتبيينه للناس كما تشير إليه الآية الكريمة: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»، فقد تطور استعمال لفظ الإسلام إلى ما يشمل الأصول الاعتقادية، أو الفروع العملية.
وتطور استعمال لفظ «الدين» كذلك فأصبح تعريف الدين عند المسلمين هو: وضع إلهى سائق لذوى العقول باختيارهم إياه إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل، وهذا يشمل العقائد والأعمال. ومع هذا التطور فقد بقيت بين المسلمين آثار العرف الشرعي إلى اليوم، فهم يقسمون الدين إلى أصول وفروع باعتباره منقسمًا إلى معرفة هي الأصل وطاعة هي الفرع.
ويقولون إن العقائد يقينية؛ لا بد أن تكون ثابتة بطريق ديني يقيني قطعي وهو القرآن وحده؛ إذ هو المقطوع به وحده في الجملة والتفصيل، أما الأحكام العملية فيكفى فيها الظن. ويقولون: "إن النسخ لا يكون في مسائل علم الكلام وإنما يكون في مسائل الفقه".
ثم إن الخلاف بين المسلمين في شئون الأحكام العملية ليس له خطر الخلاف فى الأمور الاعتقادية، فالآراء المتباينة في الأولى تسمى مذاهب، واتباع كل يعتقدون أن مذهبهم صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيرهم خطأ يحتمل الصواب.
بل يرى بعضهم: أن الحق يتعدد في المسائل الاجتهادية؛ باعتبار أن الله لم يكلف الناس إلا بأن يبذلوا جهدهم في تحرى الصواب، فما وصلوا إليه بجهدهم فهو بالنسبة لهم الحق لا يجوز العدول عنه، ولست تجد شيئًا من ذلك في أمور العقائد التي يؤدى الاختلاف فيها إلى تفرق الفرق، يكفر بعضها بعضًا، والحق في مسائل الاعتقاد واحد لا يتعدد وكل ما سواه باطل، أحسن الفروض بالنسبة لصاحبه أن يعذر فينجو من عقاب الأخذ بالباطل.
كما أن الأعمال البدنية نفسها لا يكون لها اعتبار في دين المسلمين بحسب صورها الظاهرة، وإنما هى معتبرة بالنيات والهيئات النفسانية التي هي مصدرها، وفى القرآن: «لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ».
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقال الشافعي وأحمد: إنه يدخل فيه ثلث العلم، وهو من أصح الأحاديث النبوية وأشهرها، حتى قال بعضهم إنه متواتر، واعترافًا بمكانه بين السنن تجده فى فاتحة كثير من كتب السنة المعتبرة، وهذا الحديث هو: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
وُلِدَ الشيخ مصطفى عبد الرازق سنة ١٨٨٥م في قرية «أبوجرج» التابعة لمركز بنى مزار بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ونشأ في كَنَف أبيه حسن عبدالرازق الذى كان عضوًا بالمجالس شبه النيابية التي عرفتها مصر منذ عصر الخديوي إسماعيل. وكذلك من مؤسسي جريدة «الجريدة» وحزب الأمة.
قضى طفولته في قريته، تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم. ثم انتقل وهو في العاشرة إلى القاهرة، والتحق بالأزهر ليُحَصِّل العلوم الشرعية واللغوية، فدرس الفقه الشافعي، وعلوم البلاغة والمنطق والأدب والعَروض والنحو وغيرها.
وبدأ يتردد منذ سنة ١٩٠٣م على دروس الإمام محمد عبده فى الرواق العباسي، فأصبح من خواص تلاميذه، وتأثر به وبمنهجه وأفكاره الإصلاحية.
وبعد حصوله على شهادة العالِمية من الأزهر (درجة البكالوريوس) سنة ١٩٠٨م بدأ حياته العامة، وأبدى اهتمامًا بالمشاركة في الجمعيات العلمية والأدبية، كالجمعية الأزهرية التي أنشأها محمد عبده، وأصبح رئيسًا لها.
ثم بدا له أن يسافر في سنة ١٩١١م إلى باريس لاستكمال دراسته العليا، والوقوف على الثقافة الغربية ومعرفة ينابيعها، فالتحق ﺑ«جامعة السوربون» لدراسة اللغة الفرنسية، وحضر دروس الفلسفة، ودرس الاجتماع على يد «إيميل دوركايم»، ثم انتقل إلى «جامعة ليون» ليدرس أصول الشريعة الإسلامية على أستاذه «إدوارد لامبير».
وبعد قيام الحرب العالمية الأولى عاد إلى مصر عام ١٩١٤م. ثُم عُين موظفًا فى المجلس الأعلى للأزهر، ومفتشًا بالمحاكم الشرعية، ثُم مدرسًا للفلسفة ﺑـ «الجامعة المصرية»، ثُم وزيرًا للأوقاف مرتين، ثُمَّ عُيِّن شيخًا للأزهر خلفًا للشيخ «المراغي» عام ١٩٤٥م.
ترك الشيخ عددًا من المؤلفات، فكتب دراسة صغيرة أدبية عن البهاء زهير الشاعر المعروف، وأصدر كتابه «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، وهو أشهر كتبه وأهمها. ومنها أيضًا: كتاب «فيلسوف العرب والمعلم الثاني» و«الإمام الشافعي» و«الشيخ محمد عبده»، بالإضافة إلى مجموعة مقالات جمعها أخوه فى كتاب بعنوان: «من آثار مصطفى عبدالرازق». وقد وافته المنية عام ١٩٤٧م.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الفلسفة الإمام محمد عبده مصطفى عبدالرازق محمد عبده
إقرأ أيضاً:
لإحداث التغيير المنشود العليقة تطلق جمعية الشيخ محمد ودمضوي التنموية
بقلم - صديق السيد البشير *
Siddigelbashir3@gmail.com
(1)
في طقس يتنسم محبة للأرض والناس والديار والفعل الإنساني، نبلا ومقصدا وأمنيات، لإحداث تغيير منشود في واقع المنشآت الخدمية التي توفر الماء والتدريب والتعليم والتطبيب للمئات من سكان المنطقة التي تتنفس القرآن الكريم بكرة وعشية، أطلق أبناء الشيخ محمد (ود) مضوي كيانا طوعيا جامعا اسموه (جمعية العليقة الشيخ ودمضوي التنموية، عبر تصويت ألكتروني مباشر، من خلال مجموعة على تطبيق (واتساب).
حيث أثمرت عن تكوين مكتب تنفيذي ومجلس استشاري، يضم خبراء ومختصين فاعلين في المشهد الطوعي والثقافي والاقتصادي والإعلامي، ما قد يسهم مستقبلا في إحداث نقلة نوعية في الخدمات الإنسانية المقدمة لأهل المنطقة التي تأسست عام 1601
أي قبل أكثر من أربعة قرون.
(2)
منذ ثلاثة قرون ونيف، أوقد الشيخ محمد ودمضوي نار القرآن الكريم في خلاويه بذات المنطقة الراسخة في ذاكرة السودان، تاريخا وجغرافيا، الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، بمسافة تناهز السبعين كيلو متر.
تخرج في خلاويها الآلاف من حفظة القرآن الكريم، ليصبحوا، أئمة ودعاة في مختلف أقطار الكرة الأرضية.
(3)
ثم عرفت المنطقة التعليم الديني و الحديث، لتتأسس على أرضها مجموعة من المدارس من أولية، إبتدائية، متوسطة، وثانوية، وقبلها معهد علمي، إلى جانب مركز صحي، تم ترفيعه قبل شهور إلى مستشفى، مستشفى يحتاج للكثير من الأجهزة التشخيصية والأطر الطبية والمساعدة، إلى جانب إضافات في المباني، فضلا حاجة المنطقة إلى تأسيس منشآت تستوعب الأطفال والشباب والمرأة، من مراكز ورياض وغيرها.
(4)
كما تشتهر العليقة الشيخ محمد ودمضوي منذ سنوات خلت بسوق أسبوعي كل ثلاثاء، أصبح قبلة للكثيرين زبائن وتجار، لكنه يحتاج للتنظيم، منشآت وطرائق عرض، بطرق عصرية تجذب الزوار وتواكب الحداثة.
(5)
يحاول المكتب التنفيذي والمجلس الاستشاري وأهل المنطقة إنجاز حزمة من المشروعات التي تسهم في إحداث تغيير منشود في واقع العليقة الشيخ محمد ودمضوي ومرافقها التي تحتاج لمعالجات طارئة في المباني والمعاني، لتتمكن من تقديم خدمات الصحة والتعليم والمياه لألاف من السكان وطلاب القرآن الكريم.
(6)
بدأ أهل المنطقة في فتح باب التبرعات من كل أفراد الأسرة الكبيرة المنتشرين في كل الأرجاء.
نطلق نداء للعاملين في الحقل الإنساني، أفرادا ومنظمات، أممية ودولية ووطنية، بضرورة المشاركة والتفاعل اللازمين مع برامج جمعية العليقة الشيخ محمد ودمضوي التنموية، تفاعل من خلال المساهمة، عينيا ونقديا ، لتنفيذ مشروعات أو ترميم مرافق خدمية، تعود بالنفع على مختلف الصعد.
(7)
أذن مؤذن التنمية في بلدنا العليقة الشيخ، فأمة الناس من كل صوب وعلى كل ضامر ليشهدو منافع تنموية لبلادهم، فما أصاب المرافق هناك داءٌ عميم، أصاب كل بلادنا لضعف الصرف على التنمية منذ سنين طويلة.
هكذا كان رئيس جمعية العليقة الشيخ محمد ودمضوي التنموية، محمد علم الهدى الصديق، يقدم حزمة رسائل في بريد الجميع، حيث يرى أن المواطن تقدم ليكون فاعلا وشريكا للحكومات في الإعمار، لأن منطقة العليقة الشيخ التأريخية فيها تحديات سقيا على وجود حفير للمياه، إلى جانب بئر معطلة ومدارس غير مشيدة، لكونها منطقة للعطاء والبذل، والخير فيها مركوز، كما قال الله تعالى لنبيه إبراهيم في فرض الحج، منك النداء ومنا البلاغ، ففي غضون أقل من اسبوعين تقاطر الناس على مجموعة في على تطبيق (واتساب) جاوزت الستمائة عضو، وهم يؤكدون عزمهم على تسخير علاقاتهم ليعمروا بلادهم، التي ستكون على موعد قريب مع التنمية الشاملة في مشروع إختاروا له المشروع التنموي الشامل، ليبدأ بالمعاني، من تواصل، وتراحم، وتعاضد، وتكافل، إلى تخطيط ونماء وحياة بإذن الله تعالى.
ثم رسائل شكر وعرفان يبعثها رئيس الجمعية للأفراد والمؤسسات، الذين فتحوا قلوبهم، قبل عقولهم لاستقبال المولود التنموي المكتنز بالخير، ويمتد شكره لأبناء وبنات وطنه الصغير العليقة، على حسن صنيعهم، لمجهود إعلامي، عن مشروع تنموي شامل مشبها لها كآنية الصيني (لاشق لا طق).
(8)
مع جمعية تؤسس ومشروعات تصمم بعزيمة وصبر واجتهاد من الجميع، لقرية راسخة في العقل والقلب والوجدان والروح، هي أمنيات ودعوات بالريادة والتميز مع جديد المشروعات في قادم السنوات، لبلوغ الأهداف وتحقيق الغايات على مختلف الصعد.
*صحافي سوداني