تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تردد على دروس الإمام محمد عبده فأصبح من خواص تلاميذه.. وتأثر به وبمنهجه وأفكاره الإصلاحية من وقت لآخر نحتاج من ينير لنا الطريق، بعدما كسته الظلمة، ونعيد قراءة ما تركه الرواد لنا نناقشه ونتحاور معه نختلف ونتفق نأخذ منهم ونرد عليهم، لا نبخس حقوقهم ونعترف بمكانتهم، ومن الذين أناروا لنا الطريق الشيخ مصطفى عبدالرازق، شيخ الجامع الأزهر الشريف، ومجدِّد الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وصاحب أول تأريخ لها بالعربية، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية التي أقامها على أسس إسلامية خالصة.

في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد أحداث ما يطلق عليه ثورة يناير ٢٠١١، ووصول تيار الإسلام السياسي للحكم ومحاولاتهم إقصاء الجميع وفرض تعريفاتهم الخاصة عن الإسلام، واحتدام النقاش حتى الآن حول مفهوم الإسلام، ذلك المفهوم الذى قتل بحثا نذكر القارئ ما قاله شيخ الجامع الأزهر حول هذا المفهوم مستدلًا بآيات الذكر الحكيم وآراء السابقين، لا لوضع حد لهذا الجدل، ولكن لوضع قواعد ضابطة للمناقشة والحوار.

في كتابه «الدين والوحى والإسلام» والذى يناقش فيه موضوعات في حقيقة الدين تشمل تحديد أصوله في نظر باحثي العلوم الإنسانية من جهة، وفى نظر أهل الإسلام من جهة أخرى، وكذلك العلاقة بين الدين والعلم، وارتباط الدين بظاهرة الوحي، وتفسيرات تلك الظاهرة بين إسلامية وفلسفية. ثمَّ إنه يمثِّل للديانات المنزَّلة عن طريق الوحى بمثال عالٍ هو الدين الإسلامي، والذى يعرضه كديانة سماويَّة، ويأتي على شرح المعنيين اللغويِّ والشرعيِّ لكلمة «إسلام».

ومصطفى عبدالرازق في تناوله السَّلس لجميع تلك المباحث، يبسُط رؤيته النقديَّة المتجرِّدة، وما يعُدُّه الرأي الأكثر ترجيحًا من غيره، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم، وعارضًا لأقوال المفسِّرين واللغويين والمتكلمين.

يقول مصطفى عبدالرازق: وإذا كان الإسلام في عرف القرآن هو القواعد الأصولية التي يجب الإيمان بها والتي جمعها القرآن كاملة بحيث يعرف الإسلام بأنه هو ما أوحاه الله إلى نبيه محمد في القرآن، وأمره بتبيينه للناس كما تشير إليه الآية الكريمة: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»، فقد تطور استعمال لفظ الإسلام إلى ما يشمل الأصول الاعتقادية، أو الفروع العملية.

وتطور استعمال لفظ «الدين» كذلك فأصبح تعريف الدين عند المسلمين هو: وضع إلهى سائق لذوى العقول باختيارهم إياه إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل، وهذا يشمل العقائد والأعمال. ومع هذا التطور فقد بقيت بين المسلمين آثار العرف الشرعي إلى اليوم، فهم يقسمون الدين إلى أصول وفروع باعتباره منقسمًا إلى معرفة هي الأصل وطاعة هي الفرع.

ويقولون إن العقائد يقينية؛ لا بد أن تكون ثابتة بطريق ديني يقيني قطعي وهو القرآن وحده؛ إذ هو المقطوع به وحده في الجملة والتفصيل، أما الأحكام العملية فيكفى فيها الظن. ويقولون: "إن النسخ لا يكون في مسائل علم الكلام وإنما يكون في مسائل الفقه".

ثم إن الخلاف بين المسلمين في شئون الأحكام العملية ليس له خطر الخلاف فى الأمور الاعتقادية، فالآراء المتباينة في الأولى تسمى مذاهب، واتباع كل يعتقدون أن مذهبهم صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيرهم خطأ يحتمل الصواب.

بل يرى بعضهم: أن الحق يتعدد في المسائل الاجتهادية؛ باعتبار أن الله لم يكلف الناس إلا بأن يبذلوا جهدهم في تحرى الصواب، فما وصلوا إليه بجهدهم فهو بالنسبة لهم الحق لا يجوز العدول عنه، ولست تجد شيئًا من ذلك في أمور العقائد التي يؤدى الاختلاف فيها إلى تفرق الفرق، يكفر بعضها بعضًا، والحق في مسائل الاعتقاد واحد لا يتعدد وكل ما سواه باطل، أحسن الفروض بالنسبة لصاحبه أن يعذر فينجو من عقاب الأخذ بالباطل.

كما أن الأعمال البدنية نفسها لا يكون لها اعتبار في دين المسلمين بحسب صورها الظاهرة، وإنما هى معتبرة بالنيات والهيئات النفسانية التي هي مصدرها، وفى القرآن: «لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ».

ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقال الشافعي وأحمد: إنه يدخل فيه ثلث العلم، وهو من أصح الأحاديث النبوية وأشهرها، حتى قال بعضهم إنه متواتر، واعترافًا بمكانه بين السنن تجده فى فاتحة كثير من كتب السنة المعتبرة، وهذا الحديث هو: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

وُلِدَ الشيخ مصطفى عبد الرازق سنة ١٨٨٥م في قرية «أبوجرج» التابعة لمركز بنى مزار بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ونشأ في كَنَف أبيه حسن عبدالرازق الذى كان عضوًا بالمجالس شبه النيابية التي عرفتها مصر منذ عصر الخديوي إسماعيل. وكذلك من مؤسسي جريدة «الجريدة» وحزب الأمة.

قضى طفولته في قريته، تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم. ثم انتقل وهو في العاشرة إلى القاهرة، والتحق بالأزهر ليُحَصِّل العلوم الشرعية واللغوية، فدرس الفقه الشافعي، وعلوم البلاغة والمنطق والأدب والعَروض والنحو وغيرها.

وبدأ يتردد منذ سنة ١٩٠٣م على دروس الإمام محمد عبده فى الرواق العباسي، فأصبح من خواص تلاميذه، وتأثر به وبمنهجه وأفكاره الإصلاحية.

وبعد حصوله على شهادة العالِمية من الأزهر (درجة البكالوريوس) سنة ١٩٠٨م بدأ حياته العامة، وأبدى اهتمامًا بالمشاركة في الجمعيات العلمية والأدبية، كالجمعية الأزهرية التي أنشأها محمد عبده، وأصبح رئيسًا لها.

ثم بدا له أن يسافر في سنة ١٩١١م إلى باريس لاستكمال دراسته العليا، والوقوف على الثقافة الغربية ومعرفة ينابيعها، فالتحق ﺑ«جامعة السوربون» لدراسة اللغة الفرنسية، وحضر دروس الفلسفة، ودرس الاجتماع على يد «إيميل دوركايم»، ثم انتقل إلى «جامعة ليون» ليدرس أصول الشريعة الإسلامية على أستاذه «إدوارد لامبير».

وبعد قيام الحرب العالمية الأولى عاد إلى مصر عام ١٩١٤م. ثُم عُين موظفًا فى المجلس الأعلى للأزهر، ومفتشًا بالمحاكم الشرعية، ثُم مدرسًا للفلسفة ﺑـ «الجامعة المصرية»، ثُم وزيرًا للأوقاف مرتين، ثُمَّ عُيِّن شيخًا للأزهر خلفًا للشيخ «المراغي» عام ١٩٤٥م.

ترك الشيخ عددًا من المؤلفات، فكتب دراسة صغيرة أدبية عن البهاء زهير الشاعر المعروف، وأصدر كتابه «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، وهو أشهر كتبه وأهمها. ومنها أيضًا: كتاب «فيلسوف العرب والمعلم الثاني» و«الإمام الشافعي» و«الشيخ محمد عبده»، بالإضافة إلى مجموعة مقالات جمعها أخوه فى كتاب بعنوان: «من آثار مصطفى عبدالرازق». وقد وافته المنية عام ١٩٤٧م.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر الفلسفة الإمام محمد عبده مصطفى عبدالرازق محمد عبده

إقرأ أيضاً:

خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025.. تشمل 32 من الحناجر الذهبية

وجّه الكاتب الصحفي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، الشكر للجمهور، الذي أبدى إعجابا كبيرا وتقديرا واسعا للخريطة الجديدة لـ إذاعة القرآن الكريم 2025.

خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025 

وحول الحديث عن خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025، قال رئيس الهيئة الوطنية للإعلام في بيان له، إن دولة التلاوة في مصر لها مكانتها التاريخية والعالمية، ونحن نعتز بثراء المدرسة المصرية وتعدد نجومها الزاهرة، لكن خريطة إذاعة القرآن الكريم لا تحتمل كل هذه الأسماء الجليلة في وقت واحد، ولذا جرى اختيار الأفضل بين الأفاضل، والأكثر حضورا بين المتميزين، ويخضع هذا التقدير المبدئي للمراجعة المستمرة، مراعاةً لتفاوت الأذواق، وتعدد وجهات النظر.

وأضاف المسلماني، خلال حديثه عن خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025: «لقد وضعنا خريطة تنهض بالأساس على عمالقة التلاوة، الذين تراجعت حصتهم وسط الزحام، وتراجع وجودهم خلافا لمكانتهم ومساحتهم على مدى تاريخ إذاعة القرآن الكريم».

وتشمل خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025 في دورتها الحالية 32 من عمالقة القراء؛ الشيخ مصطفى إسماعيل، الشيخ محمد رفعت، الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، الشيخ محمد صديق المنشاوي، الشيخ محمود خليل الحصري، الشيخ محمود علي البنا، الشيخ علي محمود، الشيخ محمد محمود الطبلاوي، الشيخ أبو العينين شعيشع، الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.

ومن كبار القراء: الشيخ أحمد نعينع، الشيخ عبد العظيم زاهر، الشيخ إبراهيم الشعشاعي، الشيخ راغب مصطفى غلوش، الشيخ منصور الشامي الدمنهوري، الشيخ محمد عبد العزيز حصان، الشيخ شعبان عبد العزيز الصياد، الشيخ حمدي الزامل، الشيخ طه الفشني، الشيخ محمود عبد الحكم، الشيخ عبد العزيز علي فرج، الشيخ عبد الرحمن الدروى، الشيخ عبدالعاطي ناصف، الشيخ محمد أحمد شبيب، الشيخ محمود محمد رمضان، الشيخ محمد بدر حسين، الشيخ الشحات محمد أنور، الشيخ أحمد محمد عامر، الشيخ كامل يوسف البهتيمي، الشيخ أحمد سليمان السعدني، الشيخ علي حزين، الشيخ علي حجاج السويسي.

مراجعة خريطة إذاعة القرآن الكريم بعد الدورة الحالية

وتابع خلال حديثه عن خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025: «لا تعني الخريطة الجديدة استبعاد القراء المتميزين الآخرين، حيث يتم بث قراءاتهم على محطات الإذاعة المصرية إلى حين مراجعة خريطة إذاعة القرآن الكريم بعد الدورة الحالية، وينطلق الآذان للصلوات الخمس بأصوات سبعة من عمالقة القراء: الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، الشيخ محمد رفعت، الشيخ محمد صديق المنشاوي، الشيخ محمود خليل الحصري، الشيخ سيد النقشبندي، الشيخ علي محمود، الشيخ طه الفشني».

واختتم رئيس الهيئة الوطنية للإعلام: «ننظر بكل الاحترام والتقدير للقراء وعائلاتهم ونقابتهم الموقرة، ولكننا نؤكد أن هدفنا الأسمى هو خدمة القرآن الكريم، وتعزيز المدرسة المصرية للتلاوة بأفضل رموزها، ودعم القوة الناعمة لبلادنا عبر تقديم أجمل الأصوات وأروع التلاوات، وهو ما أدى إلى ارتياح غير مسبوق لدى عشرات الملايين من المستمعين إزاء إذاعتهم المفضلة».

مقالات مشابهة

  • الدكتور محمد مهنا: الإسلام أمرنا ببر الوالدين مهما كان تصرفهما
  • أشرف زكي: الدراما المصرية شكلت وجدان المنطقة العربية.. فيديو
  • مؤسس Getir في تركيا يتهم الإمارات بالخيانة: يحاولون الاستيلاء علينا
  • السعودية.. لقطة طريفة بين عبدالرازق حمد الله ومدرب الشباب تثير تفاعلاً
  • المسلماني: هدفنا الأسمى خدمة القرآن الكريم وتعزيز المدرسة المصرية للتلاوة بأفضل رموزها
  • خريطة إذاعة القرآن الكريم 2025.. تشمل 32 من الحناجر الذهبية
  • خطوبة محمد الشرنوبي وآية عبد الرازق سرًا حقيقة أم شائعة؟.. "فيديو" يحسم الجدل
  • غادة عبد الرازق مستمرة في صدراة التريند لهذا السبب
  • بتكلفة 90 مليون جنيه.. محافظ بني سويف يضع حجر أساس أول مدرسة دولية بالمحافظة
  • 17 عامًا على رحيل أمير النغم الشيخ الشحات محمد أنورر