الأسبوع:
2024-06-29@14:51:21 GMT

كل أسبوع.. الحج المشروع والسبيل الممنوع

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

كل أسبوع.. الحج المشروع والسبيل الممنوع

للأسف الشديد البعض يفهم قول الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (آل عمران: آية 97) فهما خاطئا، ويتصور أنه يسعى لأداء الفريضة بأي وسيلة وإن لم تكن مشروعة، وينسى أو يتناسى أن الغاية المشروعة لابد لها من وسيلة مشروعة، لأن الغاية عندنا في دين الإسلام لا تبرر الوسيلة، بمعنى أن الحج المشروع لا ينبغي التوصل إليه بسبيل ممنوع.

فهناك فرق بين تأشيرة الحج وتأشيرة الزيارة غير المصرح لصاحبها بالحج، بل إنه يوقع على إقرار قبل السفر بأنه لن يتوجه لأداء مناسك الحج، فأقل ما يوصف به هذا الحاج أنه نقض العهد وخان الإقرار الذى وقع عليه.

وما حدث في حج هذا العام يلفت الانتباه إلى أن ارتفاع عدد الوفيات بين الحجاج المصريين على وجه التحديد كان سببه سفر الآلاف بتأشيرات زيارة، غير الذين سافروا قبل موسم الحج بدعوة من الأقارب المقيمين في المملكة العربية السعودية، وكسرو التأشيرة وتخلفوا عن العودة بهدف أداء مناسك الحج، ولم يجدوا من يوفر لهم أدنى خدمات الحماية من الحر القائظ، فضلا عن عدم توفير المياه الضرورية للحياة، والحماية من الجفاف الذى كان سببا في وفاة النسبة الأعلى بين الذين لقوا حتفهم على عرفات أو قبل الوصول إليه، أو بعد النزول لاستكمال المناسك.

ورغم أن عددا من أفراد عائلتي، والمقربين منى سافروا هذا العام بالطريقة المخالفة نفسها وقد سلمهم الله وعادوا بفضل الله، إلا أن ما أعتقده ولا أجد حرجا في إعلانه، أن احترام القواعد المنظمة للحج والعمرة، سواء من بلد السفر أو من بلد المناسك، يجب احترامها تماما، ومخالفتها يعد مخالفة شرعية لما يترتب على ذلك من أضرار تصل إلى حد إزهاق الأرواح.

فلا بد من وضع ضوابط وقواعد واضحة ومحددة لتنظيم الحج والعمرة في مصر، بحيث لا تتكرر هذه المأساة، وتحفظ على الناس حياتهم، وتؤمن لهم طريق حجهم وعمرتهم، حتى يعودوا سالمين، ولابد كذلك من الحساب الرادع للكيانات التي شاركت في تسفير هذا العدد الضخم بتأشيرات الزيارة، وتخلت عن تقديم الخدمات لهم أثناء أداء المناسك، وهذا ما شرعت فيه خلية الأزمة التي تشكلت برئاسة الدكتور مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بسحب تراخيص ١٦ شركة مخالفة، وإحالة أصحابها للنيابة العامة.

ولابد من التوعية الدائمة بضرورة أن يكون السبيل إلى الحج المشروع غير ممنوع، وإلا يكون مرتكبا لإثم عظيم، لأنه يعرض نفسه وغيره إلى التهلكة، والله تعالى يقول: "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" (البقرة: آية 195).

فهذه الآية الكريمة ذكر أهل التفسير أنها نزلت في الأنصار لما أرادوا أن يدعوا الجهاد، وأن يتفرغوا لمزارعهم، فالإلقاء باليد إلى التهلكة التأخر عن الجهاد مع القدرة، والآية عامة، والقاعدة الشرعية: أن العبرة في نصوص القرآن والسنة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلا يجوز للإنسان أن يلقي بيده إلى التهلكة كأن يلقي نفسه من شاهق ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يتناول السم ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يقتل نفسه بالسلاح ويقول: أنا أتوكل على الله أني أسلم، كل هذا لا يجوز، ويجب على الإنسان البعد عن أسباب الهلكة، وأن يتحرز منها إلا بالطرق الشرعية كالجهاد ونحوه.

خالص التعازي لأسر الذين وافتهم المنية، وتهانينا للذين عادوا سالمين إلى أرض الوطن، وإن كانوا عرضوا أنفسهم إلى التهلكة، ولكن الله سلم، وأعتقد أن ما حدث سيكون رادعا لهم ولغيرهم، خاصة أن الله لم يكلفنا بما لا نطيق.

وأسأله سبحانه أن يعفو عن اللذين فارقوا الحياة ويتقبلهم في الشهداء حيث ماتوا غرباء وربما عطشى، وأن يعذر الآخرين بجهلهم، وأن يوفقنا وإياكم إلى حج مشروع وبسبيل غير ممنوع. [email protected]

اقرأ أيضاًلجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب تنعي الحجاج الذين وافتهم المنية أثناء تأدية مناسك الحج

غرامات ووقف نشاط وإحالة للتحقيقات.. قرارات رئيس الوزراء بشأن وفاة الحجاج المصريين

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مكة الحج السياحي حج الجمعيات عرفات قرعة الحج 2024 وفيات الحجاج الحج المشروع

إقرأ أيضاً:

من جادلوا الله في بقرة لن يسلموا القدس بالسلم

تكشف لنا الأيام بشكل جلي، عن الأكاذيب التي ينسجها الغرب حول إمكانية أن تسلم إسرائيل القدس للفلسطينيين بالتفاوض، فالتاريخ كفيلة بنسف تلك الفرضية، إذا أيقنا حقا طبيعة هؤلاء القوم، الذين لم تعرف لهم البشرية مثيلا في خبثم ودنائتهم.

اليهود الذين فضح الله تعالى خبثهم وكذبهم في آيات كتابه العزيز، لا عهد لهم ولا ميثاق، ديدانهم الكذب، وعنوانهم إخلاف الوعد، والخبث والمداهنة سمت أصيل لهم منذ القدم، إذا أرادوا شيئا جهزوا له بدل الخطة ألفا، ونسجوا حوله من خيوط الحيل ما تعجز البشرية عن حصرها، حتى يحققوا مرادهم، مستعينين في ذلك بكثرة أموالهم ونفوذهم، فهم يملكون من الأموال والعتاد ما مكنهم الله، الكثير، ولا تردعهم إلا القوة.

وأحاول أن أرصد من القرآن والسنة، طبيعة هؤلاء القوم منذ تواجدهم في فلسطين، وكيف كان تعامل الله معهم، حينما خالفوا أوامره، فقد أخبرنا الله تعالى في صدر سورة الإسراء، أن اليهود (بني إسرائيل)، سيفسدون مرتين في الأرض، ويبلغون من التجبر والعتي مبلغا، وهذا ما حصل منهم، فعاقبهم الله في المرة الأولى بأن أرسل عليهم «نبوخذ نصر» أو «بختنصر» أحد أقوى الملوك الذين حكموا بابل وبلاد الرافدين، فأذلهم وقهرهم، حتى أذعنوا لأوامر اللهم وتابوا.

ولكن سرعان ما عادوا لطبيعتهم الدنيئة، عندما استعادوا قوتهم وأفسدوا في الأرض مرة أخرى، فعاقبهم الله مجددا بأن أرسل عليهم ملك بابل «بيردوس»، فأذلهم ونكِّل بهم حتى دب اليأس في قلوبهم.

هاتان الآيتان تدلان على أن هؤلاء القوم لا يفهمون سوى لغة القوة، وكذلك جميع الآيات التي ذكرها الله في كتابه الكريم، فيما يخص اليهود، تبين أن هؤلاء القوم لم يحفظوا العهود ولا المواثيق، ولم يلتزموا بأوامر الله ونواهيه بالحسنى والتسليم، وخالفوها عندما ظنوا أنهم ملكوا الدنيا وقادوها كيفما أرادوا، فكان التعامل بالقوة هو الحل الأمثل لإعادتهم إلى الصواب.

وأذكر على سبيل المثال لا الحصر، عقوبتان أخريان لحقتا ببني إسرائيل -أجداد الإسرائيليين الحاليين- أولاهما: قصة أصحاب السبت، وهم اليهود الذين مسخهم الله قردة وخنازير، لمخالفتهم أمره بأن اصطادوا يوم السبت، الذي حُرِّمَ عليهم الصيد فيه، وثانيهما: عندما سلط الله عليهم فرعون فاستباح دمائهم ونسائهم، كما جاء في الآية الكريمة «وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَىٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ۚ وَفِى ذَٰلِكُم بَلَآءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ» الآية 6 سورة إبراهيم.

إن شواهد القرآن، بخصوص اليهود، تؤكد حقيقة واحدة لا شك معها، وهي أنهم لا رادع لهم إلا القوة، لا التفاوض أو السلام، ولا يفهمون لغة سواها، ومن يظن أنهم يعترفون بالتفاوض أو الجلوس إلى طاولة الحوار، واهم، فهم دائما ما يرون أنفسهم شعب الله المختار، وما دونهم عبيد، وهذا ليس كلامي، بل نصوص توراتهم المحرفة، فقد جاء في سفر التثنيه (2:14): «لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ، وَقَدِ اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِكَيْ تَكُونَ لَهُ شَعْب خَاصًّا فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».

وقد جاء في سفر اللاويين (24:20-26): «وَقُلْتُ لَكُمْ: تَرِثُونَ أَنْتُمْ أَرْضَهُمْ، وَأَنَا أُعْطِيكُمْ إِيَّاهَا لِتَرِثُوهَا، أَرْض تَفِيضُ لَبَن وَعَسَلًا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ.* فَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ، وَبَيْنَ الطُّيُورِ النَّجِسَةِ وَالطَّاهِرَةِ. فَلاَ تُدَنِّسُوا نُفُوسَكُمْ بِالْبَهَائِمِ وَالطُّيُورِ، وَلاَ بِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ مِمَّا مَيَّزْتُهُ لَكُمْ لِيَكُونَ نَجِسًا.* وَتَكُونُونَ لِى قِدِّيسِينَ لأَنِّى قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ، وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي».

واليهود ينظرون إلى غيرهم نظرة دونية، امتثالا لما جاء في توراتهم المحرفة، ففي سفر «اللاويين» الإصحاح 25؛ «وإن ذلَّ أخُوك بِقربك فبِيع لك، لن يستعبد استعباد العبد، مثل الأجير أو المستجير عندك»، وفي نهاية الفقرة ورد: «ومهما يَصِرْ لك من عبدٍ أو أمةٍ فمن الأقوام الذين حولك يكونون، منهم تقتنون العبد والأمة»، وهذا يحظر على اليهود اتخاذ عبيدٍ لهم من إخوانهم اليهود، وحثَّهم، إن أرادوا اقتناء عبد أو أمة، أن يكون من الأقوام الأخرى.

وهنا لست في حل لشرح معنى تفضيل الله لهم، وفق ما أخبرنا في القرآن الكريم، ولكن أوجزها في أن سبب تفضيلهم ليس لجنسهم ولا لونهم، وإنما جاء في فترة معينة لكثرة الأنبياء فيهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي. رواه مسلم، وانتهت تلك الأفضلية عندما كفروا بنعم الله عليهم واستحقوا غضب الله ولعنته، وضربت عليهم الذلة والمسكنة.

اليهود بالسلم حاليا لن يعطوا القدس ولا المسجد الأقصى ولا المحراب، بالمفاوضات ولا أي طريقة غير التي يفهمونها، إنها القوة وحدها الكفيلة باستعادة ما سلب من الفلسطينيين خاصة والمسلمين عامة، فهم يفهمون جيدا تلك اللغة، ويحسبون لها ألف حساب، فالتاريخ شاهد كما أخبرنا القرآن، وفي حرب أكتوبر 1973، أقرب دليل على أن الحل في القوة، عندما أراهم المصريون العين الحمراء، بعدما ظنوا أنهم بلغوا من القوة ما لا تستطيع دولة أن تقف أمامهم، واستعدنا سيناء الغالية التي احتلوها في غفوة من الزمن.

إن القوم الذين يجادلون الله الذي خلقهم في تنفيذ أمر صريح أخبرهم به سيدنا موسى عليه السلام بذبح بقرة، حتى يتوصلوا إلى من قتل النفس، كما جاء في قوله تعالى (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ** فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) الآية 72 سورة البقرة، وفي الأيات التالية: «وإذ قال موسى لقومه إن يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين» البقرة الآية ٦٧، والآيات التالية فيما يخص جدالهم في شكل وصفات البقرة مع إن سيدنا موسى قال «بقرة» أي بقرة، هؤلاء القوم يستحيل أن تجد منهم سهولة في استعادة القدس والمسجد الأقصى، بالتفاوض والسياسة.

مقالات مشابهة

  • ما بين الأكفان والأحضان.. روايات العائدين من أرض الحجاز
  • العليا للحج: يجب تقصي الحقائق باستجواب المواطنين الذين سافروا بتأشيرة الزيارة بموسم الحج
  • «الشؤون الإسلامية» تطلق مبادرة «وقف حجاج الإمارات»
  • سهم وقفي هدية لكل حاج من حجاج الإمارات
  • نجاح الحج المميز
  • الإعمار تعلن تحقيق نسب إنجاز متقدمة بمشروع إنشاء طريق الحج البري
  • قيادتا أمل وحزب الله: لقراءة جيّدة لمبادرة بري الداعية الى التحاور
  • الحج والتحايل لأجل أداء الفريضة
  • من جادلوا الله في بقرة لن يسلموا القدس بالسلم
  • إجراءات حكومية جديدة لمواجهة سماسرة الحج غير المشروع