موسكو- ساعات دامية عاشتها جمهورية داغستان التابعة لروسيا، مساء أمس الأحد، عندما أطلق مسلحون النار من أسلحة رشاشة على كنيس (معبد اليهود) وكنيسة (معبد النصارى) بمدينة ديربنت، بالتوازي مع هجوم مماثل شنه مسلحون آخرون على مركز للشرطة بالعاصمة محج قلعة.

وبحسب آخر البيانات، لقي 15 من رجال الأمن بالإضافة إلى كاهن الكنيسة وحارسها مصرعهم وأصيب 25 آخرون، بينما اقتصرت الأضرار في الكنيس على احتراقه بالكامل دون وقوع إصابات بين الحاضرين.

كما أسفر الهجوم عن مقتل 6 من المنفذين وإصابة 6 آخرين، وأُعلن عن تعزيز الإجراءات الأمنية في جمهوريتي أنغوشيا وكاباردينو بلقاريا المجاورتين.

الهجمات أدت لمقتل كاهن وحارس الكنيسة بالإضافة إلى 15 ضابط شرطة (الفرنسية) هجوم مزدوج

بدأت الهجمات في مدينة ديربنت الواقعة على بعد 125 كيلومترًا جنوب شرق محج قلعة، عندما قام مسلحون يرتدون ملابس سوداء بإلقاء عبوات حارقة "مولوتوف" على كنيس مما أدى لاحتراقه بالكامل، وأوضح المؤتمر اليهودي الروسي أن الهجوم وقع قبل 40 دقيقة من "صلوات العشاء".

وبعد نحو ساعة كان الهجوم الأعنف في المدينة، حيث اقتحم 5 مسلحون كنيسة "شفاعة السيدة العذراء مريم" (عليها السلام) خلال إحياء مراسم ما يسمى عيد الثالوث الأقدس، وقاموا بإطلاق النار على الحارس الذي كان مسلحًا فقط بمسدس غاز، قبل أن يتوجهوا نحو كاهن الكنيسة ويقوموا بذبحه من منطقة الرقبة.

وفي الوقت نفسه، أطلق مجهولون النار على نقطة لشرطة المرور في شارع إرموشكين بالعاصمة محج قلعة، مما أدى لمقتل 6 من ضباط الشرطة وإصابة 12 آخرين.

ومما يلفت الأنظار أن اثنين من المهاجمين الذين تمكنت قوات الشرطة من تصفيتهم من أبناء محمد عماروف (سكرتير فرع داغستان لحزب "روسيا الموحدة" الموصوف بالحزب الحاكم في البلاد) والذي يشغل أيضا منصب حاكم منطقة سيرغوكالينسكي بالجمهورية، كما كان من بين المسلحين القتلى برصاص الشرطة ابن شقيقة عماروف.

وقد اعتقل المسؤول الداغستاني مباشرة بعد التعرف على هوية أبنائه، وما زالت التحقيقات جارية معه لمعرفة صلته بالهجمات، وفي الأثناء صدر قرار بفصله من الحزب، ولاحظت الجزيرة نت اختفاء صفحة عماروف من الموقع الإلكتروني لفرع الحزب في داغستان.

مواقف وتصريحات

وصف مفتي داغستان أحمد عبد اللاييف الهجومين بأنهما "محاولة من قبل المتطرفين لتحريض الداغستانيين ضد بعضهم البعض وحرق الجسور بين الأديان" مؤكدا أنهم لن ينجحوا في ذلك.

من جانبه ربط ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي بين الهجوم الصاروخي الذي نفذته القوات الأوكرانية على "سيفاستوبول" والهجمات التي شهدتها داغستان، واصفا إياها بـ"الحقيرة والدنيئة".

أما المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، فأوضح أن الرئيس فلاديمير بوتين ليس لديه حاليا أي خطط لتوجيه خطاب إلى المواطنين على خلفية الأحداث التي وقعت في داغستان وسيفاستوبول.

هوية منفذي هذه الهجمات في داغستان لم تتضح بعد (الفرنسية) الثالث من نوعه خلال عام

وفي الوقت الذي لم تعلن فيه أي جهة مسؤوليتها عن هذه الهجمات، وبينما لم يقم المسلحون بإعلان أية مطالب مرتبطة بهذه الحادثة، فإنها أعادت إلى الأذهان سلسلة الهجمات التي شهدتها روسيا، حيث يعد الحادث الأخير الثالث من نوعه الذي تشهده البلاد منذ بداية العام الحالي.

ففي 22 مارس/آذار الماضي وقعت إحدى أكبر الهجمات المسلحة في روسيا خلال العقود الأخيرة في قاعة مجمع "كروكوس" على أطراف العاصمة موسكو، بعد أن قام 4 مسلحين ببنادق آلية بإطلاق النار في الشارع، ثم واصلوا استهدافهم للأشخاص الموجودين بالمجمع، وأشعلوا النيران في قاعة للحفلات، وقد قُتل بهذا الهجوم ما لا يقل عن 145 شخصًا وأصيب أكثر من 550 آخرين.

ورغم أن "تنظيم الدولة الإسلامية" أعلن مسؤوليته عن الهجوم، فإن مسؤولين ومراقبين من الروس ألمحوا إلى وجود دور أوكراني، واعتبروا أن ترويج وسائل إعلام غربية لمسؤولية التنظيم عن العملية ليست إلا محاولة لتبرئة الجهات الأوكرانية.

وفي 16 يونيو/حزيران الجاري تم احتجاز رهائن في مركز توقيف بمدينة "روستوف على الدون" من قبل 6 سجناء، تمكنوا من الفرار من الزنزانة، وطالبوا بتزويدهم بأسلحة وسيارة، والخروج من دون عوائق من المركز.

كما قام هؤلاء بتسجيل عدة مقاطع فيديو زعموا فيها أنهم أعضاء في تنظيم الدولة، وكان من بينهم أشخاص أدينوا بتهم "إرهابية" وحكم عليهم بالسجن 18 عامًا بتهمة التحضير لتفجير مبنى المحكمة العليا في قراتشاي تشيركيسيا عام 2022، لكن المحاولة فشلت بعد أن شنت قوات خاصة هجومًا مباغتًا انتهى بتحرير الرهائن ومقتل جميع المهاجمين.

يُذكر أن العاصمة محج قلعة شهدت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي اقتحام متظاهرين -منددين بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة- للمطار الدولي بالمدينة، قبيل هبوط طائرة قادمة من إسرائيل، وتمكنوا من الوصول إلى صالة القادمين ومدرج المطار، وفتشوا السيارات المغادرة بحثا عن مسافرين إسرائيليين، رغم الطوق الأمني الذي فرضته الشرطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی داغستان محج قلعة

إقرأ أيضاً:

ريكيلمي خليفة مارادونا الذي تحدى قواعد العصر

في عالم كرة القدم، يظهر بين الحين والآخر لاعب يخرق القواعد ويتحرّك على إيقاعه الخاص، كما لو كان يعزف منفردا في أوركسترا جماعية.

كان خوان رومان ريكيلمي، لاعب الوسط الأرجنتيني السابق، أحد أولئك السحرة الذين أصرّوا على أن كرة القدم يمكن أن تُلعب بروح الفنان، لا بالجري المستمر أو التعليمات الصارمة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بن عرفة موهبة شهد لها بلاتيني وأفسدتها الأزماتlist 2 of 2أغلى 20 حارس مرمى في العالم خلال 2025end of list

وُلد خوان رومان ريكيلمي في 24 يونيو/حزيران 1978 بضاحية سان فيرناندو بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس وانضم في سن الـ14 لفريق الأشبال في نادي أرجنتينوس جونيور، قبل أن ينتقل بعد أقل من عام إلى النادي العريق بوكا جونيور.

لم يكن ريكيلمي سريعا، ولا قوي البنية، لكنه كان يرى ما لا يراه غيره، فهو -كما وصفته الصحافة الأرجنتينية- يمتلك عيونا خلفية، وقدما لا تخطئ، وتمريراته لم تكن مجرد أدوات لبناء اللعب، بل رسائل فنية موقعة باسمه.

بدأ مسيرته من نفس النقطة التي بدأ منها أسطورته دييغو مارادونا، مع أرجنتينوس جونيور، قبل أن يحقق حلم الطفولة ويلعب لبوكا.

وعندما ورث القميص رقم 10 بعد اعتزال مارادونا، انطلقت المقارنات، لكنها كانت ظالمة، فريكيلمي كان حالة مختلفة، لا تبحث عن المجد بالضجيج، بل تصنعه بصمت.

في عام 2002 انتقل خوان إلى برشلونة الإسباني في صفقة قيل إنها سياسية، لكن المدرب الهولندي لويس فان غال لم يقتنع به يوما، إذ وصفه بأنه لاعب "أناني"، لا يناسب فرق الصفوة.

إعلان

أُجبر ريكيلمي على اللعب في غير مركزه، فتلاشت ثقته بنفسه، وخفت بريقه مؤقتا، ليجد ذاته مجددا في فياريال، الفريق الصاعد الذي أصبح بفضله أحد أمتع فرق أوروبا.

تحوّل النجم الأرجنتيني إلى حجر الأساس في منظومة المدرب مانويل بيليغريني، وقاد الفريق إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2006.

لكن الحلم توقّف عند ركلة جزاء أضاعها في الدقيقة الأخيرة أمام أرسنال، وهي لحظة مؤلمة لخصّت مسيرته: قمة الإبداع، ممزوجة بلحظات من الحزن.

مع المنتخب الأرجنتيني، كان ريكيلمي مركز الثقل في كأس العالم 2006، وتألق كأبرز صانع ألعاب في البطولة بلا منازع بفضل تمريراته ولمساته وقراءته للملعب.

                  ريكيلمي اعتزل كرة القدم عام 2015 (رويترز)

في عام 2009 اعتزل ريكيلمي دوليا بعد خلافات مع مارادونا، الذي كان حينها مدرب المنتخب، وقال حينها عن تلك الخلافات "نحن لا نتفق على المبادئ".

طوال مسيرته، كان ريكيلمي يثير الجدل. البعض رأى فيه فنانا لم يُقدَّر كما يجب، والبعض الآخر اعتبره لاعبا مزاجيا يختفي وقت الحاجة له.

لكن الحقيقة أنه كان مختلفا ببساطة. لاعب لا يمكن أن يُفهم من خلال الإحصائيات، بل من خلال ما يشعر به من يشاهده.

أنهى النجم الأرجنتيني مسيرته في 2015، بعد سنوات قضاها وهو يرسم الفن على العشب، فهو لم يكن اللاعب المثالي، لكنه برز كنسخة لا تتكرر وموهبة متفردة، عابسة أحيانا، ساحرة في الغالب، وأسطورة لم تسعَ للضوء، بل جعلته يتبعها.

مقالات مشابهة

  • روسيا وأوكرانيا تتبادلان الضربات عبر الحدود
  • ماكرون في مصر| ما الذي تقدمه هذه الزيارة؟.. محمد أبو شامة يوضح
  • أوكرانيا تنفي تقدم روسيا في سومي وزيلينسكي ينتقد تزايد الهجمات
  • زيلينسكي يندد بتزايد الضربات الروسية على أوكرانيا
  • تقرير: ارتفاع غير مسبوق في الهجمات السيبرانية على الخدمات المصرفية عبر المحمول
  • ريكيلمي خليفة مارادونا الذي تحدى قواعد العصر
  • روسيا وأوكرانيا تتبادلان اتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار
  • التربية: مشروع الـ 1000 مدرسة الأول من نوعه وسيقلل من تحديات الواقع التربوي
  • الناتو: ما تنتجه روسيا في ثلاثة أشهر من الذخيرة ننتجه في عام واحد
  • أوكرانيا تتهم روسيا بقتـ ل 19 مدنيا في مسقط رأس زيلينسكي