تحذيرات من تحول الإرهاب إلى خطر وجودي يهدد أفريقيا
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
دينا محمود (لندن)
مع تصاعد خطر الهجمات التي تشنها التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، وانتشارها في أنحاء مختلفة منها، حذر خبراء ومحللون، من أن ترافق هذه الاعتداءات، مع تزايد أنشطة الجماعات المتطرفة وعصابات الجريمة المنظمة وعمليات تهريب السلاح والاتجار بالبشر في القارة، يجعل الإرهاب بمثابة «تهديد وجودي»، لذلك الجزء من العالم.
فعلى مدار العقدين الماضييْن، زادت الأنشطة الإرهابية في مختلف أنحاء أفريقيا، بنسبة كبيرة جداً، ما يعني أنها خرجت تقريبا عن نطاق السيطرة، وذلك حسبما ذكرت دراسة حديثة أصدرها المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، وسط تحذيرات من أن غرب القارة، ولا سيما «منطقة الساحل»، يمثل البقعة الأكثر عرضة لهذا التهديد.
وأبرز المركز في دراسته بيانات، تفيد بأن العمليات الإرهابية التي عصفت بأفريقيا خلال العام الماضي، حصدت أرواح أكثر من 23 ألف شخص هناك، بزيادة تصل نسبتها إلى 20% عن عدد الضحايا الذين سقطوا في 2022، وذلك على الرغم من الجهود القارية والدولية المبذولة، لكبح جماح هذا الخطر.
ووفقاً للخبراء، يعود تفاقم ذلك التهديد في القارة خلال السنوات القليلة الماضية، إلى عدة عوامل من بينها، تكريس التنظيمات الإرهابية موارد أكبر لترسيخ وجودها وتوسيع نطاق اعتداءاتها هناك، بجانب رواج تجارة الأسلحة غير المشروعة بين الدول الأفريقية، بفعل الثغرات القائمة على الحدود فيما بينها، بالإضافة إلى تفشي الفساد والرشوة بين بعض عناصر الأجهزة الأمنية في تلك البُلدان.
كما تشمل تلك العوامل، الاضطرابات السياسية والاقتصادية المستمرة في أفريقيا، وما يصاحبها في كثير من الأحيان من ممارسات إقصاء على الصعيدين السياسي والمجتمعي، فضلا عن انعدام الأمن واتساع رقعة الفقر والبطالة، ما يُحوِّل بلدانا أفريقية عدة، إلى أرض خصبة لعمليات التجنيد، التي تنخرط فيها التنظيمات الإرهابية، وتركز فيها على استمالة الشرائح المهمشة.
وحدا ذلك بـ«بانكول أديوي»، مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، إلى الدعوة لاستحداث منظومة استخباراتية، تُعنى بالعمل على رصد وتعقب الأموال المنقولة لأغراض إرهابية عبر القارة، باعتبار أن قطع «شريان الحياة» المالي بالنسبة للتنظيمات المتطرفة، سيقود إلى إجهاض الغالبية العظمى من مخططاتها.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «ليدر شيب» على موقعها الإلكتروني، اعتبر محللون أفارقة، أن حل ما وصفوه بـ«الوضع المعقد» في منطقة الساحل، يمثل مفتاح معالجة مشكلة الإرهاب التي تهدد القارة بأسرها، مشددين في الوقت نفسه، على أن الخروج من «مستنقع الساحل»، يتطلب البحث بشكل عاجل، عن حلول دبلوماسية للتحديات الأمنية في هذه المنطقة.
وأشار المحللون، إلى أنه من الضروري البدء بإنهاء الانقسامات، التي تضرب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، المعروفة باسم «إيكواس»، على إثر انسحاب النيجر ومالي وبوركينا فاسو منها في وقت سابق من العام الجاري، مؤكدين أن إعادة تلك البُلدان إلى ذلك التكتل الإقليمي، أمر حيوي لإنجاح أي جهود، ترمي لتشكيل قوة أفريقية دائمة، تتولى مهمة مكافحة الإرهاب.
وجاءت هذه الدعوات، بعد أسابيع من قمة أفريقية رفيعة المستوى، عُقِدَت في العاصمة النيجيرية أبوجا، على مدى يومين في أواخر إبريل الماضي، لبحث سبل تعزيز التعاون الإقليمي، لمواجهة التهديدات الإرهابية، والتعامل مع الوضع الأمني المتدهور حاليا في القارة.
وشهدت القمة إطلاق دعوات لاتخاذ إجراءات منسقة وعاجلة لمكافحة الإرهاب، باعتباره تهديدا للسلام والأمن والتنمية في أفريقيا، بما يستلزم القيام بتحركات تتجاوز الحدود الوطنية، ولا تقتصر على الجهود الفردية لدول القارة.
وشدد المحللون، على أهمية تفعيل هذه الدعوات، بالنظر إلى المؤشرات، التي ترجح انتقال بؤرة الأنشطة الإرهابية في العالم، من الشرق الأوسط والشمال الأفريقي، إلى منطقة الساحل، خاصة بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش» في العراق وسوريا. أخبار ذات صلة العراق: مقتل 7 إرهابيين بضربتين جويتين مقتل عناصر من داعش بينهم عضو نافذ في الساحل الأفريقي
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أفريقيا القارة الأفريقية الإرهاب منطقة الساحل الأفريقي منطقة الساحل
إقرأ أيضاً:
التفاصيل الكاملة حول سحب القوات الفرنسية بتشاد
خلال الساعات القليلة الماضية تناولت العديد من الصحف الدولية، طلب الحكومة التشادية من القوات الفرنسية المتمركزة على أراضيها مغادرة البلاد بحلول 31 يناير 2025، في خطوة مثيرة للجدل تأتي وسط تصاعد الخلافات بين البلدين.
الأمر الذي جعل المواطنين يبحثون عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة تفاصيل كاملة عن وجود القوات العسكرية الفرنسية.
كانت تشاد قد قررت يوم 28 نوفمبر 2024 إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، معتبرة أن هذا القرار يأتي في إطار تعزيز سيادتها الوطنية.
جاء ذلك في أعقاب انسحاب فرنسا من عدد من دول الساحل الأفريقي مثل مالي، بوركينا فاسو، والنيجر، حيث تزايد النفوذ الروسي.
تشاد، التي لطالما اعتُبرت حليفًا استراتيجيًا لفرنسا في مواجهة الإرهاب بمنطقة الساحل، أعربت عن رغبتها في الحفاظ على علاقات جيدة مع باريس رغم إنهاء التعاون العسكري.
لكن التوترات بدأت تظهر مع تحديد تشاد لمهلة زمنية قصيرة، وصفتها فرنسا بأنها "غير واقعية"، لسحب ألف جندي ومعداتهم الثقيلة.
أسباب الغضب التشاديعلى الرغم من أن تشاد أكدت أن قرارها يأتي لتحقيق سيادتها، فإن مصادر محلية تحدثت عن توتر في العلاقة بين البلدين، خاصة بعد اتهام الجيش الفرنسي بعدم تقديم الدعم الاستخباراتي المطلوب خلال هجوم شنه مقاتلو "بوكو حرام" في أكتوبر الماضي، وأودى بحياة 40 جنديًا تشاديًا.
وتشير التقارير إلى أن الحكومة التشادية قد تستخدم هذا الضغط لإجبار فرنسا على تقديم تنازلات، بما في ذلك تسليم بعض المعدات العسكرية التي تحتاجها القوات التشادية في حربها ضد الإرهاب، خاصة في حوض بحيرة تشاد.
تفاصيل التواجد الفرنسي في تشاد1. عدد الجنود: يتجاوز عدد القوات الفرنسية في تشاد ألف جندي، موزعين على ثلاث قواعد عسكرية رئيسية.
2. المواقع العسكرية:
قاعدة في العاصمة إنجامينا: تعتبر مركز القيادة الرئيسي وتضم أكبر المعدات والعتاد.
قواعد في مناطق نائية مثل "فايا لارجو" و"أبيشي"، تدعم العمليات في المناطق الحدودية.
3. المهام: تشمل عمليات مراقبة الحدود، الدعم الاستخباراتي، وتنفيذ تدريبات مشتركة مع الجيش التشادي.
الأهمية الاستراتيجية
القوات الفرنسية في تشاد تعمل ضمن إطار عملية "برخان" سابقًا، والتي كانت تهدف إلى مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيثخ التعاون مع الجيش التشادي تمثل هذه القوات شريكًا هامًا في تدريب وتطوير القدرات العسكرية التشادية.
تشاد تقع في قلب منطقة الساحل، ما يجعلها نقطة انطلاق للعمليات ضد الجماعات المسلحة التي تنشط في النيجر ونيجيريا والكاميرون.
صعوبات لوجستية تواجه الانسحابتعتبر القوات الفرنسية المنتشرة في تشاد، والموزعة على ثلاث قواعد عسكرية رئيسية، واحدة من أهم الوحدات العسكرية الفرنسية في إفريقيا.
وبحسب مصادر عسكرية فرنسية، فإن تنفيذ انسحاب شامل ومنظم خلال 7 أسابيع فقط يعد "شبه مستحيل".
وسبق أن طلبت فرنسا تمديد المهلة حتى مارس 2025، لكن السلطات التشادية رفضت ذلك وأصرت على خروج القوات الفرنسية قبل شهر رمضان.
آخر نفوذ فرنسي في الساحل
مع انسحاب القوات الفرنسية من تشاد، تفقد باريس آخر موطئ قدم لها في منطقة الساحل الأفريقي بعد خروجها من مالي، النيجر، وبوركينا فاسو.
ويُتوقع أن يزيد هذا الانسحاب من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة، حيث تتصاعد التحديات الإرهابية، ويتزايد النفوذ الروسي عبر مجموعة "فاغنر".
ورغم حدة الخلافات، يحرص الطرفان على استمرار الحوار لتأمين انسحاب "آمن ومنظم"، ما يشير إلى رغبة مشتركة في تجنب تصعيد الموقف بما قد يؤثر على العلاقات المستقبلية بينهما.