الناس زعلانة ليه؟ سؤال مش غريب، ولا محير وله بدل الإجابة أكثر من ألف إجابة، وكلها منطقية، وتدعو إلى الاكتئاب والحيرة والدهشة من قبل أصحابها، بل وهناك أسئلة حائرة لا إجابة لها ولا تجد تفسيرا منطقيا سوى الدهشة والسباحة فى المجهول.
الناس زعلانة لأنها لم تعد لديها المقدرة على تحمل جبال الهموم والمشكلات المتنوعة والمتعددة التى حولت سلاسة الحياة إلى براكين من الغضب على طريقة «مفيش حاجة فى الدنيا تسر»، و«كلنا فى الهم سوا».
وتحولت التجمعات واللقاءات إلى ندوات مصغرة لديوان المظالم ومساحات الشكاوى ومتاعب الناس فى الصحف، لكنها وللأسف لا تسفر عن حلول بل عن مزيد من الاحتقان وجبال الهموم التى باتت تطبق على الصدور، وتفقد الشعب المصرى أجمل صفاته الابتسامة والتغلب على الغم والهم بالنكتة والدم الخفيف.
زمان كانت لقاءات سيدات المنازل وربات البيوت فى زمن «محدش بينام من غير عشاء» قائمة على الحديث فى آخر صيحات الأزياء والموضة وأحدث الأكلات، وربما امتدت للنميمة، وقال وقلنا والبذخ الذى لحق فلانة وعلانة وبحور النعيم اللى غرقانين فيها.
اليوم تغيرت الأحوال، وتبدلت الموضوعات والأسئلة كلها تغيرت فى اتجاه الغلاء والأسعار والأزمات والخنقة اللى فاقت حرارة الجو.
سؤال أى شخص الآن إيه مزعلك؟ أشبه بالمهمة المستحيلة والخوض فى مستنقع مليء بالقنابل والمتفجرات التى لا نهاية لها؟ المشكلة الحقيقية أن كل شيء فى حياتنا أصبح فيه مشكلة وتعاظم المشكلات كل يوم يزيد الحلول صعوبة، ويخلق فى السكة مشكلات جديدة ليتقوقع كل منا فى مشكلاته على طريقة «كل واحد فيه اللى مكفيه».
الحكاية ببساطة أن أبسط متطلبات الحياة أصبحت فوق قدرات الناس، الشريحة العظمى نحت الفقر ملامحه فى وجوههم، وبات الجوع والقهر والفقر خطًا عريضًا لمسار حياتهم.
الناس زعلانة من غول الأسعار وانفلات الأسواق وتحكم التجار واختفاء السلع وظهور أكثر من بورصة موازية وأكثر من سعر للسلعة الواحدة و«اللى مش عاجبه ميشتريش ومايكلش، ويضرب راسه فى أقرب حيط» فى ظل اختفاء الأجهزة الرقابية والاتصال بالخطوط الساخنة بيفكرنا بالمشاركة فى فوازير رمضان أيام نيللى وسمير غانم، كانت الناس من كثرة الأكل يشغلوا فراغهم ويكسبوا كمان.
الناس زعلانة من ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والنور وزيادة أسعار المواصلات ورداءة التعليم والعلاج وارتفاع أسعار الأدوية واختفائها وارتفاع أسعار المدارس والجامعات الخاصة وزيادة طابور البطالة.
الناس زعلانة علشان مفيش شبكة تأمين صحى شاملة وحق فى العلاج بدلًا من عذاب التأمين الصحى وطابور انتظار العمليات الجراحية بالشهور والأخطر أصحاب الحالات المرضية الحرجة الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية كبرى لا يغطيها التأمين الصحي، وطبعا المحظوظون يسافرون إلى الخارج للعلاج، والفقراء على موعد مع عزرائيل، ومن ثم الذهاب إلى القبر.
لو عايزين تعرفوا الناس زعلانة ليه شوفوا صرخات المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، والاستغاثات المدفوعة فى وسائل الإعلام، وعلى أبواب المحاكم والأقسام وأماكن الحجز.. حكايات وقصص ومآس يندى لها الجبين.
باختصار.. الناس زعلانة ليه؟ سؤال ربما يكون الأصغر كونه من ثلاث كلمات فقط، ولكنه فى الحقيقة الأكبر عمقا، لأنه يحتوى على آلام وهموم أكثر من 110 ملايين مصرى لهم أحلام، وعلى كاهلهم جبال الهموم.
نحن لا نحتاج وزيرًا للسعادة.. ولكننا نحتاج وزراء للفقراء ومعدومى الدخل وأصحاب البطون الخاوية والمرضى والجيوب الفارغة، نحتاج وزارة فاعلة للتعامل مع المشكلات على أرض الواقع.. وزارة تملك القدرة على استنباط حلول فورية وسريعة من تجارب دول مرت بتلك الأزمات، وتخطتها، مع ربط ذلك بطبيعة المجتمع المصرى.. وزارة تعترف بالأزمة أولا، ثم تعلن خطوات حلها بيد قوية غير مرتعشة لا تخشى وحش السوشيال ميديا.
نحتاج وزيرا يفهم خطورة ارتفاع سعر رغيف الخبز وقرص الطعمية واختفاء قرص الأسبرين وارتفاع سعر باكو الشاى والآثار السلبية التى تترتب على نسف أبسط حقوق منظومة الحق فى الحياة.. يا رب تكون الرسالة وصلت.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار الشعب المصرى حرارة الجو زيادة اسعار المواصلات
إقرأ أيضاً:
مدبولي: تحسن ملحوظ في الميزان التجاري لمصر.. وارتفاع الصادرات بنسبة 119%
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إن الواردات المصرية كانت تبلغ في في عام 2015 نحو 67 مليار دولار، واليوم تسجل 78.5 مليار دولار بزيادة 16% خلال الـ10 سنوات الماضية. وأضاف «مدبولي»، خلال اجتماع مع أعضاء اللجان الاستشارية المتخصصة، اليوم الثلاثاء: «الصادرات السلعية غير البترولية كانت تبلغ 18.6 مليار في دولار في 2015، بينما العام الماضي حققنا 40.8 مليار دولار بنسبة نمو 119%».
وأكد أن الميزان التجاري لمصر شهد تحسنًا ملحوظًا، حيث انخفض العجز من 48 مليار دولار في عام 2015 إلى 37 مليار دولار العام الماضي، مشيرًا إلى أن البعض قد يشكك في إمكانية تحقيق أرقام كبيرة في الصادرات، لكن التقدم المحرز يدل على إمكانية تحقيق ذلك.
وتابع: «إذا استمرينا على نفس معدل النمو، أي بزيادة الواردات والصادرات بنسبة ثابتة، فإن واردات مصر ستصل إلى 105 مليارات دولار، بينما ستصل صادراتها إلى 115.8 مليار دولار، مما سيؤدي إلى تحقيق فائض قدره 10 مليارات دولار».