بوابة الوفد:
2025-02-03@02:19:50 GMT

إن هي إلا أسماء!

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

على مدار التاريخ، هناك أسماء وشخصيات «مهمة»، لا نعرف عنها الكثير، تركت بصماتها على كافة المجالات، لكن المثير للاهتمام أن آخرين نالوا حظًّا عظيمًا من الشُّهرة الواسعة، رغم أنهم في واقع الأمر، لا يستحقون تلك المكانة.
ربما يرجع ذلك إلى أن التاريخ يكتبه دائمًا المنتصرون والمتغلِّبون، أو كما يقول الشاعر اللبناني الراحل «جورج جرداق»: «في تاريخ الشرق كما هي الحال في تاريخ البشر جميعًا، غزاة ومجرمون، ولصوص محترفون، وأغبياء وتافهون، شاء منطق العصور القديمة أن يجعل منهم في حياتهم ملوكًا وقادة، وأصحاب قول فصل وأمر مطاع، وأن يصنع منهم بعد هلاكهم أبطالًا وعظماء، فخلع عليهم في الحالتين الألقاب الضخمة بغير حساب».


الآن بكل أسف، نعيش زمانًا كثرت فيه المسميات والألقاب، حتى أصبح الإسراف في منحها واستخدامها أمرًا شائعًا ومألوفًا، لتفقد رونقها وقوتها، ولا تعكس معناها الحقيقي، وبالتالي أصبح مَنْحها مباحًا ومستباحًا «لكل من هب ودب»، من دون أي اعتبار أو ضوابط!
في الرياضة والفن والثقافة والإعلام والسياسة.. وحتى الدين، وغيرها من المجالات، نتابع دائمًا إطلاق المسميات والألقاب على «المشاهير»، خصوصًا هؤلاء الذين يُطلق عليهم بأنهم «أساطير»، أي أن ما قَدَّموه أشبه بالخيال والمعجزة أو غير المسبوق!
ربما لو قُدِّر لك وبحثت قليلًا في مسيرة هذا «المشهور الأسطورة»، لوجدت ما قدمه شيئًا عاديًّا، أو أقل من العادي، بل قد تجد كثيرين لا حصر لهم، قَدَّموا أفضل منه، وسجلوا أرقامًا كبيرة، وقاموا بأعمال خالدة، على المستويين التخصصي والإنساني.
نتصور أن منع هؤلاء «المشاهير»، من احتلال الفضاء العام للقيم والتأثير على الناس، أصبح ضرورة إنسانية وأخلاقية، لأن ثمة فارقًا كبيرًا ما بين ألقاب في الماضي، استحقها البعض عن جدارة، بحب الناس، وبما قدَّموه، وكثيرين من الأسماء المشهورة على الساحة الآن، الذين معهم فقدت الشُّهْرَة قيمتها وبريقها.
يقينًا تصعب المقارنات، بين الماضي والحاضر، لأن ما نراه الآن ليس سوى مجرد أسماء خاوية، لا تستحق ما يُطلق عليها من ألقاب، مقارنة بآخرين حقيقيين، لا يحتاجون أن تضع ألقابًا لهم حتى تعرف مَن هم، لأنهم ألقاب بأنفسهم.
لذلك نرى أن الشُّهرة «النافعة» لا تهوى من يطلبها أو يسعى إليها، كما أنها ليست بالألقاب أو المسميات، لأنها بالضرورة تحمل في طيَّاتها مسؤولية ضخمة لا يُستهان بها، وليست «مصنوعة» أو «مدفوعة» أو «مُوَجَّهة».
أخيرًا.. إن صناعة «الأساطير الوهمية» بالأسماء والألقاب أسفرت عن ظاهرة المغالاة في «عبادة المشاهير»، ومنحهم مكانة غير مستحَقَّة، ولكن يبقى للرجل ـ بحسب «كونفوشيوس» ـ ثلاثة أسماء: «الاسم الذي يرثه، والذي أعطاه له أبواه، أو الذي يصنعه لنفسه».
فصل الخطاب:
تقول الفيلسوفة اليونانية «هيباتيا»: «الخرافات يجب أن تُدَرَّس كخرافات، والأساطير كأساطير، أما تقديم الأساطير على أنها حقائق فذلك شيء مؤلم»!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمود زاهر شخصيات تاريخية

إقرأ أيضاً:

غربة اللغة العربية

فى ندوة له بمعرض الكتاب قبل أيام، أبدى الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى أسفه واندهاشه، للافتة مرفوعة على البوابة الرئيسية لمدخل المعرض، تدعو المواطنين لزيارته، مكتوبة باللغة العامية المبعثرة، مع أن المعرض يعد محفلاً للاحتفاء باللغة الفصحى، التى وصفها بأنها هى العقل والضميروالروح التى تتجدد ونتجدد بها. وليس ببعيد عن أسف الشاعر، الرفض العام سواء فى الصحف أو على وسائل التواصل الاجتماعى للفكرة التى أثارها إعلان رئيس الهيئة الوطنية للإعلام  أحمد المسلمانى بتغيير أسماء قنوات النيل إلى موليود وبوليود، ليس فقط تمسكاً بالنيل كرمز أيقونى لمصرية القنوات، بل هو كذلك دفاع عن المصطلحات العربية غيرالأجنبية وعن اللغة العربية الفصحى، التى باتت تشهد أشكالاً متعددة من التهميش لها، سواء هو متعمد أو مقصود فى المجال العام.
الأدلة على هذا التهميش للغة العربية أكثر من أن تحصى. منها أن عددا من البرامج الترفيهية والحوارية فى التليفزيون، الذى بدأ بثه فى ستينات القرن الماضى باسم التليفزيون العربى باتت تستخدم أسماء أجنبية مثل سولد أوت،. كما أن المنصة المصرية الرقمية التى تتبع الشركة المتحدة وأنشئت منذ العام 2019 تسمى نفسها وتش ات. ولم تجد الشركة الوطنية للاتصالات فى اللغة العربية اسما يليق بمكانتها، فأطلقت على نفسها اسم وى.
وتحفل إعلانات الشواراع والمحال التجارية باسماء أجنبية  فى كرنفال من القبح والنشاز والتخبط فضلا عما يحمله ذلك من شعور عميق بالانسحاق أمام كل ما هو أجنبى، حتى يخيل لأى زائر لوسط المدينة ويجول فى  شوارعها وأحيائها أنه فى بلد غير عربى. يحدث ذلك برغم أنه، كان قد أصدر أحد وزراء التموين قرارا وزاريا قبل سنوات، يحظر على المحال التجارية استخدام أسماء غير عربية، والمدهش أنه لم يتم الاكتفاء  بعدم تنفيذه وذهابه طى النسيان، بل أن الوضع بعد صدوره ازداد سوءا. تماما كما يحدث الآن مع عودة الإشارات الدينية على المركبات الخاصة بكثافة، برغم صدور قرار وزارى بمنع لصقها، ليصبح العصف بالقانون حالة عامة لا استثنائية!
الحفاظ على اللغة العربية، وحمايتها من العدوان السارى عليها فى كل اتجاه، ليس من القضايا الهامشية التى يمكن تجاهلها والازدراء بها، لا سيما والخطاب الرسمى ينطوى على دعوات لا تتوقف عن تماسك الهوية المصرية والحفاظ على مكوناتها، ولغتنا العربية تكاد أن تكون هى رمزها الأبرز وهى سلاحنا البتار نحو ولوج ذلك الهدف. بات المجتمع يتغاضى عن الأخطاء اللغوية النحوية وحتى فى المعانى ودلالات الجمل والكلمات، لاسيما فى الوسائل الجماهيرية الأكثر تأثيرا، التى أصبحت مصدرا سهلا للمعرفة لعموم الناس. وعلى الهيئة الوطنية للإعلام بدلا من أن تتفنن فى الاهتمام بالشكل وهى تظن أنها تسعى للتطوير، أن تلعب دورا فى وقف هذا العبث باللغة العربية فى الإعلام المصرى المرئى والمسموع، وأن تلغى كل أسماء البرامج غير العربية من محطاتها التلفزيونية والإذاعية، هذا إذا كنا ندرك ان الحفاظ على العربية هو حفاظ على الهوية المصرية، ونطبق الدستور، الذى ينص على أن اللغة العربية هى لغة الدولة الرسمية.
وقبل ثلاث سنوات تقدم مجمع اللغة العربية إلى مجلس النواب بمشروع قانون لحماية اللغة العربية فى المؤسسات الرسمية والمعاملات التجارية والعقود والمنتجات المصنوعة فى مصر لشركات أجنبية والإعلانات فى الطرق العامة والمصنفات الفنية وأسماء الشوراع والحدائق العامة والشواطئ والمؤسسات الصحفية والإعلامية وغير ذلك، وحدد القانون عقوبات وغرامات لمن يخالف أحكام هذا القانون أو يتجاهلها، ولا أدرى حتى اليوم ما هو مصير هذا القانون، وغيره من القوانين المنسية السابقة عليه، التى آن أوان تفعيلها إذا كنا نؤمن حقا مع الشاعر حجازى أن لغتنا الجميلة، هى العقل والضمير والروح التى تتجدد ونتجدد معها وهى الرمز الذى لا بديل له للدفاع عن هويتنا.

مقالات مشابهة

  • "أسرار الانتقام: كيف فكر المشاهير في الانتقام من أزواجهن بعد الطلاق؟"
  • ولد هشومة: من بائع الألبان إلى “صحفي” يبتز المسؤولين
  • رئيس اللجنة الفنية لبطولة كأس العالم للسلاح: مصر أصبح لها شأن عظيم في تنظيم البطولات العالمية
  • رئيس اللجنة الفنية لبطولة كأس العالم: مصر أصبح لها شأن عظيم في تنظيم البطولات العالمية
  • ديمبلي يتفوق على مبابي وإبراهيموفيتش وكافاني
  • إعلامي: «معلول» أصبح خارج الأهلي بنسبة كبيرة.. ونسبة بقائه لا تتخطى الـ1%
  • التعليم أصبح كابوسًا| نتيجة المرحلة الابتدائية تغتال الطفولة
  • الجماز عن سالم الدوسري: الأسطورة أصبح تائهاً
  • غربة اللغة العربية
  • من حصار فيينا إلى مقاهي باريس .. كيف أصبح الكرواسون رمزًا عالميًا يحتفى به؟