من أجل الفضول ومن أجل العلم بالشيء قطعت تذكرة سينما لمشاهدة فيلم العيد الذى صاحبته ضجة مفتعلة وحملة تسويقية ساذجة جدًا من قبل الإنتاج الذى تجاوز ٨٠٠ مليون جنيه كما صرح المنتج السعودى، فيلم «اولاد رزق ٣» ماهو إلا ملاهٍ وألعاب سيئة الصنع والفكر والمضمون عن مجموعة من اللصوص الفاسدين يقومون بسرقة ساعة ذهبية مرصعة بالماس لايوجد لها مثيل إلا فى الخيال المريض لصاحب المال وصاحب العمل وصاحب الترفيه، والمصيبة أن من يسرق هم مصريون يشدون الرحال إلى السعودية فى موسم الرياض الترفيهى حيث تقام مسابقة فاشلة للملاكم العالمى « تايسون» وحين يفوز يرتدى الساعة الخطيرة الرهيبة ليقوم النجوم العالميون من مصر بسرقتها فى مطاردة بشعة يتم من خلالها تحطيم أكثر من ٥٠٠ عربة من الطراز الأمريكى المصفح الأسود ذى عجلات الدفع الرباعى والتى ترتفع عن الأرض بمسافة كبرى حيث تستخدم فى الصحراء للرياضية والترويج من قبل ملوك المال والنفط !! الأحداث تبدأ فى كباريه درجة عاشرة حاول المخرج طارق العريان ان يضع فيه كل أشكال الإسفاف والفسوق والفجور من جاريات عاريات كاسيات وخمور ومصارعة نساء وقمار وبلطجة ورصاص، وفجأة نجد الإخوة اولاد رزق أحمد عز وعمرو يوسف وكريم قاسم وتابعهم على صبحى بالمسدسات والبنادق الآلى ثم يطلع علينا آسر يس مقتحما جدار الكباريه فى سيارة نصف نقل ليحطم كل شيء فى طريقة بعدها نجد أحمد عز مخطوفا من قبل زعيم العصابة أو اللهو الخفى الذى حاول تقليد رشدى أباظة فى الفيلم الكلاسيكى « الرجل الثاني» ولكن بطريقة كوميدية هزلية لا ترقى لمستوى التمثيل أو السينما وإنما هى مشاهد متقطعة يسترجع فيها أحمد عز التاريخ المشرف له وأخواته فى عالم السرقة والجريمة والنصب وقد وصلوا إلى مرحلة التوبة وأصبح لديهم معرض للسيارات وكباريه رخيص ولا ينسى المخرج أن تكون كل النساء فى الفيلم «شمال» أى جميعهن وقعن فى الخطيئة والغلط بإرادتهن حتى زوجة رضا وخطيبة ربيع ترتديان ملابس خارجة وكاشفة بلا داعى ولا مبرر بل على العكس وكأنهن بائعات هوى، وطبعًا جميع الأبطال يتلفظون بكل الكلمات الخارجة من سباب وإيحاءات جنسية صريحة وواضحة.
إذا كانت السينما قد حققت بعض الأرباح فى أيام العيد ذلك لأنه لم يكن هناك أعمال تنافسية، حتى أهل الكهف فيلم غير مناسب ولا ملائم للعرض فى العيد لأنه فيلم عن مسرحية فكرية فلسفية تاريخية لها جذور دينية وسياسية لتوفيق الحكيم، أما فيلم اللعب مع العيال فهو المنافس الوحيد للأطفال والصغار بالتالى فإن شباك التذاكر خادع ومخادع ونجوم مصر عاوزين يأكلوا جاتوه وبقلاوة ولا يهمهم الرسالة والمحتوى والمضمون ولا حتى المتعة البصرية لفن السينما والكلام الذى لا يأكل أحد سوى العيش الحاف... لك الله يا مصر ولنا أن نعيش على ذكرى ماض جميل لفن مصرى كان فى زمن ما راقيًا ومؤثرا...
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فيلم اولاد رزق ٣ الألعاب الإلكترونية فن مصرى
إقرأ أيضاً:
سيرة أمير العمرى المُدهشة (1-3)
أنا واحد مَمن يُفضلون قراءة التاريخ من مسارات مُغايرة للمسار السياسى التقليدي، لذا فإن كُتب السير الذاتية للمُثقفين تُعد فى رأيى رافدا مُهما وحياديا للاطلال على تاريخنا المُعاصر. ومما كان لافتا ومشوقا فى الأيام الأخيرة، تلك السيرة العجيبة للناقد السينمائى الكبير أمير العمري، والتى صدرت مؤخرا عن دار نظر للمعارف بالقاهرة وحملت عنوان « الحياة كما عشتها».
وأمير العمرى واحد من أفضل النقاد السينمائيين العرب، إذ قضى نحو خمسة عقود مُتنقلا بين مهرجانات السينما العالمية، مُحللا، ومفككا، ومُطلعا، ومتابعا لحركات الفن العالمية، مُتخذا من العاصمة البريطانية لندن مستقرا.
وقد عرفناه صحفيا عتيدا فى كبرى وسائل الإعلام بدءا من هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سي» مرورا بالحياة اللندنية، والقدس العربي، وصحيفة العرب، وغيرها، فضلا عن رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى.
والمثير أن سيرته تتجاوز سيرة ناقد سينمائى لترصد تحولات كبرى فى عالم الصحافة والاعلام العربي، وتقدم حكايات مشوقة وحصرية عن شخصيات سياسية، وفنية، وإعلامية معروفة، تتسم بنبرة الصراحة التامة.
إن أول ما يلفت نظرنا فى حكاية الناقد المولود فى 1950 بمدينة المنصورة، هو ذلك التنوع العجيب الذى شكل شخصيته، بدءا من والده مهندس المساحة الوفدي، الذى تنقل من مدينة إلى مدينة ليتعرف على محيطات مجتمعية مختلفة، ودراسته العميقة للطب وتفوقه فيه ثم تعيينه طبيبا فى أقاصى الصعيد، وانتقاله لاحقا من قرية إلى قرية، وصولا إلى صداقاته وعلاقاته الوطيدة بالمثقفين والمبدعين ومجانين الكتابة فى مصر الستينات والسبعينات.
كانت المنصورة وقتها مميزة بوجود جالية أجنبية كبيرة يغلب عليها الطليان، الذين أسسوا دور سينما عديدة واهتموا بعرض أحدث الأفلام. وهُنا أحب الفتى الصغير، السينما وارتبط بها، وسعى للالتحاق بمعهد السينما بعد إتمامه الثانوية، لكن رضخ لرغبة والده وإلحاحه بدراسة الطب. كان يشعر بأنه يُسدد دينا لوالديه، وظل طوال سنوات الدراسة متعلقا بالسينما ومديرا لنادى ثقافى أسسه مع بعض الشباب لمتابعتها. وبعد أن جرب حظه فى العمل طبيبا فى أسيوط والقاهرة، ثم عمل طبيبا فى الجزائر بمدينة بسكرة، وجد أن مهنة الطب لا تُرضى طموحه، فغادرها تماما بعد وفاة والديه حيث رحلت أمه فى 1971، ووالده فى مطلع الثمانينات، وأنهى عمله بالجزائر وسافر إلى لندن ليبدأ حياة جديدة.
فى لندن كان هناك عالم جديد للصحافة والاعلام يتشكل مع تحولات السياسة العربية فى ذلك الوقت. كان ألمع عقول العالم العربى الفكرية يعملون فى صحف ممولة من العراق وليبيا والسعودية وغيرها، وتعرف أمير بكثير من النجوم اللامعين كان منهم عماد أديب، هالة سرحان، عمرو عبد السميع، أمجد ناصر، صبرى حافظ، عثمان عمير، منى غباشي، أحمد الهوني، مجدى نصيف، وجميل مروة، وغيرهم.
وهو يقدم لنا حكايات عجيبة جدا عن هؤلاء وغيرهم ممن شهد بداياتهم وهم مفلسون، حالمون، أنقياء، ثُم تحولوا فى زحام لندن وسحرها إلى ملوك وسماسرة ومليارديرات. يتذكر أمير جيدا وجه الشاب الطموح الذى طُرد من إحدى مجلات «الحياة اللندنية» لاتهامه بمخالفات مالية، ثُم رآه بعد سنوات معروفا بالملياردير إيهاب طلعت.
كما يتذكر كيف كان هناك صحفى فلسطينى متواضع الحال، ومتخصص فى الصحافة الرياضية واسمه عبد البارى عطوان، تعرض للبطالة فجأة بعد استغناء الشرق الأوسط عنه، وظل شهورا بلا عمل حتى عرف باعتزام منظمة التحرير الفلسطينية اصدار صحيفة فى لندن، فساق كل علاقاته توسطا ليتولى إدارتها. ثم يذكر كيف قرر الناشر الفلسطينى إقالة عبد البارى عطوان بسبب موقف الصحيفة المناصر لصدام حسين خلال احتلاله الكويت، لكن «عطوان» تمكن بفضل تهديد عدد من أنصاره بالانسحاب من العودة مرة أخرى، وظل فى موقعه حنى 2013.
وللحكايات بقية..
والله أعلم
[email protected]