أطلق مسؤولون في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي تحذيرات عاجلة من مغبة اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، غداة توتر الأوضاع في جنوب لبنان بين تنظيم حزب الله المدعوم من إيران والجيش الإسرائيلي.

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع إلى لبنان، مضيفاً للصحافيين قبل اجتماع وزراء خارجية التكتل في لوكسمبورغ: "يزداد خطر تأثير هذه الحرب على جنوب لبنان وامتدادها يوماً بعد يوم.

نحن على أعتاب حرب يتسع نطاقها"، وفقاً لوكالة "رويترز".

وأكدت وزيرة خارجية ألمانيا، أنالينا بيربوك، أنها ستتوجه إلى لبنان، موضحة: "الوضع على الحدود مع إسرائيل أكثر من مُقلق".

وجاءت تصريحات جوزيب في الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن انتهاء المرحلة المكثفة من القتال في غزة سيسمح لإسرائيل بنشر المزيد من القوات على طول الحدود الشمالية مع لبنان.

ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي، منذ أن بدأت إسرائيل حربها على قطاع غزة في أكتوبر الماضي. ويقول الحزب إنه لن يتوقف حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، استهدف "حزب الله" بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية بأكبر وابل من الصواريخ والطائرات المسيرة، بعد أن أدت غارة إسرائيلية إلى سقوط أكبر قائد في الحزب منذ نشوب الاشتباكات في أكتوبر. وتوجّه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إلى واشنطن، الأحد، لبحث المرحلة التالية من حرب غزة وتصاعد الأعمال القتالية على الحدود مع لبنان.

مساندة إيرانية 

التحرك الإسرائيلي صوب لبنان قابلته فصائل عسكرية مدعومة من إيران بالرفض والوعيد، حيث لوّحت تلك الفصائل باستعدادها للمشاركة في المعركة الدائرة في جنوب لبنان بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.

وقال مسؤول في جماعة لبنانية مدعومة من إيران: "إن مقاتلين من مليشيا (الحشد الشعبي) العراقية، و(لواء فاطميون) الأفغاني، و(لواء زينبيون) الباكستاني، و(جماعة الحوثي)، يمكن أن يأتوا إلى لبنان للمشاركة في الحرب".

وأضاف مسؤولون من فصائل مدعومة من إيران: إن آلاف المقاتلين من الجماعات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط على استعداد للقدوم إلى لبنان للانضمام إلى "حزب الله" في معركته ضد إسرائيل إذا تصاعد الصراع المحتدم إلى حرب شاملة.

وينتشر بالفعل الآلاف من هؤلاء المقاتلين في سوريا، ويمكنهم التسلل بسهولة عبر الحدود التي يسهل اختراقها. ونقلت عن مسؤول في جماعة عراقية مدعومة من إيران في بغداد: "سنقاتل جنباً إلى جنب مع (حزب الله)" إذا اندلعت حرب شاملة. وقال المسؤول، إلى جانب مسؤول آخر من العراق: "إن بعض المستشارين العراقيين موجودون بالفعل في لبنان".

توسع الصراع

في ذات السياق قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال تشارلز براون، إن أي هجوم إسرائيلي على لبنان قد يزيد مخاطر نشوب صراع أوسع، تنجر إليه إيران والمتحالفون معها، لا سيما إذا تعرض وجود "حزب الله" للتهديد. ولم يكشف براون عن توقعه للخطوات التالية التي يمكن أن تتخذها إسرائيل، لكنه اعتبر أن "من حقها  الدفاع عن نفسها".

وأضاف براون للصحافيين قبل توقفه في الرأس الأخضر، في طريقه للمشاركة في محادثات دفاع إقليمية في بوتسوانا: "حزب الله أكثر قدرة من حماس فيما يتعلق بالقدرات الشاملة وعدد الصواريخ وما شابه. وأود فقط أن أقول إنني أرى إيران أكثر ميلاً لتقديم دعم أكبر لحزب الله". 

وتابع قائلاً: "مرة أخرى، كل هذا يمكن أن يساعد في توسيع نطاق الصراع في المنطقة ويجعل إسرائيل تشعر بالقلق، ليس فقط بشأن ما يحدث في الجزء الجنوبي من البلاد، ولكن أيضاً بشأن ما يحدث في الشمال".

وأشار براون إلى أن قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن إسرائيل من هجمات "حزب الله" قد تكون "محدودة"، أكثر من قدرتها على المساعدة في اعتراض الهجوم الصاروخي والطائرات المسيرة الذي شنته إيران على إسرائيل في أبريل، والذي جرى إحباطه إلى حد كبير. وقال براون: "من وجهة نظرنا، واستناداً إلى مكان وجود قواتنا، وقصر المدى بين لبنان وإسرائيل، فمن الصعب علينا أن نكون قادرين على دعمهم بنفس الطريقة التي فعلناها في أبريل".

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: مدعومة من إیران الشرق الأوسط إلى لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

ركام الحرب معضلة تربك لبنان

خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، كان أحمد مهدي يعيش في نصف منزل، فقد أدت غارة جوية إسرائيلية على المبنى المجاور لمنزله في أحد أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، إلى تدمير المطبخ وغرفة المعيشة في شقته الواقعة بالطابق الخامس.

الحل الوحيد هو التخلص من الأنقاض من منطقة بيروت المجاورة لكوستا برافا

وعندما ينظر مهدي إلى ما تبقى من المبنى المجاور، يذهله حجم الدمار. ويقول لأرين بيكر من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أنه : "لقد انهار 11 طابقاً، كل ما ترينه هو الصخور والأوساخ والفولاذ وقطع الحديد".
ومثل الكثير من اللبنانيين، الذين تعرضت منازلهم وأعمالهم لأضرار خلال أكثر من عام من الحرب بين إسرائيل وحزب الله، فإن مهدي (20 عاماً)، وعائلته حريصون على بدء الإصلاحات، لكنهم لا يستطيعون فعل الكثير قبل إزالة الأنقاض. وقال: "هذه هي مشكلتنا الكبرى: أين نضع الأنقاض؟"

وقف النار

وبينما يبدأ لبنان عملية إعادة البناء البطيئة بعد وقف هش للنار بين حزب الله وإسرائيل، فإنه يكافح من أجل معرفة كيفية تنظيف الكميات الهائلة من الأنقاض المنتشرة حول العاصمة بيروت.

وقال تقرير للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، إن التقدير الأولي للأضرار، أظهر أن نحو 3000 مبنى في منطقة الضاحية جنوب المدينة، قد دمرت أو لحقت بها أضرار جسيمة أو تضررت بشكل كبير. 

Israel eliminated Hassan Khalil Yassin, who replaced Hassan Nasrallah hours ago.

This breaks the shortest tenure as 'caliph' in the tenure in the 1400 history of Islam.

The whole Hezbollah chain of command are now a bunch of people that a week ago were not important enough to… pic.twitter.com/blOMExc71Q

— Imtiaz Mahmood (@ImtiazMadmood) September 28, 2024

وقُتل أكثر من 3700 شخص في لبنان خلال الحرب، التي اندلعت عندما بدأ حزب الله إطلاق النار على المواقع الإسرائيلية بعد الهجمات التي قادتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأدى الصراع إلى نزوح نحو 1.3 مليون شخص. وفي لبنان، ألحق أضراراً بمليارات الدولارات من الاقتصاد، ودمر أجزاءً كبيرة من جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في جنوب بيروت حيث يسيطر حزب الله.

وقالت تمارا الزين، التي أعدت التقرير، إن التقارير الأولية أظهرت أن الهجمات الإسرائيلية على المباني والمنازل والمصانع والطرق وغيرها من البنية التحتية في أنحاء البلاد، قد أسفرت عن نحو 350 مليون قدم مكعب من الركام. ولا يمكن أن تبدأ عملية إعادة الإعمار بشكل كبير إلا بعد تنظيف كل ذلك.

وفي غزة، حيث تخوض إسرائيل حرباً للقضاء على نشطاء حماس، تعرض ما يقرب من 60% من المباني لأضرار أو دمرت في القطاع المحاصر. كما أدت هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل، إلى تدمير أو إتلاف المنازل في المجتمعات الحدودية، وتسببت بحرائق في الأراضي الزراعية.

مكبات النفايات

وأفاد أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في الجامعة الأمريكية في بيروت عصام سرور، إن مكبات النفايات في لبنان تكافح فعلاً للتعامل مع نفايات البناء الخطرة في كثير من الأحيان. وقال إن الكثير منها يتم التخلص منه في الطبيعة.

وفي عام 2006، بعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل، تم إلقاء الحطام من المناطق التي تعرضت لقصف شديد جنوب بيروت، والتي تضمنت ذخائر غير منفجرة، والأسبستوس، والمفروشات الاصطناعية، والأجهزة الإلكترونية المحطمة والنفايات العضوية، على طول الشاطئ بالقرب من المطار، كما يقول خبراء البيئة. 

Lebanon Faces a Colossal Disposal Task: Clearing War Debris https://t.co/YnrbqrQf9w

— Rachel Gemayel (@RachelGraciano) January 28, 2025

ويضيفون إن ذلك تطور إلى مكب دائم للنفايات، من دون حواجز كافية لحماية البيئة البحرية من المواد الكيميائية السامة المتسربة من الحطام. وباتت المنطقة المعروفة باسم كوستا برافا، مرادفاً للكارثة البيئية في لبنان.
وقال سرور إن تأثير الصراع الأخير، يمكن أن يكون أكبر بكثير وأكثر ضرراً.
وعلى مدى العقد الماضي، شهد لبنان ارتفاعاً هائلاً في استخدام الألواح الشمسية وتخزين البطاريات، للتعويض عن الشبكة الكهربائية المتعثرة في البلاد. ويمكن أن يؤدي التخلص غير السليم من الألواح والبطاريات إلى تحلل الرصاص والزئبق والعناصر الخطرة الأخرى في البيئة.
وقال وزير البيئة ناصر ياسين، إن التعامل مع الأنقاض من المناطق المحيطة ببيروت، كان أكثر صعوبة بسبب حجمها الكبير، واحتمال وجود مواد خطرة، وعدم وجود مساحة على مسافة معقولة لنقلها بالشاحنات.
ورأى وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية، إن الحل الوحيد هو التخلص من الأنقاض من منطقة بيروت المجاورة لكوستا برافا.
لكن رئيس إحدى نقابات صيد الأسماك إدريس عتريس، حذر من تهديد الحياة البرية المهددة أصلاً بالإنقراض قائلاً :"هنا تضع السلاحف بيوضها. ولن نقبل بذلك".
وقالت النائبة اللبنانية نجاة عون صليبا، العضو في لجنة البيئة البرلمانية: "نحن في حاجة إلى التفكير بشكل مختلف في شأن الأنقاض...إنها ليست نفايات. إنها مورد".


مقالات مشابهة

  • سلاح الجو الإسرائيلي يقصف أهدافا لحزب الله في البقاع
  • صلاح حسب الله: تأجيج الصراع في الشرق الأوسط يعرقل الحلول السلمية
  • في اليرزة... وفد أوروبي يلتقي قائد الجيش
  • مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار
  • مُسيّرة لحزب الله تجتاز الحدود اللبنانية للمرّة الأولى منذ وقف النار
  • هل يصمد وقف النار بين إسرائيل وحزب الله؟
  • ركام الحرب معضلة تربك لبنان
  • رئيس «إسكان النواب»: التوسع الإسرائيلي خطر يهدد الشعوب العربية
  • هل تصمد التهدئة في لبنان؟
  • حزب الله يستعيد مشهدية الانتصار